التصنيفات
أحكام قضائية

المحكمة العليا – الدائرة المدنية (ب): الطعن رقم ١٠٦٦ / ٢٠١٧م

2017/1066 1066/2017 ٢٠١٧/١٠٦٦ ١٠٦٦/٢٠١٧

تحميل

جلسة يوم الأحد الموافق ٢٤ / ١٢ / ٢٠١٧م

برئاسة فضيلة القاضي / زهران بن ناصر البراشدي، وعضوية كل من أصحاب الفضيلة القضاة: محمد بن حمد النبهاني، ويحيى محمد عبد القادر، والشيخ ولين الشيخ ماء العينين، وصلاح الدين غندور.

(١٠٤)
الطعن رقم ١٠٦٦ / ٢٠١٧م

أروش (أنثى – وجه – مضاعفة – مأمومة – ضرر – جمال)

– يعوض عن إصابات الوجه بضعف التعويض المستحق لذات الإصابة فيما عدا الوجه. علة ذلك وقوع الوجه في الرأس الذي به التحكم على سائر الأعضاء.

– كون الإصابة واقعة في وجه الأنثى يقتضي زيادة التعويض نظرا لزيادة الضرر عليها مقارنة بالرجل. علة ذلك أن تشوهات الوجه في المرأة أعظم ضررا بالاعتبار الجمالي والاجتماعي.

– المأمومة هي الإصابة التي وصلت إلى الصفاق الذي بين المخ وعظام الرأس ولو كان الوصول بنسبة صغيرة وتستحق التعويض عنها بثلث الدية.

الوقائع

تتحصل الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق في أن الطاعنة تعرضت لحادث سير مروري بتاريخ ١٤ / ٣ / ٢٠١٢م بسيارة مؤمنة لدى المطعون ضدها وقد أصيبت بعدة إصابات ذكرت في التقرير الطبي المرفق بالدعوى. وهي: إصابه بالرأس نتج عنها ارتجاج دماغي وكدمات بالوجه وكسر العظم الأنفي وصداع ودوار وعدم استقرار المشي وتقيؤ لمرة واحدة بالمنزل واسوداد بالعين اليسرى.

ولما كانت السيارة أداة الحادث مؤمنة لدى الشركة المطعون ضدها وكانت بمحض إرادتها قائمة مقام المتسبب وحالة محله في تحمل أعباء الأضرار الواقعة على المضرور الناتجة بسبب الفعل الضار وهو حادث السير فقد أقامت الطاعنة بتاريخ ٩ / ٣ / ٢٠١٣م دعوى مباشرة ضد الشركة المؤمنة المطعون ضدها بصحيفة أودعها محاميها أمانة سر المحكمة الابتدائية بصحار طالب من خلالها القضاء لموكلته على المدعى عليها بتعويض قدره مائة وخمسون ألف ريال عماني عما لحقها من أضرار مادية ومعنوية، ومبلغ خمسمائة ريال أتعاب محاماة، وإلزامها الرسوم والمصاريف.

وبحضور الطرفين ردت الشركة المدعى عليها بدفعها الذي تقدمت به بوساطة وكيلها القانوني وقدم مذكرة باعترافها بالمسؤولية ومطالبة القضاء بتعويض المدعية وفق المرسوم السلطاني ١١٨ / ٢٠٠٨م الناص بتحديد الديات والأروش كون المدعية من الغير ملتمسة في ختام مذكرتها القضاء للمدعية حسب المرسوم السلطاني ١١٨ / ٢٠٠٨م آنف الذكر مع الأخذ في الاعتبار بأنها أنثى ورفض أتعاب المحاماة على اعتبار ان التأخير من المدعية الخ ما جاء فيها. وطلب وكيل المدعية حجز الدعوى للحكم مصمما على طلباته. وبعد استكمال جميع الإجراءات أصدرت المحكمة حكما قضى بإلزام المدعى عليها المطعون ضدها في الطعن الماثل مبلغا قدره ألف ومائتان وخمسون ريالا عمانيا وألزمتها المصاريف ومبلغ مائة ريال عماني أتعاب محاماة.

فلم ترض المدعية بالحكم حيث استأنفه وكيلها تحت رقم ١٤٢ / ٢٠١٥م بالدائرة المدنية بمحكمة الاستئناف بصحار بصحيفة طالب من خلالها القضاء لها بطلباتها. وبعد استكمال جميع الإجراءات أصدرت محكمة الاستئناف حكمها الطعين القاضي بقبول الاستئناف شكلا، وفي الموضوع برفع مبلغ التعويض إلى ألف وخمسمائة والزام المستأنف ضدها بالمصاريف.

فلم يلق حكمها من الطاعنة قبولا وطعنت عليه بالنقض لدى المحكمة العليا.

وقيدته المحكمة العليا تحت رقم ١١٤٧ / ٢٠١٥م واصدرت فيه حكما يحمل رقم ١٥ / ٢٠١٦م قضى في منطوقه بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة الدعوى الى المحكمة التي أصدرت الحكم لتحكم فيها من جديد بهيئة مغايرة.

ومن ثم عرض على محكمة الاستئناف بالهيئة المغايرة وأصدرت حكمها محل هذا الطعن الناص بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف بزيادة مبلغ التعويض إلى ثلاثة آلاف وتسعمائة ريال عماني مع التأييد فيما عداه.

فلم يلق حكمها من الطاعنة قبولا مرة أخرى وطعنت عليه بالنقض لدى المحكمة العليا.

في يوم الأحد ٢٤ / شعبان / ١٤٣٨هـ الموافق ٢١ / مايو / ٢٠١٧م صدر الحكم الأخير المطعون فيه من محكمة الاستئناف بصحار الدائرة المدنية وفي يوم الأربعاء ١٤ / ٦ / ٢٠١٧م تم الطعن عليه بالنقض لدى أمانة سر المحكمة العليا بصحيفة موقعة من محام مقبول للترافع مستوفية لأوضاعها الشكلية. وتم إعلان المطعون ضدها شركة… للتأمين بصحيفة الطعن فردت بمذكرة طالبت من خلالها أولا قبول الرد شكلا لتقديمه في القيد الوزني ثانيا: الحكم بعدم جواز الطعن إعمالا للمادة ٢٠٢ من قانون الإجراءات المدنية والتجارية معللة ذلك أن المدعية قامت بطلب تنفيذ الحكم المطعون فيه لدى محكمة شناص الابتدائية وتم قيده تحت رقم ٣٣٤ / ٢٠١٧م وثالثا رفض الطعن وتأييد الحكم المطعون فيه رابعا: إلزام الطاعنة المصايف ومبلغ ألف ريال أتعاب محاماة.

أقيم طعن الطاعن على أسباب حاصلها مخالفة الحكم الطعين لصحيح القانون بالخطأ في التطبيق والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق على سند من القول بما حاصله أن الحكم الطعين خالف مخالفة صريحة للمرسوم السلطاني ١١٨ / ٢٠٠٨م وقضى برفع للطاعنة التعويض إلى ثلاثة آلاف وتسعمائة ريال عماني مع التأييد فيما عداه.

دون الإحاطة بعناصر الضرر وما آلت إليه حال الطاعنة ولم يقض للإصابات بحقها المشروع باعتبار أن المحكمة لم تناقش جميع الإصابات بالتقرير الطبي مخالفة بذلك الثابت بالأوراق مع مخالفة ما هو ثابت فقها وقضاء في وجوب تحديد عناصر الضرر وإعطاء كل عنصر حقه المشروع له من دية أو أرش أو حكومة عدل ومؤدى ذلك عدم إحاطة المحكمة بعناصر الطلبات والأضرار التي لحقت بالطاعن ولما كانت التقارير الطبية خير شاهد على ذلك فيتبين إخلال المحكمة بواجبها المنوط بها وهو مناقشة عناصر الضرر والاحتساب لكل إصابة بتعويض مستقل حسب قواعد الديات والأروش ووفقا للتقرير الطبي وما آل إليه حال الطاعن بعد الحادث. ثم ذكر مجموعة من الإصابات وهي المذكورة آنفا وانتهى بالمطالبة بنقض الحكم والقضاء مجددا لمصلحة الطاعن.

المحكمة

بعد الاطلاع على سائر الأوراق وبعد استماع التقرير المعد من القاضي المقرر وبعد المداولة وكون الطعن استوفى أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلا، ومن حيث الموضوع فإن النعي على الحكم المطعون فيه بما ذكره وكيل الطاعن سديد في مضمونه ذلك أنه من الواجب على المحكمة مصدرة الحكم تقصي جميع الإصابات وآثارها وما آلت إليه حال المضرور من فوات نفع أو حدوث ضرر. وإعطاء كل عنصر ما يستحقه من دية أو أرش أو حكومة عدل والذي يبين من الحكم الطعين عدم بذله الجهد في معرفة الإصابات وماهيتها وضررها على المصاب وموقعها من جسمه وعدم إعطاء تلك الإصابات وآثارها التي ألمت بالمضرور حسب ما لها من دية أو أرش أو حكومة عدل… الخ مع كونها أمام ناظري القضاء إذ أعربت عنها التقارير المرفقة بالإضافة إلى خطاب مستشفى خوله بتاريخ ٢٧ / ٣ / ٢٠١٧م المرفق بملف الدعوى والذي تحدثت عنه المحكمة ذاتها.

مخالفا بذلك القانون الواجب التطبيق بموجب أحكام الديات والأروش المنظم بالمرسوم السلطاني ١١٨ / ٢٠٠٨م آنف الذكر. ولما كان ذلك وكان الحكم الطعين خالف هذا النظر فقد تعين القضاء في الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه، ولما كان الطعن للمرة الثانية فقد تعين على هذه المحكمة القضاء فيه، وحيث إن الطاعنة وكما يظهر من التقارير الطبية آنفة الذكر وخطاب مستشفى خوله بتاريخ ٢٧ / ٣ / ٢٠١٧م أنها أصيبت بالإصابات المذكورة آنفا وهي إصابة: إصابة بالرأس نتج عنها ارتجاج دماغي وكدمات بالوجه وكسر العظم الأنفي وصداع ودوار وعدم استقرار المشي وتقيء لمرة واحد بالمنزل واسوداد بالعين اليسرى.

وحيث إن هذه الإصابات منها ما هو مقدر القيمة ولها أرشها المقدر لها ومنها غير مقدرة القيمة شرعا ولكل واحدة منها حكومة عدل وأمرها متروك لتقدير العدل.

ومع اعتبار كونها أنثى والذي استقر عليه قضاء هذه المحكمة أن إصابات الوجه مضاعفة الأرش عن غيرها من الجسد مع اعتبار أن تشوهات المرأة أعظم أثرا عليها من الرجل سواء من ناحية الجمال أم من واقع المجتمع فالمرأة بجمالها وقد تفقد منافع كثيرة بسبب ذلك.

ومع اعتبار أن إصابة الرأس مهما كانت ليست بالأمر الهين وخاصة إذا قرر الأطباء وصول أثرها الى المخ ولا يشترط أن تظهر الجراحة في الخارج وذلك إذا قرر الأطباء العارفون أن ضرر تلك الإصابة وصل المخ مثلا، فإن وجدت فهي أعظم ضررا على صاحبها من سائر الجسد وتؤثر على عمل جميع جزيئآت الجسم فما من جزيئة من خلاياه إلا ولها عمل خاص قد لا يعوض بغيرها إن فسدت فيفقد صاحبها منفعتها ولو بعد حين، ولذا لا بد من التعويض العادل. وقد قال أهل العلم أن المأمومة التي لها ثلث الدية هي الإصابة التي تصل إلى الصفاق الفاصل بين المخ وغطاء الرأس أي عظمه، ولو بثقب إبرة لعموم قوله (ص) «وفي المأمومة ثلث الدية« الحديث، ومن المعلوم أن ثقب الابرة بعد إخراجها لا يرى وإنما يبقى أثره في المصاب.

وليست هذه الإصابة حصرا في الآمة أو المأمومة إذ بعدها الدامغة بالغين المعجمة وهي التي تخرق الجلدة وتصل إلى الدماغ أي تكشف المخ ولم يذكرها كثيرون لأن الدامغة عادة لا يعيش معها الإنسان فإن عاش فذلك فضل من الله ونعمة ولها حكم ما قبلها أي حكم المأمومة ومن العلماء من يزيد في أرش المأمومة حكومة قياسا ما على خرق الأمعاء في الجائفة ففيها جائفة وحكومة عند أصحاب هذا الرأي وقيل فيها الدية.

هذا كله إن لم تخلف الإصابة ضررا آخر على المصاب؛ أما إن خلفت ضررا وثبت بمعرفة أهل الخبرة بذلك فللمجني عليه أرش الإصابة وأرش الضرر وأرش التدخل الجراحي ولو وصل إلى عدة ديات. وحسبنا عمل الصحابة (ص) في المشجوج في رأسه إذ حكموا له بخمس ديات.

وأن ما يسمى بحكومة العدل أو النظر، أو نظر العدول أو حكومة العدلين، ويطلق عليه بعضهم: «نذر»، و »قدر». وذلك فما لم يرد فيه نص من الشارع وإنما فيه نظر العدول العارفين بأحكام الدماء فما حكم به العدول قل أو كثر فعليه العمل وعلى العدل أن يتحرى الأفضل والأسلم والأقوى في النظر، وذلك حسب موقع الإصابة من الجسم وأثرها على المصاب بل وفي المجتمع، وأن ضرر المرأة أشد عليها من ضرر الرجل وموقع الإصابة بعضه أعظم ضررا من بعض فمثلا الوجه أشرف شيء في الانسان وتشوهه أسوأ ضرر عليه ولذا حذر الشارع عن المساس به حتى عند مستحق العقوبة ففي الحديث الشريف عن المعصوم (ص) أنه قال «إذا ضرب أحدكم فليتق الوجه» وفي أخرى «إذا قاتل أحدكم فليجتنب الوجه» وعن علي (رضي الله عنه) أنه أتي برجل سكران أو في حد، فقال: «اضرب وأعط كل عضو حقه واتق الوجه والمذاكير».

وعليه فلإصابة بالرأس مع ما نتج عنها من ارتجاج دماغي خمسة آلاف ريال عماني مع كونها أنثى ثلث ديتها وحكومة عدل عن مجاوزة الإصابة إلى المخ وتأثيرها عليه. ولكسر العظم الأنفي عشرن بالمائة من ديتها ألف وخمسمائة ريال عماني ولعدم استقرار المشي وكونها عاهة مستديمة حسبما أكدها خطاب مستشفى خوله لمحكمة الاستئناف بتاريخ: ٢٧ / ٣ / ٢٠١٧م ديتها سبعة آلاف وخمسمائة إذ إن الطاعنة تعرضت للحادث بتاريخ: ١٤ / ٣ / ٢٠١٢م وخطاب المستشفى المؤكد للإصابة بتاريخ: ٢٧ / ٣ / ٢٠١٧م وللصداع والدوار والكدمات بالوجه وباقي الإصابات وكونها غير مقدرة نسبتها بالتقارير حكومة عدل ستة آلاف ريال عماني فتلك عشرون ألف ريال عماني تقضي بها هذه المحكمة مع إلزام المطعون ضدها بالمصاريف عن جميع درجات التقاضي ومصاريف هذا الطعن ورد الكفالة للطاعنة.

بما يتعين والحال هذه القضاء في موضوع الاستئناف رقم ١٤٢ / ٢٠١٥م برفع مبلغ التعويض إلى عشرين ألف ريال عماني وإلزام المطعون ضدها بالمصاريف عن جميع درجات التقاضي ومصاريف هذا الطعن ورد الكفالة للطاعنة.

فلهذه الأسباب

«حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والقضاء في موضوع الاستئناف رقم ١٤٢ / ٢٠١٥م برفع مبلغ التعويض إلى عشرين ألف ريال عماني وإلزام المطعون ضدها بالمصاريف عن جميع درجات التقاضي ومصاريف هذا الطعن ورد الكفالة للطاعنة».