جلسة يوم الاثنين الموافق ٢٤ / ٤ / ٢٠١٧م
برئاسة فضيلة القاضي / د. محمود بن خليفة الراشدي وعضوية كل من أصحاب الفضيلة القضاة: سالم بن راشد القلهاتي، وسعيد بن ناصر البلوشي، و د. أحمد بن ناصر الراشدي، ومحمد بن سيف الفرعي.
(٥٢)
الطعن رقم ١٤١٥ / ٢٠١٦م
بيع (صحة – آثار – تسجيل – تنفيذ – شرط جزائي – سقوط)
– في العقود الملزمة للجانبين لأي من الطرفين أن يمتنع عن تنفيذ ما التزم به إذا لم يلتزم الطرف الآخر بالتزاماته.
الوقائع
تتلخص وقائع الدعوى حسبما بينها الحكم المطعون فيه، وسائر أوراق الطعن تتلخص في أن المدعي…. أقام ضد المدعى عليهما…….. الدعوى رقم (٥٤٣ / ٢٠١٥م) مدني مسقط بموجب صحيفة، أودعت لدى أمانة سر المحكمة الابتدائية بمسقط، طلب في ختامها الحكم بإلزام المدعى عليه بأداء مبلغ قدره (١٠٠٠٠٠ر.ع) مائة ألف ريال عماني تعويضا وفق العقد المبرم بين الطرفين، وإلزامه بالمصاريف و(٣٠٠٠ ر.ع) أتعاب المحاماة. وذلك على سند من القول بأن المدعي اتفق مع المدعى عليه على شراء قطعة الأرض رقم (٢٥٨) سكني تجاري، والكائنة في المرحلة الأولى بمرتفعات غلا بولاية بوشر والبالغ مساحتها (١٠٠٠م٢) بمبلغ قدره (٩٩٠٠٠٠ر.ع)، وذلك وفقا للعقد المبرم بين الطرفين على أن يقوم المشتري المدعي بتسليم المدعى عليه البائع عند إبرام العقد شيكا بقيمة (١٠٠٠٠٠ر.ع) فيما يقوم بسداد المبلغ المتبقي عند نقل ملكية الأرض، وقد تضمن العقد شرطا جزائيا، على التزام البائع المدعى عليه بإرجاع مبلغ الشيك المقدم ومبلغ (١٠٠٠٠٠ر.ع) في حال عدم التزامه بنقل ملكية الأرض في الموعد المتفق عليه بين الطرفين ولما كان المدعى عليه لم يوف بالتزامه فقد أرجع المبلغ (١٠٠٠٠٠ر.ع) قيمة الشيك إلا أنه لم يسدد قيمة الشرط الجزائي الأمر الذي حدا به إلى إقامة دعواه للحكم له بما سبق.
تداولت المحكمة الابتدائية نظر الدعوى وتم إدخال…… خصما في الدعوى باعتباره الوسيط وباعتباره من قام بالتفاوض؛ لإتمام واقعة البيع كما أقام المدعى عليه دعوى فرعية بطلب الحكم بصحة ونفاذ البيع على الأرض محل التداعي، وإلزام المدعى عليه فرعيا بدفع مبلغ (٩٩٠٠٠٠ر.ع) وإلزامه باتخاذ كافة إجراءات نقل الملكية، وسداد الرسوم المقررة والمصاريف وأتعاب المحاماة واحتياطيا بفسخ عقد البيع وإلزام المدعى عليه فرعيا بتعويض المدعي فرعيا بمبلغ (١٠٠٠٠٠ر.ع) بعد تداول الدعوى بالجلسات وإكمال المرافعات والمذكرات قضت المحكمة الابتدائية في الدعوى الأصلية بإلزام المدعى عليه أصليا بأن يسدد مبلغ (١٠٠٠٠٠ر.ع) والمصاريف وبقبول الدعوى الفرعية شكلا ورفضها موضوعا.
ولم يلق هذا الحكم قبولا من المدعى عليه فطعن عليه بالاستئناف رقم (٢٦٥ / ٢٠١٦م) الذي قضت فيه محكمة الاستئناف بمسقط بتأريخ ١٨ / ١٠ / ٢٠١٦ بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف، وذلك بإنزال المبلغ المقضي به تعويضا إلى (٥٠٠٠٠ ر.ع) وإلزام المستأنف أن يؤديه للمستأنف ضده الأول، وتأييده فيما عدا ذلك وإلزام المستأنف بالمصاريف.
لم يرض حكم الاستئناف هذا الطاعن في الطعن رقم (١٤١٥ / ٢٠١٦م) فقدم وكيله المحامي… من مكتب…. للمحاماة إلى أمانة سر هذه المحكمة، فقيد بتأريخ ٢٠ / ١١ / ٢٠١٦ الطعن الماثل طالبا قبول الطعن شكلا، وبصفة مستعجلة وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه لحين الفصل في الطعن وفي الموضوع: أصليا بنقض الحكم المطعون فيه والتصدي والقضاء برفض الدعوى الأصلية، وفي موضوع الدعوى بصحة ونفاذ عقد البيع وإلزام المطعون ضده بدفع الثمن ونقل الملكية أو بفسخ البيع وإعادة الحال إلى ما كان عليه من قبل وإلزام المطعون ضده بالشرط الجزائي واحتياطيا نقض الحكم المطعون فيه والإحالة لمحكمة الاستئناف لتحكم فيه من جديد بهيئة مغايرة وإلزام المطعون ضده بالمصاريف وألف ريال أتعاب المحاماة. وأودع مع صحيفته ما يفيد التوكيل وسداد الرسم والكفالة.
أسباب الطعن
أقيم الطعن على سببين حاصلهما مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال.
وفي بيان ذلك قال وكيل الطاعن ما معناه:
أولا: مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله:
إن الحكم المطعون فيه قضى بالتعويض بخلاف الأصل ومخالفته لما هو مقرر بأن الثمن هو أحد أركان العقد وفقا لما نصت المادة (٣٥٥) من قانون المعاملات المدنية التي تقضي بأن البيع تمليك مال أو حق مالي مقابل ثمن نقدي وقضاء المحكمة جاء بخلاف ما استقرت عليه أحكام القضاء ذلك لأن التعويض أو الشرط الجزائي لا يستحق إذا لم يكن هنالك ضرر أصاب الدائن لأن الضرر هو شرط استحقاق التعويض فإذا لم يوجد ضرر لم يكن التعويض مستحقا والوقائع تشير إلى أن الاتفاق بين الطرفين تم على شراء قطعة أرض رقم (٢٥٨) سكني تجاري كائنة في غلا بولاية بوشر مساحتها (١٠٠٠م٢) وأن يقوم المشتري بتسليم شيك بمبلغ (١٠٠٠٠٠ر.ع) للبائع ويسدد باقي الثمن عند نقل الملكية وفي حال عدم التزامه بنقل الملكية يرد البائع مبلغ الشيك معه مائة ألف ريال -الشرط الجزائي- والثابت بأن الوسيط هو من فاوض وقام برد الشيك لأنه محرر باسمه خوفا من التبعات القانونية وتم إلغاء الصفقة قبل الاتفاق على البيع باعتبار أن المشتري أخل بالتزامه بالوفاء بسداد قيمة العربون بتأريخ الاستحقاق ووفقا للمادة (٨٤) من قانون المعاملات المدنية يعتبر دفع العربون دليلا على أن العقد أصبح باتا ولا يجوز العدول عنه إلا إذا قضى الاتفاق أو العرف بغير ذلك.
وعلى الرغم من أن الحكم انتهى إلى صحة العقد وثبوته وبطلان الشرط الجزائي لعدم إثبات الضرر إلا أنه قضى بالتعويض، ولم يقرر إجابة الطاعن الذي أقام طلبا عارضا بصحة ونفاذ عقد البيع ولم يمانع من تسليم المبيع في حين أن المشتري المطعون ضده لم يقم بسداد المتبقي من الثمن وقدره (٩٩٠٠٠٠ ر.ع) واتخاذ إجراءات نقل الملكية كما أن الحكم الابتدائي أخطأ الفهم عندما انتهى إلى أن عقد البيع لم ينعقد لعدم قيام المدعى عليه بتنفيذ التزاماته المترتبة عليه نتيجة العقد، وهذا فهم مغلوط مخالف لماديات النزاع لاعتبار من قام بالإخلال لعدم الوفاء بسداد قيمة العربون المشتري الطاعن وليس المالك علة ذلك المطعون ضده وبعد أن قبل بإلغاء الصفقة واسترجاع الشيك، وذلك بوساطة المطعون ضده الثاني الوسيط في الصفقة، وسكت عن المطالبة بتنفيذ العقد وآثر أن يثري على حساب الطاعن بالمطالبة بالشرط الجزائي التعويض المقرر مقدما دون حق أو مسوغ قانوني لتحلله من العقد بإرادة منفردة باسترجاع الشيك، وعدم إيداعه بحساب الطاعن لجزء من ثمن المبيع.
وحيث لم يثبت ضرر ومحكمة أول درجة لم تبحث عناصر الضرر وافترضت قيامها فإن الحكم جاء مخالفا للقانون.
كما أن قضاء محكمة أول درجة انتهى في خصوص الشق المتعلق بالتعويض إلى أن هذا الشرط باطل لكنه رأى أن البيع صحيح ونافذ وعليه يستحق التعويض عن عدم التزام الطاعن الوفاء بالتزامه وإذا اعتبر الحكم الابتدائي أن البيع صحيح ونافذ فما هي مبررات رفض الطلب العارض برفض الدعوى الفرعية بخلاف أحكام المادة (١٥٦م.م) يجب تنفيذ العقد طبقا لما اشتمل عليه، ولا يقتصر على إلزام المتعاقد بما ورد فيه، ولكن يتناول أيضا ما هو من مستلزماته وفقا للقانون والعرف والعدالة بحسب طبيعة التصرف.
بقراءة مفردات الحكم المطعون فيه الذي شيد قضاءه المؤيد لحكم أول درجة على القول، ولما كان المستأنف ضده قد طلب ابتداء الحكم له بالتعويض بموجب الشرط الجزائي المتفق عليه، وتم الحكم له مما استدعى استئناف المدعى عليه وحيث جاء في الحديث الناس على شروطهم إلا شرطا أحل حراما أو حرم حلالا وحيث إن الشرط المتفق عليه قد أثبت الضرر قبل وقوعه، ورتب عليه تعويضا قدره مائة ألف ريال من دون معرفة الضرر كما أن المبلغ فاحش، يتضح منه الإثراء بغير سبب، فيكون الشرط بهذه الحالة باطلا إلا أن ونتيجة لصحة العقد بين الطرفين وثبوته وبناء على أنه لا ضرر ولا ضرار في الإسلام وحيث ثبت الضرر بالمشتري في فوات المنفعة من الأرض من خلال تلك الفترة وما كان يتأمل من مردود من بنائها، وبناء على تغير الأوضاع الاقتصادية بالبلد فإنه يستوجب التعويض بما تقرره المحكمة. وحيث خالفت محكمة أول درجة هذا النظر فإنه يستوجب تعديل حكمها بالنزول بمبلغ التعويض وفق ما سيرد بالمنطوق وحيث ادعى المستأنف عدم علمه بالعقد والتوقيع عليه فهي دعوى مردودة بإقرار الوسيط ووجود الإنذار القانوني من محامي المشتري ولعدم طعن المستأنف على توقيعه بالتزوير بل إقراره بعدم تأخره في الإجراءات إنما هو دليل على صحة البيع، وأما عن الدعوى الفرعية ومطالبة المستأنف بإتمام عم فإن المستأنف لم يقدم أي جديد ينال من سلامة الحكم.
كما أنه لم يقدم أي دفاع جوهري يتغير به وجه الرأي في الدعوى، وكان الحكم المستأنف قد وافق صحيح القانون مبنيا على أسباب صحيحة، لها أصلها الثابت بالأوراق فإن المحكمة تنتهي والحال كذلك إلى رفض هذا الطلب، وتأييد الحكم المستأنف.
هذا التسبيب به مخالفة لصحيح القانون حيث إن عقد البيع غير المسجل له هذه الصفة، وينتج كافة آثاره عدا نقل الملكية، وينتج على ذلك أن البيع ينشئ جميع التزامات البائع، وأهمها نقل الملكية إلى المشتري إلا أنه لا يمكن تنفيذه إلا بالتزام مقابل من المشتري المطعون ضده بالوفاء بقيمة المبيع وفقا لأحكام المادة (١٥٥ و١٥٧ م.م).
المطعون ضده قام بالتراجع عن عقد البيع، واسترجع مقدم الثمن، وذلك بسحب الشيك وعدم سداد قيمة العربون بالعقد تم التراجع عن إتمامه من قبل المطعون ضده وفسخ الوعد بالتعاقد وإعادة وعاد الحال على ما كان عليه من قبل المحكمة خالفت هذه الوقائع فقد قررت محكمة أول درجة أن البيع لم ينعقد ورغم ذلك قررت الحكم بالشرط الجزائي الذي هو غير ملزم للطاعن باعتباره لم يكن طرفا في العقد فيما تم إبرامه من قبل الوسيط وهو خصم مدعى عليه، ولا يجوز الأخذ بأقواله؛ لأنه صاحب مصلحة لدفع غرمه عن نفسه ومن المقرر بقانون الإثبات ما ثبت بالكتابة لا يمكن نقضه إلا بالكتابة والمستندات المقدمة كاشفة بقيام المطعون ضده بالتحلل من العقد بإرادته المنفردة، ولم يقم بسداد المقدم للعقد وإذا كان العقد مرتبا لآثاره كان على المحكمة إجابة الطاعن إلى الطلب العارض بصحة ونفاذ عقد البيع وإلزام المطعون ضده الوفاء بقيمة المبيع.
وأما محكمة الاستئناف لها رأي مغاير في العقد فقد رأت أن العقد باطل، والبطلان متعلق بالنظام العام فلا يجوز أن تقضي بالتعويض للمطعون ضده؛ لأن في ذلك إثراء بلا سبب.
كما أن القضاء بتعويض المطعون ضده غير مبرر لوجود إخلال من قبله بعدم الوفاء بالثمن، والطاعن لن يتوانى في نقل المبيع لولا إخلال المشتري بالوفاء بالثمن.
القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال: الحكم المطعون فيه أشار للشرط الجزائي وأشار لصحة العقد، وقضى بالتعويض عن الضر ولم يبين عناصر وما لحق المطعون ضده من ضرر وما فاته من كسب، وذهب الحكم الابتدائي إلى أن العقد لم ينعقد لعدم قيام المدعي أصليا بتنفيذ التزاماته المترتبة عليه نتيجة العقد.
الحكم المطعون فيه لم يمحص أوجه دفاع الطاعن ودفوعه في الطور الاستئنافي وأخلت بواجبها، وناقضت أسبابها أسباب الحكم المستأنف وأخطأت في الإحالة إليه دون تفصيل أو بيان.
كما أن القضاء السابق لم يرض الطاعن………… فتقدم وكيله المحامي ………. لدى أمانة هذه المحكمة وقيد الطعن رقم (١٤١٩ / ٢٠١٦م) بموجب صحيفة موقعة منه ومختومة بطلب الحكم بنقض الحكم المطعون فيه والقضاء بتأييد حكم محكمة أول درجة أو نقض الحكم والإحالة إلى محكمة الاستئناف؛ لتحكم من جديد بهيئة مغايرة مع إلزام المطعون ضده بالرسوم والمصاريف وأرفق مع صحيفة صورة من سند التوكيل وما يفيد سداد الرسم والكفالة.
أقيم الطعن على سبب واحد نعى به وكيل الطاعن على الحكم المطعون فيه بأنه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله والفساد في الاستدلال، وذلك حينما خفض مبلغ التعويض إلى خمسين ألف ريال عماني، وذلك على سند من أن التعويض كان بموجب شرط جزائي متفق عليه في العقد، وأن الشرط المتفق عليه من الطرفين أثبت الضرر قبل وقوعه كما جاء مبلغ التعويض فاحشا حيث إن الحكم المطعون فيه بهذه النظرة قد خالف القانون بأن تدخل في إرادة الطرفين الحرة للطاعن والمطعون ضده الأول التي ليس للمحكمة سلطان عليها حيث يتضح من البندين (٦و٧) من العقد بأن الطرفين قد ألزما أنفسهما بالتعويض في حال عدم التزام أي منهما في إتمام عقد البيع وهو شرط اتفقا عليه وارتضيا به وهو ما أكدته مبادئ المحكمة العليا ينظر المبدأ رقم (٧٣) طعن (٧٨ / ٢٠٠٨م).
عرض ملفا الطعنين مع طلب وقف التنفيذ على هيئة المحكمة بغرفة المداولة فقررت المحكمة ضم الطعنين للارتباط ووقف تنفيذ الحكم المطعون فيه واستكمال الإجراءات.
أعلنت الصحيفتان للمطعون ضده في كل طعن فوافى كل منهما بمذكرة رد ختمت بطلب رفض الطعن والقضاء له بطلباته في طعنه وإلزام المطعون ضده بالمصاريف.
المحكمة
وحيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلا.
وأما من حيث الموضوع وحيث إن حاصل نعي الطاعن في الطعن رقم (١٤١٥ / ٢٠١٦م) على الحكم المطعون فيه يقوم على سببين: حاصلهما مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، وبني النعي على القول بأن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله لقيامه على أسباب خالفت صحيح القانون على اعتبار أن عقد البيع غير المسجل له صفة العقد الصحيح وينتج كافة آثاره عدا نقل الملكية، وينتج على ذلك أن البيع ينشأ جميع التزامات البائع وأهمها نقل الملكية إلى المشتري إلا أن هذا لا يمكن تنفيذه إلا بالتزام مقابل من المشتري المطعون ضده بالوفاء بقيمة المبيع وفقا لأحكام المادة (١٥٥ والمادة ١٥٧ م.م) وأثار بأن المطعون ضده تراجع عن عقد البيع واسترجع مقدم الثمن، وذلك بسحب الشيك وعدم سداد قيمة العربون بالعقد، وفسخ الوعد بالتعاقد، وعاد الحال إلى ما كان عليه من قبل وحيث إن النعي بمجمل هذا السبب والذي قدمنا بسطه عند ذكر الوقائع سديد؛ ذلك لأن من المقرر أنه في العقود الملزمة للجانبين لأي من المتعاقدين أن يمتنع من تنفيذ التزامه إذا لم يقم المتعاقد الآخر بتنفيذ ما التزم به ومقتضى ذلك ووفقا لما نصت عليه المادتان (١٥٦و٣٧٩) من قانون المعاملات المدنية أنه يجب على كل طرف في العقد أن يبادر إلى تنفيذ التزاماته إلا ما كان منها مؤجلا، وأن يلتزم البائع بتسليم المبيع إلى المشتري مجردا من كل حق آخر ما لم يكن هناك اتفاق آخر أو نص في القانون، يقضي بغير ذلك كما أن النص في المادة (٤١١) منه نصت على أن على المشتري دفع الثمن أولا وقبل تسلم المبيع أو المطالبة به ما لم يتفق على غير ذلك، ولذلك فإن التزام البائع بنقل ملكية المبيع يقابله التزام المشتري بدفع الثمن بحسبانه ركنا من أركان عقد البيع ولذلك فإنه يكون من حق البائع أن يمتنع من تنفيذ التزامه بنقل الملكية إذا لم يكن المشتري قد قام بتنفيذ التزامه بسداد الثمن، ويحق في مثل دعوى الحال أن يدفع بعدم التنفيذ لإخلال المشتري بالتزامه بسداد الثمن، وهو دفع يترتب على ثبوته حبس التزام البائع بنقل الملكية حتى يقوم المشتري بتنفيذ ما حل من التزامه إلا إذا وجدت أسباب جدية يحق معها للمشتري حبس الثمن ومن ثم ففي دعوى المدعي المطعون ضده بإلزام المدعى عليه بأداء مبلغ قدره (١٠٠٠٠٠ر.ع) مائة ألف ريال عماني على سبيل التعويض بموجب الشرط الجزائي المنصوص عليه في العقد المبرم بين الطرفين والدعوى المقابلة من الطاعن بصحة ونفاذ عقد البيع كان يتعين على محكمة الموضوع أن تتحقق فيهما من الوفاء أو عدم الوفاء بالالتزامات المتقابلة والمترتبة على التعاقد، والتثبت من وجود الثمن والوفاء به بالكامل وفقا لمقتضيات العقد متى دفع البائع الطاعن بعدم وفاء المشتري بالثمن بل وقرر أن المشتري عجز حتى عن الوفاء بالتزامه بسداد قيمة العربون أو مقدم الثمن وهو مبلغ (١٠٠٠٠٠ ر.ع) مائة ألف ريال، الأمر الذي حرر فيه الوسيط بين الطرفين شيكا على حسابه الذي لم يتوفر فيه المبلغ المطلوب على أمل التحويل إليه من المشتري، وإذ تعذر ذلك لجأ المطعون ضده الثاني الوسيط إلى استرداد الشيك من الطاعن خوفا من ترتب تبعات قانونية ضده الأمر الذي قرره بالخطاب الصادر منه المرفق بأوراق الدعوى كمستند وفي صحيفة رده على الدعوى ولعدم تمكن البائع من توفير مبلغ الشيك في وقته تم التوافق على الفسخ وإعادة الحال على ما كان عليه من قبل وحيث إن مثل هذه الدفوع دفوع جوهرية إن ثبتت حرية بتغيير وجه الرأي في الحكم خاصة وأنها شفعت بمستندات لم تقرر فيها محكمة الموضوع قولا فأغفلت بذلك تحقيق دفاع الطاعن المشار إليه بوجه النعي وصولا إلى وجه الحق فيه ومن ثم فإنه يكون معيبا بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع مما يوجب نقضه جزئيا فيما تعلق بالقضاء في موضوع الدعوى الأصلية على أن يكون مع النقض الإحالة.
أما في خصوص الشق الثاني من الطعن، وما تعلق بالدعوى الفرعية فلما كان الطاعن يقرر أن المطعون ضده قام بالتراجع عن عقد البيع، واسترجع مقدم الثمن وذلك بسحب الشيك وعدم سداد قيمة العربون بالعقد فتم التراجع عن إتمامه من قبل المطعون ضده وفسخ الوعد بالتعاقد وعاد الحال على ما كان عليه من قبل فإن المتعين رفض الطعن في هذا الخصوص باعتبار أن الطاعن وعليه وافق المطعون ضده على فسخ البيع وإعادة الحال على ما كان عليه من قبل على حسب ما قرره في دفاعه يكون الطعن قائما على غير أساس يتعين رفضه في هذا الخصوص.
وأما عن الطعن رقم (١٤١٩ / ٢٠١٦م) وما نعى به وكيل الطاعن على الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله والفساد في الاستدلال وذلك حينما خفض مبلغ التعويض إلى خمسين ألف ريال عماني فغير سديد ومردود؛ ذلك وإن كان من المقرر أن عدم تنفيذ أحد طرفي العقد لالتزامه التعاقدي يعتبر بذاته خطأ يرتب مسؤوليته وأن النص في العقد على الشرط الجزائي يجعل الضرر واقعا في تقدير المتعاقدين كما يفترض فيه أن تقدير التعويض المتفق عليه يتناسب مع الضرر الذي لحق الطرف المضرور وعلى القاضي أن يعمل هذا الشرط ما لم يثبت أن التقدير المتفق عليه مبالغ فيه أو أن الطرف الآخر لم يلحقه أي ضرر كما يشترط في إعماله أن يكون العقد قائما وساريا بين الطرفين إذ إن فسخ العقد أو انفساخه يرتب حتما سقوط الشرط الجزائي وحيث إن المحكمة انتهت في الطعن السابق رقم (١٤١٥ / ٢٠١٦م) إلى نقض الحكم المطعون فيه جزئيا في خصوص ما تعلق به الطعن فإن الطعن يتعين رفضه لانتفاء سببه.
وعليه ولما تقدم يتعين نقض الحكم المطعون فيه جزئيا في خصوص ما تقدم على أن يكون مع النقض الإحالة ورفض الطعن فيما عدا ذلك، وإلزام المطعون ضده المناسب من المصاريف وفي الطعن رقم (١٤١٩ / ٢٠١٦م) برفضه وإلزام رافعه بالمصاريف ورد ثلاثة أرباع الكفالة.
فلهذه الأسباب
« حكمت المحكمة بقبول الطعنين شكلا وفي موضوع الطعن رقم (١٤١٥ / ٢٠١٦م) بنقض الحكم المطعون فيه جزئيا فيما تعلق بموضوع الدعوى الأصلية وإحالة الدعوى إلى محكمة الاستئناف بمسقط لتحكم فيه من جديد بهيئة مغايرة، وإلزام المطعون ضده بالمصاريف، ورد الكفالة للطاعن وفي موضوع الطعن رقم (١٤١٩ / ٢٠١٦م) برفضه وإلزام رافعه بالمصاريف ورد ثلاثة أرباع الكفالة للطاعن».