التصنيفات
فتاوى قانونية

وزارة العدل والشؤون القانونية: فتوى رقم ١٩٢٧٢٤٩٦٥

192724965

تحميل

(٤٠)
بتاريخ ١٤ / ١١ / ٢٠١٩م

١ – المؤسسات الوقفية – طبيعتها القانونية – أثر ذلك على استثمار أموالها.

عمد المشرع على النص صراحة على الأوقاف والمؤسسات الخاصة المنشأة وفق القانون، ومنها المؤسسة الوقفية ضمن الأشخاص التي تعد من الأشخاص الاعتبارية – الحكمة من ذلك – تمكين المؤسسة الوقفية من إجراء التصرفات القانونية المستقلة بالإدارة والاستثمار – أثر ذلك – تمتع كل منها بجميع الحقوق، ومنها: الذمة المالية المستقلة، والأهلية التي يعينها سند إنشائها، أو التي يعينها القانون، وجواز استثمار أموالها، وتكون في هذه الحالة وكيلا عن الوزير الذي له حق الوكالة العامة على جميع الأوقاف، ومانعا تملك الأوقاف بوضع اليد، أو كسب أي حق عيني عليها بالتقادم أو التصرف فيها – أثر ذلك – لا تشمل هذه الوكالة تقديم ملكية أموال الوقف العقارية بما يخولها حق إثبات هذه الملكية باسمها في صفحة السجل العقاري – تطبيق.

٢ – ملكية خاصة – حمايتها – عدم الاعتداد بالحقوق العينية الأصلية على العقار إلا بعد تسجيلها في السجل العقاري.

أسبغ النظام الأساسي للدولة حمايته على حق الملكية الخاصة، مانعا الحد منها إلا في الأحوال التي يقررها القانون، وحرص على عدم المساس بها إلا على سبيل الاستثناء، وفي الحدود والقيود التي يفرضها القانون – أساس ذلك – أنها ناتجة عن عمل الفرد وجهده، فهي هامة نشاطه، وثمرة جهده، وباعثه نحو السعي والانطلاق، وحتى يستأثر الشخص دون غيره بما يملكه من عقارات – في سبيل السعي نحو حمايتها من كل اعتداء، ومن أجل عدم غدو أمر ثبوتها ميدانا للتنازع والصراعات، استوجب المشرع للاعتداد بالتصرفات التي تنصب على العقار، ويكون من شأنها إنشاء حق من الحقوق العينية العقارية الأصلية والتي منها حق الملكية أو نقله أو تغييره أو زواله – أن تكون مسجلة، وأوضح بنص صريح العبارة، وقاطع الدلالة، وجلي المعنى أن هذه الحقوق لا تنشأ أو تنتقل أو تزول أو تتغير بين ذوي الشأن إلا بالتسجيل – أثر ذلك – لا يكون للتصرفات غير المسجلة من الأثر سوى الالتزامات الشخصية بين أطرافها – كما استلزم المشرع لإثبات ملكية العقارات في السجل العقاري أن تكون قد نشأت بسبب من أسباب اكتسابها المعروفة في القانون – تطبيق.

٣ – سجل عقاري – أحكام القيد فيه وحجيته.

عمد المشرع إلى إصدار نظام السجل العقاري، وناط بأمانة السجل العقاري وفروعها، كل في دائرة اختصاصه، تسجيل وتوثيق المحررات والتصرفات القانونية الواردة على الوحدة العقارية، وما يطرأ عليها من تعديلات – قرر المشرع أن الحقوق العينية العقارية الأصلية يجب تسجيل جميع التصرفات التي ترد عليها حتى تكون حجة على الغير، وأن هذه الحقوق لا تثبت في صحائف السجل ما لم تكن قد نشأت أو تقررت بسبب من أسباب اكتسابها – ما يثبت في هذه الصحائف من بيانات لا يجوز تغييره إلا طبقا لأحكام هذا النظام، وبمقتضى مستندات موثقة صادرة ممن يملك التصرف في الحقوق الثابتة في السجل، أو بمقتضى حكم أو قرار نهائي صادر من سلطة إدارية ذات اختصاص قضائي – يجب إخطار كل من تغيرت حقوقه، أو زالت بأي تسجيل أو محو أو تأشير أو تصحيح، وذلك في محله المعين، ويدرج أي بيان خاص بالتغيير في سند الملكية – أساس ذلك – أنه لا اجتهاد مع صراحة النص – تطبيق.


فبالإشارة إلى الكتاب رقم: ……… بتاريخ ………، الموافق ……………. بشأن طلب مرئيات وزارة الشؤون القانونية حول مدى جواز تسجيل الأراضي والعقارات الموقوفة باسم المؤسسات الوقفية.

حاصل وقائع الموضوع – حسبما يبين من الأوراق – أن وزارة ……………. قد قامت بمخاطبة وزارة ……………. بطلب تسجيل الأراضي والعقارات الموقوفة باسم المؤسسة الوقفية المشهرة، ومن ثم إصدار سندات ملكيات باسمها، لإضفاء الصفة القانونية والتعامل معها وفق ما هو محدد في سندات التملك، وتسهيل الإجراءات المتعلقة فيما يخص امتلاكها للأراضي والعقارات، وما يتعلق بها من بيع وشراء، وإيجار وتنازل عن الملكيات لصالح المؤسسات ونحوها، وردا على ذلك، أفادت وزارة ……………. بعدم إمكانية تسجيل الأراضي والعقارات باسم المؤسسات الوقفية، لانتفاء النص الصريح الذي يجيز ذلك، واقترحت في هذا الشأن أن يتم إصدار سندات الملكية باسم الوقف ذاته، على أن يدون في الملاحظات اسم المؤسسة الوقفية كوكيلة للوقف، ولها إدارة واستثمار أمواله بما يحقق الغاية منه، وبما لا يخرجه عما قرره الواقف، إلا أن وزارة ……………. ارتأت أن طلبها بتسجيل الأموال الموقوفة باسم المؤسسة الوقفية له سند من القانون بحسب المواد (٥٣، ٥٤، ٥٥) من نظام السجل العقاري الصادر بالمرسوم السلطاني رقم ٢ / ٩٨، والمادتين (٣٨، ٣٩) من قانون الأوقاف الصادر بالمرسوم السلطاني رقم ٦٥ / ٢٠٠٠، والمادتين (٤٨، ٤٩) من قانون المعاملات المدنية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم ٢٩ / ٢٠١٣، باعتبار أن حقيقة الإجراء المطلوب كأثر لإنشاء مؤسسة وقفية ليس هو نقل ملكية الوقف (الأراضي والعقارات) للمؤسسة الوقفية، وإنهاء الوقف، وإنما تغيير في البيانات المدونة في السجل العقاري لهذا الوقف بناء على طلب الواقف أو وكيله متى تم إنشاء مؤسسة وقفية لهذا الوقف باعتبار أن هذا الوقف أصبح يشكل رأس مال المؤسسة الوقفية، ومن ناحية ثانية، فإن المؤسسة الوقفية قد منحها المشرع الشخصية الاعتبارية، وتعد من الأشخاص ذات النفع العام، وما يترتب على ذلك من آثار أخصها اكتساب الحقوق، والتحمل بالالتزامات.

وإزاء الخلاف الحاصل بين وزارة …………، ووزارة …………… بشأن مدى جواز تغيير البيانات المسجلة في السجل العقاري للأراضي والعقارات الموقوفة، وإصدار سندات الملكية – على إثر ذلك – باسم المؤسسة الوقفية المشهرة، وكذلك تسجيل الأوقاف الجديدة من أراض وعقارات باسم هذه المؤسسة الوقفية، فقد ورد إلى وزارة الشؤون القانونية كتاب ……………. متضمنا استطلاع مرئيات الوزارة في هذا الشأن.

فإنه ينص النظام الأساسي للدولة الصادر بالمرسوم السلطاني رقم ١٠١ / ٩٦ في مادته (١١) على أن: “(………) الملكية الخاصة مصونة، فلا يمنع أحد من التصرف في ملكه إلا في حدود القانون (………) “.

وينص قانون الأوقاف الصادر بالمرسوم السلطاني رقم ٦٥ / ٢٠٠٠ في مادته (٢) على أن: “تكون للوقف شخصية معنوية منذ إنشائه مستوفيا لأركانه وشروطه”.

وينص في مادته (٣٤) على أن: “مع عدم الإخلال بشروط الوقف تتولى الوزارة إدارة واستثمار الأوقاف المشمولة بوكالة الوزير نيابة عنه بكافة أوجه الاستثمار بما في ذلك الإيجار، وبما يحقق مصلحة الوقف”.

وينص في مادته (٣٨) على أن: “يجوز إدارة واستثمار الأموال الموقوفة عن طريق مؤسسة وقفية بعد موافقة الوزارة والتنسيق مع الجهات المختصة، ويجوز للواقف طلب إنشاء مؤسسات وقفية أو فروع لها داخل السلطنة أو خارجها وفقا للضوابط التي تحددها اللائحة التنفيذية”.

وينص في مادته (٣٩) على أن: “تعد المؤسسة الوقفية من الأشخاص الاعتبارية ذات النفع العام، وتكون مسؤولة عن إدارة واستثمار والمحافظة على الوقف سواء أكان منقولا أم عقارا أم أموالا نقدية”.

وينص في مادته (٤١) على أن: “تعتبر المؤسسة الوقفية وكيلا عن الوزير الذي له حق الوكالة العامة على جميع الأوقاف، وله الحق في عزل أعضاء مجلس إدارتها أو إحالتهم إلى الجهات القضائية عند ثبوت ارتكابهم مخالفات مالية أو إدارية أو جرائم جزائية”.

وينص قانون المعاملات المدنية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم ٢٩ / ٢٠١٣ في مادته (٤٨) على أن: “الأشخاص الاعتبارية هي:

١ – (……).

٢ – (……).

٣ – الأوقاف.

٤ – (……).

٥ – المؤسسات الخاصة والجمعيات المنشأة وفقا لأحكام القانون.

٦ – كل مجموعة من الأشخاص أو الأموال يمنحها القانون الشخصية الاعتبارية”.

وينص في مادته (٤٩) على أن: “١- يتمتع الشخص الاعتباري بجميع الحقوق إلا ما كان منها ملازما لصفة الإنسان الطبيعية وذلك في الحدود التي يقررها القانون، فيكون له:

أ – ذمة مالية مستقلة.

ب – أهلية في الحدود التي يعينها سند إنشائه أو التي يعينها القانون (………)”.

وينص في مادته (٦٠) على أن: “يكون الحق شخصيا أو عينيا أو معنويا”.

وينص في مادته (٦٢) على أن: “الحق العيني سلطة مباشرة يقررها القانون لشخص على شيء معين، ويكون أصليا أو تبعيا”.

وينص في مادته (٦٣) على أن: “١- الحقوق العينية الأصلية هي حق الملكية والحقوق المتفرعة عنه، وما يعتبره كذلك بنص القانون (…………)”.

وينص في مادته (٧٩٨) على أن: “حق الملكية هو سلطة المالك في أن يستعمل الشيء المملوك له، وأن يستغله، وأن يتصرف فيه بجميع التصرفات الجائزة شرعا”.

وينص نظام السجل العقاري الصادر بالمرسوم السلطاني رقم ٢ / ٩٨ في مادته (١) على أن: “يهدف النظام إلى ضبط حق الملكية والحقوق العينية الأخرى الواردة على الوحدة العقارية بما يحقق الحماية اللازمة للملكية العقارية ولغيرها من الحقوق العينية، ويضمن استقرارها والتعامل عليها”.

وينص في مادته (١٠) على أن: “يقصد بالحقوق العينية الأصلية في تطبيق أحكام هذا النظام ما يلي: ١- حق الملكية (……)”.

وينص في مادته (١٢) على أن: “يكون للسجل العقاري قوة إثبات لصحة البيانات الواردة فيه، ولا يجوز تغيير البيانات الواردة في السجل إلا طبقا لهذا النظام”.

وينص في مادته (١٣) على أن: “تختص أمانة السجل العقاري وفروعها بتسجيل وتوثيق المحررات والتصرفات القانونية الواردة على الوحدة العقارية وما يطرأ على الوحدة من تعديلات، كل في دائرة اختصاصه”.

وينص في مادته (١٩) على أن: “لا تثبت الحقوق العينية في صحائف السجل ما لم تكن قد نشأت أو تقررت بسبب من أسباب اكتسابها. وتستخلص بيانات الصحائف من جهات التخطيط والمساحة وقرارات اللجنة المختصة”.

وينص في مادته (٢٨) على أن: “جميع التصرفات التي من شأنها إنشاء حق من الحقوق العينية العقارية الأصلية أو نقله أو زواله أو تغييره، وكذلك الأحكام النهائية المثبتة لشيء من ذلك، يجب تسجيلها في أمانة السجل العقاري أو فروعها ويدخل في هذه التصرفات: الوقف والوصية والشفعة ولا يكون للتصرفات والأحكام غير المسجلة من الأثر سوى الالتزامات الشخصية بين الطرفين”.

وينص في مادته (٢٩) على أن: “يجب تسجيل جميع التصرفات والأحكام النهائية المقررة لحق من الحقوق العينية العقارية الأصلية. ويترتب على عدم التسجيل أن هذه الحقوق لا تكون حجة على الغير، ولا يكون لها من الأثر سوى الالتزامات الشخصية بين أطرافها. ويسري هذا الحكم على القسمة العقارية ولو كان محلها أموالا موروثة”.

وينص في مادته (٥٢) على أن: “لا يجوز تملك الأوقاف بوضع اليد أو كسب أي حق عيني عليها بالتقادم أو التصرف فيها (………)”.

وينص في مادته (٥٣) على أن: “لا يجوز إجراء تغيير في البيانات الواردة بالسجل العقاري إلا بمقتضى مستندات موثقة صادرة ممن يملك التصرف في الحقوق الثابتة في السجل، أو بمقتضى حكم أو قرار نهائي صادر من سلطة إدارية ذات اختصاص قضائي وذلك كله دون إخلال بحقوق الغير حسن النية (……)”.

وينص في مادته (٥٤) على أن: “يخطر كل من تغيرت حقوقه أو زالت بأي تسجيل أو محو أو تأشير أو تصحيح وذلك في محله المعين، ويدرج أي بيان خاص بالتغيير في سند الملكية”.

وينص في مادته (٥٥) على أن: “يجب على مالك الوحدة العقارية إخطار أمانة السجل العقاري أو فرعها المختص بكل تغيير يطرأ على الوحدة، حتى يمكن إثباته بالصحيفة العقارية”.

ومفاد ما تقدم، أن النظام الأساسي للدولة قد أسبغ حمايته على حق الملكية الخاصة، مانعا الحد منها إلا في الأحوال التي يقررها القانون، وبالطريقة التي يرسمها، وإدراكا من المشرع لأغراض البر والإحسان وطلب الأجر والثواب من الله – تعالى -، وتحقيق مبدأ التكافل الاجتماعي بين أفراد المجتمع، ونشر روح التعاون والمحبة بينهم، وضمان بقاء المال وحمايته، ودوام الانتفاع منه، ومنع زواله، وتخفيف الأعباء الاجتماعية على الدولة – قد سعى إلى وضع أطر تنظيمية للوقف بمقتضى قانون الأوقاف المشار إليه، مانحا له الشخصية الاعتبارية، ومقررا جواز استثمار أمواله سواء عن طريق وزارة الأوقاف والشؤون الدينية بالنسبة للوقف المشمول بوكالة الوزير، أو من خلال مؤسسة وقفية تعد من الأشخاص الاعتبارية الخاصة ذات النفع العام، وتكون في هذه الحالة وكيلا عن الوزير الذي له حق الوكالة العامة على جميع الأوقاف، ومانعا تملك الأوقاف بوضع اليد أو كسب أي حق عيني عليها بالتقادم أو التصرف فيها.

ولما عمد المشرع إلى إصدار قانون المعاملات المدنية حرص على النص صراحة على الأوقاف والمؤسسات الخاصة المنشأة وفق القانون – ومنها المؤسسة الوقفية – ضمن الأشخاص التي تعد من الأشخاص الاعتبارية، ورتب على ذلك بعض الآثار، أخصها: تمتع كل منها بجميع الحقوق، ومنها: الذمة المالية المستقلة، والأهلية التي يعينها سند إنشائها، أو التي يعينها القانون، وفي إطار بيان أقسام الحقوق، نص المشرع على أن الحق يكون شخصيا أو عينيا أو معنويا، والحق العيني قد يكون أصليا أو تبعيا، ومن أهم صور هذا الحق، حق الملكية الذي يخول صاحبه دون غيره من السلطات ما يمكنه من الحصول على جميع منافع الشيء، وذلك باستعماله واستغلاله والتصرف فيه بجميع التصرفات الجائزة شرعا، ونظرا لأهمية التسجيل العقاري في استقرار حق الملكية وحماية الحقوق العينية، فقد عمد المشرع إلى إصدار نظام السجل العقاري، وناط بأمانة السجل العقاري وفروعها – كل في دائرة اختصاصه – تسجيل وتوثيق المحررات والتصرفات القانونية الواردة على الوحدة العقارية وما يطرأ عليها من تعديلات، وقرر أن الحقوق العينية العقارية الأصلية يجب تسجيل جميع التصرفات التي ترد عليها حتى تكون حجة على الغير، وأن هذه الحقوق لا تثبت في صحائف السجل ما لم تكن قد نشأت أو تقررت بسبب من أسباب اكتسابها، وما يثبت في هذه الصحائف من بيانات لا يجوز تغييرها إلا طبقا لأحكام هذا النظام، وبمقتضى مستندات موثقة صادرة ممن يملك التصرف في الحقوق الثابتة في السجل، أو بمقتضى حكم أو قرار نهائي صادر من سلطة إدارية ذات اختصاص قضائي، على أن يتم إخطار كل من تغيرت حقوقه أو زالت بأي تسجيل أو محو أو تأشير أو تصحيح، وذلك في محله المعين. ويدرج أي بيان خاص بالتغيير في سند الملكية.

وحيث إنه على هدي ما تقدم، وكان النظام الأساسي للدولة – وهو ذروة سنام القواعد القانونية – قد كفل حماية حق الملكية الخاصة، وحرص على عدم المساس بها إلا على سبيل الاستثناء، وفي الحدود والقيود التي يفرضها القانون، باعتبار أنها ناتجة عن عمل الفرد وجهده، فهي هامة نشاطه، وثمرة جهده، وباعثه نحو السعي والانطلاق، وحتى يستأثر الشخص – دون غيره – بما يملكه من عقارات، وفي سبيل السعي نحو حمايتها من كل اعتداء، ومن أجل عدم غدو أمر ثبوتها ميدانا للتنازع والصراعات، استوجب المشرع للاعتداد بالتصرفات التي تنصب على العقار، ويكون من شأنها إنشاء حق من الحقوق العينية العقارية الأصلية – والتي منها حق الملكية – أو نقله أو تغييره أو زواله أن تكون مسجلة، وأوضح بنص واضح العبارة، وقاطع الدلالة، وجلي المعنى أن هذه الحقوق لا تنشأ أو تنتقل أو تزول أو تتغير بين ذوي الشأن إلا بالتسجيل، ولا يكون للتصرفات غير المسجلة من الأثر سوى الالتزامات الشخصية بين أطرافها، كما استلزم المشرع لإثبات ملكية العقارات في السجل العقاري أن تكون قد نشأت بسبب من أسباب اكتسابها المعروفة في القانون، مثل العقد.

وحيث إنه لما كان المشرع قد منح وزير الأوقاف والشؤون الدينية الولاية العامة على الأوقاف، موكلا المؤسسة الوقفية النيابة عنه بهذا الخصوص، بحيث تكون مسؤولة عن إدارة واستثمار والمحافظة على أموال الوقف العقارية، ومؤدى ذلك: أن المؤسسة الوقفية لا تعدو أن تكون نائبا عن وزير الأوقاف والشؤون الدينية في إدارة واستثمار هذه الأموال، ولا تتعدى حدود هذه النيابة لتشمل تقرير ملكيتها لأموال الوقف العقارية بما يخولها حق إثبات هذه الملكية باسمها في صحيفة السجل العقاري.

وترتيبا على ما تقدم، ولما كان الثابت من مطالعة أحكام قانون الأوقاف المشار إليه أن المشرع قد حظر تملك أموال الوقف العقارية أو التصرف فيها، ولما كان البين في الأوراق أن وكلاء الوقف يرغبون في إدراج أوقاف موكليهم العقارية (الأراضي والعقارات) ضمن أوقاف المؤسسة الوقفية، بحيث تسجل هذه الأموال باسم هذه المؤسسة في سندات الملكية، وهو الأمر الذي لا يتأتى قانونا في ضوء النصوص القانونية الواردة في نظام السجل العقاري التي أفصحت صراحة بأنه لا يجوز تسجيل الأراضي والعقارات في صحيفة السجل العقاري ما لم يتم اكتساب ملكية هذه الأراضي والعقارات وفق الأحوال المقررة قانونا.

أما بشأن ما يثور حول أموال الوقف العقارية، من أنها تشكل رأس مال المؤسسة الوقفية بما يخول الحق في تغيير البيانات المثبتة في السجل العقاري للوقف بناء على طلب الواقف، أو وكيله متى تم إنشاء مؤسسة وقفية لهذا الوقف، بحيث تسجل هذه الأموال باسم المؤسسة الوقفية، نظرا لأن المشرع قد منح المؤسسة الوقفية الشخصية الاعتبارية، وما يترتب على ذلك من آثار، أخصها اكتساب الحقوق والتحمل بالالتزامات، فإنه ردا على ذلك نفيد بأن البين من مطالعة نصوص قانون الأوقاف – سالفة البيان – أن مال الوقف وجميع حقوقه والتزاماته خاص به، وذمته لا تنشغل بذمة غيره مهما كان، فذمة الوقف هي المالكة لجميع حقوقه، وأمواله، باعتبار أنه يتمتع بالشخصية الاعتبارية، وله ذمة مالية مستقلة، والمؤسسة الوقفية ليس لها أي حق على ذمة الوقف، فهي تقوم فقط بإدارة واستثمار أمواله، وأن منح المشرع للمؤسسة الوقفية الشخصية الاعتبارية كان لغرض تمكينها من إجراء التصرفات القانونية المتصلة بالإدارة والاستثمار والمحافظة على أموال الوقف.

كما أن الأحكام الواردة في المادتين (١٩) و (٥٣) من نظام السجل العقاري المشار إليه قد جاءت بالنص صراحة على أن الملكية لا تثبت في السجل العقاري إلا إذا كانت ناشئة عن سبب من أسباب اكتسابها من ناحية، وعلى حظر إجراء أي تغيير في البيانات المثبتة في السجل العقاري إلا بموجب مستندات موثقة صادرة ممن يملك التصرف في الحقوق الثابتة في السجل، أو بمقتضى حكم، أو قرار نهائي صادر من سلطة إدارية ذات اختصاص قضائي من ناحية أخرى، وحيث إن الأصل المقرر أنه لا اجتهاد مع صراحة النص، بما مؤداه عدم جواز تغيير البيانات الخاصة بملكية الوقف، والمثبتة في السجل العقاري إلا إذا تحققت إحدى الحالات المشار إليها – حصرا – في المادة (٥٣) من نظام السجل العقاري المشار إليه.

لذلك، ترى وزارة الشؤون القانونية ما يأتي:

أولا: عدم جواز تغيير البيانات الخاصة بملكية الوقف والمثبتة في السجل العقاري إلا في الأحوال المنصوص عليها في المادة (٥٣) من نظام السجل العقاري المشار إليه، والتي تتمثل في تقديم مستندات موثقة صادرة ممن يملك التصرف في الحقوق الثابتة في السجل، أو صدور حكم، أو قرار نهائي من سلطة إدارية ذات اختصاص قضائي.

ثانيا: عدم جواز تسجيل الأراضي والعقارات الموقوفة باسم المؤسسات الوقفية، لانتفاء السبب الموجب للتسجيل والمتمثل في اكتساب ملكية هذه الأراضي والعقارات بإحدى الطرق المقررة قانونا.