التصنيفات
فتاوى قانونية

وزارة العدل والشؤون القانونية: فتوى رقم ٢١٢٧٤٥٤٩١

212745491

تحميل

(٤١)
٢ / ٨ / ٢٠٢١م

موظف – مؤسسة خدمات الأمن والسلامة – منح صفة الضبطية القضائية.

عرف المشرع الموظف العام بموجب قانون الخدمة المدنية بأنه الشخص الذي يشغل وظيفة عامة بإحدى وحدات الجهاز الإداري للدولة – وحدد بموجب قانون الإجراءات الجزائية على سبيل الحصر مأموري الضبط القضائي وهم أعضاء الادعاء العام وضباط الشرطة والرتب النظامية الأخرى بدءا من رتبة شرطي، وضباط جهات الأمن العام والرتب النظامية الأخرى بدءا من رتبة جندي، والولاة ونوابهم، وكل من تخوله القوانين هذه الصفة، وأجاز لوزير العدل والشؤون القانونية بالاتفاق مع الوزير المختص تخويل بعض موظفي الجهات الحكومية صفة الضبطية القضائية بالنسبة إلى الجرائم التي تقع في دوائر اختصاصهم وتكون متعلقة بأعمال وظائفهم – المقصود بالموظفين الجائز منحهم صفة الضبطية هو المعنى الاصطلاحي للموظف العام المنصوص عليه في قانون الخدمة المدنية – أثر ذلك – عدم جواز منح موظفي مؤسسة خدمات الأمن والسلامة صفة الضبطية القضائية باعتبار أن موظفيها لا يندرجون ضمن مفهوم الموظف العام – تطبيق.


فبالإشارة إلى الكتاب رقم:………… المؤرخ في……………..هـ، الموافق…………………م، بشأن طلب الإفادة بالرأي القانوني حول مدى إمكانية منح موظفي مؤسسة خدمات الأمن والسلامة صفة الضبطية القضائية عند القيام بدورهم كمفتشي الصحة العامة والسلامة المهنية بالإنابة عن موظفي وزارة العمل.

وتتلخص وقائع الموضوع – حسبما يبين من كتاب طلب الرأي – في أن هناك توجها من وزارة العمل نحو خصخصة قطاع التفتيش المتعلق بالصحة العامة والسلامة المهنية من أجل خلق فرص عمل للعمانيين في مؤسسة خدمات الأمن والسلامة، إلى جانب توجه بعض الجهات الأخرى مثل وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه إلى سلوك المسلك ذاته، وما يستتبع ذلك من منح صفة الضبطية القضائية للعاملين في المؤسسة.

وتذكرون أنه بدراسة الموضوع المشار إليه من قبل شرطة عمان السلطانية، فقد ارتأت إمكانية منح صفة الضبطية القضائية لبعض موظفي مؤسسة خدمات الأمن والسلامة استنادا إلى تعريف الموظف العام بأنه كل من يشغل وظيفة عامة بإحدى وحدات الجهاز الإداري، ويعتبر في حكم الموظف العام كل من كلف بالقيام بعمل معين من إحدى السلطات العامة المختصة في حدود تكليفه، كممثلي الحكومة في الشركات، والعاملين في الشركات المملوكة للحكومة بالكامل، أو تلك التي تساهم الحكومة في رأس مالها بنسبة تزيد على (٤٠٪) أربعين في المائة، وأن مؤسسة خدمات الأمن والسلامة تملكها صناديق تقاعد الأجهزة الأمنية والعسكرية وأنها وفقا للمرسوم السلطاني رقم ٢٤ / ٩٩ المؤسسة الوحيدة المخولة بتقديم الأعمال الأمنية.

وإزاء ما تقدم، تطلبون الإفادة بالرأي القانوني في الموضوع المشار إليه.

وردا على ذلك، يسرني أن أفيدكم بأن المادة (١) من المرسوم السلطاني رقم ٢٤ / ٩٩ بتنظيم ممارسة نشاط تقديم الخدمات الأمنية الإضافية تنص على أنه: “مع عدم الإخلال بالاختصاصات المقررة قانونا لشرطة عمان السلطانية، لا يجوز لأي شخص طبيعي أو اعتباري ممارسة نشاط تقديم أي من الخدمات الأمنية الإضافية المنصوص عليها في هذا المرسوم إلى الغير إلا بعد موافقة المفتش العام للشرطة والجمارك والحصول على ترخيص يصدر به مرسوم سلطاني”.

وتنص المادة (٢) من المرسوم ذاته على أنه: “يقصد – في تطبيق أحكام هذا المرسوم – بالخدمات الأمنية الإضافية ما يأتي:

١ – خدمات المراقبة المركزية للأموال والمنشآت من الاعتداء أو السطو أو الهجوم أو الاقتحام أو الحريق والإنذار المبكر عنها.

٢ – خدمات الحراسات الأمنية باستخدام حراس مدربين على حمل السلاح واستعماله.

٣ – خدمات نقل النقد والمجوهرات بوسائل مجهزة أمنيا لهذا الغرض.

٤ – خدمات تدريب العاملين في المنشآت الحكومية أو الخاصة على الحراسات الأمنية.

وتنص المادة (١) من المرسوم السلطاني رقم ٢٥ / ٩٩ بالترخيص لمؤسسة خدمات الأمن والإطفاء ممارسة نشاط تقديم الخدمات الأمنية الإضافية على أنه: “يرخص لمؤسسة خدمات الأمن والإطفاء ممارسة نشاط تقديم الخدمات الأمنية الإضافية المنصوص عليها في المادة (٢) من المرسوم السلطاني رقم ٢٤ / ٩٩ المشار إليه”.

وتنص المادة (٣١) من قانون الإجراءات الجزائية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم ٩٧ / ٩٩ على أنه: “مأمورو دوائر الضبط القضائي في دوائر اختصاصهم:

١ – أعضاء الادعاء العام.

٢ – ضباط الشرطة والرتب النظامية الأخرى بدءا من رتبة شرطي.

٣ – ضباط جهات الأمن العام والرتب النظامية الأخرى بدءا من رتبة جندي.

٤ – الولاة ونوابهم.

٥ – كل من تخوله القوانين هذه الصفة.

ويجوز بقرار من وزير العدل والشؤون القانونية بالاتفاق مع الوزير المختص تخويل بعض الموظفين صفة الضبطية القضائية بالنسبة إلى الجرائم التي تقع في دوائر اختصاصهم وتكون متعلقة بأعمال وظائفهم”.

وتنص المادة (٢) من قانون الخدمة المدنية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم ١٢٠ / ٢٠٠٤ على أنه: “في تطبيق أحكام هذا القانون يقصد بالكلمات والعبارات التالية المعاني المبينة قرين كل منها مالم يقتض سياق النص معنى آخر:……..

الموظف: الشخص الذي يشغل وظيفة عامة بإحدى وحدات الجهاز الإداري للدولة. -………..”.

وتنص المادة (١٠) من قانون الجزاء الصادر بالمرسوم السلطاني رقم ٧ / ٢٠١٨ على أنه: “يعد موظفا عاما في تطبيق أحكام هذا القانون:

١ – كل من يشغل منصبا حكوميا.

٢ – أعضاء مجلس عمان، وأعضاء المجالس البلدية.

٣ – كل من كلف بالقيام بعمل معين من إحدى السلطات العامة المختصة في حدود تكليفه.

٤ – ممثلو الحكومة في الشركات، والعاملون بالشركات المملوكة للحكومة بالكامل، أو تلك التي تساهم الحكومة في رأس مالها بنسبة تزيد على (٤٠٪) أربعين في المائة….”.

ومفاد ما تقدم من نصوص، أن المشرع بموجب نص المادة (٣١) من قانون الإجراءات الجزائية حدد على سبيل الحصر مأموري الضبط القضائي وهم أعضاء الادعاء العام وضباط الشرطة والرتب النظامية الأخرى بدءا من رتبة شرطي، وضباط جهات الأمن العام والرتب النظامية الأخرى بدءا من رتبة جندي، والولاة ونوابهم، وكل من تخوله القوانين هذه الصفة، وأجاز لوزير العدل والشؤون القانونية بالاتفاق مع الوزير المختص تخويل بعض موظفي الجهات الحكومية صفة الضبطية القضائية بالنسبة إلى الجرائم التي تقع في دوائر اختصاصهم وتكون متعلقة بأعمال وظائفهم، كما عرف المشرع الموظف العام في المادة (٢) من قانون الخدمة المدنية بأنه الشخص الذي يشغل وظيفة عامة بإحدى وحدات الجهاز الإداري للدولة.

وحيث إنه من المقرر أنه متى كانت عبارة النص القانوني واضحة لا لبس فيها ولا غموض فإنها تعد تعبيرا صادقا عن إرادة المشرع ولا يجوز الانحراف عنها عن طريق التفسير أو التأويل أيا كان الباعث على ذلك، وهو ما يعبر عنه علم أصول الفقه بأنه لا اجتهاد مع صراحة النص، فالأصل في النصوص التشريعية هو ألا تحمل على غير مقاصدها وألا تفسر عباراتها بما يخرجها عن معناها، أو بما يؤول إلى الالتواء بها عن سياقها.

وبناء عليه، فإن المقصود بالموظفين الجائز منحهم صفة الضبطية القضائية بقرار من وزير العدل والشؤون القانونية بالاتفاق مع الوزير المختص بالنسبة إلى الجرائم التي تقع في دوائر اختصاصهم وتكون متعلقة بأعمال وظائفهم، هم الموظفون العموميون بالمعنى الاصطلاحي المنصوص عليه في قانون الخدمة المدنية، أي الأشخاص الذين يشغلون وظائف عامة في وحدات الجهاز الإداري للدولة.

وتطبيقا لذلك على الحالة المعروضة، ولما كان البين من الأوراق أن مؤسسة خدمات الأمن والسلامة مملوكة لصناديق التقاعد من أشخاص القانون الخاص المرخص لها بالمرسوم السلطاني رقم ٢٥ / ٩٩ بممارسة نشاط تقديم الخدمات الأمنية الإضافية، ومزمع مستقبلا إسناد نشاط التفتيش المتعلق بالصحة العامة والسلامة المهنية المنوط حاليا بوزارة العمل إلى تلك المؤسسة بعد تخصيصه، ومن ثم فإن العاملين فيها ليسوا من الموظفين العموميين وفقا للتعريف الوارد في قانون الخدمة المدنية، وبالتالي ليسوا من المخاطبين بحكم الفقرة الأخيرة من المادة (٣١) من قانون الإجراءات الجزائية، فلا يجوز منحهم صفة الضبطية القضائية وفقا لحكمها.

ولا ينال من ذلك ما ساقته شرطة عمان السلطانية في كتاب طلب الرأي من أنه يمكن منح صفة الضبطية القضائية للعاملين في المؤسسة المذكورة استنادا إلى تعريف الموظف العام في قانون الجزاء واعتبارهم في حكم الموظفين العموميين كالعاملين في الشركات المملوكة للحكومة بالكامل، أو تلك التي تساهم الحكومة في رأس مالها بنسبة تزيد على (٤٠٪) أربعين في المائة، فذلك مردود عليه، بأن هذا التعريف الحكمي للموظف العام يجد حده ومداه في تطبيق أحكام قانون الجزاء عملا بصراحة نص المادة (١٠) من هذا القانون، وهو استثناء من الأصل المنصوص عليه في قانون الخدمة المدنية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم ١٢٠ / ٢٠٠٤ إذ يعرف الموظف العام بأنه الشخص الذي يشغل وظيفة عامة بإحدى وحدات الجهاز الإداري للدولة، ولما كانت القاعدة هي أن الاستثناء لا يجوز القياس عليه أو يتوسع في تفسيره، فإنه لا مناص من حمل عبارة الفقرة الأخيرة من المادة (٣١) من قانون الإجراءات الجزائية على أن المخاطب بها هم الموظفون العموميون بالمعنى الاصطلاحي المنصوص عليه في قانون الخدمة المدنية، هذا فضلا عن أن طبيعة عمل مأموري الضبط القضائي والصلاحيات المخولة لهم قانونا في مجال جمع الاستدلال وضبط الأشياء والأشخاص والتحفظ عليهم وتفتيش الأماكن والأشخاص وغيرها، أمور تتعلق بالحريات العامة المكفولة للمواطنين بموجب أحكام النظام الأساسي للدولة، وتلك أمور لا يجوز فرض قيود عليها ابتداء أو التوسع في نطاق القائم منها إلا بنصوص قانونية صريحة، وليس اجتهادا من باب القياس.

ومن نافلة القول في هذا المقام، أنه في ظل العولمة والتوسع في سياسة التخصيص والشراكة مع القطاع الخاص من خلال تمكينه من إنشاء وإدارة واستغلال بعض المرافق العامة لا سيما الاقتصادية منها، وتلك المرافق – في ضوء المهام المنوطة بها – شأنها شأن المرافق التي تتولى إنشاءها وإدارتها أشخاص القانون العام ممثلة في وحدات الجهاز الإداري للدولة وغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة من حيث وجوب العمل على دوام عملها بانتظام واضطراد خدمة للوطن والمواطن، ومن مقتضيات تحقيق ذلك منح تلك المرافق بعض صلاحيات السلطة العامة تحت إشراف الدولة ومنها تخويل بعض العاملين فيها سلطة الضبط القضائي شأنهم شأن الموظفين العموميين، وهذا هو النهج المتبع في بعض التشريعات المقارنة، ولكن تحقيق ذلك – في ضوء ما سبق ذكره – لا يكون إلا بتعديل نص الفقرة الأخيرة من المادة (٣١) من قانون الإجراءات الجزائية على نحو يسمح بذلك صراحة، ولا يسوغ قانون الولوج إليه من باب التفسير.

لذلك، انتهى الرأي إلى أن منح موظفي مؤسسة خدمات الأمن والسلامة صفة الضبطية القضائية لا يكون إلا من خلال تعديل نص المادة (٣١) من قانون الإجراءات الجزائية، وذلك على النحو المبين بالأسباب.