التصنيفات
أحكام قضائية

المحكمة العليا – الدائرة العمالية: الطعن رقم ٢١٠ / ٢٠١٧م

2017/210 210/2017 ٢٠١٧/٢١٠ ٢١٠/٢٠١٧

تحميل

جلسة يوم الاثنين الموافق ٢٢ / ١ / ٢٠١٨م

المشكلة برئاسة فضيلة القاضي /  د. يعقوب بن محمد بن عبيد السعيدي، وعضوية كل من أصحاب الفضيلة القضاة: سعيد بن سليمان المسكري، أحمد السدراتي، عبد المجيد محمد المانع، كمال عزوزي غربي.

(٢٨٠)
الطعن رقم ٢١٠ / ٢٠١٧م

قانون (عمل- نظام عام) – جزاء(مدة – فصل).

– جاءت أحكام قانون العمل آمرة متعلقة بالنظام العام ومن ثم فلا يجوز مخالفة هذه الأحكام ويحظر الاتفاق على مخالفتها.

– أوقع رب العمل الجزاء بعد أكثر من ثمانين يومًا من تاريخ ثبوت المخالفة وهو ما يترتب عليه بطلان ذلك الجزاء ويكون الفصل من ثم قد وقع باطلاً ويكون طلب التعويض عنه قائمًا على سند، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يستوجب نقضه.

الوقائع

تتحصل الوقائع في أن العاملة الطاعنة بدأت خصومتها مع الشركة المطعون ضدها بشكايتها التي قدمتها لدائرة تسوية المنازعات العُمالية بالقوى العاملة بتاريخ ١١ / ٥ / ٢٠١٦ والتي قررت فيها أنها التحقت بالعمل لدى الشركة بمهنة مدير موارد بشرية براتب ألف وثلاثمائة ريال عُماني وأنها في ٢٨ / ٨ / ٢٠١٥ تم إنهاء خدمتها دون مبرر وطلبت العودة إلى العمل والتعويض عن الفصل التعسفي وراتب إجازة الوضع عن مدة اثنين وأربعين يومًا وبدل الإجازة السنوية، وقد أجابت الشركة بأن فصل العاملة مرجعه لغيابها المتكرر وقد سبق الفصل إنذارها أكثر من مرة.

ولتعذر التسوية الودية فقد أحيلت المنازعة إلى المحكمة الابتدائية وقيدت برقم (٥٨٩ / ٢٠١٦م) عمالي مسقط حيث طلبت إلزام الشركة المدعى عليها بإعادتها إلى العمل في وظيفتها مدير موارد بشرية براتب ألف وثلاثمائة ريال عُماني شهريًّا وفي حالة رفض المدعى عليها إعادتها إلى العمل تعويضها على الفصل التعسفي بمبلغ وقدره ثلاثة وعشرين ألفًا وأربعمائة ريال عُماني وباقي إجازتها السنوية بمبلغ خمسمائة ريال عُماني وراتب شهر الإنذار بمبلغ ألف وثلاثمائة ريال عُماني وتسليمها شهادة خبرة عن فترة عملها، مع إلزام المدعى عليها المصاريف وأتعاب المحاماة.

وحيث إنه في تاريخ ٢٠ / ١٠ / ٢٠١٦م قضت المحكمة الابتدائية بمسقط بإلزام المدعى عليها بأن تؤدي للمدعية مبلغ أربعين ريالا عُ مانيا مقابل أحد عشر يومًا من إجازتها السنوية وتسليمها شهادة خبرة، ورفضت ما عدا ذلك وقد أسس الحكم قضاءه على مشروعية فصل العاملة لتغيبها عن العمل المدة من ١٩ حتى ٢٥ / ٤ / ٢٠١٥ ثم أيام ٢٢ / ٣، ٦، ٩، ١٥ / ٤ / ٢٠١٥ رغم إنذارها بعد الفترة الأولى.

ولعدم قبول العاملة بالحكم الابتدائي فقد استأنفته بالاستئناف رقم ٩٥٨ / ٢٠١٦ عمالي مسقط والذي طلبت فيه الحكم بتعديل الحكم المستأنف والقضاء لها بالتعويض عن الفصل التعسفي بمبلغ خمسة عشر ألف وستمائة ريال عُماني وراتب شهر الإنذار وقد أسست استئنافها على عدم غيابها المدة القانونية و عدم إثبات الشركة للغياب الموجب للفصل والشركة ردت بغياب العاملة المستأنفة أربعة عشر يومًا.

وحيث إنه بجلسة ١٨ / ١ / ٢٠١٧ صدر الحكم المطعون فيه والذي قضى بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وقد بني الحكم على ثبوت تغيب المستأنفة أكثر من عشرة أيام وإنذارها أكثر من مرة بما يكون معه الحكم المستأنف قد جاء صائبًا جديرًا بالتأييد.

ولعدم قبول المحكوم ضدها بالحكم المتقدم فقد طعنت عليه بطريق النقض بصحيفة أودعت أمانة سر هذه المحكمة في ٢٧ / ٢ / ٢٠١٧م ووقعت من محام مقبول أمامها وأرفق بها ما يفيد سند الوكالة عن الطاعنة طلب في ختامها الحكم بقبول الطعن شكلاً لتقديمه في الميعاد وفق الأوضاع المقررة وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه رقم ٩٥٨ / ٢٠١٦ عمالي مسقط وإعادة الأوراق مرة أخرى إلى محكمة استئناف مسقط لإعادة بحث النزاع بهيئة مغايرة مع إلزام المطعون ضدها المصاريف.

وقد نعت الطاعنة على الحكم المطعون فيه بسببين:

أولهما: القصور في التسبيب لإغفاله طلبها ضم الدعوى ٦١٠ / ٢٠١٥ والتي أقيمت منها ضد المطعون ضدها وقضى فيها لصالحها بما يدل على تعسف المطعون ضدها في الفصل فضلا عن إغفاله ملف التنفيذ الخاص بهذا الحكم للوقوف على راتبها والبالغ ألفا وثلاثمائة ريال عُماني بموجب ذلك الحكم ولإغفاله الرد على دفاعها بشأن العذر المبرر لغيابها وما قدمته من شهادات طبية وإغفاله عدم تسلمها الإنذارات المقدمة من المطعون ضدها.

وثانيهما: مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه لخطأ الحكم المطعون فيه في حساب أيام الإجازات ولكون المحكمة الابتدائية المؤيد حكمها بالحكم المطعون فيه قد أحالت الدعوى إلى التحقيق لتثبت الطاعنة عذرها في الغياب مع وجود المستندات وحيث نظر الطعن في غرفة المشورة حيث قررت المحكمة استكمال إجراءات الطعن كونه جديرًا بالنظر، وقد أعلنت المطعون ضدها بصحيفة الطعن فقدمت مذكرتين بالرد طلبت فيها رفض الطعن وردت الطاعنة بمذكرة صممت فيها على طلباتها.

المحكمة

وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية ومن ثم كان مقبول شكلاً.

وحيث إنه عن موضوع الطعن ولما كان المقرر أن القواعد القانونية التي تتعلق بالنظام العام لا يجوز الاتفاق على مخالفتها ولا يجوز كذلك مخالفتها ويجوز إثارتها في أية حالة كانت عليها الدعوى ويجب على هذه المحكمة أن تتعرض لها من تلقاء نفسها ولو لم يدفع بذلك أي من الخصوم بل وعلى الرغم منهم.

ولما كانت قواعد قانون العمل إنما شرعت لتحقيق الصالح العام وحماية العامل وإيجاد التوازن بين حقوقه وحقوق صاحب العمل ومن ثم فقد جاءت أحكام قانون العمل آمرة متعلقة بالنظام العام ومن ثم فلا يجوز مخالفة هذه الأحكام ويحظر الاتفاق على مخالفتها فلما كان ذلك وكان المقرر عملاً بالمادة (٣٠) من قانون العمل الصادر، بالمرسوم السلطاني (٣٥ / ٢٠٠٣) أنه لا يجوز توقيع جزاء تأديبي على العامل بعد ثبوت المخالفة بأكثر من ثلاثين يومًا للعمال الذين يتقاضون أجورهم شهريًّا، وغاية ذلك وعلته ألا يبقى الجزاء سيفًا مسلطًا على رقبة العامل، ويكون الجزاء تأديبيًا إذ تم توقيعه لمخالفة لوائح الشركة ويكون كذلك حتى لو كان فضلا عن مخالفته لوائح الشركة أو المنشأة يتضمن مخالفة لقانون العمل أيًا كانت درجة الجزاء وصورته، وإذ كان الثابت من الأوراق أن الفصل الواقع على الطاعنة قد جاء لمخالفتها لوائح الشركة على نحو ما تضمنه قرار إنهاء الخدمة والثابت به أن الغياب الواقع من الطاعنة يخالف قانون العمل وبخالف اللوائح المعمول بها في الشركة كما أن الإنذارات الموجهة للطاعنة قد تمت الإشارة فيها إلى مخالفة سياسة ولوائح الشركة ومن ثم فهو جزاء تأديبي يتعين فيه الالتزام بحكم المادة اً، فلما كان ذلك وكان (٣٠) من قانون العمل آنفة البيان وإلا كان الجزاء باطل الثابت من الإنذار الموجهة للطاعنة بتاريخ ١٨ / ٥ / ٢٠١٥ أنها بعد تغيبها عن العمل وإنذارها في ٢٢ / ٥ / ٢٠١٥ ثبت تغيبها حتى ٧ / ٥ / ٢٠١٥ ما عدده أحد عشر يومًا ، ومن ثم فإن المخالفة تكون قد ثبتت في ذلك التاريخ ويكون الغياب المبرر للفصل قد تحقق في ٧ / ٥ / ٢٠١٥ بما كان يجيز للمطعون ضدها حال تحققه توقيع الجزاء خلال شهر من تاريخ حصول المخالفة تطبيقًا للمادة (٣٠) من قانون العمل آنفة البيان، وإذ كان الثابت أن المطعون ضدها أوقعت الجزاء في تاريخ ٢٩ / ٧ / ٢٠١٥ أي بعد أكثر من ثمانين يومًا من تاريخ ثبوت المخالفة وهو ما يترتب عليه بطلان ذلك الجزاء ويكون الفصل من ثم قد وقع باطلاً ويكون طلب التعويض عنه قائمًا على سند، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يستوجب نقضه في شق التعويض وبدل الإخطار وحيث إنه لما كان الموضوع صالحًا للفصل فيه فإن هذه المحكمة تتصدى للحكم فيه إعمالاً لحكم المادة (٢٦٠) من قانون الإجراءات المدنية والتجارية الصادر بالمرسوم السلطاني (٢٩ / ٢٠٠٢).

وحيث إنه عن موضوع الاستئناف (٩٥٨ / ٢٠١٦) عمالي مسقط والمقام من المستأنفة بطلب القضاء ببدل الإخطار والتعويض عن الفصل التعسفي ولما كان المقرر عملاً بحكم المادة (١٠٦) من قانون العمل آنف البيان أنه إذا تبين للمحكمة أن فصل العامل جاء مخالفًا للقانون فإنه يجب عليها إما إعادته إلى العمل أو التعويض بما لا يقل عن ثلاثة أشهر ومن ثم ولما كان إنهاء خدمة الطاعنة قد جاء مخالفًا القانون بما يوجب تعويضها براتب ثلاثة أشهر بواقع ٣٩٠٠ ر.ع ثلاثة آلاف وتسعمائة ريال عُماني أخذًا بالثابت من الحكم النهائي رقم (٦٠١ / ٢٠١٥) من أن راتبها ألف وثلاثمائة ريال عُماني، وعن بدل الإخطار وإذ تضمن قرار إنهاء الخدمة إمهال   الطاعنة شهرًا مما لا محل معه للقضاء به وإذ خالف الحكم الابتدائي هذا النظر فإنه يكون خليقًا بالإلغاء في شق التعويض وعن المصاريف فالمحكمة تلزم بها المطعون ضدها عملاً بالمادتين (١٨٥، ٢٥٩) إجراءات مدنية وتجارية.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه جزئيًا في شق التعويض عن الفصل والتصدي لموضوع الاستئناف (٩٥٨ / ٢٠١٦) عمالي مسقط والقضاء بقبوله شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم الابتدائي (٥٨٩ / ٢٠١٦) عمالي مسقط جزئيًا في شق التعويض والقضاء مجددًا بإلزام المطعون ضدها بتعويض الطاعنة بمبلغ ثلاثة آلاف وتسعمائة ريال عُماني والتأييد فيما عدا ذلك وألزمت المطعون ضدها المصاريف.