التصنيفات
أحكام قضائية

المحكمة العليا – الدائرة المدنية (ج): الطعن رقم ١٥٤٤ / ٢٠١٦م

2016/1544 1544/2016 ٢٠١٦/١٥٤٤ ١٥٤٤/٢٠١٦

تحميل

جلسة يوم الاثنين الموافق ٢٧ / ٣ / ٢٠١٧م

برئاسة فضيلة الشيخ / سعيد بن سالم الحديدي، وعضوية كل من أصحاب الفضيلة القضاة: صالح بن سالم الراشدي، وعلي بن عبد الله الهاشمي، وسالم بن منصور الهاشمي، ومحمد بن عبد الرحمن شكيوه.

(١٣٩)
الطعن رقم ١٥٤٤ / ٢٠١٦م

حافلة (حراسة – حريق – مسؤولية)

– الحافلة كانت في حفظ وحراسة المطعون ضده لما احترقت وقد أكد أنه أوقفها بجانب منزله واعتبارا لذلك فإنه يكون ملزما قانونا بالمحافظة عليها كمحافظته على ماله وبذل العناية اللازمة لمنع حدوث أي تلف قد يلحقها منتهجا في ذلك سلوك الرجل العادي.

الوقائع

تتلخص وقائع الدعوى في أن وكيل الورثة الطاعنين أقام دعوى مختصما المطعون ضده بمقتضى صحيفة أودعها أمانة سر المحكمة الابتدائية الفردية بصحار بتأريخ ١٤ / ٩ / ٢٠١٥م طالبا الحكم له:

أولا: بإلزام المدعى عليه بدفع قيمة الحافلة وقدرها سبعة آلاف وخمسمائة ريال عماني.

ثانيا: إلزامه بدفع تعويض قدره مائة وعشرون ريالا عمانيا جبرا للضرر الذي أصابه من جراء الواقعة.

ثالثا: إلزامه بالرسوم والمصاريف.

وقد أرفق تأييدا لدعواه نسخة من عقد استئجار وسيلة نقل مدرسية ونسخة من بطاقته الشخصية ونسخة من التوكيل وعلى سند من القول بأن المدعى عليه يعمل لديه سائقا لحافلة مدرسية وفي نهاية السنة الدراسية أرسى المدعى عليه الحافلة أمام منزله، ورغم مطالبته من المدعي بإحضارها إلا أنه أحجم عن ذلك وفي تأريخ ٢٤ / ٧ / ٢٠١٥م نشب حريق بالحافلة أمام بيت المدعوة….. المجاور لبيت المدعى عليه وقد طالب المدعي بتعويضه عن قيمة الحافلة إلا أن المدعى عليه امتنع عن ذلك فاضطر لإقامة دعوى الحال للحكم لفائدته الطلبات السالف بيانها.

وحيث أصدرت محكمة البداية حكما قضى برفض الدعوى بناء على عدم ثبوت إخلال المدعى عليه بالعناية بالحافلة وانعدام توفر عناصر المسؤولية التقصيرية.

وحيث لم يلق حكم محكمة الدرجة الأولى القبول من المدعي فطعن فيه بالاستئناف بصحيفة أودعها أمانة سر المحكمة بصحار بتأريخ ٢٠ / ١ / ٢٠١٦م قيدت تحت عدد (٧٤ / ٢٠١٦م) طالبا الحكم طبق طلباته المضمنة بصحيفة الدعوى الابتدائية مؤسسا أسباب استئنافه بالقصور في الأسباب والفساد في الاستدلال.

وحيث قضت محكمة الاستئناف بقبول الاستئناف شكلا، وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وإلزام رافعه المصاريف استنادا إلى نفس الأسباب التي انبنى عليها الحكم الابتدائي، وحيث لم ينل هذا الحكم قبولا لدى المستأنف فطعن عليه بالنقض بصحيفة أودعت أمانة سر المحكمة العليا بتأريخ ٣١ / ٧ / ٢٠١٦م موقعة من… المحامي المقبول أمام المحكمة العليا والذي يعمل بمكتب…. للمحاماة والاستشارات القانونية بوصفه وكيلا عن الطاعن بموجب سند وكالة موثقا من دائرة الكاتب بالعدل بصحار يجيز له ذلك، وأبرز ما يفيد سداد الرسم والكفالة المقررين قانونا وقد بني الطعن على الأسباب التالية:

أولا: القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع: حيث إن الحكم المطعون فيه اعتمد ما انتهت إليه محكمة الدرجة الأولى دون أن يضيف جديدا، وقد كان على محكمة الاستئناف أن تنشئ لنفسها أسبابا ترد فيها على ما أثاره الخصوم سيما وأن الطاعن تمسك بثبوت مسؤولية المطعون ضده لعدم بذل العناية اللازمة للمحافظة على الحافلة وعدم أخذه الحيطة والحذر أثناء توقفها بعيدا عن منزله وتخلفه عن إرجاعها للطاعن إثر انتهاء العام الدراسي، وحيث التزم المطعون ضده من جهة أخرى بسداد قيمة الحافلة بحساب (١٠٠ر.ع) شهريا على أن يقع بيع الحافلة وخصم قيمتها من مبلغ السداد، وذلك بمقتضى الاتفاق المبرم بين طرفي النزاع بتأريخ ١٥ / ١٢ / ٢٠١٥م، ورغم أن هذا الالتزام يعد إقرارا بالمسؤولية فإن الطاعن كان طلب بصحيفة الاستئناف إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثباتها بسائر طرق الإثبات ومنها شهادة الشهود إلا أن المحكمة أغفلت هذا الطلب.

ثانيا: الفساد في الاستدلال: حيث إن المطعون ضده ترك الحافلة أمام منزل مجاور لمنزله، وجانب بذلك واجب الحيطة والحذر في حفظ الحافلة بما تكون معه المسؤولية الموجبة للتعويض قد تحققت أركانها بتوافر عناصرها وهي الخطأ والضرر والعلاقة السببية مما يجعل الحكم جديرا بالإلغاء.

ثالثا: مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه حيث إن الاستئناف ينقل الدعوى بحالتها التي كانت عليها قبل صدور الحكم المستأنف وقد كان على محكمة الدرجة الثانية إعادة طرح المنازعة أمامها من جديد دون التقيد بما توصلت إليها المحكمة الابتدائية من نتائج وانتهى الطاعن إلى طلب الحكم بنقض الحكم المطعون فيه والقضاء مجددا بإحالة الدعوى إلى محكمة الاستئناف بصحار للنظر فيها بهيئة مغايرة.

وحيث إن المطعون ضده أودع مذكرة بدفاعه لاحظ فيها أن الطاعن كان اتصل به هاتفيا، وطلب منه إحضار الحافلة، وأفاده بأن حالته الصحية تعوقه عن قيادة الحافلة فأشار عليه الطاعن بإحضارها لما يصبح بصحة جيدة ولكن وبعد حوالي يومين علم من طرف شقيقه ومن الجيران أن الحافلة اشتعلت بها النيران عندها اتصل برجال الشرطة والمطافئ الذين قاموا بإخماد الحريق وقد أجرى التحقيق في الموضوع وانتهى بصدور قرار في الحفظ وأضاف المطعون ضده أنه أوقف الحافلة أمام منزله، وبالقرب من منزل جاره وأنه بذل كل ما يلزم من العناية والحذر لحفظ الحافلة وأشار إلى أنه أبرم صلحا مع الطاعن اتفق بموجبه الطرفان قبل صدور الحكم الابتدائي على أن يقع خصم مبلغ (١٠٠.ع) شهريا من أجرة المطعون ضده إذا ما صدر الحكم قاضيا بإلزامه بأداء التعويض المستوجب وفي صورة صدور الحكم بخلاف ذلك، فإنه لن يقع خصم أي مبلغ وانتهى المطعون ضده إلى طلب الحكم برفض الطعن.

وحيث عقب الطاعن على مذكرة دفاع المطعون ضده بمذكرة لاحظ فيها أن مذكرة رد للمطعون ضده لا تحمل توقيع محام مقبول للترافع أمام المحكمة العليا وفقا لما تقتضيه أحكام المادة (٢٥٠) من قانون الإجراءات المدنية والتجارية، وتمسك بملحوظاته السابق التعرض إليها سلفا.

المحكمة

وحيث كان الطعن مستوفيا لجميع شرائطه الشكلية، واتجه قبوله شكلا.

وحيث إنه لا خلاف بين طرفي النزاع في قيام العلاقة الشغلية بينهما، وقد تصادقا على أن الطاعن انتدب المطعون ضده للعمل لديه بصفته سائق حافلة معدة لنقل الطلاب وفي خدمة مدرسة… للتعليم الأساسي وحيث اقتضت أحكام المادة (٦٥١) من قانون المعاملات المدنية أن عقد العمل عقد يلتزم أحد طرفيه بأن يقوم بعمل لمصلحة الآخر تحت إشرافه أو إدارته لقاء أجر كما نصت مقتضيات المادة (٦٦٠) أنه يضمن العامل ما يصيب مال صاحب العمل من نقص أو تلف أو فقد بسبب تقصيره أو تعديه، وحيث أقر المطعون ضده بأنه أبقى الحافلة لديه أثر انقضاء السنة الدراسية، وقد تعذر عليه إرجاعها للطاعن بسبب مرض ألم به.

وحيث يتبين وأن الحافلة موضوع التداعي كانت في حفظ وحراسة المطعون ضده لما احترقت وقد أكد أنه أوقفها بجانب منزله واعتبارا لذلك فإنه يكون ملزما قانونا بالمحافظة عليها كمحافظته على ماله وبذل العناية اللازمة لمنع حدوث أي تلف قد يلحقها منتهجا في ذلك سلوك الرجل العادي.

وحيث ولئن صدر قرار بالحفظ لعدم كفاية الأدلة التي تثبت إدانة التهمة التي وقع تتبعها من أجل جناية إضرام النار بالمركبة موضوع التداعي فإن القرار المومأ إليه لا يعفي المطعون ضده من ضرورة إثبات قيامه ببذل العناية المستوجبة واتخاذ جميع ما يلزم من تدابير للحيطة والحذر والتوقي من اندلاع الحريق بالحافلة التي كانت في عهدته وتحت حراسته بموجب عقد الشغل الذي يربطه بالطاعن سيما وأنه أبرم صلحا مع الطاعن التزم بمقتضاه بأداء التعويض عن تلف المركبة وحيث إن ما تذرع به المطعون ضده بخصوص تعذر إرجاع الحافلة بانتهاء السنة الدراسية بسبب وعكة صحية أصابته هو منازعة لا يسوغ إثارتها لأول مرة أمام المحكمة العليا وفضلا عن ذلك فإنها ظلت مجردة ولا حجة تدعمها بالأوراق.

وحيث طالب الطاعن بإحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات حصول التقصير وعدم بذل العناية اللازمة لحفظ الحافلة في جانب المطعون ضده إلا أن محكمة الدرجة الثانية أغفلت التعرض إلى هذا الطلب ولم تبحثه ولم تجب عنه، والحال أنه دفع جوهري له تأثير على وجه الفصل في النزاع.

وحيث ولئن كان لمحكمة الموضوع مطلق السلطة في فهم الوقائع وتقدير الدليل إلا أنه يتعين أن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تجد أصلها الثابت في الأوراق.

وحيث حادت محكمة الدرجة الثانية عن أوكد واجباتها وهو تمحيص أقوال وحجج الخصوم فإن حكمها أضحى قاصرا في التسبيب ومشوبا بفساد الاستدلال وبات من المتجه نقضه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة الدعوى لمحكمة الاستئناف بصحار لتحكم فيها بهيئة مغايرة وإلزام المطعون ضده بالمصاريف ورد الكفالة للطاعن.