جلسة يوم الاثنين الموافق ٢٩ / ٥ / ٢٠١٧م
برئاسة فضيلة الشيخ / سعيد بن سالم الحديدي، وعضوية كل من أصحاب الفضيلة القضاة: صالح بن سالم الراشدي، وعلي بن عبد الله الهاشمي، وسالم بن منصور الهاشمي، ومحمد بن عبد الرحمن شكيوه.
(١٤٥)
الطعن رقم ٢٠٤ / ٢٠١٦م
بناء (إباحة – قيود)
– حصول المطعون ضده على إباحة بناء وعدم التعسف في استعمال حقه في ظل وجوب احترام حق الأجوار، وعدم الكشف على الجار الملاصق وعدم الإضرار به إذ المضرة لا تحاز وللجار حق القيام على أصحاب الأماكن المضرة بحقوقهم لاتخاذ الوسائل اللازمة لرفع سبب المضرة وأن الإباحة الممنوحة لأصحاب تلك الأماكن والمباني لا تسقط حق الأجوار في القيام.
الوقائع
يتضح من الأوراق أن الطاعن… أقام دعوى لدى المحكمة الابتدائية بالسيب تضمنت أنه يمتلك أرض ا كائنة بالحيل ولاية السيب مساحتها (٤٢,٨٦٠م٢) وقد فوجئ بأن جاره المطعون ضده الأول…. قد تحصل على إباحة لبناء أربعة مبان بعدد طابقين لكل مبنى وملحق للسطح والمجاورة لأرضه وأن المطعون ضدها الثانية بلدية مسقط أصدرت إباحة البناء دون مراعاة لحقوق الجار وأن المطعون ضدهما الثالث / … للتجارة والمقاولات والرابعة / ….. الهندسية تقومان بالبناء الذي يحتوي على نوافذ واسعة مطلة على منزل المدعي (الطاعن) وبأعداد كبيرة جدا وتشرف على منزله في مخالفة لتنظيم المباني بمحافظة مسقط لذا فقد طالب بما يلي:
١ – إيقاف أعمال البناء لحين حسم الدعوى.
٢ – إلزام المدعى عليه الأول بغلق النوافذ المطلة على منزله نهائيا.
٣ – إلزام المدعى عليها الثانية بإلغاء إباحة البناء.
وقد ردت البلدية بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى على اعتبار أن إصدار إباحة بناء هو قرار إداري موضوعا وبعد التحقيق في الدعوى بأن الإضافة المعتمدة في القطعة المجاورة للمدعي عبارة عن (٦ فلل) على امتداد (٧٠١م) اعتمدت بناء على اعتماد وزارة الإسكان كما تفصل بين قطعة المدعي وقطعة المدعى عليه سكة بعرض (٥م) أي إن المسافة بين القطعتين (١٢م) وأن الاباحة مطابقة للأمر المحلي رقم (٢٣ / ٩٢) الخاص بتنظيم المباني بمسقط حيث إن الحد الأدنى من الارتداد هو (٢م).
وبتأريخ ٣١ / ٣ / ٢٠١٥م أصدرت المحكمة حكمها رقم (٧٤٩ / ٢٠١٤م) برفض الدعوى وإلزام رافعها بالمصاريف.
تأسيسا على أن المدعي يهدف من خلال دعواه إزالة الضرر المدعى به بسبب البناء الذي قام به المدعى عليه الأول إلا أن البلدية بعد الدراسة ثبت لديها عدم مخالفة المدعى عليه الأول مقدار الإحرامات بين منزلي الطرفين وأن إطلالة نوافذ المباني والمنازل بعضها على بعض مما تعم به البلوى في المدن وليس خاصا بشخص دون آخر ولو قيل بمنفع ذلك لأصبح الناس في حرج شديد من امرهم لذلك كانت الدعوى بلا أساس واقعي وقانوني.
فاستأنف المدعي الحكم لدى محكمة استئناف السيب التي أصدرت حكمها رقم (١١١ / ٢٠١٥م) بتأريخ ٢٧ / ١٢ / ٢٠١٥م بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجددا بعدم اختصاص المحكمة ولائيا وإحالة الدعوى لمحكمة القضاء الإداري وأبقت الفصل في المصاريف لحين الفصل في الدعوى.
تأسيسا على أن حسم النزاع يستوجب بالضرورة النظر في مطابقة إباحة البناء لشروط وضوابط الأمر المحلي من عدمه فإن ثبت صدور الإباحة وفق الضوابط والشروط يكون ما بني عليه عملا مشروعا ما لم يكن هناك تعسف في استعمال الحق وإن كان مخالفا فما بنى عليه يكون باطلا أي إن مشروعية عمل النوافذ متوقفة على مشروعية إصدار الإباحة.
وحيث لم يلق هذا الحكم قبولا لدى المستأنف فطعن فيه بالنقض بموجب صحيفة بأسباب الطعن تضمنت الأسباب التالية:
– مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله:
قولا بأن الحكم المطعون فيه خالف نص المادة (٨٠٣) معاملات مدنية وقد تضمن أنه لا يحول الترخيص الإداري الصادر للمالك دون استعمال المضرور لحقه في طلب الإزالة أو التعويض وقد عاينت المحكمة المكان، وتم اقتراح لغلق النوافذ بطريقة تحجب الرؤية عن الجار وتحترم خصوصية المكان المجاور وقد تم تقديم ذلك إلا أن المحكمة حكمت بعدم الاختصاص رغم اختلاف الموضوع والإجراءات الواجب اتباعها وأضاف أن كافة النوافذ والشرفات مطلة على منزله بشكل يؤثر على الخصوصية التي حماها القانون للجار لذا فقد شاب الحكم القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال واتجه النقض والإعادة للنظر من جديد بهيئة مغايرة. وحيث رد المطعون ضده الأول بمذكرة تحمل توقيعه شخصيا في مخالفة للقانون الموجب للاستعانة بمحام يكون غير مقبول أمام هذه المحكمة واتجه عدم اعتماد الرد.
وحيث لم يرد بقية المطعون ضدهم على صحيفة الطعن وقد تم الإعلان بها بصفة قانونية.
المحكمة
من حيث الشكل:
حيث رفع الطعن ممن له صفة وفي الآجال القانونية واتجه قبوله شكلا.
من حيث الموضوع:
حيث إن الضرر المشتكى منه من قبل الطاعن هو المتمثل في النوافذ التابعة للبناء الذي على ملك المطعون ضده والتي تكشف على خصوصية بناء الطاعن كيفما ادعى ذلك بدعواه طالبا إزالة الضرر.
وحيث عاينت محكمة الحكم المطعون فيه الموقع بتأريخ ١٨ / ١٠ / ٢٠١٥م بخصوص الطرفين، وتمسك الطاعن بطلب غلق النوافذ المطلة على منزله أو إيجاد حل آخر يحل مشكلة النوافذ المطلة في حين رد المطعون ضده بأن البناء الجديد هو سكن لأولاده ولن يقوم بتأجيره للغير، وعرضت عليهما المحكمة الصلح دون أن يتوفقا في ذلك رغم السير في مرحلة أولى في اتجاه وضع غطاء على النوافذ البالغ عددها (١٥) إلا أن عدم حضور المطعون ضده شخصيا أجهض الصلح.
وحيث إن المحكمة صرحت بعدم الاختصاص ولائيا والإحالة لمحكمة القضاء الإداري جاعلة مشروعية طلب سدم النوافذ متوقفا على بت القضاء الإداري في مطابقة الإباحة المسندة للمطعون ضده للضوابط ولشروط الأمر المحلي من عدمه.
وحيث إن ما انتهت إليه محكمة الحكم المطعون فيه يعد اجتهادا خاطئا ومخالفا لقانون المعاملات المدنية في المادة (٨٠٣) منه وقد نصت على أنه: «إذا أحدث المالك في استعماله لمالكه ضررا لغيره كان للمضرور أن يطلب إزالة الضرر.. ولا يحول الترخيص الإداري الصادر للمالك دون استعمال المضرور لحقه في طلب الإزالة أو التعويض.
وحيث إن محكمة الحكم المطعون فيه بوصفها محكمة موضوع تختص وحدها في معاينة الضرر المشتكى منه وفي تقدير الحلول المادية في الغرض ولها الاستعانة بأهل الخبرة لاقتراح الحلول الممكنة لو ثبت الضرر المدعى به فعلا بصرف النظر عن حصول المطعون ضده على إباحة بناء وعدم التعسف في استعمال حقه في ظل وجوب احترام حق الأجوار وعدم الكشف على الجار الملاصق وعدم الأضرار به؛ إذ المضرة لا تحاز وأنه للجار حق القيام على أصحاب الأماكن المضرة بحقوقهم لاتخاذ الوسائل اللازمة لرفع سبب المضرة وأن الإباحة الممنوحة لأصحاب تلك الأماكن والمباني لا تسقط حق الأجوار في القيام.
وحيث قصرت محكمة الحكم المطعون فيه النظر على طلب إلغاء إباحة البناء وهو فعلا خارج عن اختصاصها إلا أن بقية الطلبات الصادرة عن الطاعن حرية بالنظر باعتبارها من اختصاص محاكم القضاء العدلي ولما لم تفعل تكون قد أكسبت قضاءها مخالفة صريحة للقانون وتعين النقض مع الإحالة.
وحيث نجح الطاعن في طعنه واتجه إلزام المطعون ضده الأول بالمصاريف القانونية مع رد الكفالة للطاعن.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة الدعوى إلى محكمة استئناف السيب لنظرها بهيئة مغايرة وإلزام المطعون ضده الأول بالمصاريف ورد الكفالة للطاعن.