جلسة يوم الاثنين الموافق ٢٦ / ٢ / ٢٠١٨ م
برئاسة فضيلة القاضي / د. محمود بن خليفة الراشدي وعضوية كل من أصحاب الفضيلة القضاة: سالم بن راشد القلهاتي، وسعيد بن ناصر البلوشي، و د. أحمد بن ناصر الراشدي، ومحمد بن سيف الفرعي.
(٧٧)
الطعن رقم ٥٣ / ٢٠١٧م
مسؤولية (مساهمة – مضرور – دفاع)
– إن ثبوت مساهمة المضرور في الخطأ الذي نتج عنه الضرر مؤداه أن للقاضي أن ينقص مقدار الضمان أو ألا يحكم به. أثر ذلك أن تمسك المسئول عن الضرر في دعوى المسئولية بأن المضرور ساهم بفعله في إحداث الضرر أو زاد فيه يعتبر دفعا جوهريا على محكمة الموضوع التحقيق فيه.
الوقائع
تتلخص وقائع الدعوى على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق في أن المدعية مؤسسة….. للتجارة والمقاولات أقامت الدعوى الابتدائية رقم (٢١ / ٢٠١٤م) بموجب صحيفة قدمت للمحكمة الابتدائية بصلالة بتاريخ ٦ / ٢ / ٢٠١٤م وأعلنت قانونا طلبت في ختامها الحكم بإلزام المدعى عليها شركة ……… بتعويضها بمبلغ (٥٥٠٠٠ ر.ع) خمسة وخمسين ألف ريال عماني عن القاطرة ومبلغ (١٧٠٠٠ر.ع) سبعة عشر ألف ريال عماني عن المقطورة وإلزامها بالمصاريف.
على سند من القول: إنه بتاريخ ٤ / ١ / ٢٠١٤م، كان قائد المركبة يقود القاطرة والمقطورة العائد ملكهما للمدعية، وأثناء السير انفجر الإطار الخلفي لرأس القاطرة جهة السائق وترتب على ذلك تدهور القاطرة والمقطورة ونتج عن الحادث أضرار بالقاطرة والمقطورة وبعد الفحص الميكانيكي للقاطرة والمقطورة بوساطة شرطة عمان السلطانية تبين عدم صلاحيتها للسير وأن القاطرة المتسببة في الحادث مؤمنة تأمينا شاملا لدى المدعى عليها وطالبت المدعية المدعى عليها بسداد المبلغ المدعى به في صحيفة الدعوى وظلت الأخيرة دون سداد رغم مطالبات المدعية المتكررة مما حدا بها لإقامة دعواها.
تداولت المحكمة الابتدائية نظر الدعوى حسب الثابت من محاضر الجلسات قدم الحاضر عن المدعى عليها مذكرة بالرد ضمنها أن القاطرة بها أضرار يمكن إصلاحها وليست ملغاة من السير وأن المدعية لم تقم بسداد مبلغ التحمل وأن المقطورة مؤمنة (طرف ثالث) والمدعى عليها خاطبت مركز الشرطة بتاريخ ٢٦ / ١ / ٢٠١٤م بأن المدعى عليها حريصة على الوفاء بالتزاماتها بإصلاح القاطرة المملوكة للمدعية لعدم مراجعة المدعية المدعى عليها وبتاريخ ٢٧ / ١ / ٢٠١٤م خاطبت المدعى عليها مركز شرطة عوقد بأنها مسؤولة عن إصلاح القاطرة فقط دون المقطورة لأنها مملوكة للمؤمن له وأن المدعية لم تقم بسداد مبلغ التحمل ورفض طلب تعويض المدعية عن المقطورة لأنها من ممتلكات المدعية.
بجلسة ٩ / ٥ / ٢٠١٦م حكمت المحكمة بإلزام المدعى عليهما بأن يؤديا للمدعية بالتضامن أو الانفراد مبلغا قدره (٤٧٧ر٨٨٩ر٣ر.ع) ثلاثة آلاف وثمانمائة وتسعة وثمانون ريالا وأربعمائة وسبع وسبعون بيسة وألزمتها رسوم الدعوى أتعاب محاماة مائة ريال عماني ورفض الدعوى فيما زاد عدا ذلك.
وحيث إن الحكم السابق لم يلق قبولا لدى أطراف الدعوى فطعنوا عليه بالاستئنافات التالية:
الاستئناف الأول رقم (٣٩٧ / ٢٠١٦) تقدمت به المدعية بموجب صحيفة ختمت ا وفي الموضوع برفع مبلغ التعويض الى مبلغ (١٥٠٠٠ر.ع) بطلب قبول الاستئناف شكل خمسة عشر ألف ريال عماني تعويضا عن الضرر الذي ترتب نتيجة توقف القاطرة مع إلزامها بتعويضها مبلغا قدره (٥٥٠٠٠ر.ع) خمسة وخمسون ألف ريال عماني عن قيمة المقطورة والضرر مع تحميلها المصاريف وأتعاب (٥٠٠ر.ع) خمسمائة ريال عماني.
الاستئناف الثاني رقم (٤١٤ / ٢٠١٦م) تقدمت به المدعى عليها الأولى شركة ……… بموجب صحيفة ختمت بطلب الحكم بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من إلزام المستأنفة بالتضامن والانفراد مع المستأنف ضدها الثانية بمبلغ (٣٨٨٩,٤٧٧ر.ع) ثلاثة آلاف وثمانمائة وتسعة وثمانين ريالا وأربعمائة وسبع وسبعين بيسة والقضاء مجددا برفض الدعوى في مواجهتها.
الاستئناف الثالث رقم (٤١٦ / ٢٠١٦م) تقدمت به المدعى عليها الثانية مؤسسة ……… الاستئناف بموجب صحيفة طلبت في ختامها الحكم بإلغاء الحكم المستأنف لعدم قيامه على سند من القانون والواقع والقضاء برفض الدعوى في مواجهتها.
تداولت محكمة الاستئناف نظر الاستئنافات حسب الثابت من محاضر جلساتها وبجلسة ٢٩ / ١١ / ٢٠١٦م أصدرت حكمها الذي قضى بقبول الاستئنافات شكلا وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف وبإلزام المستأنف ضدها الأولى شركة……… بأن تؤدي للمستأنفة مؤسسة……… مبلغ ثلاثة آلاف وثمانمائة وتسعة وثمانين ريالا وأربعمائة وسبع وسبعون بيسة تعويضا عن فترة تأخير إصلاح القاطرة وأن تؤدي لها مبلغا قدره (٦٠٠٠ر.ع) ستة آلاف ريال عماني عن قيمة المقطورة وإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من إلزام المستأنفة مؤسسة……… فيما قضى به بالتضامن والانفراد مع المستأنف ضدها شركة……… بمبلغ ثلاثة آلاف وثمانمائة وتسعة وثمانين ريالا وأربعمائة وسبع وسبعين بيسة والقضاء مجددا برفض الدعوى في مواجهتها وتأييد الحكم فيما عدا ذلك وإلزام كل مستأنف بمصاريف استئنافه.
ولم ترتض شركة……… بحكم محكمة الاستئناف فأقامت ضده الطعن رقم (٤٢ / ٢٠١٧) بموجب صحيفة قدمة لهذه المحكمة بتاريخ ٥ / ١ / ٢٠١٧م وموقعة من المحامي المقبول للترافع أمام هذه المحكمة…. من مكتب….للمحاماة والاستشارات القانونية وأرفق معها ما يفيد التوكيل وسداد الرسم والكفالة وطالب في ختام صحيفته بالطلبات التالية:
أولا: بقبول الطعن شكلا.
ثانيا: وقبل الفصل في الموضوع بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه لحين الفصل في الطعن.
ثالثا: أصليا: في موضوع الطعن نقض الحكم المطعون فيه والتصدي لموضوع الدعوى وذلك برفضها جملة وتفصيلا.
رابعا: احتياطيا: نقض الحكم المطعون فيه والإحالة للمحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه لتحكم فيه من جديد بهيئة مغايرة.
خامسا: في جميع الأحوال إلزام المطعون ضدها بالرسوم والمصاريف.
أسباب الطعن
أقيم الطعن على سببين حاصلهما الخطأ في تطبيق القانون وتأويله وتفسيره والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك قال وكيل الطاعنة:
السبب الأول: الخطأ في تطبيق القانون وتأويله وتفسيره لقد أخطأ الحكم المطعون فيه في تطبيق القانون عندما لم يقض للطاعنة بالتعويض عن توقف الشاحنة في الفترة ما بين ٤ / ١ / ٢٠١٤م وحتى تاريخ ١٥ / ٥ / ٢٠١٤م ولم تناقش من هو المسؤول عن التأخير عن هذه الفترة وبالتالي لم تحكم بالتعويض عنها والطاعنة أقامت استئنافها على أساس عدم إنصافها في مبلغ التعويض المحكوم به عن قيمة الضرر كون الشاحنة توقفت (١٩٩ يوما) وطالبت بإلزام شركة……… بالتعويض عن الأضرار التي وقعت بالمقطورة إذ إن القاطرة والمقطورة في حالة الجر يعتبران جزءا لا يتجزأ واستنادا لوثيقة التأمين الشامل للقاطرة تكون شركة……… ملزمة بالتعويض والطاعنة طالبت بتعويضها (٥٥٠٠٠ ر.ع) عن التأخير في الإصلاح (١٥٠٠٠ ر.ع) تعويضا عن المقطورة وشركة……… هي من تتحمل مسؤولية التأخير في الإصلاح؛ لأن الأضرار اللاحقة بالمقطورة مشمولة بوثيقة التأمين الشامل للقاطرة المتسببة في الحادث والتأمين الشامل للمركبة هو نفس الوقت تأمين لصالح الغير وهو ما أكدته نصوص وثيقة التأمين الموحد وملحقاتها وكذلك قانون التأمين على المركبات في المادة الأولى كما أكد ذلك القرار الوزاري (٩٩ / ٩٥) الذي نص على أن التأمين الشامل يغطي كل ما يقع على للغير من وفاة أو إصابات بدنية أو مصاريف كذلك ملحق الحوادث الشخصية نص على مثله كل ذلك وما جاءت به القواعد يؤكد مسؤولية المطعون ضدها شركة……… عن التعويض عن الأضرار المادية لمركبة المسؤول عن الحادث هذا من ناحية ومن ناحية ثانية إن القاطرة والمقطورة تعتبران جزء لا يتجزأ والشرط العاشر لا يمنع من مباشرة الإصلاح بل ولا يسمح بإيقاف إصلاح المركبة لحين سداد مبلغ التحمل لأن الواجب على المطعون ضدها هي مباشرة الإصلاح فور وقوع الحادث ويتوجب عليها التعويض عن التأخير من تاريخ ٤ / ١ / ٢٠١٤م ولغاية ٢١ / ٧ / ٢٠١٤م.
السبب الثاني: الفساد في الاستدلال خلصت محكمة الاستئناف إلى نتيجة احتمالية عندما اعتبرت ((وساق أسبابا للاستئناف حاصلها مخالفة أن المستأنفة لا تمانع من التعويض عن الضرر الذي لحق برأس المركبة لكنها تعترض على عدم التعويض عن المقطورة)) واعتبرت المحكمة بذلك أن الطاعنة قبلت بالتعويض المقضي به بالنسبة لرأس التريلة والبالغ (٤٧٧،٣٨٨٩ ر.ع) ولم تنتبه أن الطاعنة قد طالبت في صحيفة استئنافها كتعويض عن التأخير بمبلغ (٥٥٠٠٠ ر.ع) فلو أنها رضيت لم تطلب الزيادة على التعويض كما أن محكمة الحكم المطعون فيه أخطأت عندما جارت الخبير في تقسيم فترات التأخير وقضت بالتعويض عن الفترة من تاريخ ١٥ / ٦ / ٢٠١٤م ولغاية ٢١ / ٧ / ٢٠١٤م كما أن محكمة الاستئناف لم تتفهم أسباب استئناف الطاعنة ولم تقم بمناقشتها رغم أهميتها فهي أسباب جوهرية كانت ستؤدي على تغيير الرأي في الحكم.
عرض الطعنان على هيئة المحكمة بغرفة المداولة فقررت الأمر باستكمالهما كما أمرت بوقف تنفيذ الحكم مؤقتا لحين الفصل في الطعن فأعلنت صحف الطعنين وتم تبادل مذكرات الرد والتعقيب وكل صمم على ما ورد بصحيفة طعنه مطالبا برفض الطاعن الآخر.
المحكمة
حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية المقررة فهما مقبولان شكلا.
وأما من حيث الموضوع وما نعى به وكيل الطاعنة شركة……… في الطعن رقم (٤٢ / ٢٠١٧م) بمجمل أسباب طعنه سديد ذلك أن من واجب محكمة الموضوع أن تلم بكافة عناصر النزاع وأن تقيم قضاءها وفقا للمستندات والأدلة المطروحة وأن ترد على أوجه الدفاع الجوهري للخصوم وأن تستنفذ ما في وسعها لكشف وجه الحق في الدعوى وأن تورد الأسباب التي تبرر ما انتهت إليه من قضاء إغفالها التحدث عن مستندات مؤثرة في النزاع تمسك الخصم بدلالتها ولم تمحص ما ورد فيها يشوب حكمها بالقصور.
كما أن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن ثبوت مساهمة المضرور في الخطأ الذي نتج عنه الضرر مؤداه أن للقاضي أن ينقص مقدار الضمان أو ألا يحكم به تمسك المسؤول عن الضرر في دعوى المسؤولية بأن المضرور ساهم بفعله في إحداث الضرر أو زاد فيه اعتباره دفاعا جوهريا ينبغي للمحكمة الموضوع أن تقول كلمتها فيه ومخالفة ذلك قصور لما كان ذلك وكانت الطاعنة قد تمسكت في دفاعها بأن المطعون ضدها الأولى مؤسسة……… قد ساهمت في تأخر إصلاح الشاحنة وذلك لعدم سدادها لمبلغ التحمل المنصوص عليه في البند (١٤) من وثيقة التأمين الموحدة وأن الطاعنة لم تتأخر في التزامها وفقا للمقرر بعد أن سددت المطعون ضدها المبلغ المشار إليه كما أن سبب التأخر في الإصلاح يعود للشركة المطعون ضدها ثانيا أو لسبب أجنبي وهو عدم توفر القطع التي اقتضى استبدالها في وقتها هذا الدفاع أوردته الطاعنة في مذكرة دفاعها وفي صحيفة استئنافها وإذ كان ما تمسكت به الطاعنة دفاعا جوهريا يترتب عليه تغير الراي في الحكم أن لو صح كما أن الطاعنة تمسكت بدفاع آخر مؤداه أن الطاعنة تدفع بعدم مسؤوليتها عن قيمة المقطورة الملغاة لأنها من ممتلكات المؤمن له وفق الثابت من ملكية القاطرة والمقطورة وإن قاطرة المؤمن له تسببت في الحادث الذي أصاب المقطورة بأضرار وهي على ملكية المؤمن له هذا الدفع دفع جوهري كذلك يتعين على محكمة الموضوع أن تقول كلمتها بشأنه وإذ تبين من الحكم المطعون فيه أنه لم يواجه دفاع الطاعنة بوجهيه المشار إليهما لا إيرادا ولا ردا فإنه يكون معيبا بما يوجب نقضه وإذ انتهت المحكمة في هذا الطعن إلى هذه النتيجة فإن القول في الطعن المقابل المقدم من المؤسسة المؤمن لها أن الثابت من صحيفة استئنافها أنها تقدمت بطلبات ودفوع وأوجه دفاع لم تتعرض لها محكمة الموضوع مما يشوب الحكم في عمومه القصور ويتعين نقضه كليا على أن يكون مع النقض الإحالة إلى المحكمة التي أصدرته لتحكم فيه من جديد بهيئة مغايرة.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعنين شكلا وفي موضوعهما بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة الدعوى إلى المحكمة التي أصدرته لتحكم في الاستئنافات جميعا من جديد بهيئة مغايرة وإلزام كل بمصاريف طعنه ورد الكفالة لهما.