التصنيفات
أحكام قضائية

المحكمة العليا – الدائرة المدنية (ب): الطعن رقم ٤٦٧ / ٢٠١٧م

2017/467 467/2017 ٢٠١٧/٤٦٧ ٤٦٧/٢٠١٧

تحميل

جلسة يوم الأحد الموافق ١٢ / ١١ / ٢٠١٧م

برئاسة فضيلة القاضي / سليمان بن عبد الله اللويهي، وعضوية كل من أصحاب الفضيلة القضاة: زهران بن ناصر البراشدي، ومحمد بن حمد النبهاني، ويحيى محمد عبد القادر، والشيخ ولين الشيخ ماء العينين.

(٩٩)
الطعن رقم ٤٦٧ / ٢٠١٧م

دعوى (تقادم – مدة – انقطاع – وقف – عذر شرعي – حصر)

– حالات انقطاع التقادم الورادة في المادة (١٦ / ب) واردة على سبيل الحصر، إلا أن المادة لم تنص على حالات وقف التقادم التي هي مشمولة بالقواعد العامة.

– المادة (٣٤٦) من قانون المعاملات المدنية نصت على اعتبار العذر الشرعي المانع من رفع الدعوى سببا واقفا للتقادم.

– الفرق بين انقطاع التقادم وبين وقفه أن التقادم متى انقطع فإن مدته يبدأ حسابها من جديد بمجرد زوال سبب الانقطاع، أما في حالة وقف التقادم فإنه متى ما زال سبب الوقف فإن يبنى على المدة السابقة لاستكمالها.

الوقائع

تتحصل الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق في أن ابن الطاعن / … القاصر تعرض بتاريخ ٢٣ / ٣ / ٢٠١٤م لحادث دهس بسيارة مؤمنة لدى المطعون ضدها وقد أصيب بإصابات كثيرة نقل على إثرها إلى المستشفى.

والإصابات هي كسر بالكاحل، وكسر بالعظم الكعبي الوحشي والأنسي، وكسر بالشظية، وكسر بعظم الكعب والظنبوب، وتورم وندوب وسحجات بالمرفق وألم.

ولما كانت السيارة أداة الحادث مؤمنة لدى الشركة المطعون ضدها فقد أقام الطاعن بتاريخ يوم ٩ / ٦ / ٢٠١٦م بوساطة وكيله القانوني دعوى مباشرة ضد الشركة المؤمنة المطعون ضدها بصحيفة أودعها أمانة سر المحكمة الابتدائية بصحار طالب من خلالها القضاء لموكله على المدعى عليها بتعويض قدره ستون ألف ريال عماني، ومبلغ خمسمائة ريال أتعاب محاماة، وإلزامها بالمصاريف. على سند من القول بأنه تعرض للحادث بتاريخ ٢٣ / ٣ / ٢٠١٤م وأن المركبة المتسببة في الحادث مؤمنة لدى المدعى عليها؛ لذا قدم دعواه طلبا للقضاء لموكله بطلباته.

وبحضور الطرفين ردت الشركة المدعى عليها بدفعها الذي تقدمت به مطالبة برفض الدوى لسقوطها بالتقادم وفق الفقرة (أ) من المادة (١٦) من قانون تأمين المركبات وقد عقب المدعي عليها.

وبعد استكمال جميع الإجراءات أصدرت المحكمة حكما قضى بإلزام المدعى عليها بأن تؤدي للطاعن في الطعن الماثل مبلغا قدره ثمانية آلاف وخمسمائة وخمسون ريالا عمانيا ومبلغ مائة ريال عماني أتعاب محاماة وإلزامها المصاريف.

فلم ترض المطعون ضدها بالحكم واستأنفته لدى محكمة الاستئناف بصحار الدائرة المدنية وقيد تحت رقم ١٠٦٣ / ٢٠١٦م بصحيفة طالب وكيلها من خلالها القضاء برفض الدعوى للتقرير بها بعد الميعاد.

وبعد استكمال جميع الإجراءات أصدرت المحكمة حكما قضى بقبول الاستئناف شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجددا بعدم سماع الدعوى لرفعها بعد الميعاد وألزمت المستأنف ضده المصاريف.

فلم يلق حكمها قبولا من الطاعن فطعن عليه بالنقض لدى المحكمة العليا.

في يوم الأحد ٨ / جمادى الأول / ١٤٣٨هـ الموافق ٥ / ٢ / ٢٠١٧ م صدر الحكم المطعون فيه من محكمة الاستئناف بصحار الدائرة المدنية وفي يوم الخميس ١٦ / ٣ / ٢٠١٧م تم الطعن عليه بالنقض لدى أمانة سر المحكمة العليا بصحيفة موقعة من محام مقبول للترافع مستوفية لأوضاعها الشكلية وتم إعلان المطعون ضدها فردت بمذكرة طالبت من خلالها رفض الطعن.

أقيم الطعن على أسباب حاصلها مخالفة الحكم المطعون فيه لصحيح القانون على سند من القول بما حاصله أن الحكم الطعين قضى برفض الدعوى لرفعها بعد الميعاد مخالفا بذلك القانون ومقتضى ذلك أنه لا يسري التقادم المانع من سماع الدعوى كلما حال بين صاحب الحق والمطالبة عذر شرعي. والثابت بالأوراق أن ملف الدعوى الجزائية قد حفظ إداريا بتاريخ ١٠ / ٦ / ٢٠١٥م وهو تاريخ علم الطاعن بالدعوى الجزائية وآخر إجراء صحيح فيها وقد خلت الأوراق من ثمة دليل خلاف ذلك وقد قدم الطاعن خطاب الشرطة الموجه للمحكمة المشعر بحفظ ملف الحادث وقرار الحفظ من الشرطة يقوم مقام قرار الحفظ من الادعاء العام ومن هذا التأريخ تحدد المركز القانوني في الدعوى وكون المحكمة مصدرة الحكم أغفلت ذلك فقد تبين عدم تحققها من الوقائع الدعوية بما يتعين والحال هذه نقض الحكم وانتهى بالمطالبة بإلغاء الحكم المطعون فيه وتأييد حكم محكمة أول درجة وإلزام المطعون ضدها المصاريف.

المحكمة

بعد الاطلاع على سائر الأوراق وبعد استماع التقرير المعد من القاضي المقرر وبعد المداولة وكون الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية ومقبول شكلا، فإنه من حيث الموضوع فإن النعي على الحكم المطعون فيه بما ذكره وكيل الطاعن سديد في مضمونه بالسبب الوحيد المتعلق بانقطاع التقادم ذلك أن البين من الأوراق أن الحكم الطعين قضى بعدم سماع الدعوى لرفعها بعد الميعاد دون التحقق من العذر القاطع للتقادم أو الموقف له ذلك أن وقف التقادم يسري على الدعاوى في حالات عدة وهي الحالات التي يكون لصاحب الحق فيها عذر بين يمنعه من مواصلة دعواه والقيام بها وذلك حسب شروط بينها القانون، وحيث إن المادة (١٦ / أ) من قانون تأمين المركبات نصت على انقطاع التقادم وحددت الحالات التي ينقطع بسببها التقادم فإن هذه الحالات لا تسري إلا على الحالات التي جاءت على سبيل الحصر.

والانقطاع والوقف كلاهما كقاعدة عامة لا يسريان إلا من اليوم الذي يصبح فيه الحق مستحق الأداء، والفرق بينهما أن الانقطاع يج ب المدة التي انقضت منذ بدء سريان التقادم وذلك من وقت نشوء أو قيام سبب الانقطاع؛ بحيث تبدأ مدة جديدة عند زوال السبب، أما الوقف فإنه – إن تحقق سببه قانونا – يوقف سريان التقادم منذ حدوث السبب وحتى زواله ثم يبدأ في السريان استكمالا للمدة المتبقية بمعنى أنه لا يسقط من المدة الكلية إلا مدة الوقف فقط، وتضم المدتان أو المدد مع بعضها حتى تكتمل وهكذا.

وحيث إن قانون تأمين المركبات لم ينص على الوقف فإنه تسري في أحكام الوقف القواعد العامة المنصوص عليها في الفقه الاسلامي وقد تم تقنين ذلك كما في مرشد الحيران المادة (١٥٧) وفي مجلة الأحكام العدلية المادتين (٦٦٣) و(٦٦٨) وفي غيرهما من التشريعات ومقتضى ذلك أن مدة التقادم تقف إذا كان هنالك عذر شرعي يحول بين صاحب الحق وبين رفع الدعوى حماية لحقه.

وقد نص قانون المعاملات المدنية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم ٢٩ / ٢٠١٣م في مادته رقم (٣٤٦) على: «يقف مرور المدة المانع من سماع الدعوى كلها كلما وجد عذر شرعي تتعذر معه المطالبة بسماع الدعوى ولا تحسب مدة قيام العذر في المدة المقررة» وهو حكم عام يرجع إليه في حالة عدم وجود النص الخاص. كما نصت المادة (٣٤٤) منه «تبدأ المدة التي يمتنع سماع الدعوى بانقضائها من اليوم الذي يصبح فيه الدين مستحق الأداء، ومن وقت تحقق الشرط إذا كان معلقا على شرط، ومن وقت ثبوت الاستحقاق في دعوى ضمان الاستحقاق وبشرط الإنكار من المدين أي عدم الاعتراف بالحق كما في المواد ٣٤٠ و٣٤١ و ٣٤٩. وأما الانقطاع فتنقطع المدة كلما وجد العذر الشرعي وبالمطالبة القضائية ولو رفعت الدعوى إلى محكمة غير مختصة، ما دام باقيا منها ولو يوما واحدا وبالإعذار، وبالحجز، أو بأي إجراء قضائي يقوم به الدائن للتمسك بحقه.

أي يزول المانع من عدم سماع الدعوى وتبقى الدعوى مسموعة بوجود العذر. وتبدأ مدة جديدة. وذلك كما في المادتين (٣٥٠ و٣٥١) من نفس القانون ونصهما: المادة (٣٥٠) «تنقطع المدة المقررة لعدم سماع الدعوى بالمطالبة القضائية ولو رفعت الدعوى إلى محكمة غير مختصة، وبالإعذار، وبالحجز، أو بأي إجراء قضائي يقوم به الدائن للتمسك بحقه. والمادة (٣٥١) نصت «إذا انقطعت المدة المقررة لعدم سماع الدعوى بدأت مدة جديدة كالمدة الأولى تسري من وقت انتهاء الأثر المترتب على سبب الانقطاع ولا يسقط الحق مهما كان نوعه إذا حكمت به المحكمة بحكم لا يقبل الطعن»، وقد مدت الشرطة الطاعن برسالة بتاريخ ١٠ / ٦ / ٢٠١٥م مخاطبة للمحكمة في ذلك فيها والثابت بالأوراق أن ملف الدعوى الجزائية قد حفظ إداريا بهذا التاريخ ١٠ / ٦ / ٢٠١٥م وهو تاريخ علم الطاعن بغلق الملف وعدم الاستمرار في إجراءات الدعوى الجزائية وآخر إجراء صحيح في موضوع المطالبة بالحق وقد خلت الأوراق من ثمة دليل بخلاف ذلك وقدم الطاعن خطاب الشرطة الموجه للمحكمة المشعر بحفظ ملف الحادث وقرار الحفظ من الشرطة يعتد به في حق المضرور في احتساب بداية المدة إذ إن المضرور والحال هذه كان يحتسب استمرار القضية جزائيا ففوجئ بغلق ملف القضية من الشرطة وهذا إجراء لا دخل له فيه ذلك أن المضرور في الحادث لا يمكنه تقديم دعوى ضررية ضد المتسبب أو من يقوم مقامه إلا باكتمال الإجراءات الرسمية ومن ضمنها وجود ملف الحادث أو الإشعار بغلقه سواء من الشرطة أو الادعاء العام وترتيبا على ذلك يقدم دعواه ولو في آخر يوم من المدة القانونية مالم يهمل مراجعته للجهة المختصة طوال المدة القانونية فلو أنه أثبت مطالبته بأي إجراء فقد أحرز حقه في المطالبة مع العلم أن هذا الإجراء داخل المدة القانونية ومن هذا التاريخ ١٠ / ٦ / ٢٠١٥م تاريخ غلق الملف بالشرطة يتحدد المركز القانوني في الدعوى وتبدأ مدة جديدة، وكون المحكمة مصدرة الحكم أغفلت ذلك ولم تناقشة مناقشة موضوعية فقد تبين عدم تحققها من الوقائع الدعوية بما يتعين والحال هذه نقض الحكم. ووجه المخالفة مخالفة الحكم الطعين للفقرة (ب) من نفس المادة (١٦) من قانون التأمين المذكورة آنفا وذلك لالتفاته عن الأخذ بالمانع الشرعي والقانوني من سماع الدعوى وقد نصت «ينقطع التقادم المشار إليه في الفقرة السابقة بكتاب مسجل أو بتسليم المستندات المتعلق بالمطالبة إلى المؤمن..» وبإنزال ذلك على واقعة الدعوى يتبين أنه تم مخاطبة الشرطة للمحكمة بتاريخ: ١٠ / ٦ / ٢٠١٥م بغلق الملف وكان هذا الخطاب داخل المدة القانونية وهو آخر إجراء من الطاعن في المطالبة بحقه قبل رفع الدعوى قطع مدة التقادم ولم تناقشه المحكمة مناقشة موضوعية مما يتبين معه والحال هذه أنها لو تكلفت البحث والمناقشة في الموضوع لتغير وجه الرأي معها. لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن الطاعن تمسك أمام محكمة الموضوع بانقطاع مدة التقادم أو وقفها بناء على هذا المفهوم الذي ذكرناه وكان الحكم الطعين خالف هذا النظر فقد تعين لهذا السبب نقضه ولما كان الموضوع صالحا للفصل فيه بموجب أحكام المادة (٢٦٠) من قانون الإجراءات المدنية والتجارية فقد تعين على هذه المحكمة القضاء فيه، ولما كان حكم أول درجة انتهى إلى نتيجة صحيحة وهي القضاء للطاعن بحقة في التعويض فقد تعين على هذه المحكمة القضاء برفض الاستئناف المقدم من المطعون ضدها رقم ١٠٦٣ / ٢٠١٦م وتأييد حكم محكمة أول درجة وإلزام المطعون ضدها بالمصاريف عن درجتي التقاضي ومصاريف هذا الطعن كونها قائمة مقام المتسبب وحالة محله بمحض إرادتها دون جبر أو إكراه ورد الكفالة للطاعن.

فلهذه الأسباب

«حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والقضاء في موضوع الاستئناف المقدم من المطعون ضدها برفضه وتأييد حكم محكمة أول درجة وإلزام المطعون ضدها بالمصاريف عن درجتي التقاضي ومصاريف هذا الطعن ورد الكفالة للطاعن».