تحميل
جلسة يوم الأربعاء الموافق ٢ / ١١ / ٢٠١٦م
المشكلة برئاسة فضيلة الشيخ د / إسحاق بن أحمد البوسعيدي، رئيس المحكمة العليا، رئيس الهيئة، وعضوية كل من أصحاب الفضيلة القضاة:
الشيخ د. عبدالله بن راشد بن عزيز السيابي نائب رئيس المحكمة العليا
د. صالح بن حمد بن سالم الراشدي نائب رئيس المحكمة العليا
د. خليفة بن محمد بن عبدالله الحضرمي نائب رئيس المحكمة العليا
سالم بن محمد بن سالم البراشدي قاضي المحكمة العليا
مسعود بن محمد بن علي الراشدي قاضي المحكمة العليا
د. سالم بن حميد بن محمد الصوافي قاضي بالمحكمة العليا
سعيد بن خلف بن سالم التوبي نائب رئيس محكمة القضاء الإداري
ناصر بن محمد بن ناصر الرواحي مستشار بمحكمة القضاء الإداري
عبدالله بن مسعود بن علي السنيدي مستشار بمحكمة القضاء الإداري
أحمد بن محمد بن سالم الوهيبي مستشار بمحكمة القضاء الإداري
د. جابر بن خلفان بن سالم الهطالي مستشار بمحكمة القضاء الإداري
(١٣)
طلب التنازع رقم (٢) السنة القضائية الثامنة
عقد إداري (مدني – طبيعة- اختصاص) – اختصاص ولائي (اتفاق- نظام عام)
– العقد الإداري هو العقد الذي يبرمه شخص من أشخاص القانون العام بقصد إدارة مرفق عام أو بمناسبة تسييره، وأن تظهر نيته في الأخذ بأسلوب القانون العام، وذلك بتضمين العقد شرطاً من شروطاً غير مألوفة في عقود القانون الخاص.
– تتميز العقود الإدارية عن العقود المدنية بطابع خاص مناطه احتياجات المرفق الذي يستهدف العقد الإداري تسييره أو سد حاجته، وتغليب وجه المصلحة العامة على المصلحة الفردية الخاصة، فالإدارة بصفتها أحد طرفي العقد الإداري لا تبغى مصلحة شخصية بل تتعاقد لمصلحة الجموع، وهدفها المصلحة العامة وهي القوَّامة عليها والمختصة وحدها بتوجيهها وتحقيقها وتنظيمها، فهي تتعاقد لتكفل حسن سير المرفق وانتظامه واستمراره وإنجاز الأعمال والخدمات المطلوبة على وجه مرضي، وفي المواعيد المقررة، ولتحقيق ذلك تتمتع جهة الإدارة في مجال العقود الإدارية بحقوق وسلطات واسعة من بينها حقها في سحب تلك العقود من الطرف الثاني وإسناده إلى آخر وإذا لم يلتزم المتعاقد معها بتنفيذ الأعمال حسب المتفق عليه وفقاً للمدة المحددة لها أو إذا عجز عن تنفيذ وتكملة الأعمال أو لم تكن الأعمال على مستوى المواصفات المتفق عليها كقاعدة عامة.
– اتفاق طرفي العقد على تحديد جهة القضاء المختص في العقد كما هو في هذا النزاع الماثل، فلا عبرة له لأن نوع الاختصاص هذا يندرج ضمن الاختصاص الولائي والذي يتعلق بالنظام العام، ولا يجوز الاتفاق على خلافه.
أولاً- في الإجراءات
بتاريخ ٢٣ / ٢ / ٢٠١٦م أودعت مقدمة الطلب- بوساطة محاميها….. من مكتب…
محامون ومستشارون في القانون – أمانة سر الهيئة هذا الطلب وأرفق به سند الوكالة وصوراً من الحكمين اللذين وقع في شأنهما التنازع، ملتمساً في ختام طلبها:
قبول الطلب شكلاً.
تحديد المدعى عليها المصاريف، وأتعاب المحاماة.
وحيث تعذر اعلان مقدم الطلب ضدها بالطلب بالطرق العادية، فإن أمانة سر الهيئة تولت إعلانها بطريق النشر، حيث ثبت إعلانها بجريدة الوطن بتاريخ ٢٧ / ٦ / ٢٠١٦م ولم يثبت تعقيب منها على مذكرة الطلب.
وبتاريخ ٣٠ / ٦ / ٢٠١٦م تم إحالة ملف الطلب إلى الأمانة الفنية لتتولى تحضير المنازعة كالمتبع.
ثانياً- الوقائع
بعد الاطلاع على الأوراق وبعد المداولة قانوناً، تتلخص وقائع الطلب حسبما يبين من أوراق الملف أن مقدمة الطلب قامت بتاريخ ١ / ٥ / ٢٠١١م بإبرام عقد تأجير المكتب رقم (٠٠٤٠٢Z١٠) بمساحة (٧٩م٢) في الطابق الثاني من المبنى الرابع مع الشركة مقدم الطلب ضدها، بقيمة إيجارية قدرها (٥٠٠.٨) ثمانية ريالات وخمسمائة بيسة للمتر الواحد، مضافاً إليها مبلغ (٥٠٠ / خمسمائة بيسة مصاريف الصيانة عن المتر الواحد، على أن يتم سداد الإيجار مقدّماً بموجب شيكات آجلة الدفع تغطي فترة سريان العقد، وتودع لدى مقدمة الطلب، ولمقدمة الطلب احتساب فوائد تأخير بواقع (١٢٪) سنوياً، وقد تضمّن العقد أيضاً في البند (١٤) منه بأنه في حالة الفشل في سداد الإيجارات المتفق عليها يُعدّ إخلالاً بالعقد.
وأرفقت مقدمة الطلب بصحيفة دعواها أمام الدائرة التجارية بالمحكمة الابتدائية بالسيب نسخاً لعدد من المستندات، أهمها: ١- عقد الإيجار المبرم بينها وبين الشركة المدعى عليها. ٢- الإنذارات والخطابات الموجّهة منها إلى الشركة المدعى عليها بالإخلاء وسداد المستحقات.
وتدوولت الدعوى بمحاضر جلسات المحكمة الابتدائية بالسيب – الدائرة التجارية-، ثم أصدرت حكمها بعدم الاختصاص ولائياً بنظر الدعوى وإحالتها إلى محكمة القضاء الإداري؛ على سند من القول إن العقد المبرم بين أطراف الدعوى هو عقد إداري تختص بنظره محكمة القضاء الإداري؛ لاشتماله على شروط استثنائية غير مألوفة في عقود القانون الخاص.
وتنفيذاً للحكم الصادر من المحكمة الابتدائية بالسيب – –لدائرة التجارية- بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وإحالتها إلى محكمة القضاء الإداري باشرت هذه الأخيرة نظر الدعوى، حيث طلبت مقدمة الطلب الحكم لها: ١- بإلزام الشركة مقدمة الطلب ضدها بإخلاء العقار المؤجر لها، وتسليمه لمقدمة الطلب خالياً من الشواغل. ٢- بإلزام الشركة مقدم الطلب ضدها بأن تؤدي لها مبلغ (١٩٨.٨١٥.٧) سبعة آلاف وثمانمائة وخمسة عشر ريالاً ومائة وثمان وتسعين بيسة، مع فائدة سنوية بواقع (١٢٪) حتى تاريخ تمام السداد.
وبجلسة ٦ / ١١ / ٢٠١٣م، أصدرت الدائرة الابتدائية الثانية بمحكمة القضاء الإداري حكمها القاضي بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى ودون إحالة.
مؤسسة حكمها على أن الثابت من العقد المبرم بين مقدمة الطلب والشركة مقدم الطلب ضدها بأنه عقد إيجار، وأنه من عقود القانون الخاص التي يختص بنظرها القضاء العادي، وليس القضاء الإداري، ولا توجد ثمّة شروط استثنائية فيه تخرجه عن دائرة عقود القانون الخاص، بل إن مثل تلك الشروط الواردة في العقد لها محل في عقود الإذعان الخاصة.
كما أن البند رقم (٢٢) من العقد ينص على أنه:»… ويوافق الأطراف موافقة لا رجعة فيها بأن المحكمة التجارية الابتدائية في سلطنة عمان أو أي جهة تخلفها سيكون لها الصلاحية الحصرية لتسوية أي منازعات يحتمل أن تنشأ عن أو تكون ذات علاقة بهذا العقد».
ثالثاً – الهيئة
حيث إنه ثبت صدور حكمين من كل من المحكمة الابتدائية بالسيب والدائرة الابتدائية الثانية بمحكمة القضاء الإداري قضى كل منهما بعدم الاختصاص الولائي في ذات النزاع المعروض، وبهذا يتحقق تنازع الاختصاص السلبي بين حكمين صادرين من جهتين مختلفتين، وبالتالي تكون هيئة تنازع الاختصاص والأحكام هي الجهة المختصة بالفصل في ذلك التنازع.
ولما كان تعيين المحكمة المختصة بنظر النزاع الماثل يستوجب تحديد وجه الخلاف بين الجهتين مصدرتي الحكمين، والذي يتلخص في التكييف القانوني للعقد في النزاع المعروض من حيث حمله على أنه يندرج ضمن العقود الإدارية أم أنه مجرد عقد من العقود المدنية.
وحيث إنه من المستقر عليه فقها وقضاء أن العقد الإداري هو العقد الذي يبرمه شخص من أشخاص القانون العام بقصد إدارة مرفق عام أو بمناسبة تسييره، وأن تظهر نيته في الأخذ بأسلوب القانون العام، وذلك بتضمين العقد شرطاً من شروطاً غير مألوفة في عقود القانون الخاص.
وباستعراض المبررات التي استندت عليها المحكمة الابتدائية بالسيب بتكييف العقد على أنه عقد إداري، وذلك من خلال استعراض بنود العقد وشروطه فرأت بأنها شروط استثنائية كون المدعية وقعّت على العقد باعتبارها من أشخاص القانون العام، وليس من أشخاص القانون الخاص مستخلصة ذلك من بعض بنود العقد كالبند رقم (١٤ / ٢) من العقد الذي ينص على أنه:» عند حدوث أي إخلال وبصرف النظر عن إنهاء العقد من عدمه يجوز للمؤجر الدخول للمساحات وحيازتها، وستكون أحكام هذه الفقرة بمثابة إشعار لإخلاء المساحات المستأجرة، ويجوز للمؤجر إذا كان ضروريا الشروع في استرداد حيازة المساحات المستأجرة باتخاذ تلك الإجراءات شاملاً الدخول والحيازة وفقاً لما هو مطبق وإذا اختار المؤجر إنهاء العقد، فإن أي شيء مضمن في هذا العقد يتم إنجازه وأداؤه بوساطة المؤجر…».
كما أن البند (٢١،٢) الفقرة (ج) تنص على أنه:» إذا لم يبدأ المستأجر في استغلال المساحة المستأجرة أو إذا ما بدأ في استغلالها ثم توقف لمدة تزيد عن ستة أشهر دون إبداء أية أسباب مقبولة ومقنعة جاز للمؤجر فسخ العقد دون أي تعويض…».
حيث رأت بأن هذه الشروط في العقد تدل دلالة واضحة بأن طبيعة هذا العقد هو عقد إداري.
فضلاً عن أن الإيجارات محل المطالبة عبارة عن إيجارات مرفق عام، وهو في حدود منطقة الرسيل وهذه الإيجارات عبارة عن إيراد من إيرادات المؤسسة، وفقاً للمادة رقم (١٢) من المرسوم السلطاني (٤ / ٩٣) الصادر بإنشاء المؤسسة العامة للمناطق الصناعية التي تنص على أن:» تتكون موارد المؤسسة من:» ١- ما تحصل عليه المؤسسة من إيجارات ورسوم إيجار الأراضي والمصانع داخل المنطقة»، وبالتالي فإن الإيجارات محل المطالبة تعتبر مالاً عاماً ويحق لها تحصيلها طبقاً للإجراءات التي تحصل بها ديون الحكومة وفق ما جاء بالمادة (١٦) من قانون إنشاء المؤسسة.
كما ينص البند المتعلق بالتمهيد في العقد على أن المدعى عليها توافق على الالتزام بأي لوائح أو نظم تفرضها المؤسسة من وقت لآخر بحيث تكون جزء لا يتجزأ من العقد.
أما الدائرة الابتدائية الثانية بمحكمة القضاء الإداري فقد استندت إلى أن العقد المبرم بين المدعية والشركة المدعى عليها هو عقد إيجار، وهو من عقود القانون الخاص الذي يختص بنظره القضاء العادي وليس القضاء الإداري، ولا توجد ثمّة شروط استثنائية فيه تخرجه عن دائرة عقود القانون الخاص، بل إن مثل تلك الشروط الواردة في العقد لها محل في عقود الإذعان الخاصة.
كما أن البند رقم (٢٢) من العقد ينص على أنه:»… ويوافق الأطراف موافقة لا رجعة فيها بأن المحكمة التجارية الابتدائية في سلطنة عمان أو أي جهة تخلفها سيكون لها الصلاحية الحصرية لتسوية أي منازعات يحتمل أن تنشأ عن أو تكون ذات علاقة بهذا العقد». ولكون العقد شريعة المتعاقدين انتهت إلى أن الاختصاص غير منعقد لمحكمة القضاء الإداري بالنزاع الماثل.
وبناء على ما سبق ذكره، فإن الهيئة ترى أن ما استندت إليه المحكمة الابتدائية بالسيب يتوافق مع ما استقر عليه الفقه والقضاء ذلك أن محل العقد هو مرفق واحد طرفيه الشخص العام، ويرمي من التعاقد تحقيق مصلحة المرفق العام وهو أمر يتجلى من شروط العقد الاستثنائية التي لا تكاد توجد في العقود المدنية.
ولما كان من المسلّم به أنَّ العقود الإدارية تتميز عن العقود المدنية بطابع خاص مناطه احتياجات المرفق الذي يستهدف العقد الإداري تسييره أو سد حاجته، وتغليب وجه المصلحة العامة على المصلحة الفردية الخاصة، فالإدارة بصفتها أحد طرفي العقد الإداري لا تبغى مصلحة شخصية بل تتعاقد لمصلحة الجموع، وهدفها المصلحة العامة وهي القوَّامة عليها والمختصة وحدها بتوجيهها وتحقيقها وتنظيمها، فهي تتعاقد لتكفل حسن سير المرفق وانتظامه واستمراره وإنجاز الأعمال والخدمات المطلوبة على وجه مرضي، وفي المواعيد المقررة، ولتحقيق ذلك تتمتع جهة الإدارة في مجال العقود الإدارية بحقوق وسلطات واسعة من بينها حقها في سحب تلك العقود من الطرف الثاني وإسناده إلى آخر وإذا لم يلتزم المتعاقد معها بتنفيذ الأعمال حسب المتفق عليه وفقاً للمدة المحددة لها أو إذا عجز عن تنفيذ وتكملة الأعمال أو لم تكن الأعمال على مستوى المواصفات المتفق عليها كقاعدة عامة، وليس للمتعاقد معها إلا الحق في التعويض إن كان له وجه ومقتضى، وعليه وإذ الثابت من مطالعة العقود المرفقة بالدعوى تضمينها تلك الشروط غير المألوفة في عقود القانون الخاص، الأمر الذي تكون معه محكمة القضاء الإداري هي من لها ولاية الفصل في الدعوى الماثلة، وما استندت عليه الدائرة الابتدائية الثانية بمحكمة القضاء الإداري من مبررات فيما انتهت إليه، فمردود عليه بأنه ليس العبرة بكون العقد عقد إيجار إذ عقود الإيجار قد تكيف بأنها عقود إدارية إذا تحققت الشروط، أما اتفاق طرفي العقد على تحديد جهة القضاء المختص في العقد كما هو في هذا النزاع الماثل، فلا عبرة له؛ لأن نوع الاختصاص هذا يندرج ضمن الاختصاص الولائي والذي يتعلق بالنظام العام، ولا يجوز الاتفاق على خلافه.
فلهذه الأسباب
حكمت الهيئة باختصاص محكمة القضاء الإداري بنظر الدعوى موضوع الطلب الماثل.