التصنيفات
فتاوى قانونية

وزارة العدل والشؤون القانونية: فتوى رقم ٢١٢٧٤٧١٨٩

212747189

تحميل

(٤٧)
٢٨ / ٩ / ٢٠٢١م

الأحكام القضائية – حجية الأمر المقضي به – الاستثناء منها.

إن الأحكام القضائية التي حازت حجية الأمر المقضي به تكون حجة فيما فصلت فيه من الحقوق، ولا يجوز قبول دليل ينقض هذه الحجية – الحجية لا تثبت إلا للقضاء القطعي الذي فصل في الحقوق، وهذا القضاء – وفقا للمجرى العادي للأمور – يكون موضعه عادة منطوق الحكم، لذلك يعبر عن هذه القاعدة بالقول إن الحجية لا تثبت إلا لمنطوق الحكم، غير أن الحكم قد يتطرق في أسبابه إلى بعض المسائل الأولية ويفصل فيها بقضاء قطعي صريح أو ضمني تمهيدا للفصل في موضوع الدعوى، لذلك كان الاستثناء من تلك القاعدة ومفاده أن الحجية تمتد إلى أسباب الحكم المرتبطة بمنطوقه ارتباطا لا يقبل التجزئة، أي إلى ما فصل فيه الحكم صراحة أو ضمنا في أسبابه ولم يذكره في منطوقه – تطبيق.


فبالإشارة إلى الكتاب رقم:……………. بتاريخ……………. هـ، الموافق………………م، بشأن طلب الإفادة بالرأي القانوني حول مدى جواز احتفاظ الدكتور /…………… براتبه الأساسي عند نقله من جدول الدرجات والرواتب الموحد للموظفين العمانيين المدنيين بالدولة الصادر بموجب المرسوم السلطاني رقم ٧٨ / ٢٠١٣، إلى جدول الدرجات والوظائف الواردة في الملحق رقم (١) المرفق بالمرسوم السلطاني رقم ٣٣ / ٢٠١٣ بشأن الوظائف الطبية والوظائف الطبية المساعدة بالمؤسسات الطبية الحكومية (المدنية والعسكرية).

وتتلخص وقائع الموضوع – حسبما يبين من كتاب طلب الرأي ومرفقاته – في أن المعروضة حالته كان يشغل وظيفة طبيب اختصاصي في وزارة الصحة، وبتاريخ……….م تم نقله إلى المجلس العماني للاختصاصات الطبية ليشغل وظيفة أخصائي بحوث ودراسات في الدرجة المالية (ج) من الجدول الأكاديمي الوارد بالملحق رقم (١) المرفق بلائحة شؤون الموظفين بالمجلس العماني للاختصاصات الطبية الصادرة بالقرار رقم ٣١ / ٢٠١٢، وأنه بصدور جدول الدرجات والرواتب الموحد للموظفين العمانيين المدنيين بالدولة بموجب المرسوم السلطاني رقم ٧٨ / ٢٠١٣ تم نقل المعروضة حالته إلى الدرجة المالية الثالثة من الجدول المشار إليه، وبتاريخ…………………….م طلب نقله وفقا لأحكام المرسوم السلطاني رقم ٣٣ / ٢٠١٣ بشأن الوظائف الطبية والوظائف الطبية المساعدة بالمؤسسات الطبية الحكومية (المدنية والعسكرية) باعتبار أنه يشغل وظيفة طبية وينتمي إلى الإطار الطبي وأن نقله إلى جدول الدرجات والرواتب الموحد المشار إليه لا يتناسب مع الوظيفة التي يشغلها، وعلى إثر ذلك صدر القرار(……………) بتاريخ……………م بنقل المعروضة حالته بذات وظيفته من الدرجة المالية الثالثة من جدول الدرجات والرواتب الموحد المشار إليه إلى الدرجة المالية الرابعة من الملحق رقم (١) المرفق بالمرسوم السلطاني رقم ٣٣ / ٢٠١٣ المشار إليه، اعتبارا من تاريخ صدور القرار.

وتذكرون أن المعروضة حالته لم يرتض القرار رقم (……………..) المشار إليه، وطعن عليه بتاريخ………………م أمام الدائرة الابتدائية في محكمة القضاء الإداري طالبا الحكم له بأربعة طلبات على النحو الآتي: ١ – عدم صحة قرار المجلس العماني للاختصاصات الطبية بنقله من الدرجة الثالثة من درجات جدول الدرجات والرواتب الموحد للموظفين العمانيين المدنيين بالدولة إلى الدرجة الرابعة من الملحق رقم (١) المرفق بالمرسوم السلطاني رقم ٣٣ / ٢٠١٣ المشار إليه، مع ما يترتب على ذلك من آثار أخصها نقله على الدرجة (ب) من الجدول رقم (٥) من الملحق رقم (٢) المرفق بالمرسوم السلطاني ذاته، ٢ – أحقيته في بدل التدريس المنصوص عليه في لائحة شؤون الموظفين بالمجلس العماني للاختصاصات الطبية بواقع (٢٠٠) ريال عماني شهريا، ٣ – أحقيته في صرف بدل المجلس المنصوص عليه في لائحة شؤون الموظفين بالمجلس العماني للاختصاصات الطبية بواقع (٣٣٣) ريالا عمانيا شهريا، ٤ – أحقيته في بدل الإدارة المنصوص عليه في لائحة شؤون الموظفين بالمجلس العماني للاختصاصات الطبية بواقع (١٠٠) ريال عماني شهريا.

وتشيرون إلى أن الدائرة المذكورة قضت بأحقية المعروضة حالته في الطلبين الأول والرابع وبرفض الطلبين الثاني والثالث، وعليه فقد طعن كل من: المجلس العماني للاختصاصات الطبية والمعروضة حالته على هذا الحكم أمام الدائرة الاستئنافية بمحكمة القضاء الإداري، حيث قضت هذه الدائرة بقبول الاستئنافين شكلا وفي الموضوع بتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به في الطلبات الثاني والثالث والرابع، وإلغائه فيما قضى به في الطلب الأول، والقضاء مجددا بقبول هذا الطلب شكلا ورفضه موضوعا.

وتذكرون أنه على إثر صدور الحكم القضائي الاستئنافي آنف الذكر فقد تقدم المعروضة حالته للمجلس بطلب الاحتفاظ براتبه الأساسي الذي كان يتقاضاه قبل نقله إلى الدرجة المالية الرابعة من الملحق رقم (١) المرفق بالمرسوم السلطاني رقم ٣٣ / ٢٠١٣ المشار إليه، باعتبار أن الراتب الأساسي الذي كان يتقاضاه قبل نقله أعلى من الراتب الأساسي للدرجة التي نقل إليها.

وإزاء ما تقدم، تطلبون الإفادة بالرأي القانوني في الموضوع المشار إليه.

وردا على ذلك يسرني أن أفيد سعادتكم، بأن المادة (٨١) من النظام الأساسي للدولة تنص على أنه: “تصدر الأحكام وتنفذ باسم السلطان، ويكون الامتناع عن تنفيذها أو تعطيل تنفيذها من جانب الموظفين العموميين المختصين جريمة يعاقب عليها القانون…”.

وتنص المادة (٥٥) من قانون الإثبات في المعاملات المدنية والتجارية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم ٦٨ / ٢٠٠٨ على أنه: “الأحكام التي حازت حجية الأمر المقضي به تكون حجة فيما فصلت فيه من الحقوق، ولا يجوز قبول دليل ينقض هذه الحجية، ولكن لا تكون لتلك الأحكام حجية إلا في نزاع قائم بين الخصوم أنفسهم دون أن تتغير صفاتهم، وتتعلق بذات الحق محلا وسببا، وتقضي المحكمة بهذه الحجية من تلقاء نفسها”.

ومفاد ما تقدم من نصوص، أن الأحكام القضائية تصدر وتنفذ باسم جلالة السلطان، ويعد رفض أو امتناع الموظفين العموميين عن تنفيذها جريمة يعاقب عليها القانون. وتعد الأحكام التي حازت حجية الأمر المقضي حجة فيما فصلت فيه من الحقوق بين الخصوم أنفسهم دون أن تتغير صفاتهم متى تعلقت بذات الحق محلا وسببا، ولا يجوز قبول دليل ينقض هذه الحجية، ومن ثم فإن القاعدة المقررة في هذا الخصوص هي أن الحجية لا تثبت إلا للقضاء القطعي الذي فصل في الحقوق، وهذا القضاء – وفقا للمجرى العادي للأمور – يكون موضعه عادة منطوق الحكم، لذلك يعبر عن هذه القاعدة بالقول إن الحجية لا تثبت إلا لمنطوق الحكم، غير أن الحكم قد يتطرق في أسبابه إلى بعض المسائل الأولية ويفصل فيها بقضاء قطعي صريح أو ضمني تمهيدا للفصل في موضوع الدعوى، لذلك كان الاستثناء من تلك القاعدة ومفاده أن الحجية تمتد إلى أسباب الحكم المرتبطة بمنطوقه ارتباطا لا يقبل التجزئة، أي إلى ما فصل فيه الحكم صراحة أو ضمنا في أسبابه ولم يذكره في منطوقه.

وبتطبيق ما تقدم على المعروضة حالته، ولما كان الثابت من الأوراق أن المذكور تم نقله من وزارة الصحة إلى وظيفة…………….. بالمجلس العماني للاختصاصات الطبية، وأنه بصدور جدول الدرجات والرواتب الموحد للموظفين العمانيين المدنيين بالدولة تم نقله إلى الدرجة المالية الثالثة من هذا الجدول، وبناء على الطلب المقدم منه بتاريخ ٣١ من يوليو ٢٠١٨م لمعاملته وفقا لأحكام المرسوم السلطاني رقم ٣٣ / ٢٠١٣ بشأن الوظائف الطبية والوظائف الطبية المساعدة بالمؤسسات الطبية الحكومية (المدنية والعسكرية)، صدر قرار المجلس العماني للاختصاصات الطبية رقم……………بتاريخ……………..م بنقله إلى الدرجة المالية الرابعة من الملحق رقم (١) المرفق بالمرسوم السلطاني رقم ٣٣ / ٢٠١٣ المشار إليه اعتبارا من تاريخ صدور القرار، وكان الثابت أيضا أن المعروضة حالته لم يرتض هذا القرار، ومن ثم طعن عليه أمام الدائرة الابتدائية بمحكمة القضاء الإداري، حيث قضت تلك الدائرة بإجابته إلى طلبه والحكم بعدم صحة هذا القرار، وبناء على الاستئناف المقام من المجلس العماني للاختصاصات الطبية طعنا على هذا الحكم، قضت الدائرة الاستئنافية في منطوق حكمها بقضاء قطعي بإلغاء حكم الدائرة الابتدائية فيما قضى به في الطلب المذكور، ومن ثم إعادة الحال إلى ما كانت عليه قبل صدور حكم الدائرة الابتدائية، أي بقاء القرار الصادر بنقل المعروضة حالته إلى الدرجة الرابعة من الملحق رقم (١) المرفق بالمرسوم السلطاني رقم ٣٣ / ٢٠١٣ قائما ونافذا، وعليه، وإذ صدر هذا الحكم من الدائرة الاستئنافية، فإنه يكون حكما نهائيا حائزا لقوة الأمر المقضي، ومن ثم أضحى واجب النفاذ، وحجيته تلك تنصب على منطوقه وتمتد أيضا إلى أسبابه المرتبطة بهذا المنطوق ارتباطا لا يقبل التجزئة، وذلك على النحو السابق تفصيله.

وفي ضوء ما تقدم، وعلى الرغم من خلو أسباب الحكم المشار إليه من قضاء قطعي صريح لصالح المعروضة حالته زيادة على ما ورد في منطوقه، إلا أنه إعمالا للقاعدة القانونية المنصوص عليها في المادة (٢٠٢) من قانون الإجراءات المدنية والتجارية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم ٢٩ / ٢٠٠٢ التي تقضي بأنه “لا يضار الطاعن بطعنه”، وهي القاعدة الحاضرة دائما أمام المحكمة ويتعين عليها في جميع قضائها إعمال مقتضاها دون طلب من الخصوم لتعلقها بالنظام العام،

وعلى خلفية الثابت من الأوراق من أن الراتب الأساسي للمعروضة حالته قبل نقله إلى الدرجة الرابعة من الملحق رقم (١) المرفق بالمرسوم السلطاني رقم ٣٣ / ٢٠١٣ كان أعلى من مربوط تلك الدرجة، فإن أسباب حكم الدائرة الاستئنافية المشار إليه تكون قد تضمنت – بحكم اللزوم – قضاء قطعيا ضمنيا باحتفاظ المعروضة حالته براتبه السابق باعتباره الأكبر، وذلك لاستبعاد فرضيتي مخالفة المحكمة تلك القاعدة أو اتجاه قصدها نحو الإضرار بالطاعن.

وبناء على ما تقدم، فإن المجلس العماني للاختصاصات الطبية يكون ملتزما قانونا بتنفيذ الحكم المشار إليه بما قضى به في منطوقه وما قضى به ضمنا في أسبابه المرتبطة بهذا المنطوق ارتباطا لا يقبل التجزئة على النحو السابق تفصيله.

لذلك، انتهى الرأي إلى أحقية الدكتور /……………….. في الاحتفاظ براتبه الأساسي الذي كان يتقاضاه قبل نقله إلى الدرجة الرابعة من الملحق رقم (١) المرفق بالمرسوم السلطاني رقم ٣٣ / ٢٠١٣ بشأن الوظائف الطبية والوظائف الطبية المساعدة بالمؤسسات الطبية الحكومية (المدنية والعسكرية)، وذلك على النحو المبين في الأسباب.