جلسة يوم الاثنين الموافق ٩ / ٤ / ٢٠١٨ م
برئاسة فضيلة القاضي / د. محمود بن خليفة الراشدي وعضوية كل من أصحاب الفضيلة القضاة: سالم بن راشد القلهاتي، وسعيد بن ناصر البلوشي، و د. أحمد بن ناصر الراشدي، ومحمد بن سيف الفرعي.
(٧٩)
الطعن رقم ٧٦٩ / ٢٠١٧م
حوالة (دين – شروط)
– الحوالة هي نقل الدين والمطالبة من ذمة المحيل إلى ذمة المحال عليه. شرط صحة الحوالة رضا المحيل والمحال له والمحال عليه.
الوقائع
تتلخص وقائع الدعوى التي أقامها…. لدى المحكمة الابتدائية بالسيب ويمثله مكتب…. للمحاماة ضد….. قائلا في صحيفة دعواه أنه أقرض المدعى عليه مبلغا نقديا قدره أربعة آلاف وأربعمائة وخمسة وثمانون ريالا عمانيا وبعد فترة أخذ منه مبلغا آخر قدره أربعة آلاف وثلاثمائة وعشرون ريالا عمانيا من أجل تخليص معاملات إلا أنه لم يقم بإنجاز المعاملة ولم يعد له المبالغ مما جعله يقيم عليه هذه الدعوى مطالبا بحقه وقد حضر عن المدعى عليه وكيله ورد بمذكرة جاء فيها بأن موكله يقر للمدعي بأربعة آلاف ريال عماني فقط فطالبت المحكمة المدعي بالبينة فقدم ورقتين عرفيتين إحداهما إقرار المدعى عليه للمدعي بأربعة آلاف وثلاثمائة وعشرين ريالا عمانيا تسلمه منه نقدا والثانية إحالة مبلغ أربعة آلاف وأربعمائة وخمسة وثمانين ريالا عمانيا من…. وهو الحق الذي له….. بموجب الورقة العرفية المحررة في ٢٥ / ٧ / ٢٠١٥م فرأت المحكمة بأن ورقة الإحالة لا تقوم بها حجة على إلزام المدعى عليه بأداء الحق لمن أحيلت له لأن المحال له لم يؤخذ رضاه وألزمت المدعى عليه بأداء المبلغ الذي أقر به للمدعي وقدره أربعة آلاف وثلاثمائة وعشرون ريالا عمانيا لما ثبت عندها أن المدعى عليه لم يقم بتخليص المعاملات التي أوكلت إليه وألزمته بمصاريف الدعوى خمسين ريالا وأتعاب المحاماة.
فلم يرض المدعي بالحكم واستأنفه لدى محكمة الاستئناف بالسيب فاستعرضت المحكمة الدعوى وحضر عن كل طرف وكيله واستمعت إلى أقوالهما واطلعت على الحكم المستأنف ومرفقاته فطلب وكيل المستأنف اليمين الحاسمة من المستأنف ضده مفادها بأن…..لم يداين المستأنف ضده بالمبلغ المطالب به فوجهت المحكمة اليمين الحاسمة للمستأنف ضده والذي قرر وكيله برفض موكله حلفها لعدم تعلقها بموضوع النزاع وطلب الحكم بعدم جواز الاستئناف لرفعه خارج الميعاد وبعد سماع أقوال الطرفين أصدرت المحكمة حكما يقضي بقبول الاستئناف شكلا وفي موضوع الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف جزئيا فيما قضى به من رفض طلب إلزام المستأنف ضده بمبلغ أربعة آلاف وأربعمائة وخمسة وثمانين ريالا عمانيا موضوع حوالة الحق من….. للمستأنف والقضاء مجددا بإلزام المستأنف ضده بأداء المبلغ المذكور وتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من إلزام المستأنف ضده بأداء مبلغ أربعة آلاف وأربعمائة وعشرين ريالا عمانيا للمستأنف ورفض الفائدة.
فلم يرض المستأنف ضده بالحكم وطعن عليه لدى المحكمة العليا بوساطة محاميه …. من مكتب الدكتور….. للمحاماة وأرفق مع صحيفة طعنه صورة من سند وكالته وما يفيد استكمال الإجراءات الشكلية نعى عن الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال وساق أسبابا شكلية جاء فيها أن الاستئناف قدم بعد فوات الأجل وهو ثلاثون يوما وأن الصحيفة خالية من الأسباب الموضوعية كما أن نص الوكالة خصصت لم….. العاملة بمكتب…. ولم تشمل بقية المحامين الآخرين بالمكتب والتي لم توقع على صحيفة الاستئناف وبهذا يعد الاستئناف باطلا أما عن موضوع دعوى المطعون ضده أنه حول له…. المبلغ المطالب به الطاعن فإن من شروط الحوالة موافقة الدائن والمدين والمحول له وتكون هذه الموافقة موقعة من كلا الأطراف وهذا لم يحصل وأما عن اليمين التي وجهها المطعون ضده إلى الطاعن فأنها يمين في غير محلها وختم صحيفته بطلب قبول الطعن شكلا وفي الموضوع بوقف التنفيذ ونقض الحكم المطعون فيه للأسباب الواردة في صحيفة الطعن وهو عدم جواز الاستئناف لرفعه خارج الميعاد وبرفضه شكلا لرفعه من غير صفة وإلزام المطعون ضده برسوم أتعاب المحاماة ألفي ريال عماني. وقد رد المطعون ضده على صحيفة الطعن التي جاء فيها ردا على دعوى الطاعن بأن الاستئناف خارج الميعاد علما بأن الحكم المستأنف صدر ٦ / ٩ / ٢٠١٦م وأن الاستئناف قدم في ٦ / ١٠ / ٢٠١٦م فيكون بذلك داخل الميعاد. أما من حيث الموضوع ومانعه الطاعن بأن دعوى المطعون ضده أقيمت على غير صفة ما هو الا تهرب من أداء الحق المطالب به والا فالطاعن أقر للمحيل….. بالحق المطالب به والذي أحاله للمطعون ضده وقوله بأن يشترط في الإحالة رضى الدائن والمدين والمحال له فهذه دعوى مخالفة للشرع والقانون بل من اشتراط إحالة الدين رضى المحال له وليس رضى من عليه الدين وختم مذكرته بطلب رفض الطعن وإلزام الطاعن بأداء الحق المطالب به وبأتعاب المحاماة والمصاريف سبعمائة وخمسين ريالا عمانيا وقد عقب كل من الطاعن والمطعون ضده على مذكرة الرد والتعقيب عليها بنفس الأسباب التي جاءت في صحيفة الطعن والرد عليها.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وتلاوة تقرير التلخيص والمداولة قانونا، حيث إن الطعن مرفوع في الميعاد المحدد في المادة (٢٤٢) من قانون الإجراءات المدنية والتجارية من محام مقبول أمام المحكمة العليا بموجب سند وكالة يجيز له ذلك وتم سداد الرسم والكفالة المقررين قانونا فإنه يكون مقبولا شكلا.
وأما من حيث النعي على الحكم المطعون فيه بالسبب الأول من أسباب الطعن فيما تعلق بالدفع الشكلي بعدم قبول الاستئناف لتقديمه خارج الميعاد المقرر فهو دفع غير موفق ذلك أن الحكم الابتدائي صدر بتاريخ ٦ / ٩ / ٢٠١٦م وتم قيد الاستئناف بتاريخ ٦ / ١٠ / ٢٠١٦م وذلك في آخر يوم من ميعاد الطعن بالاستئناف المقرر بالمادة (٢١٤) ويحسب هذا الميعاد من اليوم التالي لصدور الحكم وفقا للمقرر بالمادة (٢٠٤) من قانون الإجراءات المدنية، وأما بالنسبة للدفع الثاني المتعلق بخلو صحيفة الاستئناف من بيان الحكم وتاريخه وأسبابه وأن صحيفة الاستئناف لم توقع من المحامية التي نصت الوكالة على توكيلها مردود عليه كذلك بأن صحيفة الاستئناف اشتملت على ما ذكر كما أن مما استقر عليه قضاء هذه المحكمة أن تحقق الغرض المقصود من الشكل يغني عن ذات الشكل، وبالتالي لا تعتبر المخالفة الموجبة للحكم بالبطلان قد تمت متى تحقق الغرض المقصود من الشكل وإنما إذا حصلت المخالفة الموجبة للحكم بالبطلان وجب على القاضي الحكم به ما دام الغرض المقصود من الشكل لم يتحقق وهذا الذي نشير إليه نصت عليه المادة (٢١) من قانون الإجراءات المدنية والتجارية إذ جاء بها « يكون الإجراء باطلا إذا نص القانون صراحة على بطلانه أو إذا شابه عيب لم تتحقق بسببه الغاية من الإجراء ولا يحكم بالبطلان رغم النص عليه إذا تحقق الغاية من الإجراء ولم يترتب عليه ضرر للخصم «وبناء عليه وعلى ما نصب عليه المادة (٢١٩) من قانون الإجراءات المدنية والتجارية من وجوب أن يرفع الاستئناف بصحيفة تودع أمانة سر المحكمة المرفوع إليها الاستئناف وفقا للأوضاع المقررة لرفع الدعوى ويجب أن تشتمل الصحيفة على بيان المستأنف وتاريخه وأسباب الاستئناف والطلبات وإلا كانت باطلة ومؤدى هذا النص أن البطلان يكون إذا لم يرفع الاستئناف بالأوضاع المقررة لرفع الدعوى والمنصوص عليها في المادة (٦٤) من قانون الإجراءات المدنية والتجارية فضلا عما نصت عليه المادة (٢١٩) المشار إليها وعليه فإن الغاية من اشتراط التوقيع على الصحيفة قد تحققت بتوقيع الاستاذ المحامي….. صاحب المكتب الذي تعمل به وكيلة المستأنف كما تحقق ذلك بحضور المستأنف شخصيا لإيداع صحيفة الاستئناف لدى محكمة الاستئناف وحضوره شخصيا مع المحامي في أول جلسات المرافعة وفي سائر الجلسات فتحققت بذلك الغاية المقصودة من الإجراء الذي قضى بتوقيع المستأنف أو من يمثله في الاستئناف وانتفى ما يوجب الحكم ببطلان صحيفة الاستئناف المرفوعة من قبله شخصيا والموقعة من المحامي المذكور إنابة عن المطعون ضده وإذ قضى الحكم بقبول الاستئناف شكلا وبرد الدفع ضمنيا فإنه يكون في مصلحته سليما وموافقا للقانون ويجعل النعي عليه بهذا السبب في غير محله ويتعين رفضه.
أما عن الشق الثاني من السبب الأول والمتعلق بموضوع الحوالة ومجادلة الطاعن حول اليمين الحاسمة التي وجهت إليه من المستأنف ورفضه لأدائها لعدم تعلقها بالموضوع ولكون الحوالة لها شروط محددة لقبولها بموجب المادة (٧٧٥) من قانون المعاملات المدنية وحيث إن النعي بهذا الشق غير مقبول كذلك ذلك أن مؤدى النص في المواد (٧٧٢ و٧٧٣ و٧٧٥) من قانون المعاملات المدنية أن الحوالة هي نقل الدين والمطالبة من ذمة المحيل إلى ذمة المحال عليه وأنه يشترط لصحتها رضا المحيل والمحال له والمحال عليه وتنفذ في حق الدائن بإقراره ومتى أقر الدائن بالحوالة المنعقدة بين المدين والمحال عليه برئت ذمة الدائن الأصلي.
والإقرار إرادة منفردة تصدر من الدائن وليس له شكل خاص فأي لفظ أو كتابة أو موقف يدل على رضاء الدائن بالحوالة يكفي وقد يكون هذا الرضا صريحا أو ضمنيا وأن استخلاص مدى قبول الحوالة من عدمه هو من إطلاقات محكمة الموضوع متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق وتكفي لحمله لما كان ذلك وكان الثابت أن الطاعن لا ينكر أصل الحق عليه للدائن المحيل ولكنه ينكر موافقته على الحوالة ورضاه بها ومن ثم فإن توجيه اليمين الحاسمة على عدم موافقته على الحوالة متعلق بموضوعها وتوجيهها سائغ ويضحى النعي في غير محله يتعين رفضه.
أما عن النعي بالسبب الثاني فهو غير سديد كذلك ومردود عليه بأن شائبة القصور في التسبيب يصم بها الحكم إن هو تخلى عن تحقيق دفاع جوهري من شأنه أن يغير وجه الرأي في الدعوى لما كان ذلك وكان يبين من الأوراق أن ما يبتغيه الطاعن وما يتمسك به من مجادلة حول مسألة توجيه اليمين الحاسمة التي رفض حلفها بدعوى أنها غير قانونية وغير منصبة على واقعة النزاع هي منصبة على النزاع إذ تقرر حسم القول في مسألة رضاء الطاعن بالإحالة واستخلص الحكم المطعون فيه موافقة الطاعن ورضاه بالإحالة يضاف إلى ذلك أن من القواعد المستقرة أن حوالة الدين كما تتم باتفاق بين المدين والمحال إليه يجوز أن تتم بين الدائن والمحال إليه دون رضاء المدين الأصلي ولو لم يف المحال عليه بالدين لما كان ذلك وكانت أسباب الحكم المطعون فيه سائغة ولها أصلها الثابت بالأوراق وتكفي لحمل الحكم وتواجه دفاع الطاعن فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا فيما لمحكمة الموضوع من سلطة فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة المقدمة فيها مما لا يجوز إثارته أمام المحكمة العليا ولما تقدم يتعين رفض الطعن وإلزام الطاعن بالمصاريف ورد ثلاثة أرباع الكفالة.
فلهذه الأسباب
«حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع برفضه وإلزام رافعه بالمصاريف ورد ثلاثة أرباع الكفالة».