جلسة يوم الاثنين الموافق ٣١ / ١٠ / ٢٠١٦م
برئاسة فضيلة القاضي / د. محمود بن خليفة الراشدي وعضوية كل من أصحاب الفضيلة القضاة: سالم بن راشد القلهاتي، وسعيد بن ناصر البلوشي، ود.احمد بن ناصر الراشدي، و وناصر بن سالم الجابري.
(٣٢)
الطعن رقم ٢٦٨ / ٢٠١٦م
صلح (عقد لازم)
– الصلح عقد وهو من العقود اللازمة. أثر ذلك أنه ليس لأحد من الطرفين أن يستبد بفسخه بعد تمام أركانه وشروطه إلا برضا الطرف الآخر.
الوقائع
تتلخص الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن الطاعن……….. أقام الدعوى رقم (٨٤ / م / ٢٠١٥م) على المطعون ضده…………..والمديرية العامة للإسكان ب……… وبلدية…………………… وطلب من خلال دعواه ضم الدعويين رقمي (٤٧ و٢٠٩ / ٢٠١٤م) مدني المصنعة والقضاء باعتماد التسوية التي تمت بين المدعي والمدعى عليه الأول والمعتمدة من قبل معالي وزير الإسكان والمعتمدة من جانبهم حلا للخلافات التي سبق وأن نشأت بينهم حيث قام معاليه باعتماد التسوية فيها وتوجيه وزارة الإسكان المدعى عليها الثانية بإتمام التسوية التي تمت بين المدعي والمدعى عليه الأول واعتماد الرسومات المساحية التي نفذتها مؤخرا وفقا لما ورد في التسوية واستخراج سند الملكية وإلزام المدعى عليه الأول بالمصاريف ومبلغ ٥٠٠ ر.ع أتعاب المحاماة. ولدى تداول الدعوى بجلسات المحكمة الابتدائية بالمصنعة صمم المدعي على طلباته السابقة باعتبارها طلبات أصلية في الدعوى وأضاف طلبا احتياطيا وهو إلزام المدعى عليها وزارة الإسكان بتمليك المدعي الأرض محل النزاع وإلزامها باستخراج الرسم المساحي وسند الملكية وبطلان ملكية المدعى عليه الأول لزريبة الغنم وإلزام المدعى عليه بالمصاريف. وذلك لأن المدعي يمتلك الأرض الزراعية بالرقم المساحي (……………..) بمربع محارة بموجب سند ملكية وقام المدعى عليه بتملك أرض سكنية غرب مزرعة المدعي بموجب قرار اللجنة المحلية ونشب خلاف بينهما حول قطعة الأرض الفاصلة بين مزرعة المدعي وأرض المدعى عليه وحول صحة تملك المدعى عليه للأرض السكنية والمدعي أقام بشأنها الدعوى رقم (٣١٢ / ٢٠١٣م) أمام محكمة القضاء الإداري وقضت بعدم اختصاصها ولائيا بنظر الدعوى وإحالتها إلى محكمة المصنعة فقيدت برقم (٤٧ / ٢٠١٤م) كما أقام المدعي بنفسه الدعوى (٢٠٩ / ٢٠١٤م) وأثناء نظر الدعويين تمت التسوية بين المدعي والمدعي عليه الأول بوساطة وزير الإسكان بصفته شيخ المنطقة فقدم المدعي محضر الصلح للمحكمة وأفرغ محتواه في محضر جلسة ١٨ / ١١ / ٢٠١٤م وأجلت الدعوى لاعتماد التسوية من المدعى عليها المديرية العامة للإسكان وفي الجلسة المحددة لم يحضر أحد من الأطراف فقضت المحكمة باعتبار الدعوى كأن لم تكن وواصل المدعي متابعة التسوية لدى المديرية العامة للإسكان حتى تفاجأ بوضع لوحة إنذار على أرضه بالإزالة الفورية الأمر الذي حدا به إلى إقامته دعواه للمطالبة بما سبق. وبعد مداولة الدعوى وإكمال المرافعات قضت المحكمة الابتدائية بالمصنعة بجلسة ٣٠ / ٨ / ٢٠١٥م بصحة ونفاذ عقد الصلح المبرم بين المدعي والمدعى عليه الأول والثانية والرابع المؤرخ في ٦ / ٩ / ٢٠١٤ وتعديله المؤرخ في ٢٤ / ١٠ / ٢٠١٤م والمعتمد من معالي……………. وزير…………. والمدون مضمونه بالأسباب والمرفق أصله في الدعوى (٤٧ و٢٠٩ / ٢٠١٤م) وألزمت المدعى عليهما الأول والرابع بالمصاريف.
ولم يجد الحكم الابتدائي قبولا من المدعى عليه الأول…………….. فأقام ضده الاستئناف رقم (٣٤٧ / ٢٠١٥م) كما لم تقبل المدعى عليها الثانية فتولت الطعن عليه بالاستئناف رقم (٣٤٩ / ٢٠١٥) لدى محكمة الاستئناف بالرستاق التي تداولت نظر الاستئنافين حسب الثابت من محاضر جلساتها إلى أن قضت بجلسة ١٧ / ٤ / ١٤٣٧هـ الموافق ٢٧ / ١ / ٢٠١١م بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء من جديد برفض الطلبات الأصلية للمستأنف ضده ………………. وإعادة الدعوى إلى المحكمة التي أصدرته لتفصل في الطلبات الاحتياطية وأبقت الفصل في المصاريف». وحيث إن نتيجة الحكم المطعون فيه لم تنل رضاء الطاعن…………… طعن عليه بالنقض أمام هذه المحكمة بموجب الطعن رقم (٢٦٨ / ٢٠١٦م) بموجب صحيفة موقعة من وكيله المحامي………. المحامي المقبول للترافع أمام المحكمة العليا من مكتب المحامي…………. وأودعها لدى أمانة سر هذه المحكمة بتأريخ ١٤ / ٢ / ٢٠١٦م وأودع معها ما يفيد الوكالة وما يفيد سداد الكفالة والرسم وطالب في ختام صحيفته بالطلبات التالية: الحكم بقبول الطعن شكلا. قبل الفصل في الموضوع بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه لحين الفصل في الطعن. في موضوع الطعن بنقض الحكم المطعون فيه والقضاء بإعادة الدعوى الدائرة المدنية بمحكمة الاستئناف بالرستاق لتنظرها بهيئة مغايرة. أقيم الطعن على أربعة أسباب حاصلها الآتي:
أولا: بطلان الحكم لمخالفته لصحيح القانون ومخالفته الثابت بالأوراق وذلك للحكم بما لم يطلبه الخصوم وملخص بيان هذا السبب: الحكم الابتدائي قضى بصحة ونفاذ عقد الصلح المبرم بين المدعي والمدعى عليهم. ولم تشر أوراق الدعوى إلى وجود استئناف آخر غير الاستئنافين المشار إليهما بصدر الصحيفة والطلبات في أولهما إلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى وفي الطلب العارض بطلان الصلح لوقوعه على أرض الدولة وتضمن الاستئناف الآخر إلغاء الحكم الابتدائي وبنقض الصلح الموقع بين أطرافه لمخالفته ما جاء على تأشيرة معالي الوزير واحتياطيا: القضاء برفض الدعوى وقد جاء في الحكم المطعون فيه بقبول الاستئنافين شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء من جديد برفض الطلبات الأصلية للمستأنف ضده…………….. وإعادة الدعوى إلى المحكمة التي أصدرته لتفصل في الطلبات الاحتياطية وأبقت الفصل في المصاريف. الحكم الابتدائي قضى فقط بصحة ونفاذ عقد الصلح ولا توجد أحكام أخرى ولا يوجد سوى الاستئنافين المشار إليهما، والاستئنافان اختلفا في الطلبات الأصلية والاحتياطية ولا يوجد استئناف من قبل الطاعن فما تلك الطلبات الاحتياطية التي أعادت محكمة الاستئناف إلى محكمة أول درجة للفصل فيها. ثانيا: بطلان الحكم المطعون فيه للخطأ في تطبيق القانون وتأويله: إن المحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون عندما ألغى حكم محكمة أول درجة تأسيسا على أن أرض النزاع ليست ملكا لأي من طرفي الخصومة…….. و………. بملكية ثابتة وإنما هي ادعاءات للملك بالحيازة، وبالتالي فهي من أملاك الدولة التي لا يجوز تملكها إلا بسند قانوني وبالتالي فإن الصلح يكون قد خالف القانون. ولما كان ما نعاه الحكم المطعون فيه على حكم محكمة أول درجة قد خالف صحيح القانون، وأخطأ في تطبيقه وذلك للآتي: ثابتة لملاكها بسند تملك صادر لأن الصلح وقع في حدود وإحرامات وطرق بين أراض من الجهة المختصة وليس على أرض بيضاء موات كما وصفها الحكم المطعون ضده وأن تلك الحدود والإحرامات هي جزء من أملاك الطاعن والمطعون ضده. إن مناط طلب الطاعن إثبات الصلح المحرر في ٦ / ٩ / ٢٠١٤ والمعدل في ٢٤ / ١٠ / ٢٠١٤م بين الطاعن والمطعون ضده كذا المطعون ضده الأخير وهو موقع من الشيخ…………. على ترك كل من أطراف العقد المنوط بهما الصلح الطاعن والمطعون ضده الأول جزء من الإحرامات والحدود الخاصة بكل منهما وفقا لما ورد بعقد الصلح وهو ثابتة ملكيتها وليست أرضا بيضاء. تجاهل الحكم في قضائه منصب أصلا على أراض بأن تلك الأراضي من أملاك الدولة خطاب وزير الإسكان إلى رئيس المحكمة الابتدائية المؤرخ في ٢٤ / ١٩ / ٢٠١٤ المتضمن تعديلا للصلح لإنهاء الخلاف الواقع بين الطاعن والمطعون ضده الأول في تفسير الحدود والرسومات والاستعانة بمساح من المديرية وذلك بموافقة الطاعن بالرجوع متر ونصف المتر في داخل مزرعته من جهة الشرق وثلاثة أمتار من جهة الجنوب والعقد الأول محرر من الشيخ…….. باعتباره شيخا للمنطقة وأما الثاني فهو باعتباره وزيرا………. وأن كان لم يحرر من وزير…….. فقد مثلت وزارة الإسكان. مخالفة الحكم نص المادة (٤٠٥) من قانون المعاملات المدنية والتجارية كما تجاهل المعاينة التي قامت بها المحكمة تجاهل الخطاب الصادر من المديرية العامة للإسكان المؤرخ في ٢٣ / ١١ / ٢٠١٤م في خصوص وقوف الباحث القانوني على موقع النزاع وأن المديرية بدورها عرضت الصلح. ثالثا: بطلان الحكم المطعون فيه للقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال. الحكم المطعون فيه لم يورد اسم الطاعن إلا في صفحته السابعة عند قولها وحضر عن المستأنف ضده ولده…………. كما لا يوجد في الحكم المطعون فيه ذكر لأي طلبات للطاعن وكأن الخصومة فقط بين المطعون ضدهما. عرض الطعن على هيئة المحكمة فأمرت بتأريخ ١٤ / ٣ / ٢٠١٦ بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه مؤقتا لحين الفصل في الطعن وباستكمال الإجراءات وتم إعلان صحيفة الطعن للمطعون ضده فتقدم وكيله المحامي………….. بالرد على الصحيفة طالبا قبول رده لتقديمه في الميعاد وبقبول الطعن شكلا وبرفضه موضوعا وتحميل الطاعن المصاريف ومبلغ ١٥٠٠ ر.ع عن أتعاب المحاماة. وقال في معرض رده إن وزير الإسكان سعى في الصلح وحرره بين الطاعن والمطعون ضده بصفته الشيخ المسؤول عن المنطقة وليس بصفته وزير الإسكان وترك اعتماد هذا الصلح للقضاء وفي جميع رسائله اللاحقة يشير إلى أن الأمر متروك لعدل للقضاء وأن الإسكان ليست طرفا في هذا الصلح وأن المطعون ضده لا يرتضيه. عقب وكيل الطاعن بمذكرة وصمم على طلباته في الصحيفة.
المحكمة
وإذ استوفى الطعن أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلا.
وأما عن موضوع الطعن وما نعاه الطاعن في مجمله سديد ذلك أن من المقرر فقها وقضاء أن الصلح عقد يرفع النزاع بالتراضي وهو جائز شرعا بل من المندوب إليه جاء في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحا أحل حراما أو حرم حلالا » كما أن الصلح باعتباره من العقود الرضائية إذا وقع مستوفيا لشروطه وأركانه كان لازما لا يجوز لأحد أطرافه نقضه بإرادته المنفردة وإذ كان البين من مطالعة أوراق الدعوى ومستنداتها وما دونه الحكم الابتدائي وعقد الصلح المرفق بملف الدعوى والرسائل الموجهة من معالي الشيخ……………. والرسم المساحي الذي قدم من المختص بوزارة الإسكان كل ذلك يفيد أن الصلح الذي تم بين أطراف الدعوى بوساطة الشيخ………… واقع على أملاك وإحرامات وحدود تخص أطراف الدعوى فقد تنازل الطاعن عن عدة أمتار من أرضه كما تنازل المطعون ضده عن مساحة مماثلة من أرضه ليكون ذلك طريقا كما أن الأوراق خلت مما يفيد التصالح على أمر لا يجوز التصالح عليه وفقا لما نصت عليه المادتان ١٢١ و٨٥٤ من قانون المعاملات المدنية تأسيسا على أن الأرض موات وأن عقد الصلح كان مخالفا للنظام العام وبما أن هذا الصلح وقع بين أطرافه فيما يتنازعون فيه من أملاك وحدود وإحرامات ولم يكن في شيء من الأراضي الحكومية وكان المطعون ضده يقر به ووقع عليه بمحض إرادته ومن ثم أصبح عقدا لا يجوز الالتفاف عليه والسعي إلى نقضه بإرادة منفردة من أحد طرفيه ويكون طلب المدعي الحكم بصحته ونفاذه حقيقا بالقبول لتوافر شروطه وأركانه، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فقضى بإلغاء الحكم الابتدائي الذي قضى بصحة ونفاذ عقد الصلح المبرم بين المدعي والمدعى عليه الأول والثانية والرابع المؤرخ في ٦ / ٩ / ٢٠١٤ وتعديله المؤرخ في ٢٤ / ١٠ / ٢٠١٤م مما يكون الحكم المطعون فيه قد أصيب بعيب الخطأ في القانون والفساد في الاستدلال مما يوجب نقضه، ولما كانت الدعوى صالحة للفصل فيها لتوافر كافة العناصر اللازمة من وقائع وأدلة ثابتة بالأوراق فإن المحكمة تتصدى للفصل في موضوعها عملا بالمادة ٢٦٠ من قانون الإجراءات المدنية والتجارية ولما كان الحكم الابتدائي مبنيا على أسباب صحيحة مستندا إلى ما له أصل في الأورق وليس في أسباب الاستئنافين مما ينال منه ويستوجب الرد عليهما بأكثر مما تقدم مما يتعين رفضهما تأييد الحكم المستأنف لأسبابه.
فلهذه الأسباب
«حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والقضاء من جديد بقبول الاستئنافين شكلا وفي الموضوع برفضهما وتأييد الحكم المستأنف وإلزام المطعون ضدهم بالمصاريف ورد الكفالة للطاعن.»