التصنيفات
أحكام قضائية

المحكمة العليا – الدائرة المدنية (ج): دعوى رقم ١ / ٢٠١٦م شؤون قضاة (مخاصمة)

2016/1 1/2016 ٢٠١٦/١ ١/٢٠١٦

تحميل

جلسة يوم الاثنين الموافق ٣٠ / ١١ / ٢٠١٦م

برئاسة فضيلة القاضي / حمود بن طالب بن عبد الله البلوشي، وعضوية كل من أصحاب الفضيلة القضاة: سعيد بن سالم الحديدي، ويحيى محمد عبد القادر، وصلاح الدين غندور، وعابدين صلاح حسن ادريس.

(١٦٤)
دعوى رقم ١ / ٢٠١٦م شؤون قضاة (مخاصمة)

مخاصمة (قضاة – قضاء عادي – قضاء إداري – اختصاص)

– ليس لمحاكم القضاء العادي ولاية الفصل في دعاوى المخاصمة التي تقام ضد قضاة محكمة القضاء الإداري باعتبار أن قانون الإجراءات المدنية والتجارية، قد نظم إجراءات هذه الدعوى وأحكامها بالنسبة لقضاة القضاء العادي. والحال أن قانون محكمة القضاء الإداري جاء خاليا من ذلك التنظيم فإنه وفقا لتفسير حكم المادة (١٠٥) من قانون محكمة القضاء الإداري السالفة البيان فإن الأحكام المنظمة لحالات وإجراءات دعوى مخاصمة القضاة المنصوص عليها في الباب الخامس عشر من قانون الإجراءات المدنية والتجارية في المواد (٣٢٩، ٣٣٠، ٣٣١، ٣٣٢) لا تعدو كونها مجرد تحديد للقواعد الإجرائية التي تطبقها محكمة القضاء الإداري وهي بصدد الفصل في الدعوى المقامة أمامها بمخاصمة أحد قضاتها أو دائرة من دوائرها.

– دعوى المخاصمة هي دعوى ذات طبيعة خاصة لا يمكن تصنيفها تحت ولاية جهة قضائية معينة دون غيرها، وتحدد الجهة القضائية المختصة بنظرها حسب انتماء القاضي المخاصم إلى إحدى الجهات القضائية فإذا كان هذا القاضي يتبع جهة القضاء العادي كانت هذه الجهة هي المختصة بنظر دعوى المخاصمة، أما إذا كان يتبع لجهة القضاء الإداري كان الاختصاص بنظر تلك الدعوى معقودا لمحكمة القضاء الإداري.

الوقائع

تتحصل وقائع الدعوى في أن المدعي قد أقام دعوى المخاصمة رقم (١ / ٢٠١٦م) يطلب الحكم له بقبول الدعوى شكلا، وفي الموضوع ببطلان الحكم الصادر من الدائرة الاستئنافية بمحكمة القضاء الإداري وذلك كأثر مترتب على قبول دعوى المخاصمة والحكم بانتفاء ولايتها واختصاصها بالموضوع لتعلقه بعدم دستورية المرسوم السلطاني رقم ٣٠ / ٩٤ المخالف للنظام الأساسي للدولة ولعدم دستورية لوائحه، والحكم بالتعويض المادي والمعنوي المناسب كما تراه المحكمة مع إلزام المخاصمين المصاريف وأتعاب المحاماة وقدرها مبلغ (٥) خمسة آلاف ريال عماني مع إعفائه من الكفالة، وجاء شارحا للدعوى أن المدعي المخاصم كان قد أقام الدعوى رقم (١٤٢٥ / ٢٠١٤م) الدائرة الابتدائية (محكمة القضاء الإداري) طالب فيها بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وفي الموضوع بإلغاء قرار الفصل التعسفي مع إلزام المدعى عليها صرف مرتبات المدعي كاملة من تأريخ توقيفه وإرجاعه للعمل أو تفريغه لأعماله الخاصة ثم إحالته للتقاعد الطبي وتعويضه عن الأضرار المادية والمعنوية كما تراه المحكمة مع صرف مكافأة نهاية الخدمة عن (١٤) سنة خدمة مع مستحقاته في الإجازات مع قبول أعذار إجازات المدعي نظرا لحالته الطبية مع إلزام المدعى عليها الرسوم وألف ريال أتعاب المحاماة.

وذلك على سند من القول بأنه تعين في عام ٢٠٠٥م لدى المؤسسة العامة للمناطق الصناعية بوظيفة مدير منطقة البريمي وكان خلال فترة عمله مثالا للجهد والاجتهاد، ولخلافات مع الرئيس التنفيذي رصدت له مخالفات وشعر بالتهميش والتعسف حتى صدر بتأريخ ٢٠ / ٤ / ٢٠١٤م القرار الإداري رقم ٢٠ / ٢٠١٤م بفصله من الخدمة بسبب الغياب لمدة ثلاث سنوات بدون عذر مقبول فتظلم أمام وزير التجارة والصناعة ومن ثم لجأ لمحكمة الموضوع بطلباته سالفة البيان وبعد تداول الدعوى أصدرت المحكمة حكمها بتأريخ ١٢ / ٤ / ٢٠١٥م.

أولا: بقبول الطلب الأول شكلا.

ثانيا: بقبول الطلبات الثاني والثالث والرابع شكلا ورفضه موضوعا على النحو المبين في الأسباب.

ولما لم يلق الحكم المذكور قبولا لدى المدعي طعن عليه بالاستئناف بالرقم ٩٥٣ / ٢٠١٥م والذي أودع تقرير الاستئناف وكيله القانوني لدى أمانة سر الدائرة الاستئنافية لدى محكمة القضاء الإداري، والذي طالب بقبول الطلب شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف، والقضاء له مجددا بطلباته الواردة بصحيفة دعواه، وإلزام المستأنف ضدهم المصاريف. وبجلسة ٢٣ / ٦ / ٢٠١٥م أصدرت المحكمة حكمها (بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المستأنف المصاريف).

ثم تظلم فيه بالتماس إعادة النظر لذات الدائرة الاستئنافية، ولكنه قضى فيه بعدم القبول لتقديمه خارج الميعاد.

وحيث أعلنت المحكمة المدعى عليها بالقضاء الإداري؛ لتقديم الرد، والذي قدمته عليه جاءت الدعوى الماثلة (دعوى المخاصمة) بطلباته السالفة البيان. بتأريخ ٢٦ / ١٠ / ٢٠١٦م وقد تضمن دفعا قانونيا بعدم اختصاص المحكمة العليا بنظر دعوى المخاصمة الماثلة، وذلك لتعلقها بأعضاء دائرة استئنافية تابعة لمحكمة القضاء الإداري المنشأة بالمرسوم السلطاني رقم ٩١ / ٩٩ كهيئة قضائية مستقلة عن محاكم القضاء العادي. وبالتالي لا يسوغ مخاصمة المخاصمين إلا أمام إحدى الدوائر التابعة لمحكمة القضاء الإداري. وهو ما انتهى إليه قضاء المحكمة العليا في حكم سابق صادر عنها بتأريخ ٢٦ / ٣ / ٢٠١٤م في الدعوى المخاصمة رقم ١ / ٢٠١٣م. عليه طالبوا في الختام الحكم بعدم الاختصاص الولائي بنظر الدعوى واحتياطيا برفضها موضوعا، ومصادرة الكفالة.

المحكمة

وحيث إنه وفيما يتعلق بالدفع المقدم والمبدئ من المدعى عليهم والمتعلق بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى وباختصاص محكمة القضاء الإداري بنظرها فهو دفع في محله وسديد. ذلك أنه ولما كان من المقرر قضاء أن الاختصاص بنظر دعوى مخاصمة القضاة، إنما هي دعوى مسؤولية جزاؤها التعويض عن ضرر أصاب المخاصم، وتستند على قيام القاضي المخاصم بعمل أو إصدار حكم مشوب بعيب يجيز قبول المخاصمة، ومن ثم فإن من آثار تلك الدعوى بطلان تصرف المخاصم فيها ومن ثم فإن الاختصاص بنظرها لا يكون لجهة القضاء العادي، ولا يغير من الأمر في شيء ما ورد بنص المادة (١٠٥) المعدلة بالمرسوم السلطاني رقم ٣ / ٢٠٠٩م بشأن قانون محكمة القضاء الإداري من أنه فيما لم يرد بشأنه نص خاص في هذا القانون، تطبق في الخصومة الإدارية أحكام قانون الإجراءات المدنية والتجارية؛ لأن هذا لا يعني تخويل المحاكم العادية ولاية الفصل في دعاوى المخاصمة التي تقام ضد قضاة محكمة القضاء الإداري باعتبار أن قانون الإجراءات المدنية والتجارية قد نظم إجراءات هذه الدعوى وأحكامها بالنسبة لقضاة القضاء العادي. والحال أن قانون محكمة القضاء الإداري جاء خاليا من ذلك التنظيم فإنه وفقا لتفسير حكم المادة (١٠٥) من قانون محكمة القضاء الإداري السالفة البيان فإن الأحكام المنظمة لحالات وإجراءات دعوى مخاصمة القضاة المنصوص عليها في الباب الخامس عشر من قانون الإجراءات المدنية والتجارية في المواد (٣٢٩،٣٣٠،٣٣١،٣٣٢) لا تعدو كونها مجرد تحديد للقواعد الإجرائية التي تطبقها محكمة القضاء الإداري، وهى بصدد الفصل في الدعوى المقامة أمامها بمخاصمة أحد قضاتها أو دائرة من دوائرها، وذلك في حدود ما يتسق وأصول القضاء الإداري وطبيعة الدعوى أمامه. خاصة وأن توزيع ولاية القضاء بين جهتين القضاء العادي والإداري من المسائل وثيقة الصلة بأسس النظام القضائي التي تتعلق بالنظام العام التي لا يجوز مخالفتها، وتقضي به المحكمة من تلقاء نفسها ولو لم يدفع به أحد الخصوم، بالإضافة إلى ذلك فإن ما يؤكد عدم اختصاص القضاء العادي بنظر الدعوى الماثلة ما نصت عليه المادة (٣٣٢) من قانون الإجراءات المدنية والتجارية السالف الإشارة إليه، والتي أجازت للدائرة التي تنظر دعوى المخاصمة أن تصدر حكما جديدا في الدعوى الأصلية إذا رأت أنها صالحة للفصل فيها، وذلك إذا قضت بصحة دعوى المخاصمة، ومن ثم فلا يستقيم اختصاص القضاء العادي بنظر دعوى المخاصمة ضد أحد قضاة القضاء الإداري أو دائرة من دوائرها وهو ألصا غير مختص ولائيا بنظر موضوع النزاع الأصلي. هذا وقد انتهى قضاء هيئة تنازع الاختصاص والأحكام بالمحكمة العليا إلى ذات الرأي، وذلك في حكمها الصادر في طلب التنازع رقم (٨) لسنة (٦). ق. هـ. ت بتأريخ ٢٧ / ٥ / ٢٠١٥م، والذي أيدت فيه حكم المحكمة العليا السالف بيانه. ذلك أن دعوى المخاصمة، إنما هي دعوى ذات طبيعة خاصة، لا يمكن تصنيفها تحت ولاية جهة قضائية معينه دون غيرها، وإنما تحدد الجهة القضائية المختصة بنظرها حسب انتماء القاضي المخاصم إلى إحدى الجهات القضائية فإذا كان هذا القاضي، يتبع جهة القضاء العادي كانت هذه الجهة هي المختصة بنظر دعوى المخاصمة، أما إذا كان يتبع لجهة القضاء الإداري كان الاختصاص بنظر تلك الدعوى معقودا لمحكمة القضاء الإداري فضلا عما طالب به المخاصم (المدعي) من عدم دستورية حكم محكمة القضاء الإداري لمخالفته للنظام الأساسي للدولة وبعدم دستورية اللائحة التنظيمية للموارد البشرية التي أصدرتها، وتعمل وفقا لها المؤسسة العامة للمناطق الصناعية ومخالفتها للنظام الأساسي للدولة وأن المرسوم السلطاني رقم ٤ / ٩٣ بإنشاء المؤسسة العامة للمناطق الصناعية مرسوم غير دستوري ومخالف للنظام الأساسي فأن هذا الجزئية هي ادعاءات تخرج عن اختصاص هذه المحكمة. الأمر الذي يتعين معه القضاء بعدم اختصاص هذه المحكمة ولائيا بنظر الدعوى الماثلة (دعوى المخاصمة).

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى.