التصنيفات
أحكام قضائية

المحكمة العليا – الدائرة التجارية: الطعن رقم ٩١٢ / ٢٠١٧م

2017/912 912/2017 ٢٠١٧/٩١٢ ٩١٢/٢٠١٧

تحميل

جلسة يوم الثلاثاء الموافق ١٣ / ٢ / ٢٠١٨م

برئاسة فضيلة القاضي /  منصور بن علي الفارسي، وعضوية كل من أصحاب الفضيلة القضاة: د. محمد صالح علي سيد أحمد، وأحمد بن عياش الجندوبي، ونور الدين بن المكي خليفي، وعاطف المأمون عبد السلام.

(٢٤٠)
الطعن رقم ٩١٢ / ٢٠١٧م

شركة (عقد – أرباح- خسائر- توزيع)

– إذا لم يعينّ عقد تأسيس الشركة أو نظامها سوى توزيع الأرباح فإنّ هذا التعيين يطلق على الخسائر والعكس بالعكس، وأي نص يرد في عقد تأسيس الشركة أو نظامها أو أي اتفاق آخر يقضي بحرمان أحد الشركاء من المشاركة بالربح أو بإعفائه من تحمّل خسائر الشركة يكون باطلاً وكأن لم يكن.

الوقائع:

تتحصل الوقائع على ما يتبينّ من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق التي انبنى عليها في أن المطعون ضدهم الآن أقاموا الدعوى ابتداءً في مواجهة الطاعنين الآن طالبين الحكم بندب خبير

١ .ثم الحكم بإلزام الشركة المدعى عليها الأولى (شركة……) بأن تؤدي للمدعية الرابعة (……..) مبلغ (٥٠٠.١ ر.ع) قيمة العلاوة الشهرية التي كانت تستلمها المدعية المذكورة من الشركة المدعى عليها اعتبارًا من ١٤ / ٤ / ١٩٩٧م ولحين التسليم الفعلي لكامل المبلغ وتنفيذ الحكم.

٢ . إلزام المدعى عليها الأولى بإضافة اسم المدعيات في السجل التجاري للشركة وبنفس النسبة لمورثهن بصفتهن شريكات في الشركة بحكم حصّة مورثهنّ تؤول إليهن.

٣ . إلزامها بأن تؤدي للمدعيات صافي أرباح الشركة اعتبارًا من ١٤ / ٤ / ١٩٩٧م بالإضافة إلى نسبة (١٥٪) من صافي الأرباح ولغاية تنفيذ الحكم.

٤ . إلزام المدعى عليهم جميعًا بأن يؤدوا للمدعيات عائد إيجار العقارات المملوكة على الشيوع لمورثات المدعيات والمدعى عليهم اعتبارًا من ١٤ / ٤ / ١٩٩٧م   ولحين تنفيذ الحكم.

٥ . إلزام المدعى عليهم بإضافة أسماء المدعيات إلى العقارات المملوكة على الشيوع والتي كانت مملوكة لمورثهن وآلت إليهن بالميراث.

٦ . إلزامهم بالمصاريف وألف وخمسمائة ريال (٥٠٠.١ ر.ع) مقابل أتعاب المحاماة، وذلك على سند من القول من أنّ مورث المدعين كان يملك حصّة في الشركة المدعى عليها تقدّر ب (٥.١٢٪) بموجب إقرار الشركاء وسجل الشركة فضلا عن امتلاكه حصّة في العقارات الموصوفة بالصحيفة إلا أنّ المدعى عليهم رفضوا تمكين المدعين من مناباتهم في الشركة والعقارات بعد وفاة مورثهم رغم مطالبتهم بحقّه في الشركة وانّ هذا التصرّف من المدعى عليهم ألحق بالمدعين أضرارًا تمثلت في حرمانهم من الربح كما تخلّف المدعون عن الوفاء بالتزاماتهم المالية قبل الآخرين مما اضطرهم إلى إقامة الدعوى الماثلة للقضاء لهم طبق طلباتهم السابقة.

وبتاريخ ٢٨ / ١٢ / ٢٠١٥م حكمت محكمة الدرجة الأولى:

١- بقبول تدخل….وورثة….. في الدعوى انضماميًا للمدعين.

٢- بإلزام المدعى عليها الأولى بأن تؤدي للمدعين…. وورثة………. مبلغ (٨٨٩.١٨٣ ر. ع) فقط وبأن تؤدي للثاني….. مبلغ (٣٦٥.٩١ ر. ع) فقط وبأن تقيّد أسماء المدعين كمالكين لحصصهم في الشركة والعقارات موضوع الدعوى في السجل التجاري للشركات وسجلات وزارة الإسكان والجهات الأخرى.

٣- بإلزام المدعى عليها الأولى بأن تؤدي لكل مدعي مبلغ ألفي ريال عُماني تعويضًا عن كافة الأضرار الحاصلة وألزمتها بالمصاريف وألف ريال عُماني أتعاب المحاماة.

وذلك استنادًا إلى تقرير الاختبار وما توصّل إليه من نتيجة تأخذ بها المحكمة وتقضي على أساسها لاطمئنانها للأسس التي انبنى عليها.

فاستأنفه الطرفان فبالنسبة للمحكوم لهم بالاستئناف رقم (٩٣ / ٢٠١٦م).

وبالنسبة للمحكمة ضدهم بالاستئناف رقم (٩٤ / ٢٠١٦م).

وبتاريخ ١١ / ٦ / ٢٠١٦م حكمت محكمة الاستئناف: في موضوع الاستئناف رقم   (٩٣ / ٢٠١٦م) برفضه وتأييد الحكم المستأنف وإلزام المستأنفين بمصاريفه.

وفي موضوع الاستئناف رقم (٢٠١٦م) بتعديل الحكم المستأنف بإلغاء الفقرة المتعلقة بإضافة ورثة…. بالسجل التجاري للشركة وتأييده فيما عدا ذلك وألزمت المستأنفين مصاريفه.

وذلك استنادًا إلى تقرير الخبير المنتدب من محكمة أول درجة لأنها رأت فيه ما يقنعها لكفاية أبحاثه وسلامة الأسس التي انبنى عليها والمستمدّة من أوراق الدعوى فإنها تركن إليه عدا الجزئية المتعلّقة بالفقرة الخاصة بإلزام الشركة المستأنف ضدها بإضافة أسماء ورثة… للسجل التجاري للشركة لانعدام أساسه القانوني، و في ما عدا ذلك فإنّ المحكمة تتبنى مستندات الحكم الابتدائي.

فطعن فيه الطاعنون بطريق النقض بموجب صحيفة أودعت أمانة سر المحكمة العليا موقعة من محام مقبول أمامها مرفقًا بها سند الوكالة ومصحوبة بما يفيد سداد الرسوم المقررة والكفالة.

وأعلن المطعون ضدهم بصحيفة الطعن فاستعملوا حقهم في الرد.

وحيث أقيم الطعن على سببين ينعى بهما الطاعنون على الحكم المطعون فيه:

١-لقصور في التسبيب، ٢- الفساد في الاستدلال.

١ . القصور في التسبيب:

بمقولة أنّ الحكم المطعون فيه استبعد تقرير الخبير المنتدب أمام محكمة ثاني درجة دون أن يورد أسباب استبعاد هذا التقرير وإذ أنّ المسائل التي استبعدها هي مسائل حسابية وليست قانونية وبالتالي فهي لا تدخل في دائرة معرفة محكمة الموضوع وكان عليها طالما قررت استبعاد تقرير الخبير في المسائل الفنية البحتة أن تبرر سبب ذلك الاستبعاد بمصادر فنيّة تبرر ذلك الطرح لتقرير الخبير كما يجب أن يكون التسبيب سائغًا يبرر ما انتهت إليه في الأخذ بجزء من تقرير الخبير واستبعاد وطرح باقي التقرير، وكما هو معلوم فإنّ الأحكام القضائية يجب أن تسبب تسبيبًا واقعيًا وقانونيًا ومن أبرز مظاهر التسبيب الرد على الدفوع الجوهرية التي يتمسك بها الأطراف واحترام حقوق الدفاع والاعتماد على أدلة لها أصل ثابت في أوراق الدعوى تطبيقًا لأحكام المادة (١٧٢) من قانون الإجراءات المدنية   والتجارية، ومحكمة الاستئناف لم يرد في حيثيات حكمها أي أسباب حملتها على طرح التقرير المقدّم أمامها والأخذ بالتقرير المقدّم أمام محكمة أول درجة مع الملاحظة أنّه فاتها وأغفلت جزئية جوهرية مهمة وهي أنّ تقرير الخبير الذي اعتمدته وقع في أخطاء جوهرية تبطله وذلك استنادًا على الأدلة التالية:

قد أخطأ التقرير المعتمد من المحكمة عندما لم يقم بخصم مبلغ (٥٠٠.٣١ر.ع) واحد وثلاثون ألف وخمسمائة ريال عُماني قيمة عائد أجرة الشقق التي تسكنها المطعون ضدها (………) إذ أنّ هذه الأخيرة شغلت عدد (٢) شقتين خلال الفترة ١٩٩٧ – ٢٠١٣م دون أن تقوم بدفع الأجرة الشهرية مقابل ذلك والمحسوب من إجمالي مبلغ الدخل من تأجير الممتلكات والمبلغ الإجمالي المستحق كقيمة إيجارية عن شغل تلك الشقق لمدة (١٧ سنة) هو واحد وثلاثون ألف وخمسمائة ريال عُ ماني (٥٠٠.٣١ ر.ع) ولكن الخبير احتسب بتقريره هذا المبلغ دون أن يخصمه من المبلغ النهائي بل وألزم به الطاعنين، وهذا ما يؤكد أنّ الخبير فشل في القيام بالمأمورية على الوجه الصحيح وذلك بقيامه باحتساب عائد الإيجار عن الشقق التي يشغلها المطعون ضدهم وإضافتها إلى مستحقاتهم بما يعني أنّ المطعون ضدهم يشغلون بعضًا من الشقق موضوع الدعوى دون مقابل وقام الخبير بإلزام الطاعنين بسداد قيمة أجرة الشقق المشغولة من قبل المطعون ضدهم كلهم.

ولا يمكن فهم كيف أنّ الخبير قام باحتساب عائدات هذه الشقق كجزء من مستحقات المطعون ضدهم بينما هي حق لجميع الورثة بما فيهم الطاعنين ويجب أن تدفع من قبل المطعون ضدهم أنفسهم.

كما ذكر الخبير بتقريره أنّ المطعون ضدهم الآن لم يتقاضوا أي مبالغ باستثناء شيكين إلا أنّ ذلك لا يعني استحقاقهم لأي مبالغ أخرى نظرًا إلى أنّه قد تمّت معاملة جميع الورثة بالمساواة، فالمبالغ التي أثبت الخبير حصول المطعون ضدهم عليها فقد حصل عليها كذلك بقيّة الورثة بالتساوي أما الفترة التي لم يحصل فيها المطعون ضدهم على أية مبالغ من الطاعنين فإنّ هؤلاء لم يحصلوا كذلك على أية مبالغ دون تعمد حرمانهم وقد تم تقديم المستندات التي تدعم هذا الرأي لكن الخبير تجاهلها تمامًا، ومن جهة أخرى فقد أكّد الخبير بتقريره المعتمد من طرف المحكمة أنّ الورثة تعرّضوا جميعًا لخسائر جسيمة من عام ١٩٩٧م إلى ٢٠١٤م وقد ذكرها الخبير بشكل واضح وصريح في تقريره المحاسبي مما يعني بأن   الكل قد تضرر نتيجة عامل أجنبي لا يد للطاعنين فيه، وعلى المطعون ضدهم تحمّل الخسائر التي تعرّضت لها الشركة الطاعنة ومشاركة باقي الطاعنين هذه الخسائر وليس فقط المطالبة بالأرباح التي لا تكاد تغطي الخسائر التي وقعت فيها الشركة فبالجمع بين الأرباح والخسائر خلال الفترة الممتدة من ١٩٩٧م إلى ٢٠١٢م نجد أنّ إجمالي حسابات الشركة قد شهدت خسارة رغم طفرة الأرباح التي شهدتها الأعوام القليلة المنصرمة وبالتالي فإنّ إجمالي الخسائر قد بلغ اً عمانيًّا (٨٦٧.١٦٧ ر.ع) مائة وسبعة وستون ألف وثمانمائة وسبعة وستون ريال ولقد أقرّ الخبير في تقريره بأنّه لم ينظر إلى جانب الخسارة ولكنه تطرّق إلى الأرباح المحققة فقط وهذا يدل على وجود قصور واضح في نتيجة الخبير النهائية التي توصل إليها في تقريره المحاسبي، فالمعلوم والثابت أنّ الشركاء يشتركون في الربح والخسارة في نفس الوقت، ويمكن الرجوع إلى تقرير الخبير في صفحته رقم

(٦) والذي يوضح فيها السنوات التي حققت فيها أرباحًا، وبذلك لا يصح أن يتقاسم المطعون ضدهم الأرباح مع الطاعنين فقط دون أن يتحملوا الخسائر.

كما فشل الخبير في توضيح كيفية قيامه بتقدير قيمة إيجار المستودع بمبلغ (٣٠٠ ر.ع) شهريًّا وتقدير إيجار المكتب بمبلغ (١٥٠ ر.ع) دون الاستناد على مستندات

صحيحة أو على أصول ثابتة بالأوراق وعليه فلا يمكن الأخذ بالنتيجة التي توصّل إليها في هذا الخصوص.

وخلاصة الأمر فإنّ الخبير لم يوفق في تقريره في اتباع الطرق المحاسبية السليمة في حساب العلاقة بين الطرفين وحساب مستحقات المطعون ضدهم من صافي الربح في الشركة الطاعنة الأولى وحصّة المطعون ضدهم في العقارات وعائد الإيجارات لهذه العقارات من ١٤ / ٧ / ١٩٩٧م ونسبة المطعون ضدهم من إجمال العائد.

وبناء على كل ما تقدّم فإنّ تسبيب الحكم المطعون فيه قد شابه القصور المؤدي إلى إبطاله بسبب اعتماده على تقرير خبير محاسبي لحقته الكثير من المخالفات والأخطاء القانونية مما يتعينّ معه طلب الحكم بإلغائه وإعادة الدعوى إلى محكمة الاستئناف لنظرها بهيئة مغايرة.

٢ . الفساد في الاستدلال:

بمقولة أنّ الرد على الدفوع الجوهرية هو من صميم عمل محكمة الموضوع ولكن   الحكم المطعون فيه قد أغفل الرد على الدفوع الجوهرية المقدّمة أمام المحكمة ويتجلى ذلك عندما اعتنقت محكمة الاستئناف ما ذكره الخبير في تقريره المحاسبي المقدم أمام محكمة أول درجة عندما خالف نصّ المادة (١٣) من قانون الشركات التجارية التي نصّت على أنّه: «يشارك جميع الشركاء في أرباح وخسائر الشركة، إذا لم يعينّ عقد تأسيس الشركة أو نظامها أنصبة الشركاء في أرباح وخسائر الشركة كان لكل شريك أن ينال ويساهم فيها بنسبة حصّته في رأس المال» ونتيجة إغفال هذه الحقائق وعدم ذكرها بالتقرير المحاسبي أمام محكمة أول درجة وعدم مناقشتها بكل وضوح فقد صدر التقرير المحاسبي مخالفًا للحقيقة والواقع والقانون.

مع العلم أنّ الأرباح المحققة لا تصل حتى إلى نصف الخسائر المحققة وإذ أنّه وجب تغطية الخسائر قبل أن تصل الشركة إلى مرحلة تستطيع فيها أنها قد حققت فعلاً أرباحًا صافية وبالتالي فإنّ تجاهل هذه الحقيقة وتقسيم الأرباح بين الشركاء لن يؤدي إلا إلى عودة الشركة الطاعنة إلى الصفر ويصبح من المستحيل استمرارها في نشاطها. وهذا يقودنا إلى أنّ استخدام الأرباح لتغطية الخسائر عن السنوات السابقة لكي تستطيع الشركة (الطاعنة الآن) أن تواصل أنشطتها كان أمرًا ضروريًا لأنّه لو تم تقسيم الأرباح على جميع الشركاء بدون تغطية الخسائر السابقة لأفلست الشركة مباشرة إذن فالحكم المطعون فيه أغفل الرد عن هذا الدفع المتعلق بالمادة (١٣) السالفة الذكر بحسابه الأرباح دون اعتبار الخسائر ولو فعل الخبير ذلك لأدرك بأن الشركة الطاعنة الأولى وإن كانت قد حققت أرباحًا فإنّ هذه الأرباح لا تغطي خسائر السنوات السابقة، وعليه يكون هذا دفعًا جوهريًا قد أغفلته المحكمة مما يجعل حكمها قاصرًا في تسبيبه ومخلاً بحق الدفاع.

وللتذكير فإنّ الخبير المنتدب أمام محكمة الاستئناف قد أكّد تقريره على أنّ الشركة الطاعنة الأولى لم تحقق أرباحًا في الفترة ما بين عامي ١٩٩٧م وحتى ٢٠١٣م وبأن الخسائر تتجاوز الأرباح المحققة وبالتالي لا يوجد صافي ربح متاح للتوزيع بين الشركاء ولا يمكن توزيعه وهذه النتيجة جاءت مطابقة للمستندات المقدّمة من الأطراف وبناء على كل ما تقدّم يمكن القول بأن تقرير الخبرة الأولى والتقرير التكميلي المقدّمين أمام محكمة أول درجة والذي أخذت به محكمة الاستئناف قد جاءا مبنيين على الفرضيات والاقتراحات وليس على الأسس   الصحيحة أو المستندات الثابتة، وبالتالي تكون محكمة الموضوع بدرجتيها لم تؤسس قضاءها على أسباب قانونية وسائغة تكفي لحمله ولها أصلها الثابت بالأوراق، مما يتعينّ طلب الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددًا برفض الدعوى.

وبصفة احتياطية النقض مع الإحالة.

وحيث جاء بتقرير الرد المحرر من طرف وكيل المطعون ضدهم في ما يتعلق بالمطعن الأول المأخوذ من القصور في التسبيب بأن الحكم المطعون فيه قام بتدوين جميع الأسباب الواقعيّة دون نقص أو إغفال، كما أنّ قانون الإثبات العُماني أعطى الحق للمحكمة في أن تأخذ بتقرير الخبير كيفما تشاء تطبيقًا لأحكام المادة (١٠٤) منه، ومن خلال هذا النص نجد أنّ المحكمة ذكرت الأسباب التي جعلتها ترجح تقرير الخبير المودع أمام محكمة أول درجة مع تدخلها بتعديل إحدى الجزئيات التي صدر فيها الحكم المستأنف، وذلك لسلامة الأسس التي بني عليها وسلامة أبحاثه ولاطمئنان المحكمة إليه، وأنّ ترجيح المحكمة لهذا التقرير دون الآخر لعدم اقتناعها بهذا الأخير غير مقيّدة في ذلك تطبيقًا لأحكام المادة (١٠٣) من قانون الإثبات الأمر الذي يؤكد سلامة الحكم المطعون فيه من شائبة القصور المبطل مما يتعينّ معه رفض الطعن وتأييد الحكم المطعون فيه.

وحيث أنّه بخصوص الرد عن المطعن الثاني المأخوذ من الفساد في الاستدلال فإنّ تمسك الطاعنين بأحكام المادة (١٣) من قانون الشركات التجارية التي تنص على تشارك جميع الشركاء في أرباح وخسائر الشركة فهو ليس له محل في هذه الدعوى التي يتعلق موضوعها من الأساس بمطالبة المطعون ضدهم بحقوقهم بوصفهم ورثة يملكون حصّة مورثهم التي آلت إليهم بوفاته والتي امتنع الطاعنون من أدائها إليهم وأداء الحقوق المتفرّعة عنها وارباح الشركة هي جزء من تلك الحقوق ومن ثمّ فإنّ النص المذكور من قبل الطاعنين ليس له مجال في البحث أو الرد كونه أمر غير جوهري وبذلك يكون الحكم المطعون فيه قد صادف صحيح القانون في التطبيق والتأويل ولم يصبه أي قصور أو فساد وأنّ ما ورد بصحيفة الطعن لا يعدو أن يكون سوى جدل موضوعي جدير بالالتفات عنه.

وبناء على كل ما تقدّم فهم يطلبون رفض الطعن وتأييد الحكم المطعون فيه فيما قضى به.  وحيث عقّبت الطاعنون على تقرير الرد على صحيفة الطعن، كما عقّبت المطعون ضدهم على تعقيب الطاعنين دون الإتيان بجديد من كلي الطرفين وكان تعقيبهما ترديدًا لما سبق طرحه من كل منهما.

المحكمة

من حيث الشكل:

حيث أنّ الطعن استوفى جميع أوضاعه وصيغه القانونية فهو بذلك حريٌ بالقبول من الناحية الشكلية.

من حيث الموضوع:

حيث إنّ النعي على الحكم المطعون فيه بسببي النعي مجتمعين سديد، ذلك أن الحكم المطعون فيه قد اعتمد في قضائه على نتيجة الاختبار التي انتهى إليها الخبير المنتدب في الطور الأول دون تلك التي توصّل إليها الخبير المنتدب من طرفه، ولئن كان للمحكمة مطلق الحريّة في اعتماد تقرير دون آخر لدخول ذلك في سلطتها التقديرية إلا أنّه كان لزامًا عليها تعليل رأيها بالأسباب التي أدّت بها إلى تغليب نتيجة على أخرى.

وبالرجوع إلى حيثيات الحكم المطعون فيه قد تبينّ أنّه سبّب قضاءه في ذلك الشأن بالقناعة التي حصلت للمحكمة بخصوص نتيجة الخبير المنتدب لدى محكمة الطور الأول دون توضيح يؤدي إلى تبرير ذلك خاصّة وأنّ الطاعنين الآن دفعوا أمامها بتقرير وكيلهم المؤرخ في ٦ / ٣ / ٢٠١٦م بأحكام المادة (١٣) من قانون الشركات التجارية التي تنص على «مشاركة جميع الشركاء في أرباح وخسائر الشركة…. وإذا لم يعينّ عقد تأسيس الشركة أو نظامها سوى توزيع الأرباح فإنّ هذا التعيين ينطبق على الخسائر والعكس بالعكس… وأي نص يرد في عقد تأسيس الشركة أو نظامها أو أي اتفاق آخر يقضي بحرمان أحد الشركاء من المشاركة بالربح أو بإعفائه من تحمّل خسائر الشركة يكون باطلاً وكأن لم يكن…».

وهو دفع جوهري يتغيرّ به وجه الرأي في الدعوى والمحكمة التفتت عنه ولم تورده في حيثيات حكمها ولم تعتبره خاصّة وانّه بالرجوع إلى تقرير الاختبار المعتمد من طرفها أنّ الخبير قد احتسب الأرباح دون الخسائر وبمعارضته في ذلك من طرف بقيّة الخصوم أجاب بأنّه مقيّد بنص المأمورية التي أوكلت له تحديد صافي الأرباح للشركة ولم تنص على عرض الأرباح والخسائر وتصفية الحساب بين الشركاء   ولذلك تطرّق الخبير إلى الأرباح المحققة للشركة دون النظر في جانب الخسائر.

وهو تمشٍ يتجافى مع ما تنص عليه المادة (١٣) المذكورة آنفًا بأن توزيع الأرباح يطلق على الخسائر أيضًا والعكس بالعكس فلا يمكن الحديث عن الأرباح إلا بعد تغطية الخسائر.

ومن ناحية أخرى فإنّه بالرجوع إلى تقريري الخبيرين المنتدبين سواء في الطور الابتدائي أو في الطور الاستئنافي واللذان اعتمدا حسب زعمهما دفاتر الشركة وتقارير مدقق الحسابات الخارجي للشركة فإنّ ما يمكن ملاحظته أنّ الأرباح التي حققتها الشركة من سنوات ٢٠٠٥م وما بعدها جاءت مختلفة فيما توصّل إليه كل خبير مع أنهما اعتمدا نفس المستندات دون أن تتحرى المحكمة في ذلك، مع أنّها اعتمدت هذه الأرباح، فكان لزامًا عليها إزاء التضارب في نتيجتي الاختبارين ندب لجنة من الخبراء لإتمام المأمورية على الوجه الأفضل للوصول إلى الحقيقة بالاعتماد على المؤيدات التي تقدّم إليها من الطرفين واستنادًا إلى أحكام المادة (١٣) من قانون الشركات التجارية، ولما لم تفعل مكتفية بالاعتماد على نتيجة اختبار جاءت متضاربة مع نتيجة أخرى في نفس الغرض دون تسبيب سائغ تكون قد أساءت تطبيق المادة (١٧٢) من قانون الإجراءات المدنية والتجارية مما شاب حكمها القصور في البحث والتمحيص وبالتالي في التسبيب الموجب للنقض.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة الدعوى لمحكمة الاستئناف بمسقط لإعادة النظر فيها من جديد وألزمت المطعون ضدهم بالمصاريف ورد الكفالة للطاعنين.