جلسة يوم الاثنين الموافق ٢٣ / ٤ / ٢٠١٨ م
برئاسة فضيلة القاضي / د. محمود بن خليفة الراشدي وعضوية كل من أصحاب الفضيلة القضاة: سالم بن راشد القلهاتي، وسعيد بن ناصر البلوشي، و د. أحمد بن ناصر الراشدي، ومحمد بن سيف الفرعي.
(٨٠)
الطعن رقم ١٠١١ / ٢٠١٧م
فلج (أعلى – أسفل – ضرر)
– لا يجوز لأصحاب الفلج الأعلى عقد فلجهم بما يمنع تسلسل الماء إلى الأفلاج الأخرى التي هي أسفل من هذا الفلج وذلك لما في ذلك من مضرة على الأفلاج السفلى كما أن قطع الماء عن الأفلاج السفلى وإلحاق الضرر بأهلها لا يجوز شرعا.
الوقائع
تتلخص وقائع الدعوى التي أقامها كل من……… لدى المحكمة الابتدائية بقريات ضد المدعى عليهم…… قائلين في صحيفة دعواهم إنهم يمتلكون والمدعي عليهم مزارع في قرى وادي العربيين وهي «حيل القواسم والبطحاء والصليفي والفرع» وكل قرية تسقي مزارعها من فلجها الخاص بها وجميع هذه الأفلاج يغديها وادي العربيين ولكل فلج معقد يبنى بالحجر والتراب وبالأخص تراب الوادي وليس تراب السيح والمدر ويوجد عرف في حال هطول الأودية وجرفها للسدود تقوم بعد عشرين يوما كل قرية تقيم معقد فلجها بما هو معتاد دون استخدام الطمي والإسمنت أو ما شابههما حتى لا يمنع الأعلى منهم تسرب المياه إلى الفلج الأسفل منه ليتغذى كل فلج مما أعلاه وبما أن أهل قرية حيل القواسم والبطحاء أقاموا معقد أفلاجهم عن طريق المعدات الثقيلة بمعاونة بلدية مسقط بقريات ومنعوا المياه عن الأفلاج التي أسفل منهم وأضروا بها مخالفين لما جرى عليه العرف فأقاموا عليهم هذه الدعوى طالبين منهم إزالة الحدث وبناء معاقد أفلاجهم على ما كان متعارف عليه وهو بناء المعاقد باليد وليس بالمعدات الثقيلة وبتعويضهم بعشرين ألف ريال عماني عما أصابهم من ضرر وما فاتهم من كسب وأتعاب المحاماة مبلغ ألف ريال عماني وأرفقوا ما لديهم من أحكام ومراسلات فباشرت المحكمة الدعوى وحضر الأطراف بما فيهم البلدية واستمعت إلى أقوالهم واطلعت على المستندات المقدمة فرد المدعى عليهم بأنه ليس هنالك عرف يمنعهم من إقامة معاقد فلجهم بالمعدات وأنهم لم يحدثوا صاروجا وإنما أقاموه بالحصى والتراب كما كان من قبل وقالوا إن ما قدمه المدعون من مستندات فتلك أحكام لا تمنعهم من إقامة معاقدهم بالحصى والتراب بأي وسيلة من الوسائل وما أشاروا إليه من رسالة الشيخ محمد بن شامس لوالي قريات فذلك رأي منه وليس حكما وبعد سماع أقوال الأطراف والاطلاع على المستندات المقدمة حكمت المحكمة برفض الدعوى.
فلم يرض المدعون بالحكم وطعنوا عليه لدى محكمة الاستئناف بمسقط فقبل استئنافهم شكلا ورفض موضوعا.
فلم يرض المستأنفون بالحكم وطعنوا عليه بالنقض لدى المحكمة العليا بوساطة محاميتهم….. من مكتب….. وأرفقت مع صحيفة طعنها صورة من سند وكالتها وما يفيد استكمال الإجراءات الشكلية نعت على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع وساق أسبابا حاصلها أن المطعون ضدهم تعدوا العرف الموجود في إقامة المعاقد لأفلاج القرى حيث كانت هذه المعاقد تبنى بالحصى والتراب وبعمل اليد وليست بالمعدات الثقيلة كالشيولات وغيرها وجلب الأتربة من السيوح كالمدر وما شابهه لأن هذه المياه مشتركة تغذي جميع القرى ينتفع منها كل فلج وبهذا العمل الذي قام به المطعون ضدهم يتعذر تسرب المياه من المعاقد المستحدثة بغير الطريقة المتعارف عليها وقد قدم الطاعنون بما لديهم من أحكام ومراسلات تنص على أن العرف الموجود في بناء المعاقد كما أسلفنا آنفا ولكن المحكمة الابتدائية وسائرتها محكمة الاستئناف أعرضتا عن هذه المستندات وأكتفت بتقرير الخبير الذي انتدبته لزيارة الموقع في حين كانت الأودية جارية والمياه تفيض من أعلى السدود وليته زارها في وقت الجفاف ليتأكد من الأضرار الناجمة عن تلك المعاقد وختموا صحيفتهم بطلب قبول الطعن شكلا وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والقضاء للطاعنين بطلباتهم واحتياطيا إعادة الدعوى إلى المحكمة التي أصدرت الحكم لتنظرها بهيئة مغايرة وقد رد المطعون ضدهم على صحيفة الطعن بمذكرة جاء فيها بأن عددا من الطاعنين ليسوا من سكان وادي العربيين وإنما أتوا من مناطقهم بولاية قريات واشتروا نخيلا وأراضي وأضافوا إليها أراضي أخرى فأصبحت مياههم لا تكفي لري مزارعهم ولا علم لهم بالأعراف والسنن وكانوا سببا لإثارة هذه الدعاوي وأما ما تمسك به الطاعنون من صكوك ومراسلات شخصية فهي لا تتعلق بمعقد ما في حيل القواسم وإنما تتعلق بقرى أخرى كقرية الصليفي والفرع وأما استنكارهم على ما قامت به البلدية في بناء المعقد فإنها أقامته بكبس التراب والحصى حسب العرف وختموا مذكرتهم بطلب رفض الطعن وتأييد الحكم المطعون فيه ولم يعقب الطاعنون على مذكرة الرد.
أسباب الطعن
بعد الاستماع إلى تقرير القاضي المقرر واستكمال الإجراءات الشكلية وتقرر قبوله شكلا.
وعن موضوع الطعن وما طرحه الطاعن من أسباب في مجملها سديد ذلك وإن كان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن تحصيل الوقائع في الدعوى وتقدير الأدلة وقبولها وردها من سلطة محكمة الموضوع ولا رقابة عليها مادام بنت ذلك على أسباب صحيحة تمكن من حمل الحكم على الوجه الصحيح. إلا أنه وباستعراض وقائع الدعوى فإن المدعين قد بنوا دعواهم وطلبهم رفع المضرة من قبيل الفلج على سببين: الأول: تأخر إقامة المعقد مما يتسبب في تأخر جريان الماء إلى فلجهم. الثاني: نوعية المواد التي تستخدم في إقامة المعقد.
وبما أن الحكم المطعون فيه قد أيد الحكم الابتدائي واتخذ من أسباب الحكم الابتدائي أسبابا لحكمه دون البحث في طلبات المدعين بالتحقيق وبما جاء في تقرير الخبير الذي جاء في نتيجته (ولكن من المستحسن ألا يزيد ارتفاع معقدهم عن ارتفاع قناة الفلج بحيث ينساب تدفق المياه في القناة بسهولة). كذلك ما جاء في الاستنتاجات والخلاصة (بما أن أهالي فلج حيل القواسم يعتمدون كل الاعتماد على مساعدة البلدية لصيانة معقدهم فإن المدة ما بين جريان الوادي والصيانة تعتمد على مدى كفاءة الشركة المنفذة. وهذه الفترة تشكل ضررا لأهالي فلج حيل القواسم بسبب انقطاع المياه عن فلجهم فهم أعلم بذلك).
ومن المعلوم قضاء أنه يجب أن تكون الأحكام قاطعة صالحة للتنفيذ فكان على المحكمة أن تضع حكمها على صورة يستطيع الأطراف تنفيذ ما حكمت به المحكمة فالعرف لا يؤخذ به على إطلاقه فدعوى تأخر المدة لا يحكمه العرف كون ذلك غير ثابت إنما مناطه ثبوت الضرر من عدمه وهل يلزم به أهل الفلج، ومدى قبول التأخير بسبب تنفيذ البلدية، وأما نوعية الحاجز المطلوب عمله في الفلج فهو ينبني على الأعراف السابقة؛ لأنها مبنية على تجربة واقع معلوم وقد أوضحته الأحكام السابقة.
المحكمة
وحيث إن موضوع الدعوى صالح للحكم فيه لتوافر كافة العناصر اللازمة لذلك من وقائع وأدلة ثابتة في الأوراق، ولما ثبت بمحضر المعاينة التي أجرتها هذه المحكمة ومحاضر الجلسات التي عقدت بهذه المحكمة فإن المحكمة تتصدى للحكم فيه استنادا للمادة (٢٦٠) من قانون الإجراءات المدنية والتجارية وحيث إنه وإزاء ما قرره الطاعنون وما ورد بنتيجة تقرير الخبير وحيث إن العرف والفقه استقر على أن الأفلاج إذا رفعت من الوادي من ماء واحد متصل فإنه لم يجز لأصحاب الفلج الأعلى عقد فلجهم بما يمنع تسلسل الماء إلى الأفلاج الأخرى التي هي أسفل من هذا الفلج وذلك لما في ذلك من مضرة على الأفلاج السفلى كما أن قطع الماء عن الأفلاج السفلى وإلحاق الضرر بأهلها لا يجوز شرعا.
لما كان ذلك وكان الطاعنون قد بنوا دعواهم وطلباتهم باستعجال المطعون ضدهم في إقامة قبيل فلجهم فور انحسار السيل وتوقف الوادي عن الجريان وعدم تأخير ذلك لأن تأخيره يؤدي إلى انقطاع جري الماء في الوادي وتوقف فلجهم مدة بسبب حبس الماء خلف قبيل الطاعنين مما يؤدي إلى الإضرار بزراعتهم كما أنهم ينكرون على المطعون ضدهم استخدام الطين والمدر المجلوب من خارج بطن الوادي في إقامة المعقد؛ لأن ذلك يمنع تسرب المياه فتضعف المياه في فلجهم. وبناء عليه ولما تقدم وإزاء ما جرى عليه العرف ومراعاة لظروف الحال فإن هذه المحكمة تقضي بإلزام المطعون ضدهم الإسراع في إصلاح قبيل فلجهم خلال مدة لا تزيد عن شهر من تاريخ جرفه بالسيل وأن يتم هذا الإصلاح بتربة الوادي فقط ولا يجلب له أي مادة من خارجة وتأييد الحكم الابتدائي فيما عدا ذلك للأسباب التي أقيم عليها مع إلزام المطعون ضدهم بالمصاريف ورد الكفالة للطاعنين.
فلهذه الأسباب:
«حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه جزئيا والقضاء مجددا بإلزام المطعون ضدهم بإصلاح قبيل فلجهم بأي وسيلة ممكنة وبالرمل والحصى من داخل الوادي فقط وذلك خلال مدة لا تزيد على شهر من تاريخ جرفه بالسيول ورفض الطعن فيما عدا ذلك وإلزام المطعون ضدهم بالمصاريف ورد الكفالة للطاعنين».