التصنيفات
أحكام قضائية

المحكمة العليا – الدائرة المدنية (ب): الطعن رقم ٨٣٥ / ٢٠١٧م

2017/835 835/2017 ٢٠١٧/٨٣٥ ٨٣٥/٢٠١٧

تحميل

جلسة يوم الأحد الموافق ٢٨ / ١ / ٢٠١٨م

برئاسة فضيلة القاضي / زهران بن ناصر البراشدي، وعضوية كل من أصحاب الفضيلة القضاة: محمد بن حمد النبهاني، ويحيى محمد عبد القادر، والشيخ ولين الشيخ ماء العينين، وصلاح الدين غندور.

(١٠٧)
الطعن رقم ٨٣٥ / ٢٠١٧م

تعويض (حكومة عدل – تقدير)

– متى ما كان التعويض بناء على حكومة العدل تعويضا قائما على الجزاف وليس على مكافئة التعويض للضرر وجب نقض الحكم.

الوقائع

تتحصل الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق في أن الطاعن / … تعرض بتاريخ: ٢٤ / ٩ / ٢٠١٥م لحادث سير بسيارة مؤمنة لدى المطعون ضدها بقيادة المطعون عليه الثاني / …، وقد أصيب الطاعن بإصابات كثيرة نقل على أثرها إلى المستشفى.

والإصابات هي كسر مفتت في الساق الأيمن. مع عملية تثبيت وترقيع للعظم المستدير تدمي في الرئة وتدمي في الصدر وتمزق في الكبد وتدمي في الصفاق وكسر مفتوح ومفتت بالثلث السفلي بالظنبوب والصفيحة بالظنبوب (عظم الشظية) مع انكشاف وتم ترقيع الجلد بوساطة جراحة التجميل وتثبيت الكسر بصفائح وبراغي وكسر في عظم الرضفة وتم تثبيته داخليا بأسلاك وكسر بالضلع أحدى عشر. وبعد البدء في تحميل الوزن على الأرجل تم انكسار الصفائح وتم علاجه مرة أخرى بالمستشفى العسكري وذلك حسبما هو مثبت بالتقارير الطبية الصادرة من مستشفى صحار.

ولما كانت السيارة أداة الحادث مؤمنة لدى الشركة المطعون ضدها وكانت بمحض إرادتها قائمة مقام المتسبب وحالة محله في تحمل أعباء الأضرار الواقعة على المضرور الناتجة بسبب الفعل الضار وهو حادث السير فقد أقام الطاعن بتاريخ: يوم ٢٥ / ١٢ / ٢٠١٦م بوساطة وكيله القانوني دعوى مباشرة ضد الشركة المؤمنة المطعون ضدها بصحيفة أودعها أمانة سر المحكمة الابتدائية بصحار طالب من خلالها القضاء لموكله على المدعى عليها بتعويض قدره (٤٠٠٠٠ ر.ع) أربعون ألف ريال عماني، ومبلغ (٥٠٠ ر.ع) خمسمائة ريال عماني أتعاب محاماة، وإلزامها المصاريف.

على سند من القول إنه تعرض للحادث بتاريخ: ٢٤ / ٩ / ٢٠١٥م وأن المركبة المتسببة في الحادث مؤمنة لدى المدعى عليها؛ لذا قدم دعواه طلبا للقضاء لموكله بطلباته.

وبحضور الطرفان ردت الشركة المدعى عليها بدفعها الذي تقدمت به مطالبة ادخال خصم في الدعوى فأجلت لهذا الغرض ومن ثم وبعد استكمال جميع الإجراءات أصدرت المحكمة حكما قضى بإلزام المدعى عليها أن تؤدي للطاعن في الطعن الماثل مبلغا قدره (٧٠٠٠ ر.ع) سبعة آلاف ريال عماني وبمبلغ مائة ريال عماني أتعاب محاماة وإلزامها المصاريف.

فلم يرض الطاعن بالحكم واستأنفه لدى محكمة الاستئناف بصحار الدائرة المدنية وقيد تحت رقم ١٨٧ / ٢٠١٧م بصحيفة طالب من خلالها القضاء له بطلباته.

وبعد استكمال جميع الإجراءات أصدرت محكمة الاستئناف بصحار حكمها الطعين القاضي بقبول الاستئناف شكلا، وفي الموضوع برفع مبلغ التعويض الى تسعة (١٩٨٥٠ ر.ع) عشر ألف ريال عماني وثمانمائة وخمسين ريالا عمانيا وإلزام الشركة بالمصاريف.

فلم يلقى حكمها من الطاعن قبولا مرة أخرى وطعن عليه بالنقض لدى هذه المحكمة بالطعن الماثل وبالأسباب التي ذكرها ملتمسا القضاء له بطلباته.

وتم إعلان المطعون ضدهما فرد المطعون ضده الثاني بمذكرة طالب من خلالها القضاء برفض الطعن وتأييد الحكم المطعون فيه وإلزام الطاعن بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة.

ولم ترد المطعون ضدها الأولى. أقيم الطعن على أسباب حاصلها مخالفة الحكم لصحيح القانون بالخطأ في التطبيق والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق على سند من القول بما حاصله أن الحكم الطعين خالف مخالفة صريحة للمرسوم السلطاني ١١٨ / ٢٠٠٨م وقضى برفع التعويض إلى (١٩٥٥٠ ر.ع) تسعة عشر ألفا وخمسمائة وخمسين ريالا عمانيا وإلزام المستأنف ضدها بالمصاريف. دون الإحاطة بعناصر الضرر وما آلت إليه حال الطاعن ولم يقض للإصابات بحقها المشروع لها من دية أو أرش أو حكومة عدل باعتبار أن المحكمة لم تناقش التقارير الطبية مناقشة موضوعية مخالفة بذلك الثابت بالأوراق مع مخالفة ما هو ثابت فقها وقضاء في وجوب تحديد عناصر الضرر وإعطاء كل عنصر حقه المشروع له من دية أو أرش أو حكومة عدل ومؤداه عدم إحاطة المحكمة بعناصر الطلبات والأضرار التي لحقت بالطاعن ولما كانت التقارير الطبية خير شاهد على ذلك فيتبين إخلال المحكمة بواجبها المنوط بها وهو مناقشة عناصر الضرر والاحتساب لكل إصابة بالتعويض المناسب لها وفقا للتقرير الطبي وما آل إليه حال الطاعن بعد الحادث. ثم ذكر الإصابات المذكورة آنفا وانتهى بالمطالبة بنقض الحكم والقضاء له بطلباته وبمبلغ (٦٠٠ ر.ع) ستمائة ريال عماني أتعاب محاماة.

المحكمة

بعد الاطلاع على سائر الأوراق وبعد استماع التقرير المعد من القاضي المقرر وبعد المداولة وكون الطعن استوفى أو ضاعه الشكلية فهو مقبول شكلا، ومن حيث الموضوع فإن النعي على الحكم المطعون فيه بما ذكره وكيل الطاعن سديد في مضمونه ذلك أنه من الواجب على المحكمة مصدرة الحكم تقصي جميع الإصابات وآثارها وما آلت إليه حال المضرور من فوات نفع أو حدوث ضرر. وإعطاء كل عنصر ما يستحقه من دية أو أرش أو حكومة عدل والذي يبين من الحكم الطعين عدم بذله الجهد في معرفة الإصابات وماهيتها وضررها على المصاب وموقعها من جسمه وعدم إعطاء تلك الإصابات وآثارها التي ألمت بالمضرور حسب ما لها تعويض بموجب أحكام الديات والأروش. مع كونها أمام ناظريه إذ أعرب عنها التقارير المرفقة بالدعوى من مستشفى صحار مخالفا بذلك القانون الواجب التطبيق بموجب أحكام الديات والأروش المنظم بالمرسوم السلطاني ١١٨ / ٢٠٠٨م.

والأصل أن المتسبب هو المسؤول أولا وآخرا عن الأضرار التي يلحقها بالغير إلا أنه لما كانت المدعى عليها بمحض إرادتها ودون جبر أو إكراه قائمة مقام المتسبب وحالة محله في تحمل جميع أعباء الاضرار الناتجة عن الفعل الضار التي أصيب بها المضرور مهما كانت فقد أجاز الشرع والقانون إقامة الدعوى على الكفيل في حدود كفالته دون مطالبة الأصيل إن أراد ذلك كما هو معلوم من أحكام الكفالة والوكالة والضمانة فقها وقانونا وكما نص عليه قانون التأمين حيث أجاز للمضرور إقامة دعوى مباشرة ضد الشركة المؤمنة.

ومن الواجب على المحكمة مصدرة الحكم تقصي جميع الأضرار من إصابات وآثارها وما احتاجته من تدخل علاجي سواء أكان جراحيا أم غير جراحي وما س رت إليه تلك الأضرار وما آلت إليه حال المضرور من فوات نفع أو حدوث ضرر وما ستؤول إليه حاله بسبب ذلك أن كان ثم دليل عليه، والذي يبين من الحكم الطعين عدم تقصيه الإصابات وآثارها على المصاب وما احتاجته من تدخل علاجي سواء أكان جراحة أو دونها وأيلولة حال المضرور بعد الحادث من فوات نفع أو حدوث ضرر أو عاهة مستديمة إلى غير ذلك مما هو معلوم فقها وقضاء مخالفا بذلك القانون الواجب تطبيقه مما يتعين على هذه المحكمة القضاء بنقضه وذلك لعدم التحقق من جميع الإصابات وآثارها على جسم المصاب ودون إعطاء ما ذكر من إصابات حقه المشروع له من دية أو أرش أو حكومة عدل ودون مناقشة التقارير المرفقة بالدعوى وما آلت إليه حال المضرور من فوات نفع أو حدوث ضرر أو عاهة مستديمة كما مر بيانه آنفا إذ بين التقارير وما قضي به بون شاسع قد يتغير معه وجه الرأي في التعويض إذا ما نوقشت ومحصت تلك التقارير؛ مما يعد قصورا مبطلا لحكمها ويتعين بموجبه على هذه المحكمة القضاء بنقضه، على أن يكون مع النقض الإحالة، وعلى المحكمة المحال إليها التحقق من جميع ما يوصلها إلى العدالة المطلوبة لا سيما التحقق من جميع الإصابات وآثارها على جسم المصاب وما احتاجته أثناء العلاج من عمليات جراحية وغير جراحية وخياطة وشبهها وما آلت إليه حال المضرور من فوات نفع أو حدوث ضرر أو عاهة مستديمة الى غير ذلك مما هو معلوم ضرورة.

ولأجل البيان لا الحصر وكمبدأ عام فإن تقدير التعويض فيما يسمى بحكومة العدل أو النظر، أو نظر العدول أو حكومة العدلين – ويطلق عليه بعضهم: «نذر»، و »قدر» وهو فيما لم يرد في تحديد التعويض فيه نص من الشارع وإنما فيه نظر العدول العارفين بأحكام الدماء – يشترط فيه أن يكون تقديرا عادلا مكافئا للضرر لا جزافا من غير روية فإن ح كم العدول فيه بعد التأمل والاجتهاد ومعرفة الضرر وأثره على المضرور حالا أو مآلا فما حكموا به بعد إمعان النظر وإعمال الفكر وبذل الاجتهاد من تعويض قل أو كثر فعليه العمل وعلى العدل أن يتحرى الأفضل والأسلم والأقوى في النظر، وذلك حسب موقع الإصابة من الجسم وأثرها على المصاب بل وفي المجتمع.

وفي معنى ذلك قال العلامة ابن بركة في كتاب التعارف: «ألا ترى أن الحكام قد كلفوا أن يحكموا بالظاهر بما هو عندهم صواب، ولا يجوز أن يكونوا مخطئين إذا اجتهدوا وفعلوا ما أمرهم الله به من الظاهر، وإن اختلفوا في مقادير النفقات، وقيم المتلفات وأرش العيوب والجراحات، وفي جزاء الصيد ولا يعتقد أحد منهم تخطئة صاحبه فيما خالفه، لا يدعي عليه الخطأ في حكمه، بل كل واحد منهم يصوب صاحبه وإن خالفه في تقديره».

وقال: «فمن اجتهد من حيث يجب الاجتهاد، واستدل من وجه الاستدلال أصاب ما كلفه، وهذا يتعلق بباب اجتهاد الرأي، وما اختلف فيه العلماء، وكيف جرى بين الصحابة (رضي الله عنهم) من الاختلاف فيما تولى فيه بعضهم بعضا».

وقال: «وكذلك كلف أصحاب الرسول (ص) أن يجتهدوا في حكم الحوادث التي كلفهم الله الحكم فيها، فإذا استدلوا وطلبوا ما كان عندهم أنه الحق الذي كلفهم إياه وقاسوا، وغلب على ظن كل واحد منهم قد أصاب الحق حكم به، وحكم له بالثواب على ذلك».

وقال: «وكذلك قولي في قيم المتلفات؛ فإنما الاعتبار فيه أن تجري القيمة على حسب ما تبايع الناس به، وتجري به البياعات بينهم، فيرجع في ذلك إلى أهل المعرفة دون من لا معرفة له، وقد تقع البياعات بين التجار على الأثمان المتقاربة والمغابنة اليسيرة، وقد تقع بينهم المغابنة الفاحشة، وهذا نادر بينهم بأعلام كثيرة منهم، فانظر في ذلك ما أبيح لأهل القيم إذا كانوا من أهل الخبرة والمعرفة بالأثمان المتقاربة دون المتفاوتة الفاحشة، وفوق الناقصة الخسيسة وبالله التوفيق» انتهى.

والإصابات التي تتكون من الحروق الاحتكاكية أو فقد الجلد أو هرهسة اللحم إلى آخره. هي أشد حالا من الجروح العميقة الأخرى وأعظم ضررا على المصاب لا سيما إن كانت عميقة وتحتاج إلى تدخل جراحي للترقيع وأن المساحة طولا وعرضا لها أثر عظيم في تقدير التعويض العادل إذ تقدر بمقاييس الجروح حذو النعل بالنعل وإن لم يوجد قياس فهنالك الاجتهاد من العدول شريطة أن يكون تقديرا جابرا للضرر.

والإصابات التي يظهر أثرها داخل الجوف إن وجدت في المصاب فلكل واحدة ثلث الدية ولا يشترط أن تظهر الجراحة في الخارج وذلك إذا قرر الأطباء العارفون ذلك مثاله لو أصيب إنسان بجناية ما في التجويف الصدري أو البطني وقرر الأطباء أن ضررها وصل الكلية أو الرئة أو الكبد أو المساريق أو الأمعاء إلى آخره فلكل إصابة جارحة مما ذكرنا ثلث الدية فإن إحتاجت إلى تدخل جراحي بفتح الجوف أو ثقبه ولو بإبرة ففي كل عملية ثلث الدية أيضا وهذا أمر يكاد مفروغا منه لثبوته بالسنة عن المعصوم (ص) «وفي الجائفة ثلث الدية» وقد نص عليها المرسوم السلطاني المنظم للديات والأروش ١١٨ / ٢٠٠٨م والجائفة هي الإصابة التي يصل ضررها إلى الجوف ولو بثقب إبرة هكذا نص أهل العلم عليه ومن العلوم ضرورة أن ثقب الابرة بعد إخراجها لا يمكن أن يرى بالعين المجردة، وإن بتر شيء من تلك الأعضاء الجوفية فله أرشه -بقدر ما بتر- من الدية الكبرى ما لم يؤد إلى خلل في عمل العضو فإن أدى إلى خلل فيه فله حقه أيضا وان استؤصل وكان فرديا فالدية الكاملة وان كان زوجيا فنصفها ما لم يسر الضرر إلى الجزء الثاني فإن سرى إليه فله حقه أيضا وهذا من غير أرش فتح البطن للاستئصال فلفتح البطن جائفة ثلث الدية وهكذا يقاس سائرها.

وكذا في إصابة الرأس الحكم فيها سواء بسواء كما تقدم في مسألة الجوف كالآمة أو المأمومة مثلا وهي الإصابة التي تصل إلى الصفاق الفاصل بين المخ وغطاء الرأس أي عظمه. ففي الحديث: «وفي المأمومة ثلث الدية « الحديث، فإن قرر الأطباء أن الإصابة وصل ضررها إلى المخ مثلا فلكل إصابة حكم المأمومة وكذا الحال في التدخل الجراحي وهكذا يقاس سائرها. وبعدها الدامغة – بالغين المعجمة – وهي التي تخرق الجلدة وتصل إلى الدماغ أي تكشف المخ ولم يذكرها كثير من العلماء لأن الدامغة عادة لا يعيش معها الإنسان فإن عاش فذلك فضل من الله ونعمة؛ ولها حكم ما قبلها أي حكم المأمومة ومن العلماء من يزيد على أرش المأمومة حكومة عدل ولعله هو الأصوب للخطورة البالغة التي تسببها الاصابة وذلك ما لم تسبب ضررا آخر فإن سببت ذلك فلا شك أن لكل حكمه كما سبق بيانه.

وأما التدخل الجراحي في تجبير العظام فيختلف وذلك أن تجبير العظام يحتاج إلى فتح كامل اللحم وإيضاح الجرح ولكن لا يوجد جوف، والأصل أن فيه حكم الموضحة أي موضحة العظم ولكن لابد من معرفة القياس طولا وعرضا والقياس في الجروح حسبما حدده الفقهاء ابتداء من الدامية وانتهاء بالموضحة هو راجبة الابهام طولا وعرضا ووضعوا لذلك اثنتي عشرة نقطة بإبرة القلم المتوسط وما بين كل نقطتين قدر نقطة واحدة في الطول والعرض كذلك وما زاد فبحسابه يزداد التعويض وما نقص فبحسابه ومتوسط الراجبة الواحدة حسبما حدده الفقهاء وحسبما مضى عليه العمل بالقياس العصري ثلاثة سنتم طولا وكذلك العرض، فبضرب الطول في العرض تصير تسعة سنتم وما زاد فبحسابه يزاد عليه التعويض وما نقص فبحسابه فمثال الزائد جرح طوله أربعة سنتم وعرضه ثلاثة فبضرب الطول في العرض يصير اثني عشر سنتيا والراجبة التامة تسعة سنتيات فهذا يعني أنه راجبة وثلث راجبة. فإن كان الجرح موضحا فمعناه موضحة وثلث فيستحق قيمة موضحة وثلث وهكذا.

ومثال الناقص جرح طوله ثلاثة سنتي وعرضه سنتيان فبضرب الطول في العرض يصير ستة سنتيات أي راجبة الا ثلث راجبة فان كان موضحا فموضحة الا ثلث موضحة وله في التعويض قيمة موضحة إلا ثلث موضحة وهكذا في باقي الجروح.

فإن لم يكن ثمة قياس واضح فأقل ما يقال في تثبيت الكسور أرش ثلاث موضحات طولا مع عرض واحدة أي تسعة سنتم طولا مع عرض ثلاثة سنتي ذلك أن الطبيب يحتاج إلى إدخال المثبت وتثبيته وهذا أقل قدر يمكنه من ذلك أي بقدر تسعة سنتي متر طولا مع عرض ثلاثة على أقل تقدير فذلك قياس ثلاث موضحات فإن كان العرض أو الطول أكثر فبحسابه وهكذا ما لم يؤد التثبيت إلى ثقب العظم فإن أدى إلى ثقب العظم ففيه جائفة لأن للعظم جوفا وهو محل النخاع فإن خرج الثقب من الجهة الثانية ففيه جائفتان حسبما قعده أهل العلم وعلى رأسهم العلامة أبو المؤثر الصلت بن خميس الخروصي وغيره، وهكذا…».

هذا كله إن لم تخلف الإصابة ضررا آخر على المصاب أما إن خلفت ضررا وثبت بمعرفة أهل الخبرة بذلك فللمجني عليه أرش الإصابة وارش الضرر وأرش التدخل الجراحي ولو وصل إلى عدة ديات. وحسبنا عمل الصحابة (ص) في المشجوج في رأسه إذ حكموا له بخمس ديات كما هو ثابت عنهم (ص).

مع التنبه أن إصابة المخ أن لو وجدت أعظم ضررا من سائر الجسد وتؤثر على عمل جميع جزيئآت الجسم فما من جزيئة من خلاياه إلا ولها عمل خاص قد لا يعوض بغيرها إن فسدت فيفقد صاحبها منفعتها ولو بعد حين، ولذا لا بد من التعويض العادل.

وكذا الحال في دمج الفقرات إن وجد لابد من معرفة جدوى هذا الدمج وأثره على المصاب سلبا أو إيجابا وهل بسبب الدمج أدى إلى تقلص العمود أم لا؟ وهل في هذا الدمج تم بديل عن التالف أم لا؟ ومن ثم الحكم عليه بعد تصوره تصورا واضحا دون شك أو لبس.

أما الانتظار بالمجني عليه إلى البرء أو إلى سنة مثلا فليس المراد منه نقص الأرش المنصوص عليه من الشارع وإنما المراد منه انكشاف الضرر المترتب على الجناية هل سيترتب عليها ضرر آخر أم لا؟ وهي المسماة في الفقه بـ “السراية، أو التولد” فإن تولد من الجناية ضرر فللمصاب أرش الجناية وأرش الضرر وأرش الجراحة كما أسلفنا بدليل قوله (ص) «نهيتك فعصيتني فأبعدك الله وبطل عرجك» الحديث الوارد في المشجوج في الركبة فقد أسقط (ص) عليه حق السراية بسبب تعجله وعدم أخذه بنصيحة المصطفى (ص) بصريح اللفظ فرسول الله (ص) لما راجعه لم ينف إضافة حق السراية على حق الجناية وإنما لم يقض له بها عقوبة له على المخالفة بصريح اللفظ. وبدليل قوله (ص) في رواية أخرى «ثم يقضى فيها على حسب ما انتهى إليه» مع ادلة أخرى لا يتسع إيرادها هنا. وبدليل تعدد ذكره (ص) في أحاديث الديات والأروش للأعضاء ومنافعها كلا على حدة من غير قيد أو شرط. (وما ينطق عن الهوى (٣) إن هو إلا وحي يوحى (٤) سورة النجم. وبدليل قضاء الصحابة (ص) المشار إليه قبل. وقد مضى بيان ذلك بما فيه الكفاية وإنما ذكر للتذكير فقط. (إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد) (٣٧) سورة ق. وإن كان ثم تناقض أو ريبة أو شك في التقارير أو الإصابات أو آثارها فيرد إلى جهة الاختصاص: الجهة المعالجة؛ لاستجلاء الحقيقة. إذ: الحكم على الشيء فرع من تصوره. والحكم في شيء ما دون تصوره تصورا واضحا ينفي عنه الريب والشك باطل وجدير بالنقض. لما كان ذلك وكان الحكم الطعين خالف هذا النظر قضت هذه المحكمة بنقضه وإحالة الدعوى إلى المحكمة التي أصدرت الحكم لتحكم فيها من جديد بهيئة مغايرة بناء على طلب الخصوم وبدون رسوم جديدة وإلزام المطعون ضدهما بالمصاريف ورد الكفالة للطاعن.

فلهذه الأسباب

«حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة الدعوى إلى المحكمة التي أصدرت الحكم لتحكم فيها من جديد بهيئة مغايرة بناء على طلب الخصوم وبدون رسوم جديدة وإلزام المطعون ضدهما بالمصاريف ورد الكفالة للطاعن».