التصنيفات
أحكام قضائية

المحكمة العليا – الدائرة التجارية: الطعن رقم ٤٧٠ / ٢٠١٧م

2017/470 470/2017 ٢٠١٧/٤٧٠ ٤٧٠/٢٠١٧

تحميل

جلسة يوم الثلاثاء الموافق ١٣ / ٢ / ٢٠١٨م

برئاسة فضيلة القاضي /  منصور بن علي الفارسي، وعضوية كل من أصحاب الفضيلة القضاة: د. محمد صالح علي سيد أحمد، وأحمد بن عياش الجندوبي، ونور الدين بن المكي خليفي، و عاطف المأمون عبد السلام.

(٢٣٩)
الطعن رقم ٤٧٠ / ٢٠١٧م

دفع (اختصاص قيمي) – دعوى (طلب – بيان جمركي- اختصاص)

– الدفع بعدم الاختصاص القيمي من الدفوع التي تتعلق بالنظام العام الذي يجوز إبداؤه في أي حالة عليها وعليه يتعينّ بطلان الحكم للمادة ١٤ من الملحق للمرسوم السلطاني رقم ٦٧ / ٢٠٠٣م المتعلق بتطبيق للقانون الموحد للجمارك والمادة ١٦٢ البندين ٣،٤ من ذات القانون.

– طلب الطاعنة الحكم لها بالحصول على بيانات جمركية من المطعون ضدها التي تزاول الإجراءات الجمركية التي تخص التصدير والاستيراد وهذا ما يعدُّ عملاً مدنيًا من اختصاص القضاء العادي.

– الدعاوى المدنية الجمركية تكون من الاختصاص النوعي للمحكمة الابتدائية المشكلة من ثلاثة قضاه.

– الاختصاص النوعي من النظام العام يجوز ابداءه في اية حال تكون عليها الدعوى وللمحكمة ان تقره من تلقاء نفسها في اية حالة تكون عليها الدعوى للمادة ١١١ من قانون الإجراءات المدنية والتجارية.

الوقائع

تتحصل الوقائع حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الوثائق التي انبنى عليها أنّ الطاعنة أقامت الدعوى رقم (٧٧٤ / ٢٠١٦م) أمام المحكمة الابتدائية ضد المطعون ضدها طالبة الحكم بإلزام المطعون ضدها بتزويد المحكمة بقوائم السيارات من نوع تويوتا ولكزس التي تم تصديرها من كافة المنافذ الجمركية بسلطنة عُمان إلى دولة الإمارات العربية المتحدة منذ تاريخ سريان سجل الوكالات التجارية للطاعنة وحتى تاريخ إعداد القائمة مع بيان اسم المصدرين وعدد السيارات وأنواعها وأرقام الهيكل (الشاصي) لكل منها والمستندات المدعّمة لهذه القوائم أو انتداب خبيرًا حسابيًّا للانتقال إلى مقر المطعون ضدها لاستخراج القوائم المشار إليها أعلاه مع البيانات المؤيّدة من واقع قيود وسجلات المطعون ضدها على أن تتحمل الطاعنة أمانة الخبرة وأية مصاريف أو رسوم بهذا الخصوص.

وحيث أنّه بتاريخ يوم ٢١ / ١٢ / ٢٠١٦م حكمت المحكمة الابتدائية بالسيب مشكّلة من قاضي فرد برفض الدعوى وإلزام رافعها المصاريف.

وحيث لم يلق هذا الحكم قبولاً لدى الطاعنة فطعنت فيه بالاستئناف بالسيب تحت رقم (٢٦ / ٢٠١٧م) التي حكمت فيه بجلستها العلنيّة المنعقدة يوم ١٤ / ٣ / ٢٠١٧م بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وإلزام المستأنفة بالمصاريف.

وحيث لم ترض الطاعنة بهذا الحكم فطعنت فيه بالنقض أمام المحكمة العليا بالطعن الماثل بصحيفة أودعت أمانة سر هذه المحكمة بتاريخ ٢٣ / ٤ / ٢٠١٧م موقعة من المحامي:……. المقبول أمام هذه المحكمة بصفته وكيلاً عن الطاعنة وقدّم سند الوكالة التي تجيز له ذلك مع ما يفيد سداد الرسوم والكفالة وتم إعلان المطعون ضدها طبق القانون بصحيفة الطعن فلم ترد عليها.

وحيث أقيم الطعن على ثلاثة أسباب نعت الطاعنة بأولها على الحكم المطعون فيه بطلانه لمخالفته قواعد الاختصاص الولائي لمحاكم سلطنة عُمان بمقولة أنّ الحكم المطعون فيه عندما خالف قواعد الاختصاص المحلي لمحاكم سلطنة عُمان والتي ينعقد معها الاختصاص لمحاكم السلطنة بنظر كافة الدعاوى المقامة في مواجهة الجهات القائمة ضمن الإقليم المكاني لسلطنة عُمان ذلك بأن نصّت المادة (٤٦) من المرسوم السلطاني رقم (٢٩ / ٢٠٠٢م) بشأن قانون الإجراءات المدنية والتجارية ما يلي ((تقام الدعوى على أجهزة الدولة والهيئات والمؤسسات العامة وغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة أمام المحكمة التي تقع في نطاق اختصاصها المقر الرئيسي لها أو تجوز إقامتها أمام المحكمة التي يقع في نطاق اختصاصها فرع الجهاز أو الهيئة أو المؤسسة العامة أو غيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة في المنازعات المتعلّقة بالفرع)) ذلك أن ساير الحكم المطعون فيه في حيثياته ما أورده حكم محكمة أول درجة   معرض تسبيبه الذي أورد ما يلي: ((وحيث أنّ الثابت أنّ تسجيل المدعية في دولة الإمارات العربية المتحدة وليس في سلطنة عُمان وأنّ جميع أسباب الدعوى تخضع لتطبيق القانون الإماراتي وكان عليها رفع دعواها بدولة الإمارات العربية المتحدة… وحيث أنّ المدعية تطلب قوائم سيارات من نوع تويوتا ولكزس التي تم تصديرها من كافة المنافذ الجمركية تخضع للقانون الإماراتي وليس أراضي السلطنة عليه فإنّ المحكمة تقضي برفض دعوى المدعية…)) بالاطلاع على الحيثيات أعلاه التي أرست محكمة الاستئناف حكمها المطعون فيه عليها فإنّه يتضح لهذه المحكمة عدم إلمام المحكمة الاستئنافية بوقائع الدعوى ذلك بأن الطاعنة تلتمس تزويدها ببيانات خاصة بالسيارات التي تم تصديرها عبر كافة المنافذ الجمركية العُمانية إلى دولة الإمارات العربية المتحدة وليست السيارات التي تم تصديرها إلى السلطنة عبر المنافذ الجمركية الإماراتية وهو ما تكون معه محكمة أول درجة ومحكمة الاستئناف قد ارتكبتا خطأ كبيرًا عند الحكم برفض الدعوى وهو ما ترد عليه الطاعنة بالآتي: إعمالاً لقواعد الاختصاص المحلي والولائي المنصوص عليها بقانون الإجراءات المدنية والتجارية وحيث إنّ المستأنف ضدها هي جهة قائمة في سلطنة عُمان تلتمس الطاعنة من خلال دعواها إلزامها بتزويد المحكمة بقوائم السيارات من نوع تويوتا ولكزس التي تم تصديرها من كافة المنافذ الجمركية بسلطنة عُمان إلى دولة الإمارات العربية المتحدة منذ تاريخ سريان سجل الوكالات التجارية للمدعية وحتى تاريخ إعداد القائمة مع بيان اسم المصدرين وعدد السيارات وأنواعها وأرقام الهيكل (الشاصي) لكل منها والمستندات المدعّمة لهذه القوائم وذلك لكونها الجهة المعنيّة وذات الاختصاص من توفر تلك المستندات في حوزتها كونها مستندات خاصة بعملية تصدير المركبة إلى دولة الإمارات من خلال المنافذ الجمركية العُمانية وفقًا للأنظمة العُمانية وحيث إنّ عملية التصدير تنحصر وتقتصر على الدولة المصدّرة (سلطنة عُمان) وهي التي تشرف عليها من بدايتها وحتى انتهاء إجراءاتها الجمركية وتصدير البضائع أما عملية الاستيراد فهي التي تقتصر على المنافذ الجمركية لدولة الإمارات والطاعنة ليست بصدد عن الجهات المستوردة في هذه الدعوى مما سبق يثبت لهذه المحكمة عدم إلمام الحكم المطعون فيه بوقائع الدعوى من جهة والقصور في تطبيقه للقوانين المعمول بها من جهة أخرى، وحيث استقرت مبادئ المحكمة العليا بسلطنة عُمان في الطعن رقم (١٢٩ / ٢٠١٠م) ورقم (٥٤٦ / ٢٠٠٩م) عمالي جلسة يوم الاثنين ٢٠ / ٦ / ٢٠١١م على ما يلي:  (الخطأ في تطبيق القانون وتفسيره والتناقض في الأسباب مع المنطوق والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق موجب لنقض الحكم)) وعند قضاء الحكم المطعون فيه برفض الدعوى فكأن محكمة الاستئناف تحاول التنصل من اختصاصها الولائي في نظر هذه الدعوى وهو الأمر الذي لا يجوز لمحاكم السلطنة إرساؤه لكون انعقاد الاختصاص من مسائل النظام العام الذي لا يجوز للمحاكم التنازل والتنصل عنها مهما يكن والسؤال المطروح هنا هو هل يعني الحكم المطعون فيه وجوب إقامة دعوى أمام محاكم الإمارات العربية المتحدة في مواصلة المستأنف ضدها (الإدارة العامة……… لسلطنة عُمان) وهو ما لا يقبله القانون وفقًا للمنصوص عليه صراحة بموجب أحكام المادة (٤٦) من قانون الإجراءات المدنية والتجارية مما يكون معه الحكم المطعون فيه قد جاء مشوبًا بالبطلان والمخالفة الصريحة لقواعد النظام العام مما ينبغي نقضه والقضاء من جديد للمدعية بطلباتها الواردة بلائحة الاستئناف.

ونعت الطاعنة بالسبب الثاني للطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والإخلال بحق الدفاع بمقولة أنّ الحكم المطعون فيه أورد في حيثياته ما يلي ((كما أنّ المادة (١٤) من قانون الجمارك التي استندت إليها المستأنفة في دفعها بعدم اختصاص محكمة أول درجة المشكّلة من قاض فرد الأمر الذي يكون معه الاستئناف قد جاء على غير سند من القانون خليق بالرفض وتأييد الحكم المستأنف لأسبابه وإلزام المستأنفة بالمصاريف عملاً بنص المادتين (١٨٣) و (٢٣٠) من قانون الإجراءات المدنية والتجارية)) مع التأكيد على أنّ المادة (١٤) من المرسوم السلطاني الخاص بتطبيق قانون الجمارك الموحد لدول مجلس التعاون لدول الخريج العربية تنص على ما يلي: ((تختص المحاكم الابتدائية المشكّلة من ثلاثة قضاة بنظر الاعتراضات المنصوص عليها في المادة (١٦٢) البندين (٣) و (٤) من قانون الجمارك الموحد المشار إليه وغيرها من الدعاوى المدنية الجمركية وذلك وفقًا للأحكام المنصوص عليها في قانون الإجراءات المدنية والتجارية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (٢٩ / ٢٠٠٢م)) مع التأكيد على أنّ هذه الدعوى هي من الدعاوى المدنية الجمركية التي تلتمس الطاعنة من خلالها إلزام المطعون ضدها بتقديم مستندات وبيانات خاصة بتعاملات جمركية فهو ما يتأكد معه عدم اختصاص محكمة أول درجة المشكّلة من قاض فرد (المحكمة  مصدرة الحكم الابتدائي) مما سبق يتأكد بطلان الحكم المطعون فيه بطلانًا كاملاً للأسباب التالية: ١- وجود خلل في الحكم المطعون فيه ذلك لعدم اكتمال حيثياته التي انتهى منها إلى رفض الدفع المبدئ من عدم اختصاص المحكمة المشكّلة من قاض فرد بنظر الدعوى الماثلة هو الخلل المؤدي إلى بطلانه بطلانًا كليًا وفقًا للمادة (١٧٢) من قانون الإجراءات المدنية والتجارية التي تنص على ما يلي ((أن يبينّ في الحكم المحكمة التي أصدرته وتاريخ ومكان إصداره وما إذا كان صادرًا في مادة مدنية أو تجارية أو غيرها وأسماء القضاة الذين سمعوا المرافعة واشتركوا في الحكم وحضروا النطق به وعضو الادعاء العام الذي أبدى رأيه في القضيّة إن كان وأسماء الخصوم وقبائلهم وألقابهم وصفاتهم وموطن كل منهم وحضورهم أو غيابهم كما يجب أن يشتمل الحكم على عرض مجمل لوقائع الدعوى ثم طلبات الخصوم وخلاصة موجزة لدفوعهم ودفاعهم الجوهري ورأي الادعاء إن كان ثم بعد ذلك تذكر أسباب الحكم ومنطوقه والقصور في أسباب الحكم الواقعية والنقض أو الخطأ الذي يؤدي إلى التجهيل بالخصوم وصفاتهم أو بالقضاة الذين اشتركوا في إصداره يترتب عليه بطلان الحكم)) وعلاوة على ذلك فقد أخلّ الحكم المطعون فيه بحق الدفاع حيث لم يحقق دفاع الطاعنة وأسباب استئنافها القانونية عندما دفعت بعدم انعقاد الاختصاص المحلي للدائرة الفردية بنظر الدعوى واختصاص الدائرة الثلاثية المشكلة من ثلاثة قضاة وهو طلب ودفاع جوهري متعلق بالنظام العام مبدئ لأول مرة أمام محكمة الاستئناف الذي لو تعرّضت له المحكمة بالبحث والتمحيص لتغيرّ وجه الرأي في الدعوى ذلك مع التأكيد على تعلّق هذا الدفع بمبدأ من مبادئ النظام العام التي يجوز إثارتها في أي مرحلة كانت عليها الدعوى وأمام جميع مراحل التقاضي إلا أنّ محكمة الاستئناف سايرت في حكمها حكم محكمة أول درجة دون بحث وتمحيص الدفع المبدئ من الطاعنة، وحيث لم ترد محكمة الاستئناف في حكمها على هذه الطلبات والدفوع الجوهرية التي ينوب على تمحيصها وتحقيقها تغيير وجه الرأي في الدعوى بأسباب خاصة فهو ما يوصم حكمها بالبطلان وهو ما استقر عليه قضاء المحكمة العليا في الطعن رقم (٣٢٠ / ٢٠٠٦م) (تجاري عليا) جلسة يوم ٢٧ / ١٢ / ٢٠٠٦م (حيث أنّ أهم واجبات المحكمة وهو تمحيص دفاع الخصوم وفهم المراد منه وإنزال حكم القانون عليه وتخلي المحكمة عن ذلك الواجب مؤداه قصور في التسبيب يرتب البطلان وعلى ذلك استقر قضاء المحكمة العليا العُمانية) وكما استقرت المحكمة العليا على ما يلي: ((فكل طلب أو وجه دفاع يدلي به أمام محكمة الموضوع ويطلب إليها بوجه جازم أن تفصل ويكون الفصل فيه مما يجوز أن يترتب عليه تغيير وجه الرأي في الدعوى يجب على محكمة الموضوع أن تجيب عليه بأسباب خاصّة وإلا كان حكمها مشوبًا بقصور مبطل)) قرار تجاري رقم (٤٣) في الطعن رقم (١ / ٢٠٠٥م) فالحكم المطعون فيه لم يتقدّم بالرد والتقييد على هذا الدفع الجوهري من الطاعنة ولم تعره انتباها أنّه رغم كان سيترتب على فحصها وتمحيصها تغيير وجه الرأي في الدعوى وهو ما يجعل الحكم المستأنف مشوبًا بالعوار والبطلان وفقًا لما استقر عليه قضاء المحكمة العليا في الطعن رقم (١ / ٢٠٠٥م) المذكور سلفًا وحيث أنّ الحكم المطعون فيه لم يراع ذلك فهو لم يجب على هذه الدفوع والطلبات الجوهرية الذي كان يترتب تغيير وجه الرأي في الدعوى لا بأسباب خاصة أو حتى عامة بل أنّه على الأرجح لم يدرك أول درجة وجود هذه الطلبات والدفوع الجوهرية بدلالة عدم إيراده أو الرد عليه وأخذ بحكم محكمة أول درجة التي لم تقدّم هذه الطلبات والدفوع أساسًا أمامها مما يصم الحكم المطعون فيه بالقصور المبطل، وحيث نصّت المادة (١١١) من قانون الإجراءات المدنية والتجارية على أنّه ((الدفع بعدم اختصاص المحكمة لانتفاء ولايتها أو سبب نوع الدعوى أو قيمتها والدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها تقضي به المحكمة من تلقاء ذاتها ويجوز إبداؤه في أي حالة تكون عليها الدعوى)).

وباستقراء المادة أعلاه، وحيث أنّ الدفع بعدم الاختصاص النوعي للمحكمة هو من الدفوع التي تتعلق بالنظام العام التي يجوز إبداؤها في أي حالة عليها الدعوى وعليه يتبينّ لهذه المحكمة بطلان الحكم المطعون فيه مما يستوجب معه نقضه وإعادة الدعوى إلى محكمة السيب الابتدائية المشكّلة من ثلاثة قضاة عملاً بقواعد الاختصاص النوعي وفقًا للمرسوم السلطاني الخاص بتطبيق قانون الجمارك الموحد لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية مع تمسكها أمام المحكمة العليا بهذا الدفع باعتباره من النظام العام.

ونعت الطاعنة بالسبب الثالث للطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب بمقولة أخطأت محكمة الاستئناف في رفض الدعوى استنادًا على الحكم الصادر عن محكمة أول درجة وهو مشوب بالقصور والعوار لعدم إلمامه بطبيعة العلاقة بين الطاعنة والمطعون ضدها ذلك بأن سبق وأن أسلفت الطاعنة تفصيلاً أمام محكمة أول درجة والمحكمة المطعون في حكمها بأن المطعون ضدها هي الجهة المنوط بها إدارة عملية التصدير من سلطنة عُمان إلى الخارج وإدارة عملية الاستيراد من الخارج   إلى سلطنة عُمان وعليه فإنّ جل ما تبحث عنه الطاعنة في مطالبتها هو المستندات الجمركية التي تم تقديمها خلال عمليّة التصدير من المنافذ الجمركية العُمانية وحيث أورد الحكم الابتدائي الذي استندت إليه المحكمة الاستئنافية في إصدار حكمها المطعون فيه: ((وحيث عن موضوع الدعوى فقد نصّت المادة (١) من قانون الإثبات بالمرسوم السلطاني رقم (٦٨ / ٢٠٠٨م) على الآتي:

((على المدعي إثبات الالتزام وعلى المدعى عليه إثبات التخلّص منه)) ومؤدى ذلك النص أنّ المدعي هو الملزم بإقامة الدليل على ما يدعي سواء كان مدعيًا أم مدعى عليه في الدعوى وأنّه يكفي الدائن إثبات نشأة الالتزام ليثبت بذلك انشغال ذمّة المدعى عليه ويكون على الأخير إثبات براءته، حيث انّ الأصل براءة الذمّة وانشغالها عارض ومن ثمّ كان الإثبات على مدعي خلاف الثابت أصلاو عرضًا مدعيًا أو مدعى عليه ويتعينّ على الدائن إثبات المديونية فإن فعل يتعينّ على المدين إثبات سداد المديونية…)) وحيث نصّت المادة (٥١) من نظام الجمارك الموحد لدول مجلس التعاون على أنّه: ((لا يجوز لغير أصحاب البضائع أو من يمثلهم الاطلاع على البيانات والمستندات الجمركية وتستثنى من ذلك الجهات القضائية أو الرسمية المختصة)) وبالتأكيد على أنّ الطاعنة وبقيدها هذه الدعوى تلتمس فقط إلزام المطعون ضدها تسليم مستندات كونها الجهة الجمركية المعنيّة في السلطنة فهو ما يكون معه عدم وجود أي علاقة عقدية بين طرفي الدعوى يتطلب إثباتها من قبل الطاعنة لكون أساس الدعوى الماثلة هو الحصول على البيانات الجمركية التي تحتاجها الطاعنة والاستيثاق منها لغايات مطالبة الجهات المتعدية على وكالتها التجارية الحصرية بدعاوى اً وهو ما أخطأ الحكم المطعون فيه في تفسيره ذلك بأن انتهى مستقلة مستقبل لعدم قدرة الطاعنة من إثبات التزام المطعون ضدها في مواجهته وهو ما لا يعدُّ اً للتطبيق في هذه الدعوى الماثلة، وحيث أعطى القانون السلطة والصلاحية محل للجهات القضائية للاطلاع على البيانات والمستندات الجمركية متى ما اقتضى الأمر لما كان طلب الطاعنة هو الحصول على تلك البيانات والمستندات للاستيثاق بها وحصر الجهات التي انتهكت حقوقها فكان حريٌّ على محكمة الاستئناف أن تقضي بطلبات المستأنفة لا أن ترفضها على سند عدم إثبات الالتزام الواقع على المستأنف ضدها وهو ما يثبت معه الخطأ في الاستدلال والعوار الذي أصاب الحكم المطعون فيه مما يستوجب نقضه وفقًا لما انتهت إليه المحكمة العليا في   الطعن رقم (٢٥٨ / ٢٠٠٩م) تجاري عليا – جلسة الأربعاء ١٧ / ٤ / ٢٠١٠م (شائبة الاستدلال تتحقق باستناد المحكمة في حكمها على أدلة غير صالحة للاقتناع بها أو عدم عناصر الواقعة التي تثبت لديها أو وقوع تناقض فيه)) وحيث نصّت المادة (٣) من قانون الإجراءات المدنية والتجارية على ما يلي: ((لا يقبل أي طلب أو دفع لا تكون لصاحبه فيه مصلحة قائمة ومشروعة يقرّها القانون ومع ذلك تكفي المصلحة المحتملة إذا كان الغرض من الطلب الاحتياط لدفع ضرر محدق أو الاستيثاق لحق يخشى زوال دليله عند النزاع)) وحيث أقامت الطاعنة الدعوى الماثلة لإلزام المطعون ضدها بتقديم معلومات وبيانات جمركية بغرض استيثاق وحفظ حقوقها بموجب الوكالة الحصريّة مطالبة في ختام دعواها بإلزام المدعى عليها (المطعون ضدها) بتزويد المحكمة بقوائم السيارات من نوع تويوتا ولكزس التي تم تصديرها من كافة المنافذ الجمركية بسلطنة عُمان إلى دولة الإمارات العربية المتحدة منذ تاريخ سريان سجل الوكالات التجارية للطاعنة وحتى تاريخ إعداد القائمة مع بيان اسم المصدرين وعدد السيارات وأنواعها وأرقام الهيكل (الشاصي) لكل منها والمستندات المدعّمة لهذه القوائم وانتداب خبير حسابي للانتقال إلى مقر المدعى عليها (المطعون ضدها) لاستخراج القوائم المشار إليها أعلاه مع البيانات المؤيدة من واقع قيود وسجلات المدعى عليها (المطعون ضدها) على أن تتحمل الطاعنة أمانة الخبرة وأية مصاريف أو رسوم بهذا الخصوص فهو ما يثبت معه تحقق المصلحة التي نصّت عليها المادة أعلاه وذلك لأن حماية الوكالة التجارية الحصرية من أي تعدي عليها من جانب أي أطراف آخرين هو أمر محمي بموجب كل من القوانين العُمانية والإماراتية وهو ما يكون معه تحقق كافة أركان الدعوى بثبوت وجود المصلحة من إقامة الدعوى أعلاه على ثبوت انعقاد الاختصاص في الدعوى الماثلة لمحاكم سلطنة عُمان تبعًا لمبادئ الاختصاص ومكان وجود المطعون ضدها مما يثبت معه وقوع الحكم المطعون فيه في الخطأ والبطلان مما يستوجب معه نقضه والقضاء من جديد طبق طلباتها.

المحكمة

من حيث الشكل:

حيث استوفى الطعن كافة أوضاعه القانونية فهو بذلك مقبول شكلاً.

من حيث الموضوع:

حيث إنّ النعي على الحكم المطعون فيه بالسببين الأول والثاني للطعن والسالف  إيرادهما تفصيلاً بصدر هذا الحكم سديد، ذلك أن المادة (١٤) من الملحق للمرسوم السلطاني رقم (٦٧ / ٢٠٠٣م) المتعلق بتطبيق قانون الجمارك الموحد لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية تنص على أنّه ((تختص المحاكم الابتدائية مشكّلة من ثلاثة قضاة بنظر الاعتراضات المنصوص عليها في المادة (١٦٢) (البندين ٣ و ٤) من قانون الجمارك الموحد المشار إليه وغيرها من الدعاوى المدنية الجمركية وذلك وفقًا للأحكام المنصوص عليها في قانون الإجراءات المدنية والتجارية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (٢٩ / ٢٠٠٢م).

ومؤدى ذلك أن الدعاوى المدنية الجمركية تكون من الاختصاص النوعي الشامل للمحكمة الابتدائية المشكلة من ثلاثة قضاة وحيث أنّ الدعوى الماثلة تهدف إلى المطالبة بالحكم بإلزام المطعون ضدها بتزويد المحكمة بقوائم السيارات من نوع تويوتا ولكزس التي تم تصديرها من كافة المنافذ الجمركية بسلطنة عُمان إلى دولة الإمارات العربية المتحدة من تاريخ سريان سجل الوكالات التجارية للطاعنة وحتى تاريخ إعداد القوائم أو انتداب خبير لهذا الغرض، فالبين من ذلك هو طلب الطاعنة الحكم لها بالحصول على بيانات جمركية من المطعون ضدها التي تزاول الإجراءات الجمركية التي تخص التصدير والاستيراد وهذا ما يعدُّ عملاً مدنيًا من اختصاص القضاء العادي.

وحيث أنّه ما دام الأمر كذلك فإنّ المحكمة الابتدائية المشكلة من ثلاثة قضاة هي المختصة نوعيًا بنظر الدعوى وهذا الاختصاص يتعلق بالنظام العام يدفع به الخصوم وتثيره المحكمة من تلقاء ذاتها في أية حالة تكون عليها الدعوى اً بالمادة (١١١) من قانون الإجراءات المدنية والتجارية، وطالما أنّ الحكم عمل المطعون فيه المؤيد للحكم الابتدائي الصادر من المحكمة الابتدائية مشكلة من قاض فرد فإنّه بالتالي يكون صادرًا من محكمة غير مختصة نوعيًا مما يتعينّ معه ترتيبًا على ذلك نقضه واعتبار المحاكم العُمانية مختصة بالنظر في الدعوى والتصدي للاستئناف رقم (٢٦ / ٢٠١٧م) بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء من جديد بإحالة الدعوى دون حاجة للرد على السبب الثالث وذلك بحالتها إلى المحكمة الابتدائية بمسقط المشكّلة من ثلاثة قضاة للنظر فيها وإلزام المطعون ضدها بالمصاريف ورد الكفالة للطاعنة عملاً بالمواد (٢٩٠، ١٨٣، ٢٤٧، ٢٥٩، ٢٦٠) من قانون الإجراءات المدنية والتجارية.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعناً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه شكل والتصدي للاستئناف رقم (٢٦ / ٢٠١٧م) بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء من جديد بإحالة الدعوى بحالتها إلى المحكمة الابتدائية بمسقط مشكّلة من ثلاثة قضاة للنظر فيها وألزمت المطعون ضدها بالمصاريف ورد الكفالة للطاعنة.