التصنيفات
فتاوى قانونية

وزارة العدل والشؤون القانونية: فتوى رقم ٢١٢٧٤١٣٠١

212741301

تحميل

(١٩)
٢٩ / ٣ / ٢٠٢١م

١ – تفسير – قواعد تفسير النصوص القانونية – التفسير الضيق للنصوص المالية.

النصوص المالية لا يجوز التوسع في تفسيرها، وإنما يتعين الوقوف على حرفية تلك النصوص، تحوطا من مجانبة الصواب في تطبيقها، ووقوفا على ما ابتغاه المشرع من النص عليها بغية تطبيقها التطبيق السليم – تطبيق.

٢ – بعثات – قانون البعثات والإعانات الدراسية – تعريف البعثة الدراسية والمنحة الدراسية وتعريف الموفد والمبعوث – مدى التزام الموفد برد الرواتب المصروفة له في حالة عدم حصوله على المؤهل الدراسي خلال مدة إيفاده.

وضع المشرع – من خلال قانون البعثات والمنح والإعانات الدراسية – تعريفا خاصا للبعثة الدراسية و المبعوث والموفد، حيث عرف البعثة الدراسية بأنها الدراسة التي تتم على نفقة الحكومة للحصول على مؤهل في التعليم دون الجامعي أو الجامعي أو درجة علمية في الدراسات العليا وذلك داخل سلطنة عمان أو خارجها، كما عرف المبعوث بأنه كل من توفده الحكومة على نفقتها في بعثة دراسية داخل سلطنة عمان أو خارجها، وعرف الموفد بأنه كل من يوفد في بعثة أو منحة أو إجازة دراسية طبقا لأحكام قانون البعثات والمنح والإعانات الدراسية – فرض المشرع التزاما على المبعوث بإنهاء دراسته في المدة المقررة والحصول على المؤهل العلمي المبتعث لأجله وإلا التزم برد جميع ما أنفق عليه خلال مدة البعثة الدراسية – خلو كل من قانون البعثات والمنح والإعانات الدراسية، وقانون الخدمة المدنية، من نص يلتزم بمقتضاه الموظف الموفد بخلاف المبعوث في إجازة دراسية على نفقته الخاصة بخدمة الحكومة لمدة معينة بعد انتهاء فترة إيفاده، أو برد ما أنفق عليه من رواتب خلال فترة إيفاده في حال عدم الحصول على المؤهل الدراسي خلال المدة المحددة للإيفاد – مؤدى ذلك – عدم التزام الموظف برد الرواتب المصروفة له خلال مدة الإيفاد في إجازة دراسية على نفقته الخاصة – تطبيق.


فبالإشارة إلى الكتب المتبادلة، والمنتهية بالكتاب رقم:……………….. المؤرخ في…………………هـ، الموافق…………………….م بشأن طلب إبداء الرأي القانوني حول مدى التزام الفاضلة /………………………….، المنتهية خدمتها بالاستقالة برد الرواتب المصروفة لها خلال مدة إيفادها للحصول على درجة الدكتوراه على نفقتها الخاصة.

وتتلخص وقائع الموضوع – حسبما يبين من الأوراق – في أن المعروضة حالتها كانت تشغل وظيفة مدير عام……………….. في وزارة………………… (آنذاك) وتقدمت بتاريخ………………….م بطلب التفرغ لدراسة الدكتوراه المهنية في مجال إدارة الأعمال من جامعة…………….. في……………………، وذلك على نفقتها الخاصة، وأنه بتاريخ………………م تم إيفاد المذكورة في إجازة براتب كامل للدراسة على نفقتها الخاصة خلال الفترة من………………..م، وحتى………………………..م.

وتذكرون أن المعروضة حالتها تقدمت بتاريخ………………….م بطلب لتمديد مدة الإيفاد والتفرغ لعام كامل بحيث تنتهي في…………..، وذلك للعمل على المشروع البحثي وتقديمه إلى مجلس الجامعة، وبتاريخ……………..م قامت………… في الوزارة بمخاطبة المعروضة حالتها لموافاتها بتاريخ بدء وانتهاء مدة إعداد المشروع البحثي ومناقشته، وأفادت المذكورة قيامها بمخاطبة الملحقية الثقافية في………….. والتي بدورها ستخاطب الجامعة لمعرفة المدة الزمنية لإعداد ومناقشة رسالة الدكتوراه.

وتشيرون إلى أن المعروضة حالتها تقدمت بتاريخ………….م بطلب الاستقالة من العمل على أن تسري اعتبارا من…………….م، وأنه بتاريخ………………م تم قبول استقالة المذكورة وفقا للقرار رقم ١٣٦ / ٢٠٢٠.

وتبدون أنه على إثر ذلك قامت دائرة الموارد البشرية في الوزارة بإخطار المذكورة بوجود مبالغ مالية يتعين عليها سدادها للوزارة، وهي الرواتب المصروفة لها خلال فترة إيفادها بمبلغ وقدره (٨٠٤١٣,٥٨٦) ثمانون ألفا وأربعمائة وثلاثة عشر ريالا عمانيا وخمسمائة وست وثمانون بيسة، نظرا لعدم حصولها على المؤهل الدراسي الذي أوفدت للحصول عليه.

وتذكرون أن الآراء في وزارة……………. قد تباينت في شأن الموضوع، حيث ذهب رأي إلى عدم جواز استرداد الرواتب التي تم صرفها للمذكورة لخلو كل من قانون البعثات والمنح والإعانات الدراسية وقانون الخدمة المدنية من نص يلزم باسترداد الرواتب في حال عدم حصول الموفد على المؤهل الدراسي، في حين ذهب الرأي الآخر إلى إلزام المذكورة برد ما صرف لها من رواتب باعتبار أن القول بخلاف ذلك يتعارض مع مبدأ الأجر مقابل العمل، وأن ما تم صرفه دون وجه حق يتعين رده، بالإضافة إلى عدم جواز التوسع في الأعباء المالية على الميزانية العامة للدولة وتأسيسا على ما تم تطبيقه على بعض الحالات المشابهة من موظفي الوزارة.

وإزاء ما تقدم، وإذ تطلبون الإفادة بالرأي القانوني في الموضوع المشار إليه.

وردا على ذلك، يسرني أن أفيد معاليكم بأن المادة (١) من قانون البعثات والمنح والإعانات الدراسية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم ٨٣ / ٢٠٠٢ تنص على أنه: “في تطبيق أحكام هذا القانون يكون للكلمات والعبارات التالية، المعنى المحدد قرين كل منها ما لم يقتض سياق النص معنى آخر:

…………………………………………………

المبعوث: من توفده الحكومة على نفقتها في بعثة دراسية داخل أو خارج السلطنة.

الموفد: من يوفد في بعثة أو منحة أو إجازة دراسية طبقا لأحكام هذا القانون.

الإجازة الدراسية: موافقة جهة العمل على تفرغ الموظف للدراسة للحصول على مؤهل في التعليم دون الجامعي أو الجامعي أو الدراسات العليا”.

وتنص المادة (١٤) من القانون ذاته على أنه: “يكون منح موظفي وحدات الجهاز الإداري للدولة إجازات دراسية طبقا للشروط والأحكام المنصوص عليها بالنظم الوظيفية التي تسري في شأنهم، ولا يجوز تمديد الإجازة المشار إليها إلا بعد استطلاع رأي الوزارة”.

وتنص المادة (١٨) من القانون ذاته على أنه: “تحسب مدة الدراسة التي يمضيها الموظف الموفد سواء كانت داخل البلاد أو خارجها ضمن مدة خدمته”.

كما تنص المادة (١٩) من القانون ذاته على أنه: “على الموفد أن ينهي دراسته في المدة المقررة، وأن يواظب على حضور الدراسة والتدريبات العملية المرتبطة بها، وأن يكون محمود السيرة، ومحافظا على سمعة بلاده، وأن يحترم تقاليد البلاد التي يوفد إليها”.

كما تنص المادة (٢٧) من القانون ذاته على أنه: “يلتزم الموظف المبعوث الحاصل على الدراسات العليا بخدمة الجهة التي يعمل بها مدة لا تقل عن سنة مقابل كل سنة من سنوات بعثته للدراسات العليا وإلا التزم برد جميع ما أنفق عليه خلال مدة البعثة الدراسية.

ولوزارة العمل الإعفاء من الالتزام المشار إليه بعد موافقة جهة عمل الموظف ووزارة المالية”.

وتنص المادة (٨٧) من قانون الخدمة المدنية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم ١٢٠ / ٢٠٠٤ على أنه: “يجوز بقرار من رئيس الوحدة منح الموظف المعين بغير طريق التعاقد الذي يرغب في الدراسة على نفقته الخاصة إجازة دراسية براتب كامل للحصول على المؤهلات العلمية التالية أو ما يعادلها:

– درجة الماجستير أو الدكتوراه.

-…………………………………..

-…………………………………..

-…………………………………..

وتحدد اللائحة شروط منح هذه الإجازة، على أنه يجب في جميع الأحوال أن تكون الدراسة في أحد التخصصات العلمية والمهنية التي تقتضيها المصلحة المباشرة للعمل.

ومن حيث إن مفاد النصوص سالفة البيان، أن المشرع من خلال قانون البعثات والمنح والإعانات الدراسية المشار إليه حدد المقصود بكل من المبعوث والموفد والإجازة الدراسية، حيث عرف المبعوث بمن توفده الحكومة على نفقتها في بعثة دراسية داخل أو خارج السلطنة، أما بالنسبة للموفد فهو من يتم إيفاده في بعثة أو منحة أو إجازة دراسية طبقا لأحكام القانون المشار إليه، في حين عرف الإجازة الدراسية بأنها موافقة جهة العمل على تفرغ الموظف للدراسة للحصول على مؤهل في التعليم دون الجامعي أو الجامعي أو الدراسات العليا، فضلا عن أن المشرع وضع لوحدات الجهاز الإداري للدولة نظاما للنهوض بالكفاءات العلمية والمعرفية لموظفيها بما ينعكس إيجابا على أساليب ومناهج العمل من حيث تطويرها أو من حيث استنباط أساليب عمل جديدة ومواكبة آخر المستجدات في مجال تخصصهم، وذلك من خلال الحصول على مؤهلات علمية جامعية أو على درجات علمية في الدراسات العليا، وقد شجع المشرع على تفعيل تلك الجهود بأن أجاز لوحدات الجهاز الإداري للدولة أن توفد موظفيها للحصول على المؤهل الدراسي بعد موافقة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، بحيث يتم منحهم إجازات دراسية يواصلون خلالها تقاضي كافة رواتبهم استثناء من قاعدة الأجر مقابل العمل، مع احتساب مدة الدراسة التي يمضونها سواء أكانت داخل البلاد أم خارجها ضمن مدة خدمتهم.

ومن حيث إن القانون المشار إليه حدد التزاما على عاتق الموفد بأن ينهي دراسته في المدة المقررة وأن يواظب على حضور الدراسة والتدريبات العملية المرتبطة بها وأن يكون محمود السيرة ومحافظا على سمعة بلاده وأن يحترم تقاليد البلاد التي يوفد إليها، كما أورد المشرع التزاما على عاتق المبعوث فور عودته من البعثة الدراسية وإتمامه لها بنجاح، وحصوله على المؤهل العلمي المبتعث لأجله، وذلك بأن يعمل في الجهة التي ينتسب إليها مدة لا تقل عن سنة مقابل كل سنة من سنوات بعثته للدراسات العليا وإلا التزم برد جميع ما أنفق عليه خلال مدة البعثة الدراسية، بيد أن هذا الالتزام يمكن لوزارة العمل الإعفاء منه بعد موافقة جهة عمل الموظف، ووزارة المالية.

ومن حيث إن كلا من قانون البعثات والمنح والإعانات الدراسية، وقانون الخدمة المدنية، قد وردا خلوا من نص يلتزم بمقتضاه الموظف الموفد – بخلاف المبعوث – في إجازة دراسية على نفقته الخاصة بخدمة الحكومة لمدة معينة بعد انتهاء فترة إيفاده، أو برد ما أنفق عليه من رواتب خلال فترة إيفاده في حال عدم الحصول على المؤهل الدراسي خلال المدة المحددة للإيفاد.

وبالتطبيق لما تقدم، ولما كان الثابت من الأوراق أن المعروضة حالتها تم إيفادها بتاريخ………………….م في إجازة دراسية للحصول على درجة الدكتوراه على نفقتها الخاصة، وبتاريخ…………….م تقدمت بطلب تمديد مدة الإيفاد والتفرغ لمدة عام كامل حتى……………… م، لإنهاء مشروع بحثها، وتقديمه إلى مجلس الجامعة، وأنه بتاريخ………………م تم قبول طلب استقالة المعروضة حالتها، وأن دائرة الموارد البشرية في الوزارة قامت بإخطار المعروضة حالتها لرد الرواتب المصروفة لها خلال فترة إيفادها والمقدرة بمبلغ وقدره (٨٠٤١٣,٥٨٦) ثمانون ألفا وأربعمائة وثلاثة عشر ريالا عمانيا وخمسمائة وست وثمانون بيسة، وعليه، فإن المعروضة حالتها لا تلزم برد ما صرف لها من رواتب إبان فترة الإجازة الدراسية، إذ لو أراد المشرع إلزام الموفد برد ما صرف له من رواتب لما أعوزه النص على ذلك صراحة، فضلا عن أن النصوص المالية لا يجوز التوسع في تفسيرها، وإنما يتعين الوقوف على حرفية تلك النصوص، تحوطا من مجانبة الصواب في تطبيقها، ووقوفا على ما ابتغاه المشرع من النص عليها بغية تطبيقها التطبيق السليم.

لذلك، انتهى الرأي إلى عدم التزام المعروضة حالتها برد الرواتب المصروفة لها خلال مدة إيفادها في إجازة دراسية للحصول على درجة الدكتوراه على نفقتها الخاصة، وذلك على النحو المبين بالأسباب.