التصنيفات
أحكام قضائية

المحكمة العليا – الدائرة المدنية (ب): الطعن رقم ١٧٢٢ / ٢٠١٦م

2016/1722 1722/2016 ٢٠١٦/١٧٢٢ ١٧٢٢/٢٠١٦

تحميل

جلسة يوم الأحد الموافق ١٢ / ١١ / ٢٠١٧م

برئاسة فضيلة القاضي / سليمان بن عبد الله اللويهي، وعضوية كل من أصحاب الفضيلة القضاة: زهران بن ناصر البراشدي، ومحمد بن حمد النبهاني، ويحيى محمد عبد القادر، والشيخ ولين الشيخ ماء العينين.

(١٠٠)
الطعن رقم ١٧٢٢ / ٢٠١٦م

ضرر (تعويض – ضرر مستقبلي – فوات النفع – عملية جراحية – موضحة – تقارير طبية – إصابات)

– يحسب في تقدير التعويض الضرر المستقبلي وما يفوت من نفع.

– التدخل الجراحي لتجبير العظام يعد موضحة، على أن الموضحة الواحدة تكون في جرح أبعاده ٣ سم طولا وعرض ا، فإن زاد على ذلك زيدت موضحة أخرى لكل ٣ سم طولا وعرضا وهكذا، أما إن كان التقرير غير واضح في بيان مساحة الجرح الناتج عن العملية فأقل تعويض عن هذا التدخل الجراحي يساوي ثلاث (٣) موضحات.

– الواجب على المحكمة الاستيضاح من المستشفى في حال وجود تناقض أو ريبة أو شك في الإصابات الواردة بالتقارير. أثر ذلك أن عدم الاستيضاح سبب موجب لنقض الحكم.

الوقائع

تتحصل الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق في أن الطاعن تعرض لحادث سير مروري بتاريخ ١٨ / ٧ / ٢٠١٥م بسيارة مؤمنة لدى المطعون ضدها وقد أصيب بعدة إصابات ذكرت في التقارير التفصيلية. ولما كانت السيارة أداة الحادث مؤمنة لدى الشركة المطعون ضدها وكانت بمحض إرادتها قائمة مقام المتسبب وحالة محله في تحمل أعباء الأضرار الواقعة على المضرور الناتجة بسبب الفعل الضار وهو حادث السير فقد أقام الطاعن لدى محكمة شناص الابتدائية الدائرة المدنية الفردية بتاريخ ٢٠ / ١٢ / ٢٠١٥م وقيدت تحت رقم ٣٨٠ / م / ٢٠١٥م دعوى مباشرة ضد الشركة المؤمنة المطعون ضدها بصحيفة أودعها محاميه أمانة سر المحكمة طالب من خلالها القضاء لموكله على المدعى عليها بتعويض قدره خمسون ألف ريال عماني عما لحقه من أضرار مادية ومعنوية، ومبلغ خمسمائة ريال أتعاب محاماة، وإلزامها المصاريف. والإصابات على ما يبدو تتلخص في الآتي: كسر تهشمي منزاح بالعضد الأيسر مع عملية تثبيت بالمسامير وشريحة معدنية ثم أجريت له عملية أخرى بالخارج بوضع رقعة عظمية للعضد مع تحرير العضلة ثلاثية الرؤس مع ألم بالكتف الأيسر ومحدودية الحركة في آخر ١٥ درجة من بسط المرفق مع كمية قليلة من التكلس هشاشة العظام بالعظم الكفي واليد (متلازمة الألم الموضعي المعقد) مع تشوه بالذراع جرح عميق متهتك حوالي أربعة سنتم بفروة الرأس، ألم عند اللمس بالجزء العلوي الأيمن من الصدر، ألم عند اللمس وتورم بالذراع اليسرى، جرح مفتوح أقل من ١سم خلف المرفق، تصلب المرفق الأيسر مع محدودية الحركة بواقع (٥٠ / ١٣٠)، ألم بالساعد الخ. وذلك وفقا للتقارير المرفقة من المستشفى المرجعي بصحار والمجمع الصحي. وبحضور الطرفين ردت الشركة المدعى عليها بدفعها الذي تقدمت به معترفة بالمسؤولية ودفعت بدفعين أحدهما عدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى تم الرد عليه والثاني مطالبة القضاء بتعويض المدعي وفق المرسوم السلطاني ١١٨ / ٢٠٠٨م الناص بتحديد الديات والأروش كون المدعي من الغير. ورفض الدعوى فيما زاد على ألف ريال عماني على سند من القول إن التعويض المطالب به غير متناسب مع الإصابات وبعد استكمال جميع الإجراءات أصدرت المحكمة بتاريخ ٢٩ / ١١ / ٢٠١٥م حكما قضى بإلزام المدعى عليها المطعون ضدها في الطعن الماثل مبلغا قدره خمسة آلاف ريال عماني وألزمتها المصاريف. فلم يرض المدعي بالحكم واستأنفه لدى محكمة صحار الدائرة المدنية حيث قيد استئنافه تحت رقم (٢٤٠ / ٢٠١٦م) بصحيفة طالب من خلالها القضاء له بطلباته.

كما لم ترض الشركة المحكوم عليها بالحكم واستأنفته لدى نفس المحكمة وقيد استئنافها تحت رقم ٢٦٠ / ٢٠١٦م وطالبت من خلاله القضاء لصالحها مجددا بالنزول بالتعويض إلى أربعة آلاف ومائتين وخمسين ريالا عمانيا.

وبعد استكمال جميع الإجراءات أصدرت محكمة الاستئناف حكمها الطعين القاضي بقبول الاستئنافين شكلا، وفي الموضوع برفضهما وتأييد الحكم المستأنف وإلزام كل مستأنف بمصاريفه.

فلم يلق حكمها من الطاعن قبولا مرة أخرى وطعن عليه بالنقض لدى المحكمة العليا. في يوم الأحد ٨ / ٢ / ١٤٣٨هـ الموافق ٨ / ١١ / ٢٠١٦م صدر الحكم المطعون فيه من محكمة الاستئناف بصحار الدائرة المدنية وفي يوم الأحد ١٨ / ١٢ / ٢٠١٦م تم الطعن عليه بالنقض لدى أمانة سر المحكمة العليا بصحيفة موقعة من محام مقبول للترافع مستوفية لأوضاعها الشكلية وتم إعلان المطعون ضدها بصحيفة الطعن فلم ترد.

أقيم الطعن على أسباب حاصلها مخالفة الحكم لصحيح القانون بالخطأ في التطبيق والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق على سند من القول بما حاصله أن الحكم الطعين خالف مخالفة صريحة للمرسوم السلطاني ١١٨ / ٢٠٠٨م وقضى برفض استئناف الطاعن دون الإحاطة بعناصر الضرر وما آلت إليه حال الطاعن ولم يقض للإصابات بحقها المشروع لها من دية أو أرش أو حكومة عدل باعتبار أن المحكمة لم تناقش التقارير الطبية مناقشة موضوعية مخالفة بذلك الثابت بالأوراق مع مخالفة ما هو ثابت فقها وقضاء في وجوب تحديد عناصر الضرر وإعطاء كل عنصر حقه المشروع له من دية أو أرش أو حكومة عدل ومؤداه عدم إحاطة المحكمة بعناصر الطلبات والأضرار التي لحقت بالطاعن ولما كانت التقارير الطبية خير شاهد على ذلك فيتبين إخلال المحكمة بواجبها المنوط بها وهو مناقشة عناصر الضرر والاحتساب لكل إصابة بالتعويض المناسب لها وفقا للتقرير الطبي وما آل إليه حال الطاعن بعد الحادث. ثم ذكر الإصابات المذكورة آنفا وانتهى بالمطالبة بنقض الحكم والقضاء له بطلباته وبمبلغ ألف ريال عماني أتعاب محاماة.

المحكمة

بعد الاطلاع على سائر الأوراق وبعد استماع التقرير المعد من القاضي المقرر وبعد المداولة وكون الطعن استوفى أو ضاعه الشكلية فهو مقبول شكلا ومن حيث الموضوع فإن النعي على الحكم المطعون فيه بما ذكره وكيل الطاعن سديد في مضمونه ذلك أنه من الواجب على المحكمة مصدرة الحكم تقصي جميع الإصابات وآثارها وما آلت إليه حال المضرور من فوات نفع أو حدوث ضرر وما ستؤول إليه إن كان ثم دليل على ذلك. والذي يبين من الحكم الطعين عدم تقصيه الإصابات وأثارها على المصاب وأيلولة المضرور بعد الحادث من فوات نفع وحدوث ضرر وعاهة مستديمة إلى غير ذلك مما هو معلوم فقها وقضاء مخالفا بذلك القانون الواجب تطبيقه مما يتعين على هذه المحكمة القضاء بنقضه وذلك لعدم التحقق من جميع الإصابات وآثارها على جسم المصاب ودون إعطاء ما ذكر من إصابات حقه المشروع له من دية أو أرش أو حكومة عدل ودون مناقشة التقارير المرفقة بالدعوى وما آلت إليه حال المضرور من فوات نفع أو حدوث ضرر أو عاهة مستديمة إذ بين التقارير وما قضي به بون شاسع قد يتغير معه وجه الرأي في التعويض. مما يعد قصورا مبطلا لحكمها ويتعين بموجبه على هذه المحكمة القضاء بنقضه على أن يكون مع النقض الإحالة، وعلى المحكمة المحال إليها التحقق من جميع ما يوصلها إلى العدالة المطلوبة لا سيما التحقق من جميع الإصابات وآثارها على جسم المصاب وما احتاجته أثناء العلاج من عمليات وخياطة وشبهها وما آلت إليه حال المضرور من فوات نفع أو حدوث ضرر أو عاهة مستديمة الى غير ذلك مما هو معلوم ضرورة، ولأجل البيان لا الحصر وكمبدأ عام فإن الإصابات التي يظهر أثرها داخل الجوف لكل واحدة ثلث الدية ولا يشترط أن تظهر الجراحة في الخارج وذلك إذا قرر الأطباء العارفون ذلك مثاله لو أصيب إنسان بجناية ما في التجويف الصدري أو البطني وقرر الأطباء أن ضررها وصل الكلية أو الرئة أو الكبد أو المساريق أو الأمعاء الخ فلكل إصابة جارحة مما ذكرنا ثلث الدية فإن احتاجت إلى تدخل جراحي بفتح الجوف أو ثقبه ولو بإبرة ففي كل عملية ثلث الدية أيضا وهذا أمر يكاد مفروغا منه لثبوته بالسنة عن المعصوم (ص) «وفي الجائفة ثلث الدية» والجائفة هي الإصابة التي يصل ضررها إلى الجوف ولو بثقب إبرة هكذا نص أهل العلم عليه وقد نص عليها المرسوم السلطاني المنظم للديات والأروش ١١٨ / ٢٠٠٨م وإن بتر شيء من تلك الأعضاء الجوفية فله أرشه – بقدر ما بتر – من الدية الكبرى ما لم يؤد إلى خلل في العضو فإن أدى إلى خلل فيه فله حقه أيضا وان استوصل وكان فرديا فالدية الكاملة وان زوجيا فنصفها ما لم يسر الضرر إلى الجزء الثاني فإن سرى إليه فله حقه أيضا وهكذا يقاس سائرها. وكذا في إصابة الرأس الحكم فيها سواء بسواء كما تقدم في مسألة الجوف كالآمة أو المأمومة مثلا وهي الإصابة التي تصل إلى الصفاق الفاصل بين المخ وغطاء الرأس أي عظمه. «وفي المأمومة ثلث الدية « الحديث، فإن قرر الأطباء أن الإصابة وصل ضررها إلى المخ مثلا فلكل إصابة حكم المأمومة وكذا الحال في التدخل الجراحي وهكذا يقاس سائرها. وبعدها الدامغة بالغين المعجمة وهي التي تخرق الجلدة وتصل إلى الدماغ أي تكشف المخ ولم يذكرها كثيرون لأن الدامغة عادة لا يعيش معها الإنسان فإن عاش فذلك فضل من الله ونعمة ولها حكم ما قبلها أي حكم المأمومة ومن العلماء من يزيد في أرش المأمومة حكومة وذلك ما لم تسبب ضررا آخر فإن سببت ذلك فلكل حكمه كما سبق بيانه.

أما التدخل الجراحي في تجبير العظام فيختلف وذلك أن تجبير العظام يحتاج إلى فتح كامل اللحم وإيضاح الجرح ولكن لا يوجد جوف والأصل أن فيه حكم الموضحة أي موضحة العظم ولكن لابد من معرفة القياس طولا وعرضا وقياس الموضحة الواحدة ثلاثة سنتي متر طولا وكذا العرض وما زاد فبحسابه يزاد عليه التعويض فإن لم يكن ثمة قياس واضح فأقل ما يقال فيه أرش ثلاث موضحات ذلك أن الطبيب يحتاج إلى إدخال المثبت وتثبيته وهذا أقل قدر يمكنه من ذلك أي بقدر تسعة سنتي متر طولا مع عرض ثلاثة على أقل تقدير فذلك قياس ثلاث موضحات فإن كان العرض أو الطول أكثر فبحسابه وهكذا. هذا كله إن لم تخلف الإصابة ضررا آخر على المصاب أما إن خلفت ضررا وثبت بمعرفة أهل الخبرة بذلك فللمجني عليه أرش الإصابة وارش الضرر وأرش التدخل الجراحي ولو وصل إلى عدة ديات. وحسبنا عمل الصحابة (ص) في المشجوج في رأسه إذ حكموا له بخمس ديات كما هو ثابت عنهم (ص).

مع التنبه أن إصابة المخ أن وجت أعظم ضررا من سائر الجسد وتؤثر على عمل جميع جزيئآت الجسم فما من جزيئة من خلاياه إلا ولها عمل خاص قد لا يعوض بغيرها إن فسدت فيفقد صاحبها منفعتها ولو بعد حين، ولذا لا بد من التعويض العادل. أما الانتظار بالمجني عليه إلى البرء أو إلى سنة مثلا فليس المراد منه نقص الأرش المنصوص عليه من الشارع وإنما المراد منه انكشاف الضرر المترتب على الجناية هل سيترتب عليها ضرر آخر أم لا؟ وهي المسماة ب «السراية، أو التولد» فإن تولد من الجناية ضرر فله أرش الجناية وأرش الضرر كما أسلفنا بدليل قوله (ص) «نهيتك فعصيتني فأبعدك الله وبطل عرجك» الحديث المتقدم في المشجوج في الركبة فقد أسقط (ص) عليه حق السراية بسبب تعجله وعدم أخذه بنصيحة المصطفى (ص) بصريح اللفظ فرسول الله (ص) لما راجعه لم ينف إضافة حق السراية على حق الجناية وإنما لم يقض له بها عقوبة له على المخالفة بصريح اللفظ.

وبدليل تعدد ذكره (ص) في أحاديث الديات والأروش للأعضاء ومنافعها كلا على حدة من غير قيد أو شرط. (وما ينط ق عن الهوى (٣) إن هو إلا وح ي يوح ى) (٤) سورة النجم.

وبدليل قضاء الصحابة (ص) المشار إليه قبل. وقد مضى بيان ذلك بما فيه الكفاية وإنما ذكر للتذكير فقط. (إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد) (٣٧) سورة ق.

وإن كان ثم تناقض أو ريبة أو شك في التقارير أو الإصابات أو آثارها فيرد إلى جهة الاختصاص: الجهة المعالجة؛ لاستجلاء الحقيقة. إذ: الحكم على الشيء فرع من تصوره. والحكم في شيء ما دون تصوره تصورا واضحا ينفي عنه الريب والشك باطل وجدير بالنقض. لما كان ذلك وكان الحكم الطعين خالف هذا النظر قضت هذه المحكمة بنقضه وإحالة الدعوى إلى المحكمة التي أصدرت الحكم لتحكم فيها من جديد بهيئة مغايرة بناء على طلب الخصوم وبدون رسوم جديدة وإلزام المطعون ضدها بالمصاريف ورد الكفالة للطاعن.

فلهذه الأسباب

«حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة الدعوى إلى المحكمة التي أصدرت الحكم لتحكم فيها من جديد بهيئة مغايرة بناء على طلب الخصوم وبدون رسوم جديدة وإلزام المطعون ضدها بالمصاريف ورد الكفالة للطاعن».