التصنيفات
أحكام قضائية

المحكمة العليا – الدائرة الجزائية (أ): الطعن رقم ٨١٣ / ٢٠١٦م

2016/813 813/2016 ٢٠١٦/٨١٣ ٨١٣/٢٠١٦

تحميل

جلسة يوم الثلاثاء الموافق ٢٨ / مارس / ٢٠١٧م

المشكلة برئاسة فضيلة السيد  /  خليفة بن سعيد بن خليفة البوسعيدي  /  نائب رئيس المحكمة وعضوية كل من أصحاب الفضيلة القضاة:سالم بن سعيد الرحبي، سلطان بن ماجد الزعابي، العربي الحروشي، مجيد فرج شوشان

(٣٩)
الطعن رقم ٨١٣ / ٢٠١٦م

– جريمة « الاتجار في الأسلحة. معنى الاتجار».

– معنى الاتجار في الأسلحة هو التعامل في السَّلاح بمقابل مادي أو معنوي وذلك عن طريق البيع أو الشراء أو البدل ولا يلزم فيه الاحتراف أو الاعتياد كما لا يلزم فيه الانقطاع لهذا العمل ولا يعني ذلك أن الاتجار مقصور على البيع وحده وإنما يتسع ليشمل أي صورة من صور التعامل في هذه الأسلحة بل إنه في أكثر الحالات يمتد ليشمل مراحل عدة ابتداءً من التصنيع مروراً بالشراء والاستيراد أو النقل والتخزين وانتهاءً بوصول السَّلاح إلى المستهلك وهذا ما تعززه المادتان (٨ و٩) من قانون التجارة.

الوقائع

تتحصَّلُ الوقائع على ما يبينْ ُ من الحكم المطعون فيه ومن سائر أوراق الطعن في أن الادعاء العام أحال الطاعن (المتهم الثاني) وآخر إلى المحكمة الابتدائية بثمريت (الدائرة الجزائية)؛ لأنهما بتاريخ (١٤ / ١١ / ٢٠١٥م) بدائرة اختصاص تحريات ظفار:

أولاً: بالنسبة للمتهمَينْ معاً:

حازا بدون ترخيص أسلحة مدرجة في القائمة رقم (٢) من قانون الأسلحة والذخائر، وفق الثابت بالأوراق.

ثانياً: بالنسبة للمتهم الثاني (الطاعن):

اتجر في أسلحة نارية مدرجة في القائمة رقم (٢) من قانون الأسلحة والذخائر بدون ترخيص وذلك بأن قام بشراء (٦٠) بندقية من نوع سكتون و (٥١) بندقية من نوع أبو شعلة بقصد بيعها، وفق الثابت بالأوراق.

ثالثاً: بالنسبة للمتهم الأول:

تدخل فرعياً فيما قارفه المتهم الثاني من الاتجار في الأسلحة وذلك بأن قام بتخبئة تلك الأسلحة في غرفة تعود له بمنطقة…….في نيابة……، وفق الثابت بالأوراق.

وطالب الادعاء العام بمعاقبة المتهمَينْ معاً بجُنحة حيازة سلاح بدون ترخيص المؤثمة بالمادة (٢٠) من قانون الأسلحة والذخائر ومعاقبة المتهم الثاني (الطاعن) بجُنحة الاتجار في أسلحة نارية تقليدية بدون رخصة من الجهات المختصَّة المؤثمة بالمادة (٢٣ / ب) من ذات القانون ومعاقبة المتهم الأول بجُنحة التدخل الفرعي في جُرم المتهم الثاني المؤثمة بالمادة (٩٥ / ٢،١) من قانون الجزاء مع مصادرة الأسلحة المضبوطة استناداً للمادة (٢٦) من قانون الأسلحة والذخائر.

وبجلسة (١٥ / ٣ / ٢٠١٦م) حكمت المحكمة حضورياً: أولاً: بإدانة المتهم الثاني (الطاعن) بجُ نحة حيازة أسلحة نارية تقليدية بدون ترخيص وجُنحة الاتجار فيها بدون ترخيص وقضت بمعاقبته عن الأولى بغرامة قدرها (١٠٠ ر.ع) مائة ريال وعن الثانية بغرامة قدرها (٢٠٠ ر.ع) مائتا ريال وأن تجمع العقوبتان في حقه،

ثانياً: بإدانة المتهم الأول بجُ نحة حيازة أسلحة نارية تقليدية بدون ترخيص وجُنحة التدخل الفرعي في جريمة الاتجار فيها وقضت بمعاقبته عن الأولى بغرامة قدرها (١٠٠ ر.ع) مائة ريال وعن الثانية بغرامة قدرها (٢٠٠ ر.ع) وأن تجمع العقوبتان في حقه، ثالثاً: مصادرة جميع الأسلحة والذخائر المضبوطة.

لم يحُز هذا الحكم قبولاً لدى المحكوم عليه الثاني (الطاعن) فاستأنفه أمام محكمة الاستئناف بصلالة (دائرة الجُنح المستأنفة) التي قضت بجلسة (١٣ / ٦ / ٢٠١٦م) بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وإلزام المستأنف المصاريف.

لم يرتض الطاعن (المحكوم عليه الثاني) بهذا القضاء فطعن فيه بالنقض أمام المحكمة العليا بالطعن الماثل الذي تم التقرير به بتاريخ (١٨ / ٧ / ٢٠١٦م) بأمانة سر المحكمة التي أصدرته وبذات التاريخ أودعت صحيفة بأسباب الطعن موقعة من محام مقبول أمام المحكمة العليا بصفته وكيلاً عن الطاعن وقدم سند وكالته عنه التي تتيح له ذلك وما يفيد سداد مبلغ الكفالة المقرَّرة قانوناً وقد تم إعلان المطعون ضده بصحيفة الطعن فآثر عدم الرد.

وقدم الادعاء العام لدى المحكمة العليا مذكرة بالرأي انتهى فيها إلى قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه.

المحكمة

بعد الاطلاع على الحكم المطعون فيه وعلى سائر أوراق الطعن وبعد سماع التقرير الذي أعدَّه وتلاه القاضي المقرر وبعد المداولة قانوناً.

حيث إن الطعن استوفى شكله القانوني فهو مقبول شكلاً.

وحيث ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله وتفسيره والإخلال بحق الدفاع وذلك لمخالفته المادتين (٢٠، ٢٣) من قانون الأسلحة والذخائر إذ إن وقائع الدَّعوى لا تشير إلى فعل الاتجار إبان واقعة الضبط وهو الركن المادي للجريمة المؤثمة بالمادة (٢٣ / ب) من ذات القانون ذلك أنه كان يقوم بتجميع الأسلحة التقليدية وكان يسعى في الوقت نفسه للحصول على ترخيص من الجهة المختصة ولم يكن يقصد بيعها إلا بعد الحصول على الترخيص خاصَّة أن هذه المهنة قد ورثها من آبائه وأجداده كما أن المشرِّع وفيما يخصُّ الأسلحة التقليدية لم يتشدد في العقوبة وذلك بسبب تعامل الأسواق القديمة فيها إلى اليوم في بعض المناطق لذا فإن المحكمة المطعون في حكمها أخطأت عندما أيَّدت أمر المصادرة دون أن تمهله لاستصدار الترخيص كما أن اللائحة التنفيذية لقانون الأسلحة والذخائر المعدَّلة بالقرار الوزاري رقم (٦٦ / ٢٠١٦) قد فرضت غرامات مالية دون النص على المصادرة كما أخلَّ الحكم بحق الدفاع حيث لم يُعطه مهلة كافية لتقديم دفاعه بجلسة (١٣ / ٦ / ٢٠١٦م) وكذلك لتقديم الترخيص من الجهة المختصَّة حيث إنه كان على وشك الانتهاء منه إلا أن المحكمة أصدرت حكمها في ذات الجلسة، كل هذا يعيب الحكم المطعون فيه بما يستوجب نقضه.

وحيث إن نعي الطاعن غير سديد إذ من المقرَّر أن الاتجار في الأسلحة هو التعامل في السَّلاح بمقابل مادي أو معنوي وذلك عن طريق البيع أو الشراء أو البدل ولا يلزم فيه الاحتراف أو الاعتياد كما لا يلزم فيه الانقطاع لهذا العمل ولا يعني ذلك أن الاتجار مقصور على البيع وحده وإنما يتسع ليشمل أي صورة من صور التعامل في هذه الأسلحة بل إنه في أكثر الحالات يمتد ليشمل مراحل عدة ابتداءً من التصنيع مروراً بالشراء والاستيراد أو النقل والتخزين وانتهاءً بوصول السَّلاح إلى المستهلك وهذا ما تعززه المادة (٨) من قانون التجارة بقولها: «… الأعمال التجارية هي الأعمال التي يقوم بها الشخص بقصد المضاربة ولو كان غير تاجر…» والمادة (٩) من ذات القانون بقولها: «… تعد بوجه خاص الأعمال الآتية أعمالاً تجارية: (١) شراء السلع وغيرها من المنقولات المادية وغير المادية بقصد بيعها بربح سواءً بيعت على   حالتها أو بعد تصنيعها وتحويلها (٢) شراء السلع وغيرها من المنقولات المادية وغير المادية بقصد تأجيرها أو استئجارها بقصد إعادة تأجيرها (٣) البيع أو الإيجار أو إعادة التأجير للسلع المشتراة أو المستأجرة (١٦) النقل براً وبحراً وجواً…».

لما كان ذلك وكان الثابت من مدوَّنات الحكم الابتدائي أن الطاعن لا يمُاري في أنه اشترى الأسلحة المضبوطة بغرض إعادة بيعها بدون ترخيص وأنه سلَّمها للمحكوم عليه الأول على دفعات ليقوم بتخزينها لديه في المخزن التابع له كما قرَّر المحكوم عليه الأول أن الطاعن طلب منه نقل كمية من الأسلحة من منطقة حدودية إلى منطقة عيدم مقابل مبلغ قدره (٠٠٠،١ ر.ع) ألف ريال وذلك بالتنسيق مع شخص….. سيتصل به بعد أربعة أيام وبالفعل اتصل به………وأخبره بالمكان الذي وضع فيه الأسلحة حيث توجَّه للمكان المحدَّد ووجد الأسلحة في أكياس كبيرة ونقلها إلى منزله وبعد ذلك اتصل به الطاعن وطلب منه أن يُحضر الأسلحة إلى وادي…… وعندما بدأ بتحميل الأسلحة ضُبط من قبل رجال الشرطة وبالتالي فإن المراحل التي مرَّ بها تعامل الطاعن في الأسلحة من شراء ونقل وتخزين لغرض إعادة بيعها كلها تعد صورة من صور الاتجار المجرَّمة قانوناً.

أما عن نعي الطاعن بشأن أمر المصادرة فمردود عليه بما هو مقرَّر في المادة (٢٦) من قانون الأسلحة والذخائر من أنه: «… يُحكم بمصادرة الأسلحة والذخائر موضوع الجريمة في جميع الأحوال وذلك علاوة على العقوبات المنصوص عليها…» فلذلك كانت عقوبة المصادرة هي عقوبة إضافية وجوبية ما دام أن السَّلاح المضبوط غير مرخص.

أما عن نعي الطاعن بشأن الإخلال بحقه في الدفاع وعدم إمهاله الفرصة لتقديم الترخيص فمردود عليه بأن الدَّعوى نظرت أمام محكمة الاستئناف بتاريخ (٢ / ٥ / ٢٠١٦م) وحضر المتهم ووكيله والتمس المتهم مهلة لإصلاح أوضاعه القانونية وقدَّم وكيله مذكرة فأمهلته المحكمة إلى جلسة (١٣ / ٦ / ٢٠١٦م) لتقديم الترخيص وبهذه الجلسة تخلف المتهم عن الحضور وحضر وكيله والتمس التأجيل إلى ما بعد العُطلة القضائية فتم رفض الطلب.

لما كان ذلك وكان الطاعن قد قرَّر منذ فجر التحقيقات أنه يمُ ارس تجارة بيع الأسلحة بدون ترخيص منذ أن كان عمره اثنتي عشرة سنة وطيلة هذه المدة مدَّعياً أنه سبق أن تقدَّم بطلب الحصول على ترخيص إلا أن الجهة المختصَّة لم تمنحه الترخيص حتى الآن ورغم طول مدة التقاضي أمام محكمتي الموضوع لتقديم الترخيص المزعوم ورغم أن محكمة الاستئناف أمهلته مهلة تربو على الشهر لتقديم الترخيص إلا أنه   عجز عن ذلك وبالتالي لم تخل المحكمة بأي حق من حقوق الدفاع وقد مارست سلطتها التقديرية في عدم منح المتهم مهلة أخرى فضلاً عن أنه لم يرفق بصحيفة طعنه ما يُثبت أنه حصل على الترخيص.

لما كان ما ذكر فإن نعي الطاعن يُضحي برمته قائم على غير أساس بما يستوجب رفضه وإلزام الطاعن المصروفات ومصادرة مبلغ الكفالة.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه وإلزام الطاعن المصروفات ومصادرة مبلغ الكفالة.