التصنيفات
أحكام قضائية

المحكمة العليا – الدائرة المدنية (ب): الطعن رقم ١٨١١ / ٢٠١٦م

2016/1811 1811/2016 ٢٠١٦/١٨١١ ١٨١١/٢٠١٦

تحميل

جلسة يوم الأحد الموافق ١١ / ٦ / ٢٠١٧م

برئاسة فضيلة القاضي / سليمان بن عبدالله الله اللويهي، وعضوية كل من أصحاب الفضيلة القضاة: زهران بن ناصر البراشدي، وعبد الله شيخ الجزولي، ويحيى محمد عبد القادر، والشيخ ولين الشيخ ماء ماء العينين.

(٩٤)
الطعن رقم ١٨١١ / ٢٠١٦م

ضرر (تعويض – تقدير)

– التعويض المستحق عن أربعة كسور يساوي ٤٠٪ من الدية الكبرى، أما الألم الناتج عنها فإنه إن كان من جراء تلك الإصابات وامتد ذلك الألم لعام فإنه يعتبر عاهة يستحق عنها تعويض ا يقدر حكومة عدل.

الوقائع

تتحصل الوقائع كما يبين من الحكم المطعون فيه ومن سائر الأوراق في أن المدعي (المطعون ضده حاليا) كان قد أقام الدعوى الابتدائية بالرقم (٩٠٣ / ٢٠١٤م – مسقط) طالب بالحكم له فيها بإلزام الشركة المدعى عليها (الطاعنة حاليا) بأن تؤدي له مبلغ (٢٠,٠٠٠ ر.ع) ومصاريف الدعوى وألف ريال عماني أتعاب المحاماة.

وقال شرحا لدعواه بأنه قد تعرض لحادث سير بتأريخ: ١٣ / ٣ / ٢٠١٣م تسببت فيه المركبة رقم (……….) المؤمنة لدى المدعى عليها وقد لحقته الإصابات الموصوفة بالأوراق وقد تخلدت لديه نسبة عجز بلغت (٢٥٪) مما حدا به لإقامة الدعوى الماثلة بطلباتها السالف بيانها، وقد أرفق سندا لدعواه صور المستندات: (الوكالة والسجل التجاري للمدعى عليها وتقرير الشرطة ورسالة المدعى عليها للشرطة وتقرير نسبة العجز).

ولدى تداول محكمة أول درجة الدعوى كما هو ثابت بمحاضر جلساتها والتي حضرها الأطراف كل بوكيله القانوني. هذا وقد قدم الحاضر عن المدعى عليها مذكرة الرد والتي دفع فيها بعدم المسؤولية لعدم إثبات خطأ قائد المركبة المؤمنة لديها، وصمم الحاضر عن المدعي على طلباته. وبجلسة (٢٢ / ٢ / ٢٠١٥م) أصدرت المحكمة حكمها: برفض الدعوى بحالتها وبإلزام المدعي المصاريف.

ولما لم يلق الحكم المذكور قبولا لدى المدعي فطعن عليه بالاستئناف بالرقم (٣٤٩ / ٢٠١٥م) والذي طالب فيه بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء بطلباته المقدمة بدعواه المبتدئة، على سند من القول بأن قيادة قائد المركبة سالفة البيان جاءت بطريقة لا تخلو من التهور والرعونة وهي السبب فيما لحقه من إصابات ومعاناة (مادية ومعنوية) وتخلدت لديه نسبة عجز بلغت (٢٥٪).

وحيث تداولت المحكمة الاستئنافية الدعوى كما هو ثابت بمحاضرها والتي حضرها الأطراف كل بوكيله القانوني. هذا وبعد أن صمم كل طرف على طلباته أصدرت المحكمة بجلسة (٣١ / ٥ / ٢٠١٥م) حكمها: بقبول الاستئناف شكلا، وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وإلزام المستأنف المصاريف.

وإذ لم يلق الحكم المذكور قبولا لدى المدعي فطعن عليه بالطعن رقم (١٠٤٣ / ٢٠١٥م الدائرة المدنية / ب) وقد طالب فيه بقبوله شكلا، وفي الموضوع نقض الحكم المطعون فيه والحكم بإعادة الدعوى لمحكمة الاستئناف لنظرها بهيئة مغايرة.

واحتياطيا: بإلغاء الحكم المطعون فيه والتصدي والحكم للطاعن بطلباته بالتعويض بمبلغ (٢٠,٠٠٠ ر.ع) عن الأضرار المادية والمعنوية وعن نسبة العجز التي لحقته جراء الحادث وبالمصاريف، مؤسسا على خطأ الحكم المطعون فيه للقانون عندما أسس قضاءه على عدم توافر ما يقطع تحقق الخطأ من جانب قائد المركبة السالف ذكرها حتى يمكن إلزامه بالتعويض وفي حين أن الطاعن قدم مستنداته الدالة على ذلك الخطأ والحال أن المحكمة لم تحقق الدعوى وتفحص مستنداتها مما يعد خطأ وقصورا ومخالفة للقانون. هذا وبعد استكمال الإجراءات وإعلان المطعون ضدها للرد على صحيفة الطعن إلا أنها لم تفعل، فمن ثم وبجلسة (٣ يناير ٢٠١٦م) أصدرت المحكمة حكمها: بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع نقض الحكم المطعون فيه مع الإحالة للهيئة المغايرة لنظر الدعوى من جديد وألزمت المطعون ضدها المصاريف ورد الكفالة للطاعن، تأسيسا على قاعدة من يباشر الفعل هنا من دون حاجة إلى إثبات تعمده ارتكاب الفعل أو تعديه، ذلك أن المباشرة هي فعل ايجابي ويحدث الضرر بمجرد اتصال الآلة بالشيء وتتحقق رابطة السببية بين فعل المباشر والضرر إذا كان الفعل هو الذي أحدث الضرر، ومن ثم فإن عبء الإثبات يكون على عاتق المدعى عليه المباشر لنفي هذه المسؤولية خلافا للقاعدة العامة في الإثبات التي توجب البينة على المدعي ولا يكلف المضرور إثبات الخطأ إلا في حالة أن الضرر حدث بالتسبب وهذا يعني أن على المدعى عليه أن يثبت أن الضرر قد نشأ عن سبب أجنبي لد له فيه كآفة سماوية أو حادث فجائي أو لقوة قاهرة أو بفعل المضرور نفسه حتى يعفي نفسه من المسؤولية إذ المسؤولية بحقه مفترضة، ويستطرد الحكم الناقض ليقرر إنه يتضح أن الحكم الطعين والمؤيد لحكم أول درجة قد اخضع كلاهما واقع الدعوى على القاعدة العامة في الإثبات بأن كلف الطاعن المضرور عبء إثبات مسؤولية الشركة المطعون ضدها في جبر الضرر بمعنى إثبات الخطأ الى المتسبب فيه وقيام رابطة السببية بينه وبين الضرر الذي لحق بالمضرور وفي حين أن الخطأ في جانب المتسبب مفترض لذ انتهى الحكم الطعين إلى النتيجة التي انتهى إليها برغم أن الطاعن قد أرفق بملف الدعوى تلك المستندات الدالة على دعواه مما يكون معه أن الحكم الطعين قد خالف القانون.

وحيث باشرت الهيئة المغايرة نظر الدعوى كما هو ثابت بمحاضرها والتي حضرها الأطراف كل بوكيله القانوني وقد صمم كل طرف على طلباته، وبجلسة (١٧ / ١١ / ٢٠١٦م) أصدرت حكمها والذي قضى: حكمت المحكمة في موضوع الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجددا بإلزام المستأنف ضدها بأن تؤدي إلى المستأنف مبلغا وقدره ثلاثة عشر ألفا وخمسمائة ريال عماني (١٣,٥٠٠  ر.ع) ورفض ما زاد عن ذلك وإلزامها بدفع ثلاثمائة ريال عماني (٣٠٠ ر.ع) أتعاب المحاماة والمصاريف عن درجتي التقاضي.

ولما لم يلق الحكم المذكور قبولا لدى الشركة فطعنت عليه بالطعن الماثل والذي أودع صحيفته لدى أمانة سر المحكمة العليا عنها بتأريخ: ٢٧ / ١٢ / ٢٠١٦م وكيلها القانوني / ………..، المحامي المقبول للترافع أمام المحكمة العليا والذي يعمل بمكتب / ……….. وشركاؤهم للمحاماة والاستشارات القانونية، وقدم سند الوكالة وسدد الرسم المقرر وأودع الكفالة، وقد طالب بقبول الطعن شكلا، وبصفة مستعجلة وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه مؤقتا لحين الفصل في الطعن، وفي الموضوع أصليا: التصدي لتقديم الطعن للمرة الثانية وذلك بنقض الحكم الطعين والقضاء برفض الدعوى وإلزام المطعون ضده المصاريف والأتعاب بمبلغ (٣,٠٠٠ ر.ع)، احتياطيا: تخفيض مبلغ التعويض إلى الحد الذي يتناسب مع كل إصابة كون المطعون ضده تسبب في الضرر.

وحيث نعت الطاعنة على الحكم المطعون فيه بمخالفته للقانون والخطأ في تطبيقه وبالفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق كما وأنه قد أخطأ أيضا في تقدير التعويض المناسب للمطعون ضده عندما قام بتجزئة الإصابات والتعويض عنها لأكثر من مرة، إذ عوضه عن الكسر ثم عوضه مرة أخرى عن نسبة العجز لكل إصابة، فمن ثم جاءت طلبات الطاعنة سالفة البيان.

وحيث استكملت المحكمة الدعوى والذي ترتيبا عليه مارس الخصوم حقهم القانوني في الرد والتعقيب، إذ قدم المطعون ضده عن طريق وكيله القانوني / ………….، المحامي المقبول للترافع أمام المحكمة العليا والذي يعمل بمكتب / ………… للمحاماة والاستشارات القانونية، قدم مذكرة الرد والذي تمسك فيه بالحكم الطعين وطالب برفض الطعن، كما وقدمت الطاعنة عن طريق وكيلها السالف ذكره مذكرة التعقيب مصممة فيها على طلباتها سالفة البيان وبرغم إعلان المطعون ضده للرد على تعقيب الطاعنة بتأريخ: ١٨ / ٤ / ٢٠١٧م إلا أنه لم يفعل، فمن ثم جاء بعد المداولة الذي سنورد تفصيله لاحقا بالمنطوق.

المحكمة

وحيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية والقانونية فهو مقبول شكلا، وحيث إنه وفي الموضوع وبما نعت به الطاعنة على الحكم المطعون فيه مما أوردته من أسباب ضمنتها صحيفة طعنها وسلف الإشارة إليها فإن النعي في سببه المتعلق بمخالفة الحكم الطعين للقانون وتأويله وبالفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق وذلك عندما انتهى إلى ثبوت مسؤولية الطاعنة لثبوت الخطأ في جانب مرتكب الحادث الذي تسببت فيه المركبة السالف بيانها والمؤمنة لدى الطاعنة برغم أن الثابت بالأوراق يخالف ذلك وأن المخطئ هو المطعون ضده فإن هذا في مجمله هو نعي في غير محله وغير سديد.

ذلك أنه لما كان تحقيق الدعوى وفحص مستنداتها وتقدير الدليل وتقييمه ووزنه هو مما يقع ضمن سلطة محكمة الموضوع طالما كان ذلك له أصله الثابت بالأوراق كما وأنه فضلا عن ذلك فإن المادة (٢٦٠) من قانون الإجراءات المدنية والتجارية تقضي في حالة نقض الحكم وإحالته إلى المحكمة التي أصدرت الحكم الطعين لنظره بهيئة مغايرة أوجب عليها وعلى سبيل الوجوب والإلزام أن تتبع حكم المحكمة العليا في المسألة القانونية التي فصلت فيها، بمعنى آخر عليها أن تلتزم بما جاء بالحكم الناقض وبموجهاته.

ولما كان ذلك وكان موضوع المسؤولية ومن يتحملها قد حسمها الحكم الناقض السالف البيان وأنه وفقا للحكم الناقض فإن المطعون ضد قد قدم أدلته التي تعضد دعواه وتقف شاهدا على ثبوت خطأ قائد المركبة المتسببة في الحادث والمؤمنة لدى الشركة الطاعنة والذي يترتب عليه أن تحل الطاعنة محل المؤمن له في جبر الأضرار، عليه فإن كان الحكم الطعين قد انتهى إلى ذلك فإنه يكون قد التزم جانب القانون والتزم بالحكم الناقض سالف البيان فمن ثم فإن محاولة ومعاودة الطاعنة للركون على ذات النعي فإن ذلك لا يعدو كونه جدلا موضوعيا تلتفت عنه المحكمة.

وحيث إنه وفيما يتعلق بمخالفة القانون عند تقدير التعويض للمطعون ضده والذي جاء بما لا يتناسب والضرر الذي لحقه وبأكثر مما يستحقه عندما قضى بالتعويض عن إصابات المطعون ضده ثم عوضه مرة أخرى عن ذات الإصابات عن نسبة العجز فإن النعي في هذه الجزئية نعي سديد وفي محله ذلك أن تقدير التعويض الجابر للضرر هو مما يدخل ضمن سلطة محكمة الموضوع شريطة أن تبني حكمها على أسباب سائغة تكفي لحمل قضائها عليه بإنزالها وقائع الدعوى في التعويض الجابر للضرر على مقتضى الشريعة الإسلامية المتمثلة في المرسوم السلطاني رقم (١١٨ / ٢٠٠٨م) القانون الذي يحكم الدعوى الماثلة وحسبما رسم في جدول الديات والأروش لكل إصابة ما تستحقه من دية أو أرش أو حكومة عدل، وذلك حسب نوعها وموقعها من جسم المضرور، وبعد تتبع عناصر الضرر وإحاطتها إحاطة شاملة دونما شطط أو مغالاة في التعويض لدى الطرفين.

وبالنظر إلى واقع الدعوى وما قدم فيها من مستندات يتضح أن الحكم الطعين برغم إيراده لكافة عناصر الضرر بعد تتبعها وبيان نوعها وموقعها من جسم المضرور والتي تمثلت في الإصابات التالية: كسر بعظمة الذراع مع ألم، كسر بعظمة الحوض من الناحية اليسرى وكسر من الجانبين بالكاحل الأيسر مع ألم، وتخلدت لديه نسبة عجز بلغت ٢٥٪.

وكما وأنه قد أصاب في تقدير التعويض المقدر لكل إصابة من تلك الإصابات (الكسر) بوصف الكسور كلها جاءت هاشمة ويستحق عنها ١٠٪ من الدية وذلك حسبما جاء في جدول الديات والأروش إلا أن الحكم الطعين لم يوقف حينما قضى بالإضافة إلى ذلك تعويضا عن نسبة العجز السالف بيانها عن كل كسر من تلك الكسور السالف بيانها علما بأنه وكما جرى عليه قضاء هذه المحكمة أن التعويض عن نسبة العجز بالنسبة للمضرور إنما يكون بحق الذي يشمله ملحق الحوادث الشخصية أو غيرهم فإنه ينظر لنسبة العجز فيما إذا كان المضرور قد تسببت الإصابة التي لحقته من بتر عضو من أعضائه أو فقدان ذلك العضو لمنفعته ففي هذه الحالة يقدر له تعويضا عن تلك الإصابات أخذا بما جاء بنسبة العجز التي تخلدت لدى المضرور.

ولما كان ذلك وكان الحكم الطعين قد قضى للمطعون ضده بتعويض عن الكسور التي لحقته تعويضا إضافيا كما جاء بنسبة العجز التي لحقته فإن الحكم يكون قد جاء بخلاف التطبيق الصحيح للقانون، هذا ولما كان المطعون ضده قد لحقته عدد كسور أربعة وهي كسور هاشمة فإنه يستحق عنها ٤٠٪ ولما كان هناك ألم لحق بالمطعون ضده جراء تلك الإصابات، وامتد ذلك الألم لعام تقريبا فمن ثم فإنه يعتبر عاهة يستحق عنها تعويضا يقدر حكومة عدل بما يكون جملة المستحق في التعويض للمطعون ضده عن إصاباته وما ترتب عليها من ألم ما قدره (٤٠ + حكومة) تقدر له مبلغا وقدره (١٠,٠٠٠ ر.ع) عشرة آلاف ريال عماني، عليه ولما كان الحكم الطعين قد خالف هذا النظر وقضى للمطعون ضده بأكثر من ذلك فإنه يكون قد جاء بمخالفة للقانون يتعين نقضه.

هذا ولما كانت الدعوى صالحة للفصل فيها لذا وعملا بنص المادة (٢٦٠) من قانون الإجراءات المدنية والتجارية والحال اننا قد خلصنا عند مناقشتنا لأسباب الطعن الماثل بأن المطعون ضده قد حكم له بأكثر مما يستحقه من تعويض إذ قضى له بمبلغ (١٣,٥٠٠ ر.ع) وهو يستحق مبلغ (١٠,٠٠٠ ر.ع) عشرة آلاف ريال عماني فقط، عليه فإننا نحكم في موضوع الاستئناف رقم (٣٤٩ / ٢٠١٥م مسقط) بالنزول بمبلغ التعويض المقضي به للمطعون ضده (المدعي) ليكون (١٠,٠٠٠ ر.ع) مبلغ عشرة آلاف ريال عماني فقط، تلزم بأدائه الشركة الطاعنة للمطعون ضده مع إلزام المطعون ضده المصاريف ورد الكفالة للطاعنة عملا بنص المواد (٢٤٧ و٢٥٩ و٢٦٠) من قانون الإجراءات المدنية والتجارية.

فلهذه الأسباب

«حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع نقض الحكم المطعون فيه، وفي موضوع الاستئناف رقم (٣٤٩ / ٢٠١٥م مسقط) النزول بمبلغ التعويض المقضى به للمطعون ضده ليكون (٠١,٠٠٠ ر.ع) عشرة آلاف ريال عماني مع إلزام المطعون ضده بالمصاريف ورد الكفالة للطاعنة».