التصنيفات
أحكام قضائية

المحكمة العليا – الدائرة المدنية (ب): الطعن رقم ٦٥٥ / ٢٠١٧م

2017/655 655/2017 ٢٠١٧/٦٥٥ ٦٥٥/٢٠١٧

تحميل

جلسة يوم الأحد الموافق ١٢ / ١١ / ٢٠١٧م

برئاسة فضيلة القاضي / سليمان بن عبد الله اللويهي، وعضوية كل من أصحاب الفضيلة القضاة: زهران بن ناصر البراشدي، ومحمد بن حمد النبهاني، ويحيى محمد عبد القادر، والشيخ ولين الشيخ ماء العينين.

(١٠١)
الطعن رقم ٦٥٥ / ٢٠١٧م

إثبات – يمين متممة (توجيه – شروط) – إجراءات – مسألة قانونية (تعريف)

– للمحكمة في أية حالة كانت عليها الدعوى أن توجه اليمين المتممة بالصيغة التي تراها منطبقة على الخصومة من تلقاء نفسها.

– على المحكمة الأدنى أن تلتزم بالمسألة القانونية التي من أجلها أحالت المحكمة العليا الدعوى إليها. يراد بالمسألة القانونية تلك المسألة التي طرحت أمام المحكمة العليا وأبدت رأيها فيها؛ بحيث يمتنع على المحكمة المحال إليها المساس بذلك.

الوقائع

تتلخص الوقائع كما أوردها الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق أن المدعي (الطاعن) أقام دعوى لدى المحكمة الابتدائية بالرستاق برقم (٤٤٣ / م / ٢٠١٢م) بتاريخ ١٢ / ١٢ / ٢٠١٢م بموجب صحيفة طلب في ختامها الحكم بإلزام المدعى عليه والد الهالك ويدعى (…..) بصفته وارثا لابنه المذكور بأن يؤدي إليه مبلغ تسعة آلاف وخمسة وعشرين ريالا عمانيا تعويض ا ماديا ومعنويا عن الإصابات التي لحقت به نتيجة الحادث الذي تسبب فيه ابنه الهالك وإلزامه بالمصاريف وأتعاب المحاماة.

وذلك على سند من القول أنه بتاريخ ١٢ / ٨ / ٢٠١١م تعرض لحادث سير تسبب فيه ابن المدعى عليه بالمركبة رقم (…. / م) والتي يملكها المدعى عليه المذكور وقد نتج عن الحادث إصابته بالإصابات الموصوفة بالتقارير الطبية المرفقة وتم حفظ الدعوى العمومية لوفاة المتهم، ولما كانت المركبة غير مؤمن عليها لدى أي شركة من شركات التأمين فإن المدعى عليه والد الهالك المتسبب في الحادث يكون مسؤول عن أي خطأ ينتج عن قيادة المركبة، مما أدى به إلى إقامة الدعوى الماثلة بالطلبات سالفة البيان، حيث نظرت محكمة أول درجة الدعوى فعدل المدعي شكل الدعوى مختصما جميع ورثة الهالك ثم قضت برفض الدعوى وألزمت المدعي بالمصاريف ومبلغ مائة ريال عماني أتعاب المحاماة. تأسيسا على أن المسؤولية تقع على عاتق مرتكب الفعل الضار شخصيا وأن مورث المدعى عليهم لم يكن مصابا بأي مرض من الأمراض العقلية أو الجسمية مما يخرجهم من رقابة تصرفاته، ولم يكن في أي حالة من الحالات التي استثناها القانون لإلزام الغير بخطئه وبالتالي تنتفي مسؤولية ورثته عن أداء التعويض، فاستأنف المدعي هذا الحكم بالاستئناف رقم (٥١ / ٢٠١٤م) لدى محكمة الاستئناف بالرستاق وبتاريخ ٢٤ / ٥ / ١٤٣٥هـ الموافق ٢٦ / ٣ / ٢٠١٤م قضت المحكمة بقبول الاستئناف شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجددا بإلزام المستأنف ضدهم بأن يؤدوا للمستأنف مبلغا قدره (٣,٤٠٠ ر.ع) ثلاثة آلاف وأربعمائة ريال عماني تعويضا شاملا عما لحقه من أضرار بكافة أنواعها وذلك في حدود تركة مورثهم / … ورفض ما زاد على ذلك من طلبات وحملت المستأنف ضدهم المصاريف. فطعن المستأنف على هذا الحكم بالنقض أمام المحكمة العليا التي قضت فيه بالجلسة المنعقدة بتاريخ ٢٢ شعبان ١٤٣٥هـ الموافق ٢٥ يونيو ٢٠١٤م بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وأحالت الدعوى إلى المحكمة التي أصدرت الحكم لتحكم فيها من جديد بهيئة مغايرة وألزمت المطعون ضدهم بالمصاريف ورد الكفالة.

وبنت المحكمة العليا هذا الحكم على أن نعي الطاعن سديد ذلك أن الفعل الضار الناشئ عن حوادث السيارات يطبق عليه مسؤولية حارس الشيء أو صاحب الآلة الميكانيكية وهي مسؤولية مفترضة، والأصل أن الحارس هو مالك السيارة لأنه يملك السيطرة عليها فيكون هو المسؤول عن الأضرار التي تحدثها للغير ولا يستطيع أن ينفي المسؤولية عنه إلا إذا أثبت أن الخطأ يرجع إلى المضرور أو الغير أو القوة القاهرة، وهذا ما تمسك به الطاعن أمام محكمة الاستئناف من أنه أقام الدعوى ابتداء ضد والد الهالك بصفته مالك السيارة مرتكبة الحادث وأهمل التأمين عليها لدى شركة التأمين وأهمل في تجديد رخصتها لدى الشرطة.. وإذ لم يتعرض الحكم المطعون فيه لهذا السبب إيرادا وردا يكون معيبا بما يوجب نقضه.

حيث أحيلت الدعوى إلى محكمة الاستئناف بالرستاق فنظرت في الاستئناف الهيئة المغايرة بجلساتها وقدم الوكيل القانوني للمستأنف ضده مذكرة بتاريخ ٢٧ / ١١ / ٢٠١٦م بأن موكله المستأنف ضده يتمسك بالدفاع المقدم منه بالمذكرات المقدمة سابقا بالدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة طبقا للمادة (١١٦) من قانون الإجراءات المدنية والتجارية لأن المستأنف ضده والد الهالك ليست له صلة بالمركبة مرتكبة الحادث لا من قريب ولا من بعيد وأن الهالك اشتراها من مالكها الأصلي المذكور في تسيير رخصة المركبة ويدعى /….

وقررت المحكمة إحالة الدعوى للتحقيق ليثبت المستأنف بكافة طرق الاثبات أن المستأنف ضده هو مالك المركبة التي وقع بها الحادث وللأخير النفي بكافة طرق الاثبات وبعد الإجراءات التي اتخذتها محكمة الاستئناف بالهيئة المغايرة أصدرت حكمها بالجلسة المنعقدة بتاريخ ١٠ / ٦ / ١٤٣٨هـ الموافق ٩ / ٣ / ٢٠١٧م القاضي في موضوع الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء من جديد، أولا: برفض الدعوى قبل المستأنف ضده /… بشخصه، ثانيا: إلزام المستأنف ضدهم بأن يؤدوا للمستأنف مبلغا وقدره ثلاثة آلاف وتسعمائة ريال عماني تعويضا شاملا للمستأنف عما لحقه من أضرار بكافة أنواعها من تركة مورثهم /… ورفض ما زاد على ذلك وحملت المستأنف ضدهم المصاريف.

فلم ينل هذا الحكم قبولا لدى المستأنف فطعن فيه بالنقض الماثل بموجب صحيفة موقعة من قبل محاميه المقبول للترافع أمام المحكمة العليا الذي أودعها بأمانة سر هذه المحكمة بتاريخ ١٢ / ٤ / ٢٠١٧م مشفوعة بصورة من وكالته عنه وما يفيد سداد الرسوم المقررة وإيداع مبلغ الكفالة طبقا لمقتضيات المادتين (٢٤٤ و٢٤٧) من قانون الإجراءات المدنية والتجارية فتم إعلان صحيفة الطعن للمطعون ضدهم فلم يردوا عليها.

حيث إن الطاعن أقام طعنه ينعي فيه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب وعدم الإلمام بموضوع الدعوى والتناقض بين منطوق الحكم وموضوعه والإخلال بحق الدفاع ومخالفته للقانون من الأوجه الآتية:

ففي الوجه الأول: ينعي الطاعن على الحكم الطعين الفساد في الاستدلال عندما صدر على خلاف حكم نهائي آخر باسم /… والثابت في هذا الحكم النهائي أن المطعون ضده مالك المركبة رقم (… / م م) المرتكبة الحادث، وفي الحكم الطعين الماثل اعتبر أن المطعون ضده ليس مالكا للسيارة المذكورة وقد وجه له اليمين المتممة والتي حلفها الأخير رغم أنها هي نفس السيارة التي يحوزها المطعون ضده المرتكبة للحادث وهو الحكم رقم (٧٦ / ٢٠١٢م مدني الرستاق) المرفق صورته، وفي هذا الحكم لم ينكر المطعون ضده ملكيته لتلك السيارة مرتكبة الحادث وصدر الحكم المذكور برفض الدعوى ثم تم استئنافه رقم (٤٧٥ / ٢٠١٤م) استئناف مدني الرستاق وأيضا لم ينكر المطعون ضده ملكيته لتلك السيارة وحكم بتعويض المستأنف مرفق صورة من الحكم الاستئنافي، وقد يثبت من قرار حفظ الادعاء العام لملف الدعوى الجزائية المرفق صورة منه أن الحادث وقع من السيارة رقم (… / م م) بي.أم.دبليو بقيادة /… ابن المطعون ضده في الحكم الطعين، وكان يكفي هذا الحكم النهائي المذكور مؤونة إثبات أن المطعون ضده الماثل هو حائز ومالك المركبة مرتكبة الحادث وبالتالي هو المسؤول عن الحادث والمسؤول عن الحق المدني للمتضررين من المركبة التي كان يقودها ابنه الهالك وبذلك يكون الحكم الطعين خالف واقعة ثابتة بحكم نهائي.

وفي الوجه الثاني: ينعي الطاعن على الحكم الطعين القصور في التسبيب وعدم الالمام بموضوع الدعوى لكون الطاعن ما فتئ ينبه بأن هناك حكم سابق نهائي حاز حجية الأمر المقضي لصالح شخص آخر كان يقود المركبة المغلوط عليها وكان الطاعن مع هذا الشخص في تلك المركبة وقد أرفق الطاعن هذا الحكم أعلاه يفيد أن المطعون ضده هو الحائز للمركبة التي ارتكبت الحادث وكان يقودها ابنه الهالك /… وقدم الطاعن نسخة من الحكم لكن الحكم الطعين أغمض عينه عن هذا الحكم ففي هذا الحكم لم يعترض المطعون ضده على ملكية المركبة مرتكبة المركبة الحادث سواء أمام محكمة أول درجة أو ثاني درجة وأصبح الحكم نهائيا ورغم ذلك فإن الحكم الطعين صمم على إثبات أن المطعون ضده ليس صاحب المركبة مرتكبة الحادث حتى أنه وصل إلى أبعد من ذلك وهو توجيه اليمين المتممة لإثبات أنه ليس مالكا لتلك المركبة.

وفي الوجه الثالث: ينعي الطاعن على الحكم الطعين التناقض بين منطوق الحكم وموضوعه حيث إن الحكم الطعين يعلم أن المسؤول عن المركبة هو /… والد الهالك /… سائق المركبة وقد رجعت الدعوى من المحكمة العليا بأن السبب القانوني هو الواجب التطبيق هو اعتباره حارس الآلة وهي هنا المركبة مرتكبة الحادث طبقا للمادة (١٩٩) من قانون المعاملات المدنية فهي التي تنطبق على الواقعة وهي مسؤولية حارس الشيء وصاحب الآلة الميكانيكية فقد قالت المادة (على من كان تحت تصرفه أشياء تتطلب عناية خاصة للوقاية من ضررها وآلات ميكانيكية التعويض عما تحدثه من ضرر ما لم يثبت أن وقوع الضرر كان بسبب أجنبي لا يد له فيه) ورغم ذلك وعندما قرر الحكم الطعين أن والد الهالك ليس هو مالك المركبة مرتكبة الحادث وقضى برفض الدعوى تجاهه كونه حلف اليمين المتممة، عاد الحكم الطعين وألزم باقي الورثة بتعويض الطاعن في حدود تركة الهالك من تركة والده في حين إن هذا الأخير مازال على قيد الحياة أي أن هناك استحالة لتنفيذ التعويض المحكوم به، وعليه فإن الحكم صدر برفض الدعوى ضد والد الهالك وفي نفس الوقت ألزم باقي الورثة بدفع التعويض المحكوم به في حدود نصيب الهالك من والده الذي لازال حيا فكيف سيكون ميراث والموروث على قيد الحياة، وأما باقي الورثة ليس لهم علاقة في هذا الموضوع ورغم ذلك فقد ألزم الحكم الطعين باقي الورثة بتعويض الطاعن عن الإصابات التي وقعت له ويشترط أن يكون التنفيذ في حدود حصة الهالك التي يرثها من والده، ولما كان الحكم الطعين قد صدر بهذه الكيفية مما يعد معه أنه لا يعلم واقع الدعوى.

وفي الوجه الرابع: ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه الإخلال بحق الدفاع في صيغة اليمين المتممة التي وجهت للمطعون ضده والد الهالك من حيث إن الصيغة لم تشمل ما إذا كانت حيازته للمركبة وقت وقوع الحادث نتيجة شراء لها دون نقل ملكيتها من عدمه إذ من الممكن أن يكون المطعون ضده قد اشترى المركبة من مالكها المدعو /… وكان ابن المطعون ضده يستعملها ويسير بها في الطريق وهي على تلك الحالة وفي تلك الحالة يكون المطعون ضده هو مالكها الأصلي ولكنه لم ينقل ملكيتها وتركها دون أن يسجلها أو يؤمن عليها لدى شركة تأمين ولأجل وضع حد فإن صيغة اليمين يجب أن تكون شاملة مانعة ولما كان الثابت أن صيغة اليمين التي وجهت للمطعون ضده كانت كما يلي: (أقسم بالله العظيم أنني لست مالك المركبة مرتكبة الحادث ذات الرقم (… /..) بي.أم.دبليو وقت الحادث بتاريخ ١٢ / ٨ / ٢٠١١م والله على ما أقول وكيل). وكان الأجدى أن يحلف بالصيغة التالية: (أقسم بالله العظيم أنني لم اشتري المركبة مرتكبة الحادث ذات الرقم (… /..) بي.أم.دبليو من مالكها ولم أكن حائزها ولا مستعيرها من مالكها المدعو / … وقت وقوع الحادث بتاريخ ١٢ / ٨ / ٢٠١١م ولا قبل هذا التاريخ ولا بعده ولا أعلم عنها شيئا والله على ما أقول وكيل).

وقد طلب الطاعن تغيير الصيغة التي حلف بها المطعون ضده وذلك دون جدوى وذلك لأن المركبة كانت في حيازة المطعون ضده في منزله وولده الهالك كان دائما يقودها بسرعة في الطريق، ومشهور أن السيارة ملك المطعون ضده في منطقته ولذلك كان الطاعن معترض ا على الصيغة التي وجهتها المحكمة لأنها غير ذات جدوى لأنه طبقا لصورة ملكية المركبة لمالكها القديم /… فلم تأت الصيغة التي وجهتها المحكمة بجديد وبذلك يكون الحكم الطعين قد أخل بحق الدفاع عندما طلب من المحكمة تعديل الصيغة لتتناسب مع وضع المطعون ضده بالنسبة لحيازته المركبة مرتكبة الحادث فقد يكون صاحبها ولم ينقل ملكيتها بعد، ولما كان الحكم الطعين لم يحقق دفاع الطاعن في هذه النقطة رغم أنه دفاع جوهري.

وفي الوجه الخامس: ينعى الطاعن على الحكم الطعين مخالفته للقانون لكونه لم يحصر الإصابات الواردة بالتقرير الطبي كما أكدت المحكمة العليا أنه لابد من تتبع الإصابات وبيانها بيانا دقيقا لتحديد مقدار التعويض ويجب أن يقدر القاضي تعويض المصاب عن جميع الإصابات وعن نسبة العجز الكلي حيث إن الحكم الطعين لم يحصر جميع الإصابات التي أصابت الطاعن جراء الحادث وما نتج عنها ومن الثابت بالتقارير الطبية فإن الحكم الطعين اختصر في أسبابه على كسر عرضي في عظمة الفخذ الأيسر وعملية تثبيت الكسر وسحجات متعددة في الوجه والساعد الأيسر والكوع وآلام بمفصل الكتف الأيسر وضعف بعضلات الفخذ الأيسر فقط، في حين أن إصابات الطاعن أكثر وهي كما وردت بالتقرير الطبي:

– ألم في الوجه والفخذ الأيسر.

– سحجات متعددة في الوجه والساعد الأيسر.

– كسر منتقل في عظمة الفخذ الأيسر تم عملية تخفيض مفتوح وتثبيت داخلي لكسر الفخذ الأيسر.

– جروح ممزقة سطحية متعددة في الجبهة.

– رضوض بأعلى العمود الفقري القطني.

– جروح ممزقة في الكوع الأيسر.

– تورم في الفخذ الأيمن.

– ندبات السحجات المتعددة بالكتف العلوي الأيسر.

– كسر بالساعد الأيسر.

– نسبة عجز ١٠٪.

ولما كان هذا الطعن قدم للمرة الثانية فإنه يحق التصدي طبقا لأحكام المادة (٢٦٠) من قانون الإجراءات المدنية والتجارية، فإن الطاعن يطلب قبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والتصدي والحكم في موضوعه.

المحكمة

بعد الاطلاع على الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق والاستماع إلى التقرير الذي أعده القاضي المقرر وبعد المداولة. وحيث إن الطعن استوفى كافة أوضاعه الشكلية المطلوبة قانونيا فهو مقبول شكلا. وحيث إن النعي على الحكم المطعون فيه بالأوجه المتداخلة فيما بينها والسالف إيرادها تفصيلا بصدر هذا الحكم غير سديدة ومردود عليها لانعدام صحتها من الأساس ذلك أنه بالرجوع إلى الحكم الابتدائي رقم (٧٦ / ٢٠١٢م) الذي احتج به الطاعن قصد إثبات ملكية المركبة مرتكبة الحادث المذكورة آنفا للمطعون ضده /… فأنه لا يوجد من بين صفحات هذا الحكم ما يفيد أن المطعون ضده /… أقر بملكية ولا حيازته للسيارة مرتكبة الحادث بقيادة ولده /…، بينما جاء في تسبيب الحكم الصادر من المحكمة الابتدائية بالرستاق في الدعوى المدنية رقم (٧٦ / ٢٠١٢م) أن المسؤولية تقع على مرتكب الفعل الضار شخصيا إلا ما استثني بنص القانون بمسؤولية الغير وكان الثابت للمحكمة أن مورث المدعى عليهم لم يكن في أي حالة من الحالات التي اشترطها القانون لا إلزام الغير عن خطئه من قصره أو إصابته بأي من الأمراض العقلية أو الجسدية مما يخرجهم عن رقابة تصرفاته كما أنه بلغ سن الرشد ببلوغه التاسع عشر من العمر حسبما جاء بقرار الادعاء ومن ثم تنتفي مسؤولية ورثته عن التعويض على أي أضرار لحقت بالمدعي الأمر الذي تكون معه دعوى المدعي جاءت على غير سند صحيح من الواقع والقانون.

فاستأنفه المدعي ناعيا على الحكم المستأنف بأنه شابه الفساد في الاستدلال وعدم الإلمام بوقائع الدعوى وتمثل ذلك بطلبه إدخال ورثة الهالك إلى المستأنف ضده الأول ولو ألم الحكم بوقائع الدعوى لاكتفى باختصام مالك المركبة دون باقي الورثة وتم تسجيل الاستئناف برقم (٤٧٥ / م / ٢٠١٣م) بالرستاق التي أصدرت فيه الحكم الاستئنافي الذي احتج به الطاعن تدعيما لدعواه غير أنه بالاطلاع على هذا الحكم يظهر بكل وضوح بأنه لم يشر من قريب ولا بعيد أن المطعون ضده /… اعترف ولو ضمنيا أمام المحكمة بأنه المالك والحائز للمركبة مرتكبة الحادث بقيادة الهالك ابنه إذ جاء في حيثيات الحكم الاستئنافي أن (الثابت من خلال الأوراق والمستندات أن مورث المستأنف ضدهم عند ارتكابه الحادث كان راشدا مسؤولا عن تصرفاته وبالتالي توافرت في حقه جميع أركان المسؤولية التقصيرية الموجبة للتعويض وفقا لأحكام المادة (٥٨) من قانون الجزاء التي جرى نصها: كل جريمة تلحق بالغير ضررا ماديا أو معنويا يحكم على فاعلها بالتعويض).

ولما كانت الأحكام السالفة الذكر التي احتج بها الطاعن ليس لها حجية على ما يدعيه مما جعلها ليس لها تأثير على مسار الدعوى الماثلة فإن المحكمة والحالة هذه غير ملزمة بالجواب على الأدلة والدفوع التي ليس لها تأثير على مسار الدعوى مع العلم أن تقييم المستندات والدفوع وقبولها ورفضها من صميم عمل القاضي ولا رقابة عليه في ذلك متى أقام قضاءه على أسباب ثابتة من الواقع والمستندات.

هذا وإن للمحكمة في أية حالة كانت عليها الدعوى أن توجه اليمين المتممة بالصيغة التي تراها منطبقة على الخصومة من تلقاء نفسها لتبني حكمها على ذلك.

وفيما يخص ما عابه الطاعن على منطوق الحكم المطعون فيه بأنه معلق على شرط فهذا غير صحيح لأن الذمة لا تتجزأ، ومنطوق الحكم واضح «بإلزام المستأنف ضدهم بأن يؤدوا ثلاثة آلاف وتسعمائة ريال عماني تعويضا شاملا للمستأنف عما لحقه من أضرار بكافة أنواعها من تركة مورثهم /…» فهنا التعويض في تركة الهالك فقط ولا تتعداها.

وحيث إن ما نعاه الطاعن أيضا على الحكم المطعون فيه في غير محله ذلك أنه طبقا لمقتضيات المادة (٢٦٠) من قانون الإجراءات المدنية والتجارية التي نصت على أنه (يتحتم على المحكمة التي أحيلت إليها الدعوى أن تتبع المسألة القانونية التي فصلت فيها) قد استقر قضاء هذه المحكمة أن المقصود بالمسألة القانونية أن تكون قد طرحت أمام المحكمة العليا وأبدت رأيها فيها وبالتالي اكتسب رأيها هذا قوة الشيء المحكوم به بحيث يمتنع على محكمة الإحالة المساس بذلك، ولما كان ذلك وكانت محكمة الاستئناف بهيئة مغايرة قد تقيدت بما جاء في حكم المحكمة العليا جملة وتفصيلا فضلا عن كون محكمة الموضوع لها السلطة التامة في تحصيل الواقع وفهمه وبحث الأدلة والمستندات المقدمة ومدى كفايتها لثبوت الواقعة الذي بنى عليه الحكم المطعون فيه بأسباب سائغة لها أصلها الثابت في الأوراق وصحيح القانون وبالتالي يصبح الطعن حريا بالرفض لعدم ارتكازه على أساس من الواقع والقانون وإلزام رافعه المصاريف ومصادرة الكفالة.

فلهذه الأسباب

«حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعا مع إلزام رافعه المصاريف ومصادرة الكفالة».