جلسة يوم الأحد الموافق ١٨ / ٢ / ٢٠١٨م
برئاسة فضيلة القاضي / زهران بن ناصر البراشدي، وعضوية كل من أصحاب الفضيلة القضاة: محمد بن حمد النبهاني، وناصر بن سالم الجابري، ويحيى محمد عبد القادر، والشيخ ولين الشيخ ماء العينين.
(١٠٨)
الطعن رقم ١٤٦٤ / ٢٠١٧م
مضرور (مركز قانوني – تحديد – تعويض)
– حالات انقطاع التقادم الواردة في المادة (١٦) من قانون تأمين المركبات واردة على سبيل الحصر، إلا أن هذه المادة لم تحدد حالات وقف التقادم ولذلك فإن هذه الحالات مرجعها قانون المعاملات المدنية الذي جعلت المادة (٣٤٦) منه العذر الشرعي سببا من أسباب الوقف. علة ذلك أن وقف التقادم مختلف قانونا عن انقطاعه. نتيجة ذلك أن عدم مطالبة شركة التأمين أو رفع دعوى بالمطالبة بسبب انتظار التقارير الطبية النهائية عذر واقف لمدة التقادم حتى صدور ذلك التقرير.
الوقائع
تتحصل الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق في أن الطاعنة تعرضت لحادث سير مروري بتاريخ ١٩ / ٧ / ٢٠١١م بسيارة مؤمنة لدى المطعون ضدها وقد أصيبت بعدة إصابات ذكرت في التقارير التفصيلية. والظاهر أنها من المشمولين بملحق الحوادث الشخصية حيث كانت والدتها هي المتسببة في الحادث وقد حصلت على ما يبدو على نسبة عجز مقدارها خمسة وثلاثون بالمائة.
ولما كانت السيارة أداة الحادث مؤمنة لدى الشركة المطعون ضدها وكانت بمحض إرادتها قائمة مقام المتسبب وحالة محله في تحمل أعباء الأضرار الواقعة على المضرور الناتجة بسبب الفعل الضار وهو حادث السير فقد أقامت الطاعنة بتاريخ: ١٣ / ٤ / ٢٠١٧م دعوى مباشرة ضد الشركة المؤمنة المطعون ضدها بصحيفة أودعها محاميه أمانة سر المحكمة الابتدائية بمسقط طالب من خلالها القضاء له على المدعى عليها بتعويض قدره عشرون ألف ريال عماني عما لحقها من أضرار مادية ومعنوية، ومبلغ أتعاب محاماة، وإلزامها المصاريف.
وبحضور الطرفين ردت الشركة المدعى عليها بدفعها الذي تقدمت به مطالبة رفض الدعوى لسقوطها بالتقادم وفق الفقرة (أ) من المادة ١٦ من قانون تامين المركبات وبعد استكمال جميع الإجراءات أصدرت المحكمة حكما قضى بإلزام المدعى عليها المطعون ضدها في الطعن الماثل مبلغا قدره ثلاثة آلاف وخمسمائة ريال عماني وذلك حسب نسبة العجز الحاصل عليها من اللجنة الطبية للعجز الدائم إعمالا لملحق الحوادث الشخصية رقم (خ / ٨ / ٢٠٠٨م).
فلم ترض الطاعنة بالحكم واستأنفته بوساطة وكيلها القانوني لدى محكمة الاستئناف بمسقط الدائرة المدنية حيث قيد تحت رقم ٦١٠ / ٢٠١٧م بصحيفة طالب من خلالها القضاء له برفض الدعوى لسقوطها بالتقادم.
وبعد استكمال جميع الإجراءات أصدرت محكمة الاستئناف حكمها الطعين القاضي بقبول الاستئناف شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجددا بعدم قبول الدعوى لسقوطها بالتقادم وألزمت المستأنف ضدها المصاريف.
فلم يلق حكمها من الطاعنة قبولا مرة أخرى وطعنت عليه بالنقض لدى المحكمة العليا.
في يوم الاحد ٢٧ / ١١ / ١٤٣٨هـ الموافق ٢٠ / ٨ / ٢٠١٧م صدر الحكم المطعون فيه من محكمة الاستئناف بمسقط الدائرة المدنية وفي يوم الاثنين ٢٥ / ٩ / ٢٠١٧م تم الطعن عليه بالنقض لدى أمانة سر المحكمة العليا بصحيفة موقعة من محام مقبول للترافع مستوفية لأوضاعها الشكلية وتم إعلان المطعون ضدها بصحيفة الطعن.
أقيم الطعن على أسباب حاصلها مخالفة الحكم لصحيح القانون في التطبيق والفساد في الاستدلال على سند من القول بما حاصله أن الحكم الطعين قضى بالتقادم بمرور الزمان بناء على المادة رقم (١٦) من قانون تأمين المركبات على اعتبار أن مدة السنتين قد انقضت منذ وقوع الحادث قبل رفع الدعوى و خاصة وأن المستأنف لم يرفق للمحكمة -حسب قولها- بمستندات الدعوى ما يدل على انقطاع التقادم ومن ثم وتطبيقا للمادة سالفة البيان يكون نعي الشركة نعيا صحيحا) ووجه المخالفة: مخالفة الحكم للفقرة (ب) من نفس المادة المذكورة وذلك لالتفاته عن الأخذ بالمانع الشرعي من سماع الدعوى وقد نصت المادة نفسها «ينقطع التقادم المشار إليه في الفقرة السابقة بكتاب مسجل أو بتسليم المستندات المتعلق بالمطالبة إلى المؤمن..».
وبإنزال ذلك على واقعة الدعوى يتبين أنه تم مخاطبة الشركة المطعون ضدها وديا وعرضت مبلغا قدره ألف ريال عماني لم تقبله الطاعنة وتم التواصل معها مرة أخرى فعرضت بوساطة ممثلها رياض الزدجالي والذي أخبرها أنه سوف يتم تعويضها بمبلغ ثلاثة آلاف وخمسمائة ريال عماني على أن تأتي بتقرير نسبة عجز مقداها خمسة وثلاثون بالمائة وظلت تماطلها في الدفع وأن آخر تقرير طبي صدر للطاعنة في شهر ١١ / ٢٠١٤م وأنها خاطبت الشركة في ١١ / ٦ / ٢٠١٦م وديا فلم تنجح معها بسبب المماطلة وأن مدة التقادم تبدأ من هذا التاريخ وأن الطاعنة – بعدما أقرت لها الشركة بالحق- استمرت في علاج نفسها كونها تعاني من آلام بالعصب الوجهي وانتهت إلى المطالبة بالقضاء لها بطلباتها.
المحكمة
بعد الاطلاع على سائر الأوراق وبعد استماع التقرير المعد من القاضي المقرر وبعد المداولة وكون الطعن استوفى أو ضاعه الشكلية ومقبول شكلا، فمن حيث الموضوع فإن النعي على الحكم المطعون فيه بما ذكره وكيل الطاعن سديد في مضمونه بالسبب الوحيد المتعلق بانقطاع التقادم ذلك أن البين من الأوراق أن الحكم الطعين قضى بعدم سماع الدعوى لرفعها بعد الميعاد دون التحقق من العذر القاطع للتقادم أو الموقف له ذلك أن وقف التقادم يسري على الدعاوى في حالات عدة وهي الحالات التي يكون لصاحب الحق فيها عذر بين يمنعه من مواصلة دعواه والقيام بها وذلك حسب شروط بينها القانون وحيث إن المادة (١٦ / أ) من قانون تأمين المركبات نصت على انقطاع التقادم وحددت الحالات التي ينقطع بسببها التقادم فإن هذه الحالات لا تسري إلا على الحالات التي جاءت على سبيل الحصر.
والانقطاع والوقف كلاهما كقاعدة عامة لا يسري إلا من اليوم الذي يصبح فيه الحق مستحق الأداء، والفرق بينهما: أن الانقطاع يجب المدة التي انقضت منذ بدء سريان التقادم من وقت نشوء أو قيام سبب الانقطاع؛ بحيث تبدأ مدة جديدة عند زوال السبب، أما الوقف فإنه إن تحق سببه قانونا فيوقف سريان التقادم منذ حدوث السبب وحتى زواله ثم يبدأ في السريان استكمالا للمدة المتبقية بمعنى أنه لا يسقط من المدة الكلية إلا مدة الوقف فقط وتضم المدتان أو المدد مع بعضها حتى تكتمل وهكذا..
وحيث إن قانون تأمين المركبات لم ينص على الوقف فإنه تسري في أحكام الوقف القواعد العامة في الفقه الاسلامي وقد تم تقنين ذلك كما في كتاب مرشد الحيران المادة ١٥٧ وفي مجلة الأحكام العدلية المادتين ٦٦٣و٦٦٨ وفي غيرهما من التشريعات ومقتضى ذلك أن مدة التقادم تقف إذا كان هنالك عذر شرعي يحول بين صاحب الحق وبين رفع الدعوى حماية لحقه.
وقد نص قانون المعاملات المدنية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم ٢٩ / ٢٠١٣م في مادته رقم «٣٤٦» يقف مرور المدة المانع من سماع الدعوى كلها كلما وجد عذر شرعي تتعذر معه المطالبة بسماع الدعوى ولا تحسب مدة قيام العذر في المدة المقررة» وهو حكم عام يرجع إليه في حالة عدم وجود النص الخاص. كما نصت المادة (٣٤٤) منه «تبدأ المدة التي يمتنع سماع الدعوى بانقضائها من اليوم الذي يصبح فيه الدين مستحق الأداء، ومن وقت تحقق الشرط إذا كان معلقا على شرط، ومن وقت ثبوت الاستحقاق في دعوى ضمان الاستحقاق وبشرط الإنكار من المدين أي عدم الاعتراف بالحق كما في المواد ٣٤٠ و٣٤١ و٣٤٩. وأما الانقطاع فتنقطع المدة كلما وجد العذر الشرعي وبالمطالبة القضائية ولو رفعت الدعوى إلى محكمة غير مختصة، ما دام باق منها ولو يوما واحدا وبالإعذار، وبالحجز، أو بأي إجراء قضائي يقوم به الدائن للتمسك بحقه.
أي يزول المانع من عدم سماع الدعوى وتبقى الدعوى مسموعة بوجود العذر. وتبدأ مدة جديدة. وذلك كما في المادتين (٣٥٠و٣٥١) من نفس القانون ونصهما: – المادة (٣٥٠) «تنقطع المدة المقررة لعدم سماع الدعوى بالمطالبة القضائية ولو رفعت الدعوى إلى محكمة غير مختصة، وبالإعذار، وبالحجز، أو بأي إجراء قضائي يقوم به الدائن للتمسك بحقه. والمادة (٣٥١) نصت «إذا انقطعت المدة المقررة لعدم سماع الدعوى بدأت مدة جديدة كالمدة الأولى تسري من وقت انتهاء الأثر المترتب على سبب الانقطاع ولا يسقط الحق مهما كان نوعه إذا حكمت به المحكمة بحكم لا يقبل الطعن» والثابت بالأوراق أن الطاعنة مشمولة بملحق الحوادث الشخصية واسترت في التردد على المستشفيات داخل السلطنة وخارجها وكان آخر مراجعة لها في ١٠ / ١١ / ٢٠١٤م واستمرت بعد ذلك في طلب التقرير النهائي من لجنة العجز الدائم وهو الذي يتوقف عليه القضاء لها بحقها بموجب الملحق المشار إليه وصدر لها تقرير عجز من اللجنة الطبية للعجز الدائم بتاريخ ٢٣ / ١١ / ٢٠١٥م ثم أنها بعد ذلك خاطبت الشركة في ١٧ / ١١ / ٢٠١٦م بالمطالبة بحقها وبهذا التاريخ وهو تأريخ المطالبة استقر المركز القانوني للمدة التي حددها القانون وهو آخر إجراء صحيح يعتد به في حق المضرور في احتساب بداية المدة قدمته الطاعنة في موضوع المطالبة بالحق ويعتبر بدءا لسريان مدة جديدة للتقادم وقد خلت الأوراق من ثمة دليل بخلاف ذلك وهذه الإجراءات التي سبقت المطالبة وهي متابعة العلاج والتقارير وأهمها تقرير لجنة العجز لا دخل لها فيه ذلك أن المضرور في الحادث لا يمكنه تقديم دعوى ضررية ضد المتسبب أو من يقوم مقامه إلا باكتمال الإجراءات الرسمية ومن ضمنها تقرير لجنة العجز في حال شموله بالملحق وترتيبا على ذلك يقدم دعواه ولو في آخر يوم من المدة القانونية مالم يهمل مراجعته للجهة المختصة طوال المدة القانونية فلو انه اثبت مطالبته بأي إجراء فقد أحرز حقه في المطالبة مع العلم أن هذه الإجراءات كلها الواحدة بعد الأخرى تقطع المدة القانونية وكما سبق أن من هذا التاريخ: ٢٣ / ١١ / ٢٠١٥م تاريخ قرار اللجنة يتحدد المركز القانوني في الدعوى وتبدأ مدة جديدة بالإضافة أنها بعد ذلك خاطبت الشركة في ١٧ / ١١ / ٢٠١٦م بالمطالبة وكون المحكمة مصدرة الحكم اغفلت كل ذلك ولم تناقشه مناقشة موضوعية فقد تبين عدم تحققها من الوقائع الدعوية بما يتعين والحال هذه نقض الحكم. ووجه المخالفة مخالفة الحكم الطعين للفقرة (ب) من نفس المادة (١٦) من قانون التأمين المذكورة آنفا وذلك لالتفاته عن الأخذ بالمانع الشرعي والقانوني من سماع الدعوى وقد نصت «ينقطع التقادم المشار إليه في الفقرة السابقة بكتاب مسجل أو بتسليم المستندات المتعلق بالمطالبة إلى المؤمن..» وبإنزال ذلك على واقعة الدعوى يتبين أنها لم تهمل حقها وكانت هذه الإجراءات كلها قاطعة للتقادم فيبدأ سريان المدة القانونية من آخر إجراء من الطاعنة في المطالبة بحقها قبل رفع الدعوى قطع مدة التقادم ولم تناقشه المحكمة مناقشة موضوعية مما يتبين معه والحال هذه أنها لو تكلفت البحث والمناقشة في الموضوع لتغير وجه الرأي معها. لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن الطاعنة تمسكت أمام محكمة الموضوع بانقطاع مدة التقادم أو وقفها بناء على هذا المفهوم الذي ذكرناه وكان الحكم الطعين خالف هذا النظر فقد تعين لهذا السبب نقضه ولما كان الموضوع صالحا للفصل فيه بموجب أحكام المادة ٢٦٠ من قانون الإجراءات المدنية والتجارية فقد تعين على هذه المحكمة القضاء فيه، ولما كان حكم أول درجة انتهى إلى نتيجة صحيحة وهي القضاء للطاعنة بحقها في التعويض فقد تعين على هذه المحكمة القضاء برفض الاستئناف المقدم من المطعون ضدها رقم (٦١٠ / ٢٠١٧م) وتأييد حكم محكمة أول درجة وإلزام المطعون ضدها بالمصاريف عن درجتي التقاضي ومصاريف هذا الطعن كونها قائمة مقام المتسبب وحالة محله بمحض إرادتها دون جبر أو إكراه ورد الكفالة للطاعنة.
فلهذه الأسباب
«حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والقضاء في موضوع الاستئناف المقدم من المطعون ضدها رقم (٦١٠ / ٢٠١٧م) برفضه وتأييد حكم محكمة أول درجة وإلزام المطعون ضدها بالمصاريف عن درجتي التقاضي ومصاريف هذا الطعن ورد الكفالة للطاعنة».