التصنيفات
أحكام قضائية

المحكمة العليا – الدائرة المدنية (ب): الطعن رقم ٨٥ / ٢٠١٧م

2017/85 85/2017 ٢٠١٧/٨٥ ٨٥/٢٠١٧

تحميل

جلسة يوم الأحد الموافق ١٢ / ١١ / ٢٠١٧م

برئاسة فضيلة القاضي / سليمان بن عبد الله اللويهي، وعضوية كل من أصحاب الفضيلة القضاة: زهران بن ناصر البراشدي، ومحمد بن حمد النبهاني، ويحيى محمد عبد القادر، والشيخ ولين الشيخ ماء العينين.

(٩٧)
الطعن رقم ٨٥ / ٢٠١٧م

تعويض (جائفة – كبد – بنكرياس – رئة – عملية – ورم – كدمة صغيرة)

– يعوض عن الكدمة الواقعة بالكبد أو الرئة أو بالنكرياس وعن الورم الدموي الواقع فيها وعن العمليات التي تجرى فيها بأرش الجائفة أي ثلث الدية. علة ذلك أن الجائفة هي كل إصابة وصلت الجوف ولو كانت تلك الإصابة صغيرة؛ إذ إن مدار الحكم الوصول للجوف.

الوقائع

تتحصل الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه ومن سائر الأوراق في أن المدعي /  … (الطاعن حاليا) كان قد أقام الدعوى الابتدائية رقم (… / ٢٠١٥م – صحار) طالب بالحكم له فيها بإلزام المدعى عليها (الشركة المطعون ضدها حاليا) بأن تؤدي له مبلغا قدره خمسة وسبعون ألف ريال عماني (٧٥,٠٠٠ ر.ع) عن الأضرار المادية والمعنوية عن إصابته وبالمصاريف والأتعاب مبلغ (٥٠٠ ر.ع).

على سند من القول أنه بتاريخ ٣ / ٩ / ٢٠١٣م تعرض لحادث سير تسبب فيه قائد المركبة المؤمنة لدى الشركة المدعى عليها وقد لحقته جراء ذلك الإصابات التالية: إصابة بالوريد المساريقي، وكدمات بالرئتين، وإصابة بالربع العلوي الأيمن من المساريق، وكدمة برأس البنكرياس أجريت لها عملية جراحية، وتجمع بالغشاء البريتوني. مما حدا به لإقامة الدعوى الماثلة للحكم له فيها بطلباته سالفة البيان.

ولدى تداول الدعوى أمام المحكمة الابتدائية كما هو ثابت بمحاضر جلساتها، وبجلسة ١٨ / ٣ / ٢٠١٥م أصدرت محكمة أول درجة حكمها الذي قضى بإلزام المدعى عليها بأن تؤدي للمدعي مبلغا قدره ألفان وخمسمائة وخمسون ريالا عمانيا (٢,٥٥٠ ر.ع) وألزمتها بالمصاريف ومبلغ قدره مائة ريال عماني عن أتعاب المحاماة ورفض ما زاد على ذلك من طلبات.

فلم يرض المدعي بالحكم المذكور فطعن عليه بالاستئناف رقم (… / ٢٠١٥م – صحار) والذي تمسك فيه بطلباته لدى محكمة أول درجة.

وبعد استكمال جميع الإجراءات لدى محكمة الاستئناف بصحار، أصدرت بجلسة ٨ / ١٢ / ٢٠١٥م حكمها الذي قضى بقبول الاستئناف شكلا، وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف فيما قضى به من تعويض وذلك بزيادته من مبلغ (٢,٥٥٠ ر.ع) ليكون (٧,٢٥٠ ر.ع) سبعة آلاف ومائتين وخمسين ريالا عمانيا.

ولما لم يقبل المدعي (الطاعن) بهذا الحكم فطعن عليه بالنقض لدى المحكمة العليا والمقيد بالرقم (٨٨ / ٢٠١٦م) بأسباب حاصلها مخالفة الحكم الطعين للقانون والخطأ في تطبيقه والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق عندما لم يقم بتعويض الطاعن عن جميع الإصابات التي لحقته لكونه لم يحط بها؛ ومن ثم طالب برفع المبلغ في التعويض إلى مبلغ المطالبة لدى محكمة أول درجة. هذا وبجلسة ١٧ / ٤ / ٢٠١٦م أصدرت المحكمة العليا حكمها الذي قضى بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعونه فيه وإحالة الدعوى إلى المحكمة التي أصدرت الحكم لتحكم فيها من جديد بهيئة مغايرة وإلزام المطعون ضدها بالمصاريف وأمرت برد الكفالة للطاعن.

ولدى تداول المحكمة الاستئنافية بهيئة مغايرة للدعوى كما هو ثابت بمحاضر جلساتها صمم كل طرف على طلباته، وبجلسة ٤ / ١٢ / ٢٠١٦م أصدرت الهيئة المغايرة حكمها الذي قضى في الموضوع بتعديل الحكم المستأنف بزيادة التعويض إلى مبلغ قدره ثمانية آلاف وثمانمائة وخمسة وعشرون ريالا عمانيا (٨,٨٢٥ ر.ع) وتأييده فيما عدا ذلك وإلزام المستأنف ضدها بالمصاريف.

ولما لم يقبل المدعي (الطاعن) بالحكم المذكور طعن عليه بالطعن الماثل والذي أودع صحيفته لدى أمانة سر المحكمة العليا عنه بتاريخ ١١ / ١ / ٢٠١٧م وكيله القانوني / …. المحامي المقبول للترافع أمام المحكمة العليا والذي يعمل بمكتب / …. للمحاماة والاستشارات القانونية، وقدم سند الوكالة وسدد الرسم المقرر وأودع الكفالة. وقد طالب في الختام بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والقضاء مجددا وتعديله لكون الطعن للمرة الثانية بإلزام المطعون ضدها بأن تؤدي للطاعن مبلغا قدره (٧٥,٠٠٠ ر.ع) خمسة وسبعون ألف ريال عماني تعويضا عن الأضرار المادية والأدبية التي لحقته، واحتياطيا: النقض والإحالة لنظرها استئنافيا بهيئة مغايرة.

وقد نعى الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفته للقانون والخطأ في تطبيقه والإخلال بحق الدفاع ومخالفة الثابت بالأوراق وذلك عندما لم يعوض الطاعن التعويض المناسب الجابر للضرر وقضى له بأقل مما يستحقه وذلك لعدم الإحاطة بجميع عناصر الضرر وبيانها وتحديد موقعها من جسم المضرور ومن ثم إنزال حكم القانون عليها (المرسوم السلطاني رقم (١١٨ / ٢٠٠٨م) وما جاء بجدول الديات والأروش لكل إصابة حقها المشروع سواء كان دية أو أرشا مقدرا أو حكومة عدل، كما خالف ما جرى علي قضاء المحكمة في هذا الخصوص، ناهيك عن التعويض عن العمليات الجراحية وفق ما جاء بالتقارير الطبية المرفقة بالأوراق ومن ثم جاءت طلباته السالف بيانها.

وبعد استكمال الإجراءات كلفت المحكمة أمانة السر بالمحكمة العليا بإعلان الخصوم لممارسة حقهم القانوني في الرد والتعقيب وترتيبا على ذلك وبتاريخ ٢ / ٧ / ٢٠١٧م قدمت المطعون ضدها مذكرة بالرد عن طريق وكيلها القانوني المقبول للترافع لدى المحكمة العليا والذي تمسك فيه بالحكم الطعين ومن ثم طالب برفض الطعن وإلزام الطاعن المصاريف، وقد عقب الطاعن عن طريق ذات وكيله القانوني بتاريخ ١٣ / ٨ / ٢٠١٧م والذي تمسك فيه بطلباته السالف بيانها، وعليه وبعد المداولة جاء الحكم الذي سنورد تفصيله لاحقا بالمنطوق.

المحكمة

وحيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية والقانونية فهو مقبول شكلا.

وحيث إنه وفي الموضوع فإن ما نعى به الطاعن على الحكم المطعون فيه بما أورده الطاعن من أسباب ضمنها صحيفة الطعن وسلف الاشارة إليها فإن النعي في مجمله سديد، ذلك أنه ولما كان من المقرر قضاء أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في فهم واقع الدعوى وتحقيق أدلتها ثم تقدير التعويض الجابر للضرر بعد تتبع لكافة عناصر الضرر وذلك متى أقامت قضائها على أسباب سائغة تكفي لحمله عليها، وذلك بإنزال وقائع الدعوى في التعويض الجابر للضرر على مقتضى قواعد الشريعة الإسلامية المتمثلة في المرسوم السلطاني رقم (١١٨ / ٢٠٠٨م) القانون الذي يحكم دعوى التعويض الماثلة، وحسبما رسم بجدول الديات والأروش لكل إصابة ما تستحقه من تعويض مناسب حسب نوعها وموضعها من جسم المضرور، وبعد تتبع عناصر الضرر وإحاطتها إحاطة كاملة دون شطط أو مغالاة لدى الطرفين فلا يمكن القضاء مجازفة فالحكم على الشيء هو فرع من تصوره، والذي يبين من الحكم الطعين وما قام عليه من أسباب وما قدم في الدعوى من تقارير طبية أن الحكم المذكور وإن كان قد قام بإيراد عناصر الضرر وذلك من واقع التقارير الطبية المرفقة بالأوراق إلا أنه لم يعط تلك العناصر حقها المشروع من التعويض الجابر للضرر كما جاء بالمرسوم السلطاني رقم (١١٨ / ٢٠٠٨م) وما رسم بجدول الديات والأروش لكل عنصر حقه المشروع من دية أو أرش مقدر وإن لم يكن له كذلك فيقدر حكومة عدل وذلك بالنظر إلى مكان الإصابة من جسم المضرور ونوعها وبالأخذ في الاعتبار أيضا ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة، عليه ولما كان ذلك وكان المضرور (الطاعن) قد لحقته الإصابات التالية:

– صفاق مدم (الغشاء البريتوني) يحتوي على (٧٠٠ملم) من الدماء فإنه يستحق عنها ثلث الدية بوصف الإصابة جائفة.

– تمزق طولي بالمساريق وأصل القولون الأيمن مع وجود ورم دموي تحته فإنه يستحق عنها أيضا ثلث الدية لكون الإصابة جائفة أيضا لوصولها إلى الجوف.

– ورم دموي حول كل من الجزء الثالث من الاثنى عشر ورأس البنكرياس مع كدمة بالبنكرياس فهذه الإصابة لكونها جائفة أيضا يعوض عنها بثلثي الدية.

– تهتكات غير نازفة بالكبد وكدمات بالرئتين، ويعوض عن هذه الإصابة ولذات السبب السابق بثلثي الدية.

– وعن العمليات التي أجريت بشق البطن للسيطرة على النزيف ولإعادة فحص الإصابات ولخياطة تمزق المساريق وغلق البطن بعد اصلاح الفتق فهذه العمليات جميعها وهي ثلاثة مع ما تم فيها من إجراء فيستحق عنها جميعا الدية الكاملة.

فمن ثم فإن الطاعن يستحق التعويض الجابر للضرر الذي لحقه من واقع تلك الإصابات وما قدرناه له من تعويض ما جملته ثلاث ديات وبما يساوي مبلغا قدره خمسة وأربعون ألف ريال عماني (٤٥,٠٠٠ ر.ع).

ولما كان ذلك وكان الحكم الطعين قد خالف هذا النظر وقضى للطاعن بأقل مما يستحقه كونه لم يؤرش الإصابات التي لحقت بالمضرور (الطاعن) التأريش الصحيح وكما جاء بالمرسوم السلطاني رقم (١١٨ / ٢٠٠٨م) القانون الذي يحكم دعوى التعويض الماثلة، ولم يلتزم بما جاء بجدول الديات والأروش ولم يتقيد بما جرى عليه قضاء هذه المحكمة بسبب عدم بيان تلك الإصابة ومكانها من جسم المضرور وعدم إنزال القانون عليها وفق السالف بيانه بما يتعين والحال كذلك نقض الحكم المطعون فيه.

ولما كانت الدعوى صالحة للفصل فيها وكان الطعن يعرض على المحكمة للمرة الثانية فإننا وعملا بنص المادة (٢٦٠) من قانون الإجراءات المدنية والتجارية والحال أننا قد انتهينا لدى مناقشتنا لأسباب الطعن الماثل إلى أن الطاعن يستحق تعويض ا عن جميع إصاباته وما لحقه من ضرر بما قدره (٤٥,٠٠٠ ر.ع) خمسة وأربعون ألف ريال عماني عليه فإننا نحكم في الاستئناف رقم (٤٢٤ / ٢٠١٥م) بزيادة مبلغ التعويض المقضي به للطاعن إلى خمسة وأربعين ألف ريال عماني (٤٥,٠٠٠ ر.ع) ومع إلزام الشركة المطعون ضدها بالمصاريف ورد الكفالة للطاعن عملا بنص المواد (٢٤٧ و٢٥٩ و٢٦٠) من قانون الإجراءات المدنية والتجارية.

فلهذه الأسباب

«حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والحكم في الاستئناف رقم (٤٢٤ / ٢٠١٥م) بزيادة مبلغ التعويض إلى خمسة وأربعين ألف ريال عماني (٤٥,٠٠٠ ر.ع) وإلزام الشركة المطعون ضدها المصاريف ورد الكفالة للطاعن».