التصنيفات
أحكام قضائية

المحكمة العليا – الدائرة المدنية (ج): الطعن رقم ١١٥٥ / ٢٠١٧م

2017/1155 1155/2017 ٢٠١٧/١١٥٥ ١١٥٥/٢٠١٧

تحميل

جلسة يوم الاثنين الموافق ٧ / ٥ / ٢٠١٨م

برئاسة فضيلة الشيخ / سعيد بن سالم الحديدي، وعضوية كل من أصحاب الفضيلة القضاة: صالح بن سالم الراشدي، وسالم بن منصور الهاشمي، ومحمد عبد الرحمن شكيوه، وحاتم بن يوسف الدشراوي.

(١٦٣)
الطعن رقم ١١٥٥ / ٢٠١٧م

يمين حاسمة (محكمة – عرض – حياد)

– حين عرضت محكمة الاستئناف على الطاعن توجيه اليمين الحاسمة فإنها أساءت تطبيق القانون وجانبت واجب الحياد إذ أن اليمين الحاسمة تبقى من علائق أطراف النزاع الذين لهم وحدهم حرية اللجوء إليها متى قدروا أن مصالحهم تقتضي ذلك.

الوقائع

تتلخص وقائع القضية في أن المدعي في الأصل الطاعن الآن اقام الدعوى مختصما المدعى عليها في الأصل المطعون ضدها الآن بموجب صحيفة اودعها أمانة سر المحكمة الابتدائية بالسيب في ٢٩ / ٨ / ٢٠١٢م طلب في ختامها الحكم بإلزامها بأداء مبلغ ثمانية وستين ألفا واربعمائة وستين دولار امريكي أو ما يعادله بالريال عماني وقدره ستة وعشرون ألفا وأربعمائة وخمسة وعشرون ريالا عمانيا ومبلغ عشرين ألف ريال عماني تعويضا عما لحقه من ضرر وما فاته من كسب وعن الاضرار المادية والمعنوية وبإلزامها بالمصاريف وأتعاب المحاماة وقدرها ألف ريال عماني.

وذلك على سند من القول إن المدعى عليها استوردت اثاثا من جمهورية مصر العربية بلغت قيمته ثمانية وستين ألفا وستمائة واربعين دولارا أمريكيا وفق ما هو ثابت بشهادة المنشأ رقم (٧٢٩٨٦) المسلمة من وزارة التجارة والصناعة بمصر فرع دمياط وبشهادة الشحن وبالبيان التفصيلي لعدد العبوة المرسلة من مصر وبالمراسلة الصادرة عن الشركة المصدرة للبضاعة وقد استلمت المدعى عليها الاثاث المورد المشار إليه إلا أنها تخلفت عن خلاص ثمنه سواء للشركة المصدرة أو للمدعي والذي كلفته بقبض الثمن نيابة عنها وذلك رغم مطالبتها بالسداد واعتبارا لما لحقه من اضرار مادية ومعنوية وما لحقه من خسارة فإن المدعي قام بالدعوى الراهنة طالبا الحكم له طبق ما سلف تفصيله من طلبات.

وحيث أصدرت المحكمة حكما تمهيديا بجلسة يوم ٢٣ / ٥ / ٢٠١٣م قضى بندب خبير للاطلاع على أوراق الدعوى ومستنداتها وبيان العلاقة التي تربط المدعي بالشركة المصدرة للبضاعة والشركة المستوردة والانتقال إلى ميناء وصول البضاعة وبيان هل أنها وصلت بالفعل وبيان اسم من تسلمها والانتقال إلى مقر المدعى عليها وبيان استلام البضاعة وهل وقع دفع قيمتها من عدم ذلك كبيان أن كانت الشركة المصدرة قد فوضت المدعي في استلام ثمن البضاعة وعلى الخبير تحقيق عناصر الدعوى عموما وسماع أقوال الطرفين والشهود.

وحيث افاد الخبير المنتدب بتقريره ان المدعى عليها تسلمت البضاعة المستوردة بميناء السلطان قابوس ولم يثبت أنها تولت سداد قيمتها للشركة المصدرة وقدرها ستة وعشرون ألفا واربعمائة ريال عماني واضاف الخبير انه يترك موضوع تقدير الاضرار للمحكمة.

وحيث أجابت المدعى عليها عن الدعوى بمقولة أنه سبق البت في موضوع النزاع الراهن بموجب الحكم الصادر عن المحكمة الابتدائية بصور بتاريخ ٩ / ٧ / ٢٠١١م تحت رقم (١١٣ / ٢٠١١م) وطلبت تأسيسا على ذلك الحكم برفض الدعوى لسبق الفصل فيها.

وحيث أصدرت المحكمة الابتدائية بالسيب حكمها رقم (٥٤٧ / ٢٠١٤م) في ٢٧ / ٣ / ٢٠١٤م الذي قضى بإلزام المدعى عليها بأن تؤدي للمدعي مبلغ ستة وعشرين ألفا وأربعمائة ريال عماني وبأن تؤدي للمدعي تعويضا مقداره خمسة آلاف ريال عماني والمصاريف ومبلغ مائة ريال عماني مقابل اتعاب المحاماة وقد أسست المحكمة قضاءها على عدم توفر شروط اتصال القضاء لاختلاف موضوع النزاع في الدعوى رقم (١١٣ / ٢٠١١م) عن موضوع الدعوى الراهنة كما استندت المحكمة إلى تقرير الاختبار الذي اثبت عدم خلاص المدعى عليها ثمن البضاعة التي تسلمتها كما انها اعتبرت أن الضرر اللاحق بالمدعي ثابت وهو يتمثل في حبس الثمن لمدة جاوزت اربعة اعوام.

وحيث لم يلق هذا الحكم قبولا لدى المدعى عليها فاستأنفته طالبة الحكم بإلغائه على أسباب حاصلها مخالفة القانون ذلك أن المحكمة لم تستجب للدفع بخصوص عدم الاختصاص المحلي رغم أن عنوان المستأنفة يقع بولاية صور كما أنها لم تلتفت للدفع بسبق الفصل في النزاع.

وحيث أصدرت محكمة الاستئناف بالسيب حكمها رقم (١٣٠ / ٢٠١٤م) بتاريخ ٩ / ١١ / ٢٠١٤م الذي قضى بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجددا برفض الدعوى برفض الدعوى وألزمت المستأنف ضده بالمصاريف وذلك على اساس أنه سبق أن صدر حكم عن المحكمة الابتدائية بصور رقم (١١٣ / ٢٠١١م) بت في مسألة استلام البضاعة من طرف المستأنفة واعتبر أن واقعة الاستلام غير ثابتة وباعتبار أن المستأنف ضده لم يأت بجديد فإن الأدلة التي اعتمدتها محكمة البداية لا تعد كافية للحكم على اساسها.

وحيث لم يصادف هذا الحكم قبولا لدى المستأنف ضده فطعن عليه بالنقض وقد أصدرت المحكمة العليا حكمها رقم (١٢٧٠ / ٢٠١٤م) بتاريخ ٢٦ / ١٠ / ٢٠١٥م الذي قضى بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه واحالة الدعوى إلى محكمة استئناف السيب لتحكم فيها من جديد بهيئة مغايرة وإلزام المطعون ضدها المصاريف ورد الكفالة للطاعنة وذلك على اساس بطلان اعمال الخبير نظرا لعدم قيامه بدعوة الخصوم طبقا للمادة (٩٢) من قانون الإثبات للحضور بمكان أول اجتماع في أجل سبعة ايام على الأقل قبل الموعد المحدد واضافت المحكمة العليا أن موضوع النزاع الذي بتت فيه المحكمة الابتدائية بصور بحكمها رقم (١١٣ / ٢٠١١م) يختلف عن موضوع الدعوى الراهنة وبالتالي فإن الدفع باتصال القضاء لا يستقيم وحيث اعيد تداول الدعوى لدى محكمة الاستئناف بالسيب بهيئة مغايرة التي أصدرت حكما تمهيديا بجلسة يوم ١٩ / ٤ / ٢٠١٦م قضى بندب خبير حسابي للاطلاع على أوراق القضية وبيان العلاقة التي تربط المستأنفة بالمستأنف ضده وكذلك العلاقة التي تربطهما بالشركة المصدرة للبضاعة وبيان وصول البضاعة إلى السلطنة من عدم ذلك كبيان من تسلمها وهل تم دفع ثمنها وهل تم تكليف المستأنف ضده باستلام قيمة البضاعة وتحقيق عناصر الدعوى وصولا لوجه الحق فيها وحيث افاد الخبير المنتدب بتقريره أن المستأنفة تسلمت البضاعة حسبما يؤكده خطاب مؤسسة خدمات الموانئ وأنه لم يثبت سدادها لثمنها فتكون ذمتها عامرة لفائدة المستأنف ضده بمبلغ ستة وعشرين ألفا واربعمائة ريال عماني.

وحيث أصدرت محكمة الاستئناف حكما تمهيديا قضى بالتحقيق ليثبت المستأنف ضده بكافة طرق الإثبات ومن بينها الشهود أنه اتفق مع المستأنف وفق ما ذكره بجلسة يوم ١٨ / ١٢ / ٢٠١٦م على فتح محل اثاث واستيراده من مصر وأن استلام المستأنف لهذا الاثاث كان نتيجة هذا الاتفاق الذي تم بينهما وللمستأنف نفي ذلك بذات الطرق.

وحيث أفاد الشاهد…………… أن المستأنف ضده يسكن معه بنفس البناية وأنه يترك به كراسي وأثاث تحت الدرج منذ سنة (٢٠٠٨م) واضاف انه لا يعرف أن كان للمستأنف ضده شراكة مع المستأنفة وحيث أفاد الشاهد…………… أن المستأنف ضده اعترف بتوريد اثاث واستلام الشحنة واضاف انه لا توجد شراكة بين طرفي النزاع.

وحيث حكمت محكمة الاستئناف بجلسة يوم ٢٦ / ٣ / ٢٠١٧م بعرض اليمين الحاسمة على المستأنف ضده أن طلبها من المستأنفة وصاحبها وعليه حال طلبها صياغة اليمين.

وحيث أفاد المستأنف ضده بأنه يكتفي بما قدمه من أدلة ولا يرغب في توجيه اليمين الحاسمة على المستأنفة.

وحيث أصدرت محكمة الاستئناف حكمها رقم (١٣٠ / ٢٠١٤م) بتاريخ ٢١ / ٥ / ٢٠١٧م الذي قضى بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجددا برفض الدعوى وإلزام رافعها بالمصاريف وقد أسست المحكمة قضاءها على أن المستأنف ضده ادعى أنه اتفق مع المستأنفة على فتح محل اثاث واستيراد البضاعة من الخارج على أن يتقاسم الطرفان المغنم والمغرم غير أنه عجز في إثبات ادعائه ولما عرضت عليه المحكمة توجيه اليمين الحاسمة على المستأنفة رفض ذلك فأضحى ادعائه مجردا عن الحجة بما يجعل دعواه فاقدة للسند الواقعي والقانوني سيما وأن تقرير الخبير لا يقيد المحكمة واتجه رفضها.

وحيث لم يرتض المستأنف ضده الحكم المذكور فطعن عليه بالنقض بمقتضى صحيفة اودعها محاميه أمانة سر المحكمة العليا في ٢٢ / ٦ / ٢٠١٧م وقدم سند وكالته وسدد الرسم ودفع الكفالة وقد تأسس الطعن على الأسباب التالية:

اولا: الخطأ في تطبيق القانون وتفسيره وتأويله ذلك أن المحكمة أصدرت حكما تمهيديا بعرض اليمين الحاسمة في نقطة ليست محل خلاف وتتعلق بأنه هل كان يوجد اتفاق على ابرام شراكة بين الطرفين وقد كان على المحكمة مطالبة المستأنفة بإثبات ما تدعيه بخصوص ذلك باعتبار أن عبء الاثبات يقع عليها وليس على المستأنف ضده كما ان المحكمة لم تعتمد محررات رسمية تثبت تسلم المطعون ضدها للشحنة كما انها التفتت عن اقرار المطعون ضدها بعدم ارتباطها بأي علاقة بالشركة المصدرة بما يثبت عدم سدادها لثمن البضاعة التي استلمتها ومن جهة أخرى فإن المحكمة لم تبرر عدم اعتمادها لتقرير الخبير المنتدب.

ثانيا: الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب بمقولة أن محكمة الدرجة الثانية اعتمدت أقوال المطعون ضدها المرسلة وتركت جانبا الأدلة والقرائن والبراهين المقدمة من الطاعن والتي تثبت استلام المطعون ضدها للبضاعة وعدم سدادها لثمنها.

ثالثا: الاخلال بحق الدفاع ذلك أن المحكمة استبعدت تقرير الاختبار دون موجب لذلك ولم تقم بتمحيص المستندات المقدمة إليها وتولت توجيه اليمين الحاسمة قالبة بذلك عبء الإثبات وتأسيسا على ما تقدم طلب وكيل الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والتصدي للموضوع والقضاء مجددا برفض الاستئناف وتأييد الحكم الابتدائي وإلزام المطعون ضدها بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة ورد الكفالة للطاعن.

وحيث ردت المطعون ضدها بمقتضى مذكرة أودعها محاميها أمانة سر المحكمة العليا في ٢٨ / ١٢ / ٢٠١٧م لاحظ فيها أن الطاعن استلم البضاعة وتصرف فيها وذلك بشهادة الشاهد عيسى بن محمد بن سالم الإسماعيلي واضاف نائب المطعون ضدها أن الأخذ بتقرير الخبير من اطلاقات المحكمة سيما وأنه ثبت لديها من البينات الأخرى ما يخالف النتيجة التي انتهى إليها الخبير واستنادا على ما تقدم طلب وكيل المطعون ضدها الحكم برفض الطعن وإلزام رافعه بالمصاريف.

المحكمة

وحيث قدم الطعن ممن له الصفة والمصلحة وفي الأجل القانوني وقد استوفى جميع شروطه القانونية واتجه لذلك قبوله شكلا.

وحيث وخلافا لما ذهبت إليه محكمة الدرجة الثانية فإن النزاع القائم بين الطرفين لا يتعلق بوجود الشراكة بينهما من عدم ذلك وإنما هو ينحصر في تحديد من تسلم الأثاث الذي تم توريده من جمهورية مصر العربية وهل تم خلاص ثمن البضاعة ومن هو الطرف الذي قام بسداده.

وحيث بالاطلاع على وثيقة الشحن البحري وعلى الخطاب الموجه من مؤسسة خدمات الموانئ بميناء السلطان قابوس بتاريخ ٨ / ٧ / ٢٠١٣م وعلى تقريري الخبيرين المنتدبين فإنه يتبين أن المطعون ضدها هي التي تسلمت البضاعة موضوع التداعي بتاريخ ٢١ / ١٠ / ٢٠٠٨م واعتبارا لذلك فإنها تكون مطالبة بالإدلاء بما يثبت وفاءها بالثمن.

وحيث أن شهادة الشاهدين التي احتجت بها المطعون ضدها لا تنهض حجة على صحة الدفع الذي اثارته بخصوص تسلم الطاعن البضاعة سيما وأن المستندات السابق الاشارة إليها تفند أقوال الشاهدين وتؤكد مخالفتها للواقع.

وحيث أن محكمة الاستئناف استبعدت جملة المستندات والمؤيدات التي ادلى بها الطاعن دون تقديم مبرر مستساغ لذلك وأن كان لها مطلق الاجتهاد في تقدير وجاهة البينات وترجيح بعضها على بعض إلا أن ذلك ينبغي أن يكون في اطار ما له أصل ثابت بأوراق الملف مع بيان الأسباب التي اعتمدتها محكمة الموضوع حتى يتسنى لمحكمة القانون بسط رقابتها على مدى حسن تطبيقها وتأويلها للنصوص القانونية.

وحيث أن محكمة الاستئناف حين عرضت على الطاعن توجيه اليمين الحاسمة فإنها اساءت تطبيق القانون وجانبت واجب الحياد إذ أن اليمين الحاسمة تبقى من علائق اطراف النزاع الذين لهم وحدهم حرية اللجوء إليها متى قدروا أن مصالحهم تقتضي ذلك.

وحيث يتبين وأن محكمة الدرجة الثانية لم تمحص دفاع الطاعن وقد كان حكمها مشوبا بالقصور في التسبيب والاستدلال بما اضحى معه فاقدا للسند الواقعي والقانوني وبات من المتجه نقضه واحالة الدعوى لمحكمة الاستئناف بالسيب لإعادة النظر فيها بهيئة مغايرة وإلزام المطعون ضدها بالمصاريف ورد الكفالة للطاعن.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة الدعوى لمحكمة الاستئناف بالسيب لنظرها مجددا بهيئة مغايرة وإلزام المطعون ضدها بالمصاريف ورد الكفالة للطاعن.