التصنيفات
أحكام قضائية

المحكمة العليا – الدائرة المدنية (ب): الطعن رقم ١١٥٠ / ٢٠١٧م

2017/1150 1150/2017 ٢٠١٧/١١٥٠ ١١٥٠/٢٠١٧

تحميل

جلسة يوم الأحد الموافق ٢٠ / ٥ / ٢٠١٨م

برئاسة فضيلة القاضي / زهران بن ناصر البراشدي، وعضوية كل من أصحاب الفضيلة القضاة: محمد بن حمد النبهاني، ويحيى محمد عبد القادر، والشيخ ولين الشيخ ماء العينين، وصلاح الدين غندور.

(١١١)
الطعن رقم ١١٥٠ / ٢٠١٧م

دية (أنثى – نصف – ذكر)

– دية المرأة على النصف من دية الرجل. علة ذلك أن المرسوم السلطاني رقم (٢٤ / ١٩٧٥) نص على كون ديتها على النصف من دية الرجل، أما القوانين اللاحقة فقد تعرضت لتعديل مقدار دية الرجل دون تعرض لإلغاء فقرة أن دية المرأة على النصف من دية الرجل.

الوقائع

تتحصل الوقائع وكما يبين من الحكم المطعون فيه ومن سائر الأوراق في أن المدعين (المطعون ضدهم حاليا) كانوا قد أقاموا الدعوى الابتدائية بالرقم (٣٢٧ / ٢٠١٧م / مسقط) طالبوا بالحكم بإلزام الشركة المدعى عليها (الطاعنة حاليا) بأن تؤدي لهم دية مورثتهم وقدرها (١٥٠٠٠ ر.ع) خمسة عشر ألف ريال عماني ومع المصاريف والأتعاب.

وعلى سند من القول بأن مورثتهم تعرضت لحادث دهس أثناء سيرها بالشارع العام طريق شناص / صحار وأدى ذلك لوفاتها وكانت المركبة بالرقم (… / د ي) قيادة (…) مؤمنة لدى الشركة المدعى عليها وقد أدين المتسبب المذكور جنائيا بجنايات صحار، أرفق المدعون سندا لدعواهم صور المستندات التالية: (سند الوكالة من سفارة بنجلاديش لمكتب المحاماة سند الوكالة وشهادة وراثة صادرة من جمهورية بنجلاديش لا تشير ترجمتها إلى العربية أنه مصادق عليها من السلطات العمانية في بلد إصدارها السجل التجاري للمدعى عليها تعهد المدعى عليها وحكم محكمة جنايات صحار رقم (١٠ / ٢٠١٥م) المؤرخ ١٦ / ٦ / ٢٠١٥م.

تداولت المحكمة أول درجة الدعوى كما هو ثابت بمحاضر جلساتها والتي حضرها الأطراف كل بوكيله القانوني، هذا وقد أقر الحاضر عن المدعى عليها شفاهة بمسؤوليتها وقدر للمدعين (٧٥٠٠ ر.ع) سبعة آلاف وخمسمائة ريال عماني دية مورثتهم باعتبار ان دية المرأة نصف دية الرجل، وقد صمم الحاضر عن المدعين على طلباتهم. وبجلسة (١٣ / ٤ / ٢٠١٧م) أصدرت المحكمة أول درجة حكمها والذي قضى: (بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة وألزمتهم المصاريف). تأسيسا على أن المستندات الصادرة خارج السلطنة غير مصادق عليها من قبل سفارة سلطنة عمان في بلد اصدارها واعتماد الجهات المختصة لها هناك.

ولم يلق الحكم المذكور قبولا لدى المدعين فطعنوا عليها بالاستئناف بالرقم (٤٨٥ / ٢٠١٧م) والذي أودعت صحيفته لدى أمانة سر محكمة الاستئناف مسقط بتاريخ: ٨ / ٥ / ٢٠١٧م وقد طالبوا فيه بقبول الاستئناف شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجددا للمستأنفين بطلباتهم المقدمة لدى المحكمة الابتدائية. تأسيسا على مخالفة الحكم للقانون لأن المستندات المقدمة هي مصدق عليها وسدد فيها الرسوم المقررة.

تداولت المحكمة الاستئنافين الدعوى كما هو ثابت بمحاضر جلساتها وبحضور الأطراف كل بوكيله القانوني وقد تمسك الحاضر عن المستأنف ضدها بالحكم المستأنف وطالب برفض الاستئناف في المقابل صمم الحاضر عن المدعين على طلباتهم. وبجلسة ١٨ / ٦ / ٢٠١٧م أصدرت المحكمة الاستئنافية حكمها والذي قضى بقبول الاستئناف شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجددا بإلزام المستأنف ضدها شركة… للتأمين بأن تؤدي للمستأنفين الدية الشرعية مبلغا وقدره خمسة عشر ألف ريال عماني وألزمتها المصاريف ومائة ريال عماني عن أتعاب المحاماة؛ تأسيسا على أن المستأنف ضدها أقرت بالمسؤولية عن الحادث الذي أودى بحياة مورثه المستأنفين وكما وأن الأصل في الأوراق السلامة ما دامت قد صدرت من جهة معينة مختصة ما لم يطعن فيها بالتزوير وقد خالف الحكم المستأنف ذلك النظر عليه جاء الحكم سالف الذكر.

ولما لم يلق الحكم المذكور قبولا لدى الشركة فطعنت عليه بالنقض بالطعن الماثل والذي أودع صحيفته لدى أمانة سر المحكمة العليا عنها بتاريخ: ٢٢ / ٦ / ٢٠١٧م وكيلها القانوني / … المحامي المقبول للترافع أمام المحكمة العليا وقدم سند الوكالة، وسدد الرسم المقرر وأودع الكفالة. هذا وقد طالب بقبول الطعن شكلا، وبصفة مستعجلة وقف التنفيذ لحين الفصل في الطعن وفي الموضوع نقض الحكم المطعون فيه والتصدي والحكم برفض الدعوى فيما زاد عن مبلغ سبعة آلاف وخمسمائة ريال عماني (٧٥٠٠ ر.ع) عبارة عن دية مورثة المطعون ضدهم وذلك بصفة أصلية. احتياطيا: النقض مع الإحالة للهيئة المغايرة لتحكم فيها. وفي جميع الأحوال إلزام المطعون ضدهم المصاريف وألفين ريال ع ماني أتعاب المحاماة.

وحيث نعت الطاعنة على الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله وذلك عندما قضى لمورثة المطعون ضدهم بالدية الكاملة وقدرها خمسة عشر ألف ريال عماني برغم انها أنثى بمخالفة صريحة لنص المرسوم السلطاني رقم (١١٨ / ٢٠٠٨م) المتعلق بتعديل الديات والأروش والذي جعل دية المرأة نصف دية الرجل وهذا أيضا ما جرى عليه قضاء المحكمة العليا. عليه جاءت طلبات الطاعنة سالفة البيان.

نظرت المحكمة الدعوى ومن ثم استكملتها وكلفت أمانة السر بالمحكمة العليا بإعلان الخصوم لممارسة حقهم في الرد والتعقيب وترتيبا على ذلك فقد رد المطعون ضدهم عن طريق وكيلهم القانوني المقبول للترافع أمام المحكمة العليا وذلك بتاريخ: ١٩ / ١٠ / ٢٠١٧م وتمسكوا فيه بالحكم الطعين وطالبوا برفض الطعن بتاريخ: ٥ / ١١ / ٢٠١٧م عقبت الطاعنة عن طريق وكيلها القانوني وصممت فيه على طلباتها. وبتاريخ: ٢٧ / ١١ / ٢٠١٧م رد المطعون ضدهم على تعقيب الطاعنة والحال أن كل طرف تمسك بطلباته عليه وبعد المداولة جاء الحكم الذي سنورد تفصيله لاحقا بالمنطوق.

المحكمة

وحيث أن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية والقانونية فهو مقبول شكلا. وحيث أنه وفي الموضوع فأنما نعت به الطاعنة على الحكم المطعون فيه بما أوردته من أسباب ضمنتها صحيفة الطعن وسبق الإشارة إليها فإن النعي في مجمله سديد وفي محله. ذلك أنه ولما كان فهم واقع الدعوى وتحقيق أدلتها ومستنداتها وفهم مراد الخصوم فيها ومن ثم إنزال حكم القانون فيها هو من سلطة محكمة الموضوع فإن هي تخلت عن ذلك فأنها تكون قد تخلت عن أهم واجباتها بما يجعل حكمها بمخالفة للقانون ومتسما بشائبة القصور في التسبيب المبطل له.

ولما كان ذلك وكان المرسوم السلطاني رقم (٢٤ / ٧٥) والمؤرخ ٤ جمادى الثاني ١٣٩٥هـ الموافق ١٤ / ٦ / ١٩٧٥م والمتعلق بتقدير الديات والأروش قد نص في المادة الأولى: تكون دية الرجل ألفين وأربعمائة ريال عماني (٢٤٠٠ ر.ع) ودية المرأة نصف دية الرجل. ومن بعده صدر المرسوم رقم (٢ / ٨٣) بتعديل الديات والأروش والمؤرخ ٢٨ مارس ١٩٨٣م وقد نص في المادة الأولى بأن ترفع دية النفس للذكر من ألفين وأربعمائة ريال عماني إلى خمسة آلاف ريال عماني. ومن ثم صدر المرسوم السلطاني رقم (١١٨ / ٢٠٠٨م) المتعلق بقانون الديات والأروش والذي أشار فيه إلى تعديل دية النفس المنصوص عنها في القرار السلطاني رقم (٢ / ٨٣) برفع قيمتها من خمسة آلاف ريال عماني إلى خمسة عشرة ألف ريال عماني، ولما كانت المادة الأولى في القرار السلطاني رقم (٢ / ٨٣) التي عدلها لاحقا المرسوم السلطاني رقم (١١٨ / ٢٠٠٨م) كانت قد نصت على رفع دية الذكر من (٢٤٠٠ ر.ع) إلى (٥٠٠٠ ر.ع) ولم يتطرق إلى دية المرأة إذ أبقاها على حالها وهي نصف دية الرجل، ومن ثم فإن تفسير النص المتعلق بتحديد دية الرجل والمرأة وفق ما جاء بالتدرج السالف ذكره في المراسيم السلطانية المذكورة وهي القانون الذي يحكم ويحدد الدية سواء للرجل أم للمرأة فإن المشرع قصد بأن تكون دية الأنثى هي نصف دية الرجل وإلا لكان قد نص في التشريعات السالف ذكرها على ذلك صراحة، وهذا التفسير هو ما جرى عليه قضاء المحكمة العليا. ولما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وقضى للورثة عن دية مورثتهم بمبلغ خمسة عشر ألف ريال عماني (١٥٠٠٠ ر.ع) وهي الدية المقررة للرجل برغم أن الهالكة مورثة المطعون ضدهم هي أنثى وتستحق نصف دية الرجل وقدرها سبعة آلاف وخمسمائة ريال عماني (٧٥٠٠ ر.ع) فبالتالي فإن الحكم الطعين يكون قد خالف القانون في تلك الجزئية وذلك من حيث التطبيق والتأويل بما يتعين والحال كذلك القضاء بنقض الحكم المطعون فيه جزائيا فيما يتعلق بدية مورثة المطعون ضدهم والقضاء وعملا بنص المادة (٢٦٠) من قانون الإجراءات المدنية والتجارية بأن يكون مبلغ الدية المقضي بها للمطعون ضدهم في الاستئناف رقم (٤٨٥ / ٢٠١٧م) مبلغا وقدره سبعة آلاف وخمسمائة ريال عماني وتأييد الحكم الطعين فيما عدا ذلك مع إلزام المطعون ضدهم المصاريف ورد الكفالة للطاعنة.

فلهذه الأسباب

«حكمت بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه جزئيا فيما يتعلق بمبلغ الدية المقضي بها للمطعون ضدهم وبجعلها مبلغا وقدره سبعة آلاف وخمسمائة ريال عماني (٧٥٠٠ ر.ع) وتأييده فيما عدا ذلك ومع إلزام المطعون ضدهم المصاريف ورد الكفالة للطاعنة».